فلسطين.. الخندق الأول لكل قُطر عربي
تاريخ النشر: 22nd, May 2024 GMT
علي بن مسعود المعشني
ali95312606@gmail.com
لم تعد اليوم مشكلة النظام الرسمي العربي خاصة ولا عرب زماننا بشكل عام، مع ثقافة "وعد بلفور" و"سايكس- بيكو" رغم جسامتهما وسريان مفعولهما؛ بل في أخطر مخرجاتها والمتمثل في غرس الكيان الصهيوني في قلب الأمة، ومباركته ودعمه بسخاء من قبل رعاته لإقرار هذا الباطل التاريخي وطلائه بالحق والأمر الواقع.
ولو أدركنا بأن هذا الكيان السرطاني المسموم هو مشروع غربي لإفناء الأمة العربية بدءًا من احتلال فلسطين، لجيَّشنا كل طاقاتنا لجعل فلسطين الخندق الأول لكل قُطر عربي، والركيزة الأولى للأمن القومي العربي؛ إذ لا يمكن لأي دولة أو مجتمع أو فرد بناء قرار إدراكي عميق، دون أن يسبق ذلك تحليل وتشخيص دقيق للحالة التي يراد تصنيفها. وطالما العقل العربي المعاصر ما زال يتأرجح بين أسئلة تائهة ومبعثرة عن الكيان الصهيوني، فلا بُد أن تكون النتيجة أجوبة سطحية وقاصرة، وهذا واقع حالنا اليوم؛ حيث ما زلنا نتلقى معلوماتنا عن العدو عبر العدو نفسه ورعاته، ولم نُجهد أنفسنا لمعرفة عدونا وحقيقته بعد، لهذا بُنيت كل سياساتنا تجاهه عاطفية وعرجاء ومبتورة.
هذا الوضع الشتات للأمة والمؤطر بالاستفراد الغربي، وشيوع التبعية القهرية في أوساط الأقطار العربية، لم يجعل الوظيفية الطوعية الخيار الأوحد للنظام الرسمي العربي المستولد من رحم ثقافة سايكس بيكو؛ بل جعل الأمة تتأرجح بين فسطاطين أحلاهما مُر.. فهناك من اختار أن يكون إقليمًا بداخل وطن كبير مُشتت، ووضع نفسه ومقدراته تحت تصرف الوطن مثل العراق وليبيا وسوريا وطيف بلبنان (كمثال)، ودفع أثمانًا باهظة مقابل خياره هذا، وهناك من اعتبر نفسه كيانًا مستقلًا لا علاقة له بالتاريخ ولا الجغرافيا ولا المصير المُشترك للأمة وقبل بدور التابع للغرب خوفًا وطمعًا، مقابل تنمية خرسانية ونمو ريعي محفوفيْن بكل مظاهر الاستقرار القلق الى حين.
إذن فمشكلة الاقطار العربية الحقيقية اليوم مع الغرب تتمثل في من اختار المشروع النهضوي للأمة بشقيه التنموي والمقاوم أو بأحدهما، وبين من اختار الاستقرار القلق والتنمية الصورية كبديل عن المشروع النهضوي القومي. وبالنتيجة وَلَّدَتْ هذه الخيارات اصطفافات سياسية وإعلامية واقتصادية، تحيط بها خيارات أحلاف وأنماط علاقات وسلوكات سياسية استنبتت العداء والصدام والتنابز الإعلامي بين طيفي الأمة العربية المُعاصرة؛ حيث أصبح المشروع القومي العربي من وحدة أو تضامن أو حتى نموذج تنموي عربي يُقتدى به، مُكلفًا للغاية للدولة القُطرية العربية مُنفردة، وهو ما سهّل على الغرب التفرُّد بها وبالتعاون مع الأقطار الريعية وبمباركة منها. وهذا ما رأيناه على أرض الواقع وماذا حل بالعراق وليبيا وسوريا (كمثال) حينما قررت أن تضع الإقليم ومقدراته رهن طلب الأمة لتحقيق مشروع نهضوي تحرري عربي.
