أسماء الأسد.. سيدة المكتب السري بين سرطانين
تاريخ النشر: 22nd, May 2024 GMT
تلقف سوريون خبر الإعلان عن إصابة زوجة رأس النظام السوري أسماء الأسد بسرطان الدم بحذر، واستندت تعليقاتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي على الدور اللافت الذي لعبته منذ عام 2018، والهالة التي أحاطت باسمها ضمن المسرح الاقتصادي للبلاد.
وجاء في بيان نشرته رئاسة النظام السوري، يوم الثلاثاء، أن تشخيصها بمرض الابيضاض النقوي الحاد (لوكيميا) جاء بعد ظهور أعراض وعلامات سريرية، تبعتها سلسلة من الفحوصات.
وأضاف أنها ستخضع لبروتوكول علاجي متخصص يتطلب شروط العزل مع تحقيق التباعد الاجتماعي المناسب، و"ستبتعد عن العمل المباشر والمشاركة بالفعاليات والأنشطة كجزء من خطة العلاج".
وهذه ليست المرة الأولى التي يعلن فيها النظام إصابة أسماء الأسد والبالغة من العمر 48 عاما بمرض السرطان، وكانت قد شفيت بحسب "الرئاسة" ذاتها في عام 2019، بعدما خضعت لبروتوكول علاجي خاص بمرض سرطان الثدي الذي أصابها في 2018.
قبل 2018 لم يكن اسمها يتردد إلا بالشيء البسيط وعندما كان تركيز المراقبين والصحفيين والباحثين منصبا على محطات حياة بشار الأسد قبل تسلمه دفة الحكم في سوريا أو عندما كان في بريطانيا، البلد الذي تعرف فيها على أسماء وتزوجها فيما بعد.
لكن وبعد العام المذكور طرأ تحوّل لافت على البيت الداخلي لعائلة بشار، وتمثل بصعود زوجته أسماء إعلاميا وبالتدريج، وذلك ضمن الفعاليات التي كانت تقيمها المنظمة المرتبطة بها (الأمانة السورية للتنمية)، أو على صعيد المشهد الاقتصادي للبلاد وأحوال جرحى وعوائل قتلى قوات "الجيش السوري".
"محطة مخلوف وما بعدها"وتقول الولايات المتحدة الأميركية إن "أسماء الأسد عرقلت الجهود المبذولة للتوصل إلى حل سياسي، وقادت الجهود لمصلحة النظام لترسيخ سلطته الاقتصادية والسياسية، بما في ذلك استخدام ما يسمى بالمنظمات الخيرية ومنظمات المجتمع المدني".
وعلى أساس ذلك استهدفتها بعقوبات، في شهر ديسمبر 2020، مع والدها فواز الأخرس، وعددا من أفراد العائلة هم سحر عطري الأخرس وفراس وإياد الأخرس.
كما أوضحت وزارة الخارجية الأميركية في بيان سابق أن أفراد عائلتها "تراكمت ثرواتهم غير المشروعة على حساب الشعب السوري من خلال سيطرتهم على شبكة مكثفة وغير مشروعة، مع ارتباطات بأوروبا والخليج وأماكن أخرى".
ولم يكن التحرك الأميركي قبل 4 سنوات عن فراغ، بل جاء في أعقاب سلسلة تطورات ارتبطت بمجملها بأسماء الأسد، وسلط موقع "الحرة" الضوء عليها بعدة تقارير سابقة، وكذلك وسائل إعلام أميركية وبريطانية.
وكان موقع "الحرة" نقل عن مصادر وخبراء في 2020 أن زوجة الأسد شكّلت في تلك الفترة لجنة تحمل اسم (استرداد أموال الفاسدين وتجار الأزمة)، وأناطت بها دور تحصيل الأموال من مسؤولين ورجال أعمال وتجار حروب.
الضحية الأكثر شهرة لعمليات المصادرة كان رامي مخلوف رجل الأعمال ابن خالة زوجها، إذ سيطرت أسماء على مؤسسته المعروفة باسم "جمعية البستان"، وشبكتها العلوية الواسعة، مما وسع سيطرتها على قطاع المساعدات.
وبموازاة ذلك سيطرت على شركة الاتصالات الشهيرة التي كان يمتلكها (سيرياتيل)، وأسست فيما بعد شركة خاصة بها تعرف باسم "إيما تيل".
