معديات الموت وحوادث الغرق أصبحت كابوسًا يؤرق الكثيرين، حيث تسببت حوادث الغرق فى سقوط العشرات من الأرواح البريئة فى الفترة الأخيرة، وآخر هذه الكوارث كانت الحادثة المأساوية التى استيقظنا عليها صباح أول أمس بسقوط ميكروباص فى الرياح البحرى بمنطقة أبو غالب التابعة لمنشأة القناطر محافظة الجيزة.
الحادث الماساوى الذى أسفر عن سقوط 11 حالة وفاة، و10 مصابين فى نهر النيل أحزن الجميع، خاصة أن الضحايا فتيات فى سن الشباب خرجت بحثًا عن لقمة العيش بالتأكيد الأعمار بيد الله لكن الإهمال لابد له من حساب حتى لا تتكرر مثل هذه الحوادث.
والسؤال هنا للسيد محافظ الجيزة الذى لا أظن أنه زار موقع الحادث من قبل وربما لا يعرف أبو غالب أصلًا.. من يتحمل مسئولية أرواح بناتنا الغلابة اللاتى كن يسعون إلى لقمة العيش إذن؟ أين الرقابة والمتابعة وأين دور قيادات المحافظة والمحليات فى الرقابة لضمان الأمان فى مثل هذه الأنواع من الوسائل.
القصة ليست ترصد للمحافظ وإنما من المفترض أن يتحمل مسؤوليته ويؤدى دوره باعتباره المسئول الأول فى المحافظة وكل هذه الأرواح معلقة فى رقبته.
لماذا تأخر تنفيذ الكوبرى الذى يتم إنشاؤه فى هذه المنطقة؟ وهل تابع المحافظ هذا الملف، هل فكر أن يمارس دوره ويتابع مشروع الكوبرى الذى سينهى معاناة أهالى المنطقة مع المعديات الخطيرة، كل ما كان يشغل المحافظ بعد الحادث هو التأكيد على أن المعدية مرخصة، وكأن هذه فقط هى المشكلة وهذا فقط هو دوره، وليس عليه مسئولية الرقابة والمتابعة ومدى توافر عوامل الأمان.
ولا يخفى على أحد عزيزى القارئ أنه فى الأشهر الأخيرة، تم تسجيل 26 حالة وفاة جراء حوادث الغرق وهو رقم مرعب يجب أن يدفع الجهات المعنية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية المواطنين وتجنب مثل هذه الكوارث الفظيعة.
بكل تأكيد باتت تمثل حوادث الغرق خطرًا حقيقيًا على حياة الناس، وخاصة الأطفال والشباب الذين يكونون أكثر عرضة للخطر، خاصة أن هناك طلبات إحاطة منذ 4 سنوات لحل تلك الأزمة ولكن لا جديد يذكر، لذلك يجب على الحكومة والجهات المعنية أن تضع خططًا واضحة للحد من هذه الحوادث وتوفير بيئة آمنة للجميع ويحاسب من يتسبب فى وفاة إنسان مصرى يدفع ثمن إهمال أو رعونة أو تسيب.
تكمن المشكلة الرئيسية فى إهمال المحافظة وعدم اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان سلامة الناس وعدم المتابعة مع المحليات المعديات المتهالكة والطرق التى تحتاج تدخل من مسئولى المحليات.
لذا، يجب على الحكومة والسلطات المحلية أن تتحمل مسئوليتها وتقوم بتشديد الرقابة على المعديات وضمان توفير إجراءات السلامة اللازمة. ويجب أن يتم محاسبة المسؤولين عن أى إهمال يؤدى إلى وفاة الأبرياء.
علاوة على ذلك، يجب أن يتم توعية الناس بأهمية السلامة المائية وتعليمهم كيفية تجنب الحوادث والغرق. ويجب أن تقوم الحملات التوعوية بدور أساسى فى نشر الوعى وتعزيز ثقافة السلامة فى المجتمع.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: یجب أن
إقرأ أيضاً:
منى أحمد تكتب: شمس الموسيقى العربية
يحكي زياد الرحبانى في إِحدي الحوارات التلفزيونية، أنه عندما كان يسجل أغنية زوروني كل سنة مرة لسيد درويش بصوت السيدة فيروز فى ألمانيا، أنبهر الموسيقيين الألمان باللحن مما دفعهم للسؤال عن صاحبه، و اِرتسمت علامات الدهشة عندما عرفوا أنه لموسيقارمصرى عاش فى أوائل القرن الماضى، فكانوا يظنون أنه لحنا من مقطوعة عالمية .