لم أجد نظامًا رسميًا عربيًا واحدًا يتساءل عن سبب الخضوع التام للكيان الصهيوني لقواعد العلاقات والأعراف الدبلوماسية حين يتعلق الأمر بعلاقاته وتعامله مع الآخر، بينما يستخدم ما يسمى بـ"السلام والتطبيع" مع عرب زماننا وسيلة للتغلغل في مفاصل الدول والشعوب بصور مُعيبة ومنتهكة للسيادة، وفي المقابل لا تسمح اتفاقيات "التطبيع" أو "السلام" مع العرب بممارسة أبسط حقوق وقواعد الأعراف الدبلوماسية التي باركها وسار عليها المجتمع الدولي مثل قطع العلاقات أو تقليل التمثيل الدبلوماسي أو سحب السفراء!
قبل اللقاء.. شعار الكيان الصهيوني لعرب زماننا تلميحًا وتصريحًا: "من لم يمت مقاومًا سيموت مُطبِّعًا".
وبالشكر تدوم النعم.
رابط مختصر
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
منظمة حقوقية تكشف : الكيان الصهيوني يخفي استشهاد عدد كبير من الأسرى في سجونه
الثورة نت/وكالات كشف مدير مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان في غزة، علاء السكافي، أن سلطات كيان العدو الصهيوني تخفي بشكل متعمد استشهاد أعداد كبيرة من الأسرى الفلسطينيين في سجونها، في وقتٍ تواصل سياسة الإخفاء القسريّ بحق أسرى قطاع غزّة منذ بدء السابع من أكتوبر 2023. وأوضح “السكافي”، في تصريحات إعلامية، الخميس، أنه حتى 7 أكتوبر 2024، تبلغت المؤسسات الحقوقية والمؤسسات المعنية بشؤون الأسرى من سلطات الكيان باستشهاد 40 معتقلاً داخل سجون العدو. وأشار إلى أن العدو كشف عن مصير الـ40 معتقلاً بعدما قدمنا التماسات للمحكمة العليا لدى الكيان لمعرفة مصير معتقلين مختفين قسراً أو لم يعرف مصيرهم، ليكشف الاحتلال مصيرهم أنهم توفوا في السجون دون إعلان من إدارة سجون الاحتلال عن وفاتهم. ولفت مدير مؤسسة الضمير الحقوقية إلى أن “هذا السلوك يعزز معلوماتنا بوجود أعداد كبيرة من الشهداء داخل المعتقلات”. وقال “هناك أسرى من غزة أفرجت عنهم قوات العدو أكدوا في شهاداتهم اعتقال أعداد من المواطنين سواء من المشافي أو مراكز الإيواء أو من داخل المدن ومخيمات النزوح أو عند المرور عبر حواجز قوات العدو، والأخير ينفي وجودهم لديه في المعتقلات، لذلك نحن نخشى على مصير هؤلاء المعتقلين”. وأوضح “السكافي”، أنَّ مؤسسة “الضمير” قدمت طلبات لفتح تحقيق لمعرفة أسباب وفاة المعتقلين، وللحصول على وثائق رسمية تفيد باستشهاد المعتقلين، وذلك للحصول على دليل إدانة للاحتلال وتقديمه أمام مختلف الجهات الدولية في إطار ملاحقته قضائياً. وشدد على أنَّ هناك سياسة ممنهجة تعبر عن توجه واضح لدى الاحتلال نتيجة ضم المجتمع الدولي وتخاذله تجاه حماية المعتقلين. وبين أن ارتفاع جرائم القتل يأتي ترجمة للامتيازات التي أقرها الوزير المتطرف بن غفير لجنود العدو الذين يمارسون جرائم القتل ضد المعتقلين الفلسطينيين. وطالب مدير مؤسسة الضمير الحقوقية المحكمة الجنائية الدولية باعتبار ملف استشهاد المعتقلين كملف مستقل بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق المعتقلين، ومطالبة اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالقيام بمسؤولياتها ودورها في زيارة السجون وتفقد أوضاع المعتقلين. وصباح اليوم، استشهد أسير فلسطيني من قطاع غزّة داخل معتقلات العدو، جراء تعرضه للتعذيب في ظلّ تصاعد اعتداءات وجرائم العدو ضدَّ الأسرى الفلسطينيين، وتزامنًا مع جرائم الإخفاء القسري لأسرى غزة. وقالت مصادر عائلية، إن الصليب الأحمر أبلغ بارتقاء الأسير محمد أنور لبد، من مخيم جباليا شمال قطاع غزة، داخل سجون الاحتلال. وقبل أيام، أعلنت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني، ارتقاء الأسير علاء مروان حمزة المحلاوي البالغ من العمر42 عامًا، من مدينة غزة.