السيابي: تأكيد أهمية تعزيز الصناعات التحويلية لدعم الاقتصاد وتعزيز القدرة التصديرية

السفير المجري: سلطنة عُمان منارة للوئام في المنطقة وشريك موثوق به على الساحة العالمية

الشنفري: عُمان نجحت في تحقيق تقدم كبير على مضمار تعزيز قدراتها التصديرية

◄ المنتدى يبحث تعزيز تواجد المنتج العُماني على خارطة المنافسة عالميا

◄ محاور النقاش تأمل الوصول لمسارات دعم "الاقتصاد المفتوح" الجاذب للاستثمار

 

 

 

الرؤية- سارة العبرية- فيصل السعدي

تصوير/ راشد الكندي- نواف المحاربي

 

رعى معالي قيس بن محمد اليوسف وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، صباح أمس الأربعاء، انطلاق أعمال الدورة الثالثة عشرة من منتدى الرؤية الاقتصادي "الصناعات الوطنية الموجهة للتصدير"؛ فيما حلّت جمهورية المجر دولة ضيف شرف المنتدى هذا العام.

وانطلقت الدورة الحالية من المنتدى في توقيتٍ يحتلُّ فيه القطاعُ الصناعي الوطني مركزًا متقدِّمًا على قائمة الجهود الرامية للوصول إلى الاكتفاء وتحقيق تنويع اقتصادي مستدام؛ فالمناطق الصناعية والاقتصادية والحرة، وجهود دعم المنتجات الوطنية وتنميتها وتشجيعها على المستوى المحلي والخارجي، تُعطي دفعة لهذا القطاع الحيوي، وتفتح آفاقا واعدة لتوطين الصناعات الموجَّهة للتصدير، وجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، وتعزيز الإمكانيات الهادفة لتمكين الصناعة، وإعطاء زخم للمنتج الوطني، مع إرساء دعائم تشجيع القطاع على المضي قُدما نحو نتائج أفضل وعوائد إيجابية أعلى.

 

 

وبدأت أعمال المنتدى بعرض مادة فيلمية حول "الصناعات الوطنية الموجهة للتصدير"، أعقبها الكلمة الترحيبية في المنتدى والتي قدّمها حاتم بن حمد الطائي رئيس تحرير جريدة الرؤية، الأمين العام للمنتدى؛ حيث أكد الطائي أن موضع "الصناعات الوطنية المُوَجَّهة للتصدير"، يحظى باهتمام واسع من لدن الحكومة الرشيدة، وبصفةٍ خاصةٍ من قبل وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار؛ لما له من فوائد عدة ومنافع اقتصادية متنوعة، تُسهم في تعزيز التنويع الاقتصادي، والتوسُّع في عمليات التصدير القائمة على التصنيع والإنتاج المحلي؛ الأمر الذي يُمثل قيمة محلية مضافة، تفوق أي قطاع آخر.

وقال الطائي إن الحديث عن التصنيع يقودنا بكل تأكيد إلى تسليط الضوء على أحد أبرز القطاعات الواعدة في رؤيتنا المستقبلية "عُمان 2040"، ألا وهو قطاع الصناعات التحويلية ضمن خطط التنويع الاقتصادي، في تحوُّلٍ نوعيٍ في المسار الاقتصادي، مشيرًا إلى أنه بعد عقود من الاعتماد على النفط وقطاع البتروكيماويات كمصدر وحيد للدخل، انطلقت عُمان في جهودها من أجل تعزيز التنويع الاقتصادي، وزيادة موارد الدولة من القطاعات غير النفطية، وعلى رأسها قطاع التصنيع والصناعات التحويلية.

تطوير القطاع الصناعي

وأوضح الأمين العام لمنتدى الرؤية الاقتصادي، أن رؤية "عُمان 2040" تحمل تطلعات طموحة في النهوض بالقطاع الصناعي، من خلال اتخاذ الإجراءات اللازمة لتطوير القطاع الصناعي وزيادة مساهمته في الناتج المحلي؛ سواء عبر تحديث القوانين والتشريعات المُنظِّمة للقطاع، أو من خلال تقديم التسهيلات والإعفاءات للمصانع، علاوة على الجهود المبذولة لاستشراف التحديات التي قد تعترضُ مسار القطاع، ومن ثم بلورة حلول وأفكار لتحسين معدلات النمو، والترويج للصناعة العُمانية إقليميًا ودوليًا.

وأشار الطائي إلى أن الرؤية المستقبلية للقطاع الصناعي ترتكز على عاملين شديدي الأهمية؛ وهما: تنويع الفرص الاستثمارية، والاعتماد على التقنيات المُبتكرة وتشجيعها، بما يتوافق مع "الاستراتيجية الصناعية 2040"، والتي تضع جُملة من الأهداف تُسهم في تحقيق التطلعات الاقتصادية على المديين القصير والبعيد.

وحث الطائي على ضرورة وضع آليات تنفيذ للاستفادة من الكفاءات الوطنية الشابة، وتوظيف التقنيات الحديثة بصورة أكبر، واستغلال الموارد الطبيعية والمقومات الاستراتيجية على نحو يضمن الاستدامة والتطوُّر.