ويخطئ من يتصور أن سيد درويش أغنية ولحن فقط ،بل هو مفجر الثورة الموسيقية وفكراً متطوراً قامت علي أكتافه المدرسة المصرية فى تجديد الموسيقي الشرقية، نجح في نقل الألحان الشرقية من عليائها البعيدة عن المزاج المصرى, والمنفصلة عن واقعها بمقاماتها التركية المليئة بالجمل اللحنية المعقدة والزخارف التى تعانى الجمود الفنى ،أسيرة التحفظ شبيهة محبيها من الطبقة الأرستقراطية، ليتجه بها خالد الذكر من القصورإلى قارعة الطريق نحو الأصول الشعبية والهوية المصرية .
فشعرالمصريون لأول مرة بأن لهم موسيقاهم المعبرة عنهم ،من خلال جملة موسيقية درويشية تحمل عبق مزيج حضارى متنوع تميزت به الاسكندرية وتشم معه فى نفس الوقت رائحة ملح الأرض الذى ينتمى إليه عموم الشعب ،فجمع بين التنوع والأصالة والحداثة في آن واحد بعد أن نقلها لمرحلة الواقعية، التى إستلهمها من واقع المصريين بجميع طوائفهم وطبقاتهم فكانت أعماله المرآة العاكسة لهمومهم وقضاياهم .
جاءت ألحان فنان الشعب لتشعل جذوة الروح الوطنية بين المصريين، والتى كانت تسرى بينهم كالنارفى الهشيم ،وسرعان ما يتداولها الشعب بجميع فئاته فى الشوارع والمقاهى ،وظهرت البصمة الموسيقية المتفردة لسيد درويش التى لا تخطأها أذن أثناء ثورة 1919، فكانت ألحانه وكلمات بديع خيري بمثابة منشور سياسى مؤجج للضمير الوطنى والشرارة التى أشعلت ثورة الشعب الذى يتنظر الاِنتهاء من تلحينه حتي يتغنى به في مظاهراته .
وبدأ يؤرخ لصناعة الأغنية السياسية التى وقفت ضد الإحتلال الإنجليزى، وجاءت أغنية بلادى بلادى التى لحنها سيد درويش بكلمات مستوحاة من كلمات الزعيم مصطفى كامل ،لتكون نشيد الشعب فى ثورة 1919 وتصبح النشيد الوطنى لمصر بعد أكثر من 90 عاما.
اِستطاع سيد درويش التعبير باللحن عن الكلمات والمواقف الدرامية لأول مرة فى تاريخ الموسيقى العربية، و أدخل على الألحان الشرقية الأسلوب التعبيري ،وأحدث ثورة بكسر المقامات المتجاورة فى لحنه فكان يقفز قفزات غير مؤلوفة ومن مقامات مختلفة ليصيغ مقاماً موسيقاً جديداً، يدخل القلب ويتسلل إلى الروح متجاوزاً وعابراً حدود الزمان والمكان وهو ما كتب لها الخلود والتفرد.
ورغم عمره الفنى الذى لم يتعدى العشر سنوات، إلا أن التراث الإِبداعى لسيد درويش أصبح بمثابة الشعلة المغناطيسية ،التى تجتذب إليها كل من يستمع لها واِستطاع من خلالها أن يصبح جزءًا هاماً من تاريخ الأمة ووجدان الشعوب العربية.
سيد درويش حالة إبداعية شكلت الهوية الموسيقية المصرية، وعاشت أعماله لأكثر من قرن من الزمان وستعيش لقرون عديدة لتسجل إسمه كعلامة فارقة فى تاريخ الموسيقي ،تحية لروح خالد الذكر الشمس التى لم ولن تغيب عن الوجدان .