وشيئا فشيئا وسّعت أسماء الأسد دورها على مسرح اقتصاد البلاد.
وتبين فيما بعد أن اللجنة التي تردد الحديث عنها أولا لا تنفصل عما بات يعرف لاحقا وعلى نطاق واسع بـ"المكتب السري"، الذي يتبع للقصر الجمهوري.
"العين على القصر".. أسماء الأسد و"مكتبها السري" تحت سيف العقوبات تُعطي تفاصيل الحزمة الجديدة للعقوبات التي استهدف بها الاتحاد الأوروبي مسؤولين ورجال أعمال مقربين من النظام السوري مؤشرا عن مساعٍ غربية للتركيز على أسماء الأسد والأوساط المحيطة بها، أو كما بات يعرف محليا بـ"مكتبها السري"، حسب ما يرى خبراء اقتصاد وقانون تحدثوا لموقع "الحرة".صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية أشارت في أبريل 2023 إلى أن زوجة رأس النظام السوري هي من ترأس هذا "المكتب"، وهو مجلس غير رسمي، لكنه يلعب دورا بارزا في سوريا.
وأضافت أنها "عملت عبر منظماتها غير الحكومية ومن خلال مكتبها السري على بناء شبكة محسوبية واسعة لعائلة الأسد، وحتى أنها باتت تتحكم في أماكن وصول أموال المساعدات الدولية في البلاد".
"تكامل وقوت السوريين"وكان صعود زوجة الأسد اقتصاديا تزامن مع دخول سوريا الممزقة في حالة من التدهور الاقتصادي والمعيشي، انعكست بتدهور قياسي وصل إليه سعر صرف الليرة السورية في سوق العملات، وما نتج عنها من ارتفاع جنوني للأسعار.
وتوضح الأمم المتحدة أن 9 من كل 10 سوريين يعيشون تحت خط الفقر، وتقول إن أكثر من 15 مليون سوري، أي 70 بالمئة من إجمالي عدد السكان، يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية.
لكن في المقابل تعكس تقديرات أميركية سابقة صورة أخرى لـ"سوريا الأسد" كما يردد الموالون دائما.
وتقدّر وزارة الخارجية الأميركية أن صافي ثروة عائلة الأسد يتراوح بين مليار وملياري دولار، فيما تبلغ ثروات المقربين منه مليارات الدولارات.
وكشفت في مايو 2022 أن أسماء الأسد، التي أدرجتها على قوائم العقوبات، أسست شبكة تمارس نفوذا على الاقتصاد السوري، ناهيك عن نفوذها على اللجنة الاقتصادية التي تدير الأمور الاقتصادية في البلاد.
كما وسّعت نفوذها في القطاعات غير الربحية والاتصالات في السنوات الأخيرة، وأنها تسيطر على "الأمانة السورية للتنمية" التي أسستها لتوجيه تمويل المبادرات في المناطق الخاضعة للنظام.
وتشير الولايات المتحدة أيضا إلى أن ارتباط أسماء الأسد بشركة "تكامل"، التي تدير برنامج البطاقة الذكية في البلاد، والتي تستخدم لتوزيع الغذاء المدعوم من سوريا.
ويتولى إدارة هذه الشركة مهند الدباغ، ابن خالة أسماء وشقيقها فراس الأخرس. والاثنان مدرجان على قوائم العقوبات الأميركية.
"ممثلوها في الواجهة"ورغم أن الأضواء كانت مسلطة على نحو أكبر باتجاه أسماء الأسد، كانت الكثير من الأسماء تتردد عند ذكر اسمها وتفاصيل الأدوار التي تلعبها اقتصاديا.
وفي تصريحات سابقة لجويل رايبورن، الذي شغل منصب المبعوث الخاص لسوريا في وزارة الخارجية في عهد الرئيس السابق، دونالد ترامب قال: "ممثلوهم في الواجهة بارزون جدا، وكان من السهل استهدافهم".
من بين هؤلاء في الدائرة المقربة لأسماء، يسار إبراهيم، الذي خضع لعقوبات أميركية عام 2020 ويعمل رسميا بصفة مستشار اقتصادي للرئيس، ولكنه أيضا عضو في "المكتب السري" الذي تترأسه أسماء.