وتحدث الطائي عن دور التمويل في تنمية الاقتصاد، وتحديدًا في نمو القطاع الصناعي؛ حيث إن قضية التمويل تمثل تحديًا كبيرًا في النمو الاقتصادي، وغياب التمويل المرن يؤدي إلى نتائج عكسية تمامًا. وقال: "قبل شهور طالعنا جميًعا خبر اعتماد مجلس محافظي البنك المركزي العُماني لرخصة إنشاء بنك الاستثمار، لكن وحتى هذه اللحظة لا نعلم أي جديد حول هذا البنك، وكيفية عمله، وآليات التمويل التي سيقدمها.. وهذه نقطة مهمة جدًا يجب أن نُثيرها في مثل هذه المحافل الاقتصادية الكبرى، خاصةً وأن زيادة التمويل المخصص للتنمية الاقتصادية من شأنه أن يساعدنا في تحقيق الأهداف المرجوة، لا سيما في ظل ما يتحقق من وفورات وفوائض مالية بالتوازي مع تحسُّن أسعار النفط وخفض الدين العام للدولة، وتحسُّن التصنيف الائتماني للاقتصاد، وغيرها من العوامل الإيجابية التي يجب البناء عليها من أجل مواصلة تحقيق النجاحات والتقدم المنشود".

بيان الافتتاح

وألقى مازن بن حميد السيابي مدير عام الصناعة المساعد بوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، بيان الافتتاح؛ حيث أكد أن منتدى الرؤية الاقتصادي ينعقد في وقتٍ مهم للغاية؛ إذ تشهد سلطنة عُمان حراكًا واسعًا في مختلف القطاعات الاقتصادية، كما يسعى القطاع الصناعي- بما يتمتع به من إمكانيات وخبرات- إلى أداء دورٍ محوريٍ في تحقيق التنمية المستدامة ورؤية "عُمان 2040". وقال السيابي إنه منذ سبعينات القرن الماضي شهد قطاع الصناعة التحويلية في سلطنة عُمان نموًا متسارعًا؛ حيث ارتفعت نسبة مساهمته في إجمالي الناتج المحلي بشكل ملحوظ على مدى السنوات الماضية، وبدأت هذه النسبة من 0.8 في المئة في عام 1970، وارتفعت إلى حوالي 3 في المئة عام 1999، لتصل إلى 9.9 في المئة تقريبًا عام 2017. وأضاف أنه على الرغم من التقلبات التي شهدها هذا القطاع على مر السنين، إلّا أنه أصبح عاملًا أساسيًا في دفع عجلة الاقتصاد العُماني منذ بداية عصر الثورة الصناعية الرابعة، واليوم فقط بلغت مساهمة الصناعات التحويلية في إجمالي الناتج المحلي لسلطنة عُمان بنهاية ديسمبر 2023 أكثر من 3 مليارات و782 مليون ريال عُماني بالأسعار الجارية، كما إن القطاع الصناعي يُعد أحد القطاعات الرئيسية في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر إلى سلطنة عُمان، فقد بلغ حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في قطاع الصناعات التحويلية بنهاية الربع الرابع من عام 2023 أكثر من مليار و781 مليون ريال عُماني.

وأوضح السيابي أن هذه البيانات تعكس بوضوح الدور المهم الذي يؤديه القطاع الصناعي في اقتصاد سلطنة عُمان، وتؤكد على أهمية تعزيز الصناعات التحويلية لدعم الاقتصاد وتعزيز القدرة التصديرية لسلطنة عُمان؛ حيث أصبح القطاع الصناعي من القطاعات الخمسة الأساسية التي تركز عليها الخطة الخمسية العاشرة وفق رؤية "عُمان 2040"؛ لذلك تسعى سلطنة عُمان إلى تطوير الصناعة التحويلية العُمانية وترقيتها إلى مستوى يتسم بالحداثة والابتكار، من خلال الاستثمار في البحث والتطوير وتحفيز المشاريع الابتكارية. وتابع أن الوزارة تسعى إلى بناء ثقافة الابتكار الصناعي من خلال تعزيز التعليم والتدريب وتشجيع التفاعل بين الشركات والمؤسسات.

وأشار السيابي إلى أن وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار تعكف حاليًا على تنفيذ مجموعة من المبادرات في إطار الاستراتيجية الصناعية 2040؛ بهدف دعم المنتج الوطني وتعزيز تنافسيته؛ سواءً على الصعيد المحلي أو الدولي. وقال مدير عام الصناعة المساعد، إن إحدى هذه المبادرات هو برنامج "صنع في عُمان"؛ الذي يهدف إلى تعزيز المنتجات الوطنية ومنحها الأولوية في عمليات الشراء الحكومية، إضافة إلى إنشاء منصة رقمية تُروِّج لهذه المنتجات وتوفِّر دليلًا شاملًا لها. وأضاف السيابي أن الوزارة تعمل أيضًا على تحسين كفاءة القطاع الصناعي من قبيل تشجيع اعتماد تقنيات الثورة الصناعية الرابعة والأتمتة، من خلال توقيع مذكرة تفاهم مع منظمة الخليج للاستشارات الصناعية لتقييم جاهزية المصانع العُمانية لتبني هذه التقنيات. وأوضح أنه من المتوقع أن تزيد هذه المبادرة من تنافسية المنتج الوطني، خاصة من خلال تقليل التكاليف وزيادة التنافسية السعرية.

وأبرز السيابي النتائج الملموسة للجهود المبذولة من مختلف الجهات ذات العلاقة في دعم الصناعات الوطنية الموجهة للتصدير؛ فقد ارتفعت الصادرات الصناعية غير النفطية بشكلٍ ملحوظٍ خلال السنوات القليلة الماضية، وقد بلغت في عام 2023 قيمة 7 مليارات و442 مليون ريال عُماني، وبنهاية فبراير 2024، سجلت الصادرات السلعية غير النفطية ارتفاعًا ملحوظًا بنسبة 49.1%، مقارنة مع نفس الفترة من عام 2023. وأضاف أن التوجه نحو تحقيق أهداف التنويع الاقتصادي المرسومة في رؤية "عُمان 2040" يتطلبُ تعزيز القدرات والفرص للقطاع الصناعي؛ سواءً داخل السوق المحلية أو على الصعيدين الإقليمي والعالمي. وأشار إلى أن تعزيز الصناعات الموجهة للتصدير يمثل أحد أبرز الأولويات التي تركز عليها الاستراتيجية الصناعية 2040" التي تُشرِفُ عليها وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، ويتماشى هذا التوجه مع التغيرات العالمية التي أفرزت فرصًا متعددة في أسواق متنوعة.

