ليس غريبا على مليشيا الحوثي- ذراع إيران في اليمن، أن تغرر أو تجبر اليمنيين في مناطق سيطرتها على القتال في صفوفها، لكن أن تجهل بيانات قتلاها بعد 10 سنوات من الزج بهم في محارق الموت، فذلك أمر يضاف إلى طبيعتها الغرائبية المليئة بالحقائق الصادمة. ويزداد الأمر غرابة إذا كان أولئك القتلى الذين تجهل المليشيا بياناتهم الكاملة ينحدرون من محافظة صعدة-المعقل الرئيسي لها.

فقد أعلنت مليشيا الحوثي الثلاثاء، عن عقد دورة تدريبية بمحافظة صعدة ضمن ما وصفه إعلام الجماعة بأنه استعداد لمشروع المسح الميداني بغرض "استيفاء بيانات" قتلاها الذين سقطوا في المعارك، إضافة إلى ضحايا الحرب المدنيين من سكان محافظة صعدة الذين تعتبرهم "شهداء"، بينما لم تتخذ نفس الإجراء مع الضحايا المدنيين في محافظات أخرى في نطاق سيطرتها.

وتستخدم المليشيا الحوثية مؤسسات الدولة في تنفيذ هذه الإجراءات الخاصة بها كمليشيا انقلابية ومصنفة على قوائم الإرهاب العالمي، حيث تستعد لتنفيذ هذا المسح الميداني عن طريق الجهاز المركزي للإحصاء وتحت إشراف ما تسميها "هيئة رعاية أسر الشهداء" التي تعتبر إحدى هيئات الجماعة وليست مؤسسة حكومية.

وذكر الإعلام الحوثي أن مدير هذه الهيئة تحدث في افتتاح الدورة التي يشارك فيها 23 متدربا، عن ضرورة التزام الباحثين الحكوميين المشاركين في المسح الميداني بالتعليمات التي وضعتها الهيئة المليشاوية، وأن يطبقوا تلك التعليمات بحذافيرها في المهام الميدانية الموكلة إليهم.

المصدر: نيوزيمن

إقرأ أيضاً:

مفاوضات وقف النار بين تفاؤل هوكشتاين وتواصل التصعيد الميداني

بيروت- وصل المبعوث الأميركي الخاص آموس هوكشتاين إلى بيروت صباح اليوم الثلاثاء، في إطار الجهود المبذولة للتوصل إلى وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل، وذلك بعد أيام قليلة من وصول مسودة مقترحات أميركية للتسوية، رد عليها لبنان بإيجابية، مع إشارة إلى أن بعض النقاط الواردة فيها بحاجة إلى مزيد من النقاش.

ووفقا للتسريبات، تشمل مسودة الاتفاق المقترحة بين لبنان وإسرائيل 13 نقطة، أبرزها:

انسحاب حزب الله إلى شمال نهر الليطاني. وانتشار الجيش اللبناني في الجنوب، مع التأكيد على عدم إقامة مواقع جديدة للجيش في المنطقة. إلى جانب منع نقل السلاح عبر سوريا إلى الحزب.

ومع ذلك، تتمسك إسرائيل بحقها في مهاجمة حزب الله في لبنان حتى بعد توقيع الاتفاق، وهو ما يرفضه لبنان بشكل قاطع، ويؤكد مفاوضوه أن أي تفاوض غير مباشر مع إسرائيل يجب أن يكون قائمًا على وقف العدوان وحماية السيادة اللبنانية بشكل كامل وغير منقوص.

ومن المتوقع أن يتجه هوكشتاين إلى إسرائيل غدًا الأربعاء للقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لمتابعة هذه الجهود.

تحت النار

التقى هوكشتاين في بيروت رئيس مجلس النواب نبيه بري في اجتماع دام نحو ساعتين، وهو الأطول من نوعه، كما التقى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.