وبشكل غير رسمي، يتولى إبراهيم العديد من الشركات، التي أُجبر أصحاب الأعمال على بيعها، وفقا لرجال أعمال وخبراء تحدثوا سابقا لصحيفة "الغارديان" و"فاينانشال تايمز" البريطانيتين.
ومن بين الشخصيات في الدائرة المقربة لزوجة رأس النظام أيضا لينا كناية، التي قالت ثلاثة مصادر مطلعة لـ"فاينانشال تايمز" إنها إحدى مسؤولي العلاقات مع القطاع الخاص في القصر. وكناية أيضا مدرجة على قائمة العقوبات الأميركية.
وتعد منظمة "الأمانة السورية للتنمية"، التي أطلقتها قبل الحرب وتتحكم بها الآن في المشاريع الإنسانية، مصدر القوة الرئيسي لقرينة بشار الأسد، حسب الصحيفة البريطانية.
ونقلت عن محللين وخبراء إغاثة في أبريل 2023 إن تجربتها (أسماء الأسد) في إدارة المنظمة غير الحكومية قبل الحرب سمحت لها بصياغة نظام مساعدة إنسانية "فاسد بشكل منهجي في البلاد".
وقال رجل أعمال: "لم تكن المنظمات غير الحكومية قادرة على العمل دون الاتصال بها"، كما أضافت مصادر سورية وعمال إغاثة أن العلاقة كانت "سافرة" لدرجة أن أسماء تستضيف اجتماعات في مكتبها بالقصر الرئاسي للتفاوض بشأن عقود المنظمات غير الحكومية الدولية.
"صرخات من الساحل"ولم يحد سيف العقوبات الذي استهدف أسماء الأسد من قدرتها على التحرك أو وقف نشاطاتها الفاسدة والمرتبطة بالنظام السوري ككل، خلال السنوات الماضية.
وحتى مع تراكم العقوبات ضد عائلتها وشركائها، بدت غير منزعجة. وفي أكتوبر 2022، ارتدت فستانا بقيمة 4500 دولار، وهو رقم يعادل 200 مرة على الأقل متوسط الراتب السوري.
وكانت قد كسرت حدود القصر الذي تعيش فيه بدمشق ورافقت زوجها إلى الإمارات، في مارس 2023، في أول زيارة خارجية لها منذ بدء الحرب.
كما رافقته مؤخرا إلى الصين، في سبتمبر 2023. وبدا سلوكها الإعلامي في تلك الزيارة لافتا على حد كبير، بعدما اتخذت مسارا ترويجيا مع مديرة مكتبها دانا بشكور حرفت من خلاله الأضواء باتجاهها.
الأسد وانتخابات "البعث".. "رسائل للعرب" بين صورتين متناقضتين هيمن "حزب البعث" في سوريا على مشهد المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري خلال الأيام الأخيرة، وبينما كانت رموزه تسقط في السويداء وينثر المتظاهرون "التقارير" الموجودة في مراكزه، أشرف بشار الأسد على "انتخابات" داخله تمخض عنها قيادة مركزية جديدة، مع تعيينه أمينا عاما من جديد.وفي تصريحات سابقة لموقع "الحرة" قال الصحفي السوري، كنان وقاف إن زوجة رئيس النظام السوري "أطبقت على سوريا اقتصاديا منذ سنوات، من خلال المكتب الاقتصادي (المكتب السري) وفرع الخطيب الأمني".
وقال: "لا يوجد أي منافس لها حاليا بغض النظر عن بعض الفتات الذي ترميه لماهر الأسد، من خلال الحواجز وتجارة المخدرات والكبتاغون".
"كاقتصاد عادي هي المسيطر الوحيد، وفي الجانب الاجتماعي سيطرت في الفترة الأخيرة على كل الجمعيات الخيرية وحتى شركات الإنتاج الدرامية"، حسب حديث الصحفي وقاف.
وفي مقابل صعودها الإعلامي، كان اسمها قد تردد خلال الأشهر الماضية على لسان نشطاء في الساحل، انتقدوا سياسة النظام السوري علنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وكسرت صرخات هؤلاء، من بينهم أيمن فارس ابن مدينة بانياس، الذي انتهى حاله بالاعتقال، الصمت الذي لطالما خيّم على مناطق الساحل السوري، التي توصف بأنها "الخزان المؤيد للأسد" وداعمه الرئيسي.
ووجه فارس، في أغسطس 2023، ضمن فيديو نشره على "فيسبوك" انتقادات وكلمات لاذعة استهدفت رأس النظام السوري.