دولة ضيف الشرف

وألقى سعادة برنباش فودور سفير جمهورية المجر الصديقة، دولة ضيف الشرف بالمنتدى، كلمة، أعرب فيها عن سعادته باختيار المجر لتكون دولة ضيف الشرف، في منتدى الرؤية الاقتصادي الذي يعد تجمعًا محوريًا يُجسِّد روح التعاون والتفكير المستقبلي، وأساسًا مُهمًا في عالم اليوم المترابط. وقال: "إنه لشرفٌ عظيمٌ لي ولنا في دول المجر أن نكون ضيوف شرف على هذا الحدث المرموق والمحترم، ونحن هنا لنحتفل بالعلاقة الديناميكية بين جمهورية المجر وسلطنة عمان، وهي شراكة تمتد عبر الأبعاد الاقتصادية والسياسية والثقافية، ولنوجه دعوة للمستثمرين والسياح لاستكشاف الفرص العديدة التي تقدمها جمهورية المجر".

وأشار سعادة السفير إلى الزيارات الرسمية المتبادلة بين رئيس الجمعية الوطنية المجرية ومعالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية، وسعادة خالد بن هلال المعولي رئيس مجلس الشورى، والتي تعكس الاحترام المتبادل والالتزام بالتعاون الدولي. وأضاف أن هذه الزيارات مهدت الطريق أمام اتفاقيات وشراكات جديدة في مختلف القطاعات، لافتًا إلى أن كلا البلدين متفقان في نهجهما تجاه القضايا العالمية من خلال إعطاء الأولوية للدبلوماسية والحوار والتعاون والتعايش السلمي.

وتابع أن التعاون الرئيسي بين عمان والمجر يتمثل في تبادل الطلاب ضمن برنامج المنح الدراسية Stipendium Hungaricum؛ حيث تقدم المجر 50 مقعدًا للطلبة العمانيين فيما توفر سلطنة عُمان 30 مقعدًا للطلاب المجريين، ولقد أدى هذا البرنامج إلى التقريب بين شعبينا، مما سمح لنا بالتعلم من تجارب بعضنا البعض وتقدير تاريخنا المتنوع والمترابط الذي يعزز الاحترام والإعجاب المتبادلين، وتشمل مجالات العمل المشترك الأخرى قطاعات الطاقة والاستثمار والسياحة وتعزيز العلاقات الاقتصادية والتبادل الثقافي.

وأضاف سعادته أن الخبرة المجرية في مجالات التكنولوجيا والزراعة والطاقة المتجددة تتوافق تمامًا مع رؤية "عمان 2040" لتحقيق التنويع الاقتصادي والتنمية المستدامة، مشيرًا إلى دور التكنولوجيا المجرية في مشاريع تنقية المياه في عُمان، وكذلك اعتزام إحدى أكبر شركات الألبان في المجر لإنشاء وحدة إنتاج في السلطنة. وأعرب سعادته عن أمله في أن تعزز فرص التعاون في مجالات الأمن الغذائي، والطاقة المتجددة، والبنية الأساسية والمشاريع الصناعية، وبناء المدن الذكية، وتعزيز البنية الأساسية الرقمية.

وأشاد سعادة السفير المجري لدى سلطنة عُمان بالتزام سلطنة عُمان الثابت بالسلام والاستقرار في ظل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه؛ حيث تواصل عُمان الحفاظ على سمعتها كمنارة للوئام في منطقة غالبًا ما شابها الخلاف. وقال فودور: "من خلال الحوار والوساطة والدبلوماسية، حظيت عُمان بالاحترام كشريك موثوق به على الساحة العالمية، وليس هناك ما هو أكثر أهمية بالنسبة للمستثمر الأجنبي من الاستقرار والقدرة على التنبؤ والبيئة المساعدة التي يحكمها بنجاح معالي قيس اليوسف، وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار".

وأضاف سعادة السفير أن المجر أرض الفرص؛ وذلك بفضل موقعها الاستراتيجي في قلب أوروبا؛ حيث تعد المجر بمثابة بوابة إلى السوق الأوروبية الواسعة، مشيرًا إلى أن المجر تُقدِّم مجموعة من الحوافز للمستثمرين الأجانب؛ بما في ذلك معدلات الضرائب التنافسية والمنح والسياسات الحكومية الداعمة التي تهدف إلى تعزيز الابتكار والنمو، كما توفر وكالة تعزيز الاستثمار المجرية (HIPA) دعمًا شاملًا للمستثمرين بدءًا من تحديد الفرص وحتى تسهيل العمليات التجارية. وقال إن الحكومة المجرية قطعت خطوات كبيرة في خلق بيئة مواتية للاستثمار الأجنبي المباشر، وقد قمنا بتبسيط إطارنا التنظيمي، وتحسين البنية التحتية، واستثمرنا بكثافة في البحث والتطوير. وقد أثمرت هذه الجهود، كما يتضح من العدد المتزايد من الشركات المتعددة الجنسيات التي تنشئ عملياتها في المجر.

وعرّج سعادته على الشخصية الأسطورية "سندباد البحار"، باعتباره بطلًا من الفولكلور العماني، وترمز رحلاته عبر البحار إلى المغامرة والاكتشاف وإقامة علاقات جديدة؛ إذ شرع السندباد في رحلاته الملحمية، لاستكشاف آفاق جديدة وتشكيل تحالفات عبر الأراضي البعيدة. واختتم سعادته كلمته بالقول: "إنني أيضًا أدعو المستثمرين والسياح من كلا البلدين للشروع في رحلاتهم الخاصة إلى المجر وسلطنة عُمان، كي نستكشف الفرص التي تنتظرنا".

