عربي21:
2025-03-10@23:14:25 GMT

الاقتصاد المقاوم لنصرة غزة

تاريخ النشر: 22nd, May 2024 GMT

ما زال العدوان الصهيوني على غزة مستمرا، وما زال أهل الرباط في غزة يقاومون هذا المعتدي المحتل الغاشم بما استطاعوا من قوة، دفاعا عن المسجد الأقصى وعرض الأمة؛ التي أصيبت بالعجز، واجتمع قادتها العرب في البحرين منذ أيام ليضيفوا إلى تاريخهم مزيدا من صفحات كلمات القلق، دون تمعر يذكر للنفوس التي أزهقت والبيوت التي هدمت والأشجار التي اقتلعت والحيوانات التي أُهلكت.



وفي ظل استمرارية هذا العدوان لما يزيد عن السبعة شهور، فإن من بذل دمه وماله في أرض غزة ثابتا محتسبا ولم يفتر، نجد في مقابله في ديارنا من بذل ماله لإخوانه في غزة في بداية العدوان متحفزا، ولكنه أصابه الفتور حتى قصر في واجباته في بذل المال الذي لا يقتصر على الزكاة المفروضة، بل يمتد للصدقات نصرة لدين الله وولاء لأهل الإسلام والمدافعين عنه في غزة، وهذا يحتم تعزيز ثقافة الاقتصاد المقاوم لدى أمة الإسلام التي وصل عددها إلى نحو المليارين من البشر.

والاقتصاد المقاوم تتعدد النظرة إليه، فهناك من ينظر إليه على أنه من باب مقاومة العقوبات، وهناك من ينظر إليه على أنه اقتصاد للصمود، وهناك من ينظر إليه على أنه اقتصاد ترميمي للاقتصاديات الفاشلة، وهناك من ينظر إليه على أنه اقتصاد النهوض لكل دولة بعيدا عن التبعية والخروج من نفق آليات الاقتصاد الرأسمالي وأزماته، الاقتصاد المقاوم تتعدد النظرة إليه، فهناك من ينظر إليه على أنه من باب مقاومة العقوبات، وهناك من ينظر إليه على أنه اقتصاد للصمود، وهناك من ينظر إليه على أنه اقتصاد ترميمي للاقتصاديات الفاشلة، وهناك من ينظر إليه على أنه اقتصاد النهوض لكل دولة بعيدا عن التبعية والخروج من نفق آليات الاقتصاد الرأسمالي وأزماتهوالاقتصاد المقاوم كذلك يختلف من بلد لآخر ومن حالة لأخرى، فالاقتصاد المقاوم لحركات المقاومة يختلف عن دول الممانعة أو المقاومة القائمة، ومع ذلك فإن هناك خصائص جامعة لاقتصاد المقاومة حتى يؤتى ثمرته.

ومن هذه الخصائص أنه اقتصاد هادف، حيث يتمثل هدفه في الاعتماد على النفس والاستقلالية لغاية عظمى هي حفظ الدين والنفس والمقدسات والأرض بما يحقق الاستقلال والعمران. كما أنه اقتصاد ذاتي إنتاجي من خلال الاعتماد على سواعدنا ومواردنا لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء والدواء والسلاح والمعرفة والتكنولوجيا، وتعزيز عمل المشروعات المتناهية الصغر والصغيرة للرجال والنساء والاستفادة من التمويل الخيري في تحويل العاطلين إلى عاملين منتجين. كما أنه اقتصاد تعاوني قائم على التعاون بين الداخل والخارج شعوبا