وقال: "ماذا فعلت؟ أنت وزوجتك يا بشار الأسد أفقرتم الشعب وتهرّبون الأموال للخارج"، مضيفا: "سوريا كلها عبارة عن أفرع أمنية ورؤسائها يتحدثون بالقصور والمليارات.. وروح بلط البحر(افعل ما شئت)".
لماذا يشكك السوريون؟ولايزال والدا أسماء الأسد يعيشان في لندن، بينما يعيش شقيقاها الآن في دمشق.
وكان السبب الذي دفع سوريين للتشكيك بخبر الإعلان عن إصابتها بالسرطان مجددا قائما على غياب الشفافية من جانب نظام الأسد.
الإعلامي السوري، أنس أزرق الذي "يعرف النظام جيدا" كما قال عبر "فيس بوك" ركّز على عبارة تضمنها بيان الإعلان عن إصابتها بالسرطان.
واعتبر أن "ابتعادها عن أي نشاط يعني بروز طاقم اقتصادي جديد بعد تصفية طاقم أسماء".
ويعتقد أزرق أن "إبعاد أسماء الأسد سببه استياء الحاضنة الاجتماعية للأسد منها ومن بطاقتها الذكية".
وبينما أضاف أنها "كبش الأسد الذي تم تضخيم دورها" تابع أن زوجها "يعيد ترتيب بيته الداخلي، بيته وليس سورية. الحزب، الأجهزة الأمنية، حلقة الاقتصاد".
"إعادة هيكلة داخل نظام مغلق".. ما الذي يريده بشار الأسد؟ بينما كانت التكهنات و"التسريبات" تحيط باسم علي مملوك، أشهر رجالات النظام السوري الأمنية والاستخباراتية و"المنصب الجديد الذي وضع فيه"، كشفت الرئاسة السورية، قبل أيام، عن اجتماعٍ ترأسه بشار الأسد، ضم قادة الأجهزة الأمنية في الجيش والقوات المسلحة.وأوضح الباحث الاقتصادي السوري، سقراط العلو عبر حسابه الشخصي في "فيس بوك" أن "اجتثاث أسماء الأسد مُقلق لأنه الخطوة الأكثر جدية للنظام في مسار (خطوة بخطوة) العربي".
وقال إن "أول نتائج الخطوة ستكون غالبا صندوق التعافي المبكر في دمشق وبتمويل خليجي بعيدا عن تشبيح الأمانة السورية".
ولاحقا تابع العلو أننا "سنشهد إعادة هيكلة لشبكات الاقتصاد السوري بما يتلاءم مع متطلبات الخليج. وغالبا سيتصدر المشهد الاقتصادي وكلاؤهم من رجال الأعمال السوريين".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الأمانة السوریة النظام السوری غیر الحکومیة أسماء الأسد رأس النظام بشار الأسد فی البلاد من خلال
إقرأ أيضاً:
خبير دولي: الأسد يتشبث بالكرسي بينما سوريا تحترق
بينما ينصب تركيز العالم على حربي إسرائيل في قطاع غزة ولبنان، لا تحظى "المأساة" المتفاقمة في سوريا باهتمام كبير رغم أن الأخيرة تشهد موجة من العنف لا يلاحظها أحد، وهي في الواقع نذير شؤم، كما يفيد مقال لخبير دولي في صحيفة فايننشال تايمز البريطانية.
وتتجلى أعمال العنف تلك في الغارات شبه اليومية التي تشنها إسرائيل على مواقع قيادية وعسكرية إيرانية وسورية، بما في ذلك في العاصمة دمشق، وتتأثر بها أرجاء سوريا، وفق المقال.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2كاتب روسي: التعاون بين كييف وكابل يشكل تحديا لموسكوlist 2 of 2طلاب الجامعات الأميركية المؤيدون لفلسطين يشْكون انحياز السلطات ضدهمend of listففي سبتمبر/أيلول الماضي، طال الدمار منشأة رئيسية للإنتاج العلمي والعسكري تديرها إيران وسوريا وحزب الله. كما هاجمت الميليشيات السورية المدعومة من إيران مواقع أميركية في الشرق، مما دفع واشنطن إلى شن عمليات انتقامية كبيرة.