القطاع الخاص

ثم ألقى الشيخ راشد بن عامر المصلحي النائب الأول لرئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان، كلمة ممثل القطاع الخاص، أبرز من خلالها دور الغرفة في تعزيز نمو القطاع الصناعي، وقال إن منتدى الرؤية الاقتصادي دأبت جريدة الرؤية على تنظيمه لمناقشة القضايا الاقتصادية مع نخبة من المتخصصين والخبراء، وتقديم العديد من الحلول والمقترحات بكل شفافية ونزاهة، مشيرًا إلى أن المنتدى أصبح واحدًا من أبرز الفعاليات الاقتصادية في سلطنة عُمان، خاصةً مع ما ينتج عنه من مرئيات ومقترحات ترفدُ صنع القرار الاقتصادي، وتساهم في حلحلة قضايا السوق العُماني.

وقال المصلحي إنَّ عنوان المنتدى لهذا العام والمتمثل في "الصناعات الوطنية الموجهة للاستثمار" ينسجم ويتناغم كإحدى ركائز تمكين القطاع الخاص في سلطنة عُمان، ولقد أولتْ غرفة تجارة وصناعة عُمان اهتمامًا كبيرًا في هذا المجال، من خلال توجهاتها الاستراتيجية الرامية لخدمة القطاع الخاص وهي تحسين بيئة الأعمال وتوسيع قاعدة التنويع الاقتصادي، وتنمية المحافظات اقتصاديًا، وذلك من أجل قيام القطاع الخاص بمساهمته في توفير فرص أعمال للكوادر الوطنية، إلى جانب مساهمته الفعالة في تنمية الصناعات الوطنية وتعزيز القيمة المحلية المضافة بما يخدم مجتمع الأعمال في مختلف القطاعات الاقتصادية.

وتابع المصلحي قائلًا إن الغرفة وبالشراكة مع مختلف الجهات المعنية، تسعى إلى تحقيق التعاون والتكامل في مجال الاستثمار في الصناعات الوطنية، خاصة وأنه يرفد الاقتصاد الوطني بفرص العمل ويزيد من مساهمة الناتج المحلي وهو ما ينعكس إيجابا على زيادة النمو الاقتصادي نتيجة استهلاك المنتجات الوطنية، فضلًا عن تحقيق نسب عالية من الاكتفاء الذاتي وتجنيب السوق اضطرابات سلاسل التوريد بالإضافة إلى تعزيز الصادرات.

وأكد المصلحي أن غرفة تجارة وصناعة عُمان على أتمِّ الاستعداد للتعاون مع كافة الأطراف الساعية إلى تطوير قطاع الأعمال والصناعات المحلية والجهود الرامية لدعم توجهات التنويع الاقتصادي؛ فهي أولوية وطنية رئيسية، ولا يتأتى ذلك إلّا من خلال العمل معا على استكشاف التحديات التي تواجه القطاعات المعول عليها في التنويع الاقتصادي والتي على رأسها القطاع الصناعي.

الشريك الاستراتيجي

أعقب ذلك، كلمة الشريك الاستراتيجي والتي قدمها بدر بن عوض الشنفري الرئيس التنفيذي لاستثمارات الملكية الخاصة بالشركة العُمانية العالمية للتنمية والاستثمار "أومينفست"، أشار خلال إلى رؤية "عُمان 2040"، والتي منذ انطلاقة مرحلة تنفيذها، تعاظمت الجهود الحكومية لدفع الطموح إلى تنويع اقتصادي بعيدًا عن الاعتماد على النفط. وأضاف أن ذلك أدى إلى تحسينات كبيرة في المؤشرات الاقتصادية الرئيسية والإصلاحات المالية الجارية؛ سعيًا لتحقيق الاستدامة المالية وإلى تحسن التصنيف الائتماني لسلطنة عُمان. وتابع أنه في مارس من العام الجاري، أعادت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيفات الائتمانية تأكيد التصنيف الائتماني لعُمان عند درجة "BB+" وعدّلت النظرة المستقبلية إلى إيجابية من مستقرة، مع احتمال رفعها إلى درجة الاستثمار في المراجعة القادمة، موضحًا أن استعادة تصنيفها الاستثماري سيخلق بيئة أكثر ملاءمة للاستثمارات والنمو الاقتصادي.

القدرات التصديرية

وأوضح الشنفري أن عُمان حققت تقدمًا كبيرًا في تعزيز قدراتها التصديرية؛ ففي الفترة بين عامي 2021 و2023، ارتفعت صادرات السلع غير الهيدروكربونية (غير النفطية) بنسبة 55%، من 6.8 مليار ريال عُماني إلى 8.9 مليار ريال عُماني. وتابع أن الأسواق الرئيسية لهذه الصادرات تشمل: دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية والهند.

وأشار إلى أن "منتجات الكيماويات والصناعات المرتبطة بها" و"المنتجات المعدنية" و"المعادن الأساسية ومصنوعاتها" تمثل نحو 70% من إجمالي الصادرات غير النفطية، لكن ما تزال هناك إمكانات كبيرة لزيادة الصادرات من الصناعات التحويلية والقطاعات الصناعية الأخرى، فضلًا عن زيادة مشاركة الشركات الصغيرة والمتوسطة في أنشطة التصدير.

وللوصول إلى تلك المنافسة العالمية في التصدير وتنويع الصادرات، أبرز الشنفري بعض النماذج العالمية؛ حيث نجحت العديد من الدول في تحويل اقتصاداتها إلى نماذج قوية تعتمد على التصدير من خلال التركيز على التحرر الاقتصادي، وتعزيز دعم القطاع الخاص، وصياغة الاتفاقيات التجارية، وتوفير الحوافز لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر.