وبعد لقائه مع الرئيس بري، صرح هوكشتاين بأن الاجتماع كان "بنّاء"، مؤكدًا التزام بلاده ببذل أقصى جهد للعمل مع لبنان وإسرائيل لإنهاء هذا الصراع، وأضاف "لقد قلصنا الفجوات، ونحن في لحظة اتخاذ القرار"، معربًا عن تفاؤله بإمكانية الوصول إلى حل قريب، ومؤكدًا بأن القرار النهائي يعود للأطراف المعنية.

وفي موازاة ذلك، استمر التصعيد العسكري الإسرائيلي، وأشار رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو إلى أن "المفاوضات تتم تحت النيران والقصف"، حيث استهدفت الغارات الإسرائيلية مناطق في بيروت خارج نطاق الضاحية الجنوبية، بما في ذلك مار إلياس ورأس النبع وزقاق البلاط، ونفذت عمليات اغتيال لمسؤولين في حزب الله، كما استمرت الغارات الجوية في البقاع والضاحية الجنوبية والجنوب، مع التركيز على تفخيخ الأحياء وتدمير المباني والتوغل البري.

من جانبه، وسّع حزب الله دائرة استهدافاته، حيث أطلق صواريخ نحو تل أبيب مساء الاثنين، في رسالة مزدوجة إلى هوكشتاين وإسرائيل، مؤكدًا قدرته على استهداف العمق الإسرائيلي.

وفي وقت لاحق من اليوم الثلاثاء، أطلق الحزب صواريخ أخرى نحو مواقع إسرائيلية في الجليل، وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بتعرض موقع عسكري للقصف من طائرة مسيرة أُطلقت من لبنان.

لقاء هوكشتاين (يسار) برئيس مجلس النواب نبيه بري اعتُبر الأطول من نوعه واستمر لمدة ساعتين (رويترز) رسائل موجّهة

يشير الخبير العسكري والإستراتيجي العميد حسن جوني، إلى أن المقاومة أظهرت مرة أخرى -من خلال هجماتها الصاروخية الأخيرة على تل أبيب- قدرتها على إطلاق أنواع مختلفة من الصواريخ، وتنفيذ مناورات مفاجئة باستخدام الطائرات المسيّرة.

ورأى جوني في حديثه للجزيرة نت، أن هذه الهجمات استهدفت مناطق متفرقة وعلى مسافات متباينة، وصولا إلى تل أبيب ومحيطها الجنوبي، مما يعكس تطورا ملحوظا في إمكانياتها العسكرية، وأوضح أن التصعيد الأخير يحمل رسائل موجهة في 3 اتجاهات رئيسية:

أولا: الرد المباشر على استهداف العاصمة بيروت، لا سيما بعد الاعتداء على منطقة زقاق البلاط بذريعة وجود غرفة عمليات، والدخول في إطار جديد من التبريرات لتغطية الاعتداء بهذا الادعاء، لكن رد المقاومة جاء متوازنا، ويعكس تمسكها بمعادلة "عاصمة مقابل عاصمة"، في مواجهة محاولات فرض تغييرات على قواعد الاشتباك. ثانيا: يشكل الرد تفنيدا لادعاءات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن تدمير 80% من القدرات الصاروخية لحزب الله، مما يظهر زيف هذه الادعاءات أمام الجمهور الإسرائيلي. ثالثا: يعتبر هذا الرد رسالة تفاوضية تؤكد أن المرونة التي أظهرها الجانب اللبناني -بما فيه حزب الله- تجاه الوساطة الأميركية، ليست علامة ضعف،  وإنما هي جزء من إستراتيجية تهدف إلى وقف الحرب مع الحفاظ على القوة.

وشدد العميد جوني على أن المقاومة ما تزال تمتلك قدرات صاروخية متطورة، وأنها مستعدة للجوء إلى خيارات أكثر تقدما إذا لزم الأمر، كما أوضح جوني أن إستراتيجية المقاومة تقوم على توازن القوة والثبات، مع الحفاظ على مرونة تفاوضية لا تعني التراجع عن المواقف الأساسية.