ولم يقتصر الأمر على ذلك، فقد كتب إيميل هوكايم مدير قسم الأمن الإقليمي في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية، في مقاله المشار إليه، أن تركيا -بدورها- قصفت مواقع للأكراد في شمال شرق سوريا ردا على الهجوم الذي استهدف شركة عسكرية مملوكة للدولة في أنقرة الشهر الماضي.
وفي الوقت نفسه، يقصف جيش النظام السوري وحليفه الروسي آخر معقل للمعارضة في إدلب، "ربما قبل البدء بحملة برية جديدة"، في حين بدأ تنظيم الدولة الإسلامية يطل برأسه في صحراء سوريا الشرقية.
ويضيف كاتب المقال إلى ذلك أن البلاد تعاني من تراجع سريع للمساعدات الإنسانية لما يقرب من 17 مليون شخص، علاوة على نصف مليون لاجئ لبناني وسوري إضافي فارين من الحرب التي تدور رحاها في لبنان.
وقال إن الرئيس السوري بشار الأسد يراقب كل هذا بقلق شديد، وهو مدين في بقائه في السلطة لإيران وحزب الله المتورطين في الحرب الأهلية في بلده.
ووصف الكاتب الأسد بأنه "ضعيف، ويسهل معاقبته" فهو "يتصرف لحماية نفسه"، مضيفا أنه وافق للمليشيات المدعومة من إيران باستخدام أراضيه في الجنوب لإطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل، "مع أن جيشه ليس في حالة تسمح له بالانضمام إلى القتال وأجهزته الأمنية مخترقة من قبل الاستخبارات الإسرائيلية".
ومضى هوكايم إلى أن الأسد، بذلك، يغامر بتعريض بلاده لهجوم إسرائيلي كبير يمكن أن يقضي على نظام حكمه. وأوضح أن هذا هو السبب الذي يجعله يلتزم الصمت المطبق بشأن الحرب في قطاع غزة، فهو لم يغفر لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وقوفها إلى جانب الانتفاضة السورية، حسب تعبيره.
ولكن الخبير في شؤون الأمن الإقليمي يشير إلى أن الرئيس السوري يعتقد أن هناك فرصة سانحة الآن في عملية إعادة التوازن الكبير الجارية في المنطقة حاليا. فقد شعر أنه مقيد وتعرض للإذلال باعتماده على إيران وحزب الله الذي كان يرى في أمينه العام الراحل حسن نصر الله "مرشدا له" وفي جماعته المسلحة "مصدرا للشرعية الإقليمية".
واللافت أن الأمر استغرق من الأسد يومين عقب اغتيال نصر الله لإصدار بيان "عاطفي"، يرى هوكايم -ساخرا على ما يبدو- أنه كمن أراد أن يقول لزعيم حزب الله الراحل: "شكرا على خدماتك. سررت بمعرفتك. وداعا".
على أن الاعتقاد لدى الرئيس السوري -حسب المقال- أن إضعاف إيران وحزب الله قد يسمح له بالاعتماد أكثر على روسيا والتودد إلى دول الخليج والدول العربية الأخرى. وفي سعيه للحصول على التمويل والاحترام السياسي، يرى الأسد أن موسكو في وضع جيد لمواجهة النفوذ الغربي، وتسهيل التقارب مع تركيا وتسريع إعادة الانخراط العربي.
وهذا هو السبب الذي جعله "مبتهجا" أثناء حضوره مؤتمر الرياض للترويج للدولة الفلسطينية الأسبوع الماضي.
وزعم هوكايم أن الأسد بدا "مستمتعا" بشكل خاص بلقائه مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، "الذي وضع نهاية لإقصائه من جامعة الدول العربية".
غير أن الكاتب لا يعتقد أن التوقعات بشأن ما يسميها "إعادة تأهيل الأسد" في غير محلها، لا سيما من قبل بعض الدول الأوروبية، مثل إيطاليا والمجر واليونان، التي تسعى للتخلي عن سياسة عزله الحالية.
ووفقا لهوكايم، فإن الأسد لا يبدو أنه سيتخلى قريبا عن إيران، فهو يظن أن طهران ستكون بحاجة إليه في لحظات الخطر التي تمر بها حاليا وليس العكس، مشيرا إلى أن الرئيس السوري "لطالما اعتبر تقديم التنازلات علامة ضعف"، وأنه يفضل أن يبقى صامدا وينتظر تغيرا في البيئة المحيطة به.