وقال إن فيتنام برزت كمصدر رئيسي للإلكترونيات والمنسوجات والمنتجات الزراعية من خلال الإصلاحات الاقتصادية الاستراتيجية، وتنفيذ اتفاقيات التجارة الحرة المتعددة، والاستثمارات الكبيرة في البنية التحتية التي خلقت بيئة صديقة للأعمال. وأوضح أن هذه المبادرات جذبت استثمارات أجنبية كبيرة، وخاصة من الشركات الكبرى مثل "سامسونج"، التي حفَّزتها للاستثمار مزايا مميزة مثل: العمالة المنخفضة التكلفة، وتوفير الأراضي المجانية، وإعانات الدعم المختلفة؛ بما في ذلك الإعفاءات من رسوم الاستيراد ومعدلات الضرائب التفضيلية.

وقال إن تأثير مثل هذه الشركات العالمية يمكن أن يكون عميقًا في الدول الجاذبة لها، ومثال ذلك، أن أنشطة شركة سامسونج عام 2018 في فيتنام كانت تمثل ما يقرب من 30% من الناتج المحلي الإجمالي لفيتنام، واليوم تتجاوز عائدات صادراتها السنوية 65 مليار دولار، وهو ما يمثل 20% من إجمالي عائدات صادرات فيتنام، علمًا أن سامسونج تُوظِّف ما يزيد عن 100000 فرد في فيتنام، وقد ساهمت في جعل البلاد مركزًا محوريًا للتصنيع.

وذكر أن لدى "أومينفست" أمثلتها الخاصة؛ حيث حققت خطوات كبيرة في تصدير المنتجات والخدمات العُمانية إقليميًا ودوليًا؛ فعلى سبيل المثال: توسّعت شركة الشمال للصناعات البلاستيكية، وهي شركة مقرها منطقة صحار الصناعية؛ لتصبح مصدرًا رئيسيًا لمنتجات الأكريليك على مستوى المنطقة؛ حيث تصل الآن إلى أكثر من 40 دولة حول العالم. وأضاف أن الشركة تعكف حاليًا على توسيع عملياتها لتشمل دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى؛ الأمر الذي سوف يضيف قيمة لمساهمي أومينفست، ويُمَكِّن من خلق فرص العمل، إضافة إلى المساهمة في الناتج الإجمالي للسلطنة.

وأبرز الشنفري نموذج شركة "ليڨا للتأمين"، وهي إحدى شركات مجموعة أومينفست، لتصبح واحدة من أكبر مجموعات التأمين في دول مجلس التعاون الخليجي؛ حيث قدمت مساهمات اقتصادية كبيرة وخلقت العديد من فرص العمل. وتابع أن "أومينفست" نشطت في مجال عمليات الاندماج والاستحواذ، وهو أمر بالغ الأهمية لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، مشيرًا في هذا السياق إلى الشراكة الأخيرة مع أحد المستثمرين العالميين في مجال التعليم الذي يرى أن محفظتنا التعليمية في سلطنة عُمان تُمثِّل إضافة استراتيجية إلى منصة التعليم الخاصة به في دول مجلس التعاون الخليجي.

كما تحدث الشنفري عن جهود السلطنة لإنتاج الهيدروجين الأخضر، ففي عام 2022، أعلنت السلطنة عن هدف خفض الانبعاثات الكربونية إلى الصفر بحلول عام 2050، ومن المتوقع أن يساهم تطوير إنتاج الهيدروجين؛ بهدف استبدال الغاز في توليد الكهرباء، بشكل كبير في تحقيق هذا الهدف وجذب استثمارات كبيرة. ويرى جهاز الاستثمار العُماني أن تصبح عُمان هي عاصمة الهيدروجين في العالم، ويهدف إلى إنشاء سلسلة قيمة كاملة للهيدروجين الأخضر، والاستفادة من موارد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح الوفيرة في البلاد. وتقدر قيمة إجمالي استثمارات المشاريع المعلن عنها 48 مليار دولار أمريكي لهذه المبادرة الضخمة. ومع كل ما في ذلك من افتخار بمثل هذه المبادرات إلا أنه يتعين علينا دراسة المخاطر بدقة وكذلك دراسة الجدوى مع التركيز في الافتراضات المستخدمة بما أن المجال جديد ومع الريادة تكثر التحديات ولكن بإذن الله وتضافر الجهود سوف نصل للغاية المنشودة.

وتابع قائلًا: في عالم متسارع التطور إن سلطنة عُمان لديها الفرصة السانحة لتسخير الذكاء الاصطناعي (Artificial Inteligence) من أجل تعزيز الإنتاجية الصناعية والقدرة التنافسية والاستدامة. . وعلى الصعيد العالمي، فإن المؤسسات العالمية الكبرى تسعى للاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتعزيز الكفاءة وتحسين المنتجات والخدمات واكتساب ميزة تنافسية. وأكد الشنفري أنه من الضروري جدًا لتعزيز اعتماد التكنولوجيا والابتكار في مكونات الاقتصاد، أن تتم مراجعة الأنظمة القائمة ومعالجة الاختناقات. وأعرب الشنفري عن أمله في تبسيط قانون المناقصات وجعله أكثر مرونة للسماح بالترسية المباشرة في الحالات التي تكون فيها عروض القيمة واضحة، مشيرًا إلى أن ذلك سيساعد على اعتماد التكنولوجيا والابتكار بشكل أسرع، وتعزيز قطاع صناعي أكثر ديناميكية واستجابة.