تفاوض أو تصعيد

يرى الكاتب والباحث السياسي الدكتور علي أحمد، أن النقطة الجوهرية في المفاوضات تكمن في السؤال "هل يسعى نتنياهو لإنهاء الحرب؟"، مشيرا إلى أن تصريحات رئيس الوزراء الأخيرة تعكس رغبته في مواصلتها بدلا من إنهائها، بهدف تحقيق مكاسب إضافية.

وفيما يخص التصعيد الميداني، يوضح أحمد، في حديث للجزيرة نت، أنه جزء من العملية التفاوضية، حيث تعتبر المقاومة أن التصعيد امتداد للحرب التي شنّتها إسرائيل، فيما هي تدافع عن نفسها. ورغم وجود مفاوضات، ترى المقاومة أن الحرب لا تزال مستمرة وتتصاعد، وهو ما يتجلى في الضربات الأخيرة التي استهدفت بيروت وتل أبيب، والتي تعكس استمرار المواجهات.

ويشير أحمد أيضا إلى أن "إسرائيل تساهم في التصعيد"، مما يثير تساؤلات حول نيتها لوقف الحرب، معتبرا أن "ردودها على التصعيد قد تكون جزءا من العملية التفاوضية أو تعبيرا عن تصعيد متعمد".

مناورة مستمرة

وفي حديثه للجزيرة نت، يعتبر المحلل السياسي جورج علم، أنه رغم الأجواء الإيجابية التي تروّجها بيروت بشأن المقترحات الأميركية لوقف إطلاق النار، فإنه لا يتوقع أن تثمر هذه المبادرات عن أي تقدم، حيث يعتقد أن هذه المقترحات سترفض في تل أبيب فور وصول الموفد الأميركي إليها من بيروت.

ويشير علم إلى أن نتنياهو الذي كان يراوغ بشأن المقترحات المتعلقة بغزة، يناور الآن بشأن المقترحات الأميركية المتعلقة بلبنان، مضيفا أنه لا يبدو أن هناك أي تقدم نحو وقف إطلاق النار، ما لم يمارس ضغط أميركي حقيقي من إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على نتنياهو لقبول هذه المقترحات، مع تهديد بفرض عقوبات مثل حجب الأسلحة أو القنابل الأميركية، وهو ما يبدو غائبا في الوقت الراهن.

ويوضح علم أنه رغم الحديث عن مقترحات قد تكون قابلة للنقاش، فإنها لن تؤدي إلى أي تقدم ملموس، ويرى أن نتنياهو واليمين الإسرائيلي المتطرف سيستمران في تحقيق أهدافهم الإستراتيجية إلى تاريخ 20 يناير/كانون الثاني المقبل، أي موعد تسلُّم الرئيس المنتخب دونالد ترامب مهامه في البيت الأبيض.

مقالات مشابهة

  • اليمن: لا سلام مع استمرار هجمات الحوثي ضد المدنيين والملاحة الدولية
  • مليشيا الحوثي تحول محافظة إب لقادتها ومشرفيها القادمين من صعدة وعمران
  • في اليوم العالمي للطفل… وزارة الصحة  تشدد على أهمية إجراء المسح السمعي لحديثي الولادة
  • اختراق جديد: سرقة بيانات 4 ملايين عميل مصرفي في إيران
  • صحيفة سعودية تتوقع تعقيدات المشهد في اليمن في زمن ترامب واغتيال كبار قادة الحوثي
  • ماذا تعرف عن قيادات حماس الـ6 الذين فرضت عليهم الخزانة الأمريكية عقوبات؟
  • شاهد .. ناشطة لبنانية تفضح نهب الحوثي لأموال ورواتب اليمنيين وارسالها لحزب الله (فيديو)
  • شاهد: السلالي الحوثي ”الأهنومي” يعاود مجدد قذف اليمنيين ويتهمهم بممارسة ”اللواط” نقلا عن كتب ”الرسي”!
  • مفاوضات وقف النار بين تفاؤل هوكشتاين وتواصل التصعيد الميداني
  • بالوثائق .. الحوثيون يكشروا عن انيابهم لنهب أراضي اليمنيين بحجة ملكيتها لله ووكيله بالأرض ”الحوثي”