ودعا الشنفري إلى أهمية تنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل مناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة به، ويجب على الهيئات التنظيمية اعتماد إطار السياسة الصحيح لتبني الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول. وقال: "نحن في أومينفست كعضوٍ في المنتدى الاقتصادي العالمي، نشارك في المناقشات حول تأثير الذكاء الاصطناعي عبر القطاعات المختلفة، ونحن متحمسون لدمج الذكاء الاصطناعي في استراتيجية أعمالنا واستثماراتنا".

واختتم بالقول: "يُمكننا بالتعاون والتكامل وتوحيد الجهود بين القطاعين العام والخاص، إعادة تموضع السلطنة كاقتصاد ناجح موجه للتصدير من خلال تحديد صناعات وأسواق تصديرية جديدة، ومعالجة التحديات التي تواجهها الشركات الصغيرة والمتوسطة في الوصول إلى الأسواق الخارجية، والاستمرار في دعم قطاعنا الصناعي بالحوافز الاقتصادية المناسبة وتحرير الاقتصاد المفتوح. فلننطلق متكاتفين ومتحدين معا نحو مستقبل تكون فيه بلدنا الغالية عُمان رائدة في مجال المنتجات والخدمات ذات القيمة المضافة العالية والمتطورة، مما يساهم في النمو الاقتصادي المستدام والرخاء لمجتمعنا العُماني والمقيمين معنا فيه".

فيما قدّم أحمد بن خالد البرواني عضو مجلس إدارة جمعية الصناعيين العمانية، الرئيس التنفيذي لمجموعة منى نور للصناعة والتجارة، الكلمة الرئيسية في المنتدى. وتلى ذلك تكريم المتحدثين الرئيسيين والرعاة الداعمين.

يُشار إلى أن دورة المنتدى لهذا العام تنعقد بشراكة إستراتيجية مع المؤسسة العامة للمناطق الصناعية "مدائن"، والشركة العُمانية العالمية للتنمية والاستثمار "أومنفيست"، وبرعاية ذهبية من "خزائن"، و"كريدت عُمان" راعيا فضيًّا، وفندق جراند حياة مسقط الراعي الداعم.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

طرح شركات الجيش فى البورصة يعزز ثقة القطاع الخاص

مليار جنيه حجم المشروعات المنفذة من المكتب

هى ليست مجرد كلمات متراصة، بل أفكار تتجسد فى أروع صورها، تنقلك إلى عوالم أكثر حداثة، تجدد بداخلك الشغف والإلهام.. عبارات تحمل فى طياتها قوة التأثير وسحر الإبداع، كلمات تدعو إلى التفاؤل والأمل، تجعلك تسطر مسيرة صفحاتها تحمل القوة، تدفع إلى مسار التفكير الإيجابى، والقدرة على أن تكون قيمة مضافة.. عليك أن تفتش فى عمق الأشياء وليس ظاهرها.. وكذلك محدثى سلك فلسفة طريق العقلية الفارقة، ليُحدث أثراً، ويترك بصمة.
الأحلام هى بذور الواقع، فلا تتركها تذبل بل اسْقِها بالعمل، والإصرار، لا تندم فكل يوم فى مشوارك يعلمك درسا جديدا، فثقتك بنفسك تجعلك قادرا على تحقيق كل ما تريد، حتى لو واجهت تحديات صعبة، ومطبات وعرة.. وعلى هذا الأساس كانت مسيرة محدثى منذ الصبا.
محمد خضير، الشريك المؤسس والمدير لمكتب خضير للاستشارات القانونية، والرئيس التنفيذى الأسبق لهيئة الاستثمار.. الموهبة فى قاموسه وحدها لا تكفى للوصول إلى الهدف، لكن العزيمة والإصرار هما الفيصل، أسلوبه يُبنى على السهل الممتنع، يصنع معجزته بنفسه، يحمل الشكر لكل من ساهم فى صناعة شخصيته وأولهم والداه وزوجته.
تصميم رائع، أفكار مبتكرة تضفى لمسة من الأناقة، واحة خضراء، تتوسطها أرض عشبية، تتخللها مسارات ضيقة للمياه، على أطرافها نباتات عطرية، بموازاة السور شريط من الأشجار المثمرة.. الواجهة مصممة برسومات هندسية.. عند المدخل الرئيسى اللون الأبيض الكريمى يسود الجدران، تزين بمجموعة من اللوحات المنقوشة برسومات يدوية تحمل تراث العصور القديمة، مجسمات وأنتيكات ترصد محطات مهمة من التاريخ، نباتات عطرية، وفازات ديكورية تملأ أرجاء المكان.. بالطابق الثانى تبدو غرفة مكتبه، وقد اتسم ديكورها بالكلاسيكية، صورة والديه تزين الغرفة، أرفف مكتبته تضم قرابة ألف كتاب من النوادر، وملفات التاريخ والعظماء، سطح مكتبه أكثر تنسيقا، وترتيبا، قصاصات ورقية يدون فى سطورها تفاصيل عمله اليومى، أجندة ذكريات تحمل محطات فارقة فى حياته، وكل مشواره وما تحقق له من نجاحات، بدأ افتتاحيتها بقوله «اجعل رصيد رحلتك أن ليس لك إلا ما سعيت».
تحليله يبنى على التفكير العميق، والقرارات الحاسمة، عقلية تتسم بتحقيق الفارق، وطنى بدرجة كبيرة، تجده مهموما بكل ما يتعلق بالنمو والتنمية، لا يتردد فى التحفظ، والانتقاد للأمور التى تتطلب ذلك.. يقول إن «تحليل مشهد الاقتصاد الوطنى يتطلب تفسير ما شهده الاقتصاد العالمى، والمتغيرات التى شهدها على مدار الـ5 سنوات الماضية، والتى مثلت ضغوطا، وخطرا على اقتصاديات الدول، ومنها الاقتصاد الوطنى الذى يتعرض لضغوط، ومؤامرات مضاعفة.
لم تقصّر الدولة فى تجهيز البنية التحتية، بحسب قول الرجل بهدف استقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، وزيادة الإنتاج، بما يحقق مستهدفات الدولة فى تعظيم الصادرات، وترشيد الواردات، لكن هذا الملف لم تحقق الدولة به أى نجاحات، كونه من الملفات التى تتطلب تخطيطا فنيا دقيقا، واستراتيجية عميقة، يحتاج رؤية متكاملة، ومن أجل ذلك كان العمل بالاهتمام بملف الاستثمار لخدمة زيادة الإنتاج، من خلال خريطة استثمارية بمفهومها الصحيح تتناسب مع المحافظات، وميزاتها التنافسية، وهو ما يحتاج توحيد إجراءات الاستثمار بصورة مركزية لدى الأشخاص والقطاعات والجهات التى تمتلك خبرة عميقة فى المجال الاستثمارى.
* إذن ما رؤيتك لمستقبل الاقتصاد الوطنى؟
- بثقة وتفكير عميق يجيبنى قائلا إن «المشهد القادم يحمل التفاؤل والثقة، لكن بتوافر 5 عناصر رئيسية تتمثل فى تعظيم فكرة سيادة القانون بشكل متكامل، بحيث يكون المركزية التى يتم التحرك من خلالها، وتعميمها، بالإضافة إلى العمل على إعادة صياغة التخطيط الاستراتيجى ورؤية الدولة للاحتياجات القومية فى الاقتصاد الوطنى، بما فيها رؤية 2030، التى تتطلب تطويرا، وكذلك العمل على الخطة القومية فيما يتعلق بمبادرات لاستضافة أعظم الخبراء المصريين، من أجل تحديد روشة متكاملة، تتم صياغتها، والعمل على تنفيذها، بما يسهم فى معالجة القصور، فى ظل المتغيرات الخارجية الصعبة، وكذلك أيضاً زيادة حجم الشفافية فى التعامل مع الشائعات التى يهاجم بها الدولة، حيث إن الصمت عنها، تضر بالدولة، بالإضافة إلى ضرورة عودة مؤتمرات الشباب التى كانت همزة وصل مع المواطنين».
قطع مشوارا طويلا وكاملا فى العلم، وهو ما يميز الرجل فى كل ملف يتحدث عنه، تجده يتساءل بشأن أسعار الفائدة، وهل رفع الفائدة يحقق استفادة لرجل الشارع؟.. يعود ليجيب قائلا إن «رفع الفائدة لمواجهة التضخم، وله فوائده المحددة من جانب الحكومة، لكن فى هذا الملف لا بد أن يتحقق تناغم بين السياسة النقدية، والمالية، والسياسات الحكومية من خلال خطة واضحة، ومتكاملة».
يعلم أن للإنسان ما سعى، واجتهد، لذلك تكون رؤيته قائمة على السعى والاجتهاد، ونفس الأمر عندما يرى أن الحكومة سارعت إلى تفعيل الرخصة الذهبية، كونها تعمل على تسهيل وتيسير الإجراءات الخاصة بالمشروعات الاستراتيجية والقومية الكبرى، بما يسهم للتوسع فى المشروعات الاستثمارية، بعيدا عن الإجراءات الروتينية فى دهاليز المصالح الحكومية والهيئات.
لا بد أن تترك بصمة وأثرا يحقق الإفادة العامة، هو ما يؤمن به محدثى، تجده يتحدث عن الاقتراض الخارجى، وتداعياته، والبدائل التى اعتمدت عليها الدولة، منها عملية بيع الأصول، كهدف استثمارى، وكذلك تمكين القطاع الخاص، خاصة أن الاستثمارات والتوسع فى المشروعات الاستثمارية، تعتبر عمقا استراتيجيا، واقتصاديا، وتعمل على استقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، ولا تمثل خطرا.
رغم الجدل الواسع حول الأموال الساخنة، ومدى إفادتها للاقتصاد إلا أن محدثى له رؤية خاصة فى هذا الصدد، حيث يعتبرها ضرورية، إذ إنها تدعم الاستثمار المباشر، وتعتبر شهادة ثقة للاقتصاد، خاصة أنه فى عام 2017 كان هناك حجم كبير من التدفقات النقدية، فى ظل تحرير سعر الصرف، والشهادة الكبيرة من مؤسسات الائتمان الدولية بالاقتصاد الوطنى، لكن لم يقم الجناح الاستثمارى بدوره للاستفادة من هذه التدفقات بتحويلها إلى استثمارات مباشرة، تخدم مصلحة الاقتصاد.
التفاصيل مهمة لدى محدثى من خلالها يتمكن من الوصول إلى النتائج الدقيقة، ونفس الحال حينما يتحدث عن السياسة المالية، يعتبر أنها شهدت تحسنا كبيرا من خلال إعادة الصياغة فى الملف، وكذلك منظومة الضرائب التى لا بد التعامل معها على أنها لا تمثل عبئا على العملاء والمستثمرين، بما لا تدفع الاستثمارات الأجنبية للتخارج، وهو ما تسعى إليها المنظومة الضريبية، التى شهدت مرونة كبيرة، بما يحقق استقطاب الكثير من الاستثمارات الأجنبية، بالإضافة إلى الجهد الكبير المبذول للوصول إلى الاقتصاد غير الرسمى وضمه إلى المنظومة الرسمية، من خلال العديد من المحفزات، والمميزات.
* كيف ترى المشهد فى ملف الاستثمار الأجنبى المباشر.. وما المطلوب لزيادة حجمه بما يتناسب مع مكانة السوق المصرى؟
- علامات تفاؤل ارتسمت على ملامحه قبل أن يجيبنى قائلا إن «استقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، تتطلب حزمة تحفيزات، تسهم فى جذب المستثمرين، وهو ما يتطلب إعادة صياغة الملف، خاصة أنه ملف يعتبر ميكانيكا الاستثمار، ومع عودة وزارة الاستثمار سوف تسهم فى جذب المزيد من التدفقات، بالإضافة إلى الدور الكبير الذى قد تلعبه المناطق الاقتصادية ذات القوانين الخاصة، والجهد المبذول فى هذا الملف إلى أن تم تأسيس مركز المال والأعمال فى أفريقيا بالعاصمة الإدارية، باعتباره منظومة مستقلة من شأنها تحقيق طفرة فى الاقتصاد، حيث حققت مثل هذه النماذج قفزات كبيرة فى العديد من الدول المحيطة».
الوضوح والصراحة من السمات التى تميز الرجل، يتبين ذلك فى حديثه عن برنامج الطروحات الحكومية والاتجاه إلى المستثمر الاستراتيجى، بهدف توفير العملة الصعبة، فى السوق، ثم لجأت مرة أخرى إلى الاكتتابات العامة، مع التوسع فى المشروعات الاستثمارية، بحيث تعمل هذه البدائل فى اتجاه واحد، خاصة أن السوق مؤهل لاستقبال مثل هذه الطروحات، ونجاحها، مع مراعاة التسعير والمحفزات التى تستقطب مزيدا من المستثمرين.
* بعد الإعلان عن طرح شركات القوات المسلحة بالبورصة.. فما تعقيبك؟
- علامات ارتياح ترتسم على ملامح الرجل قبل أن يجيبنى قائلا إن «هذه الاتجاه يصب فى مصلحة الاقتصاد، خاصة أن إفساح المجال لصالح القطاع الخاص أمر جيد، ولكن تأخر تخارج الدولة سيعمل على زيادة التحديات، وبالتالى فإن طرح شركات الجيش بالبورصة يسهم فى تمكين وتعزيز ثقة القطاع الخاص لتحقيق قيمة مضافة للاقتصاد».
الصدق والوفاء من السمات التى يتميز بها الرجل، فى حديثه يتكشف ذلك عبر مقترحاته للحكومة بعد حالة الجدل المثارة حول اختيار المسئولين فى المناصب المختلفة والمهمة، بحيث يكون اختيار الكفاءات فى المناصب دقيقة، وقادرة على تنفيذ السياسات، ووضع مؤشرات قياس أداء عند توليهم المسئولية، بحيث إن التنفيذى قادر على إدارة الملفات المختلفة.
ليس النجاح فى مفرداته هدفا، ولكن كل ما يشغله أن يضيف قيمة، وفى كل مكان عمل به نجح فى أن يضيف كل ما يسهم فى دفع عجلة الوطن، وهو ما ينتهجه فى شركته، مع مجلس الإدارة، حيث نجح خلال الفترة القليلة الماضية فى حصد العديد من الجوائز المهمة، وهذا نتيجة لانتهاجه استراتيجية احترافية تقوم على تقديم خدمات أكثر تميزا للعملاء فى مجال الاستشارات القانونية، والأعمال، سواء كانت عمليات تأسيس أو صفقات، أو منازعات، إذ نجح فى تأسيس عدد كبير من الشركات، وتنفيذ عدد من الاستحواذات، بالإضافة إلى حجم أعمال لمشروعات تتجاوز المليار جنيه والمنفذة من خلال المكتب، مع النجاح فى الاستمرار بالتوسع فى حجم الشركاء، بعد أن أصبحت أسرة المكتب تتجاوز عن 60 فردا.
اذهب نحو أحلامك بثقة، وأحيى مسيرتك كما تخيلتها، وعلى هذا الأساس يسير الرجل فى كل مشواره العملى، لذا تجد مستهدفاته تبنى على 6 مستهدفات تتمثل فى الاستمرار فى تحقيق النجاحات، والعمل على التوسع الإقليمى من خلال التحالفات بدول الخليج، وكذلك الاستمرار فى تدريب جيل جديد من المحامين الذين يدركون قيمة المحاماة، والتوسع فى حجم الصفقات المدارة من قبل المكتب للعملاء، واستهداف 10 صفقات خلال عام 2025، مع تعظيم نجاحات قسم المنازعات بقيادة الشريك أحمد قطب سواء فى التحكيم أو التقاضى.
الصفات فى شخصه كانت كفيلة بأن تجعله أكثر توازنا، وعقلانيا، يحث أولاده على الرضا والاجتهاد، لكن يظل شغله الشاغل خدمة وطنه، والوصول بالمكتب إلى الريادة.. فهل يستطيع ذلك؟

مقالات مشابهة

  • أستاذ استثمار: توطين الصناعة إحدى الاستراتيجيات الأساسية التي انتهجتها الدولة لتغير واقع الاقتصاد
  • طرح شركات الجيش فى البورصة يعزز ثقة القطاع الخاص
  • وزير الصناعة السعودي: نتعاون مع مصر في تطوير رأس المال البشري
  • 5.5% زيادة في معدلات التعمين بالقطاع الصناعي إلى 30993 عمانيا بنهاية نوفمبر
  • الصناعة العُمانية في مهب تحديات المنافسة ونقص المواد الخام
  • إجمالي عدد القوى الوطنية العاملة في القطاع الصناعي يقترب من 40 ألفا
  • غرفة الأخشاب باتحاد الصناعات المصرية: التعاون الصناعى مع ليبيا مهم للغاية
  • خبير في قطاع التصنيع: الإمارات قاطرة النمو الصناعي نحو المستقبل المستدام
  • بالصور.. حارب بن ثويني يتوج الفائزين بـ"جائزة الرؤية الاقتصادية".. عاجل
  • وزير الصحة يبحث مع نائب رئيس بنك الاستثمار الأوروبي سبل تعزيز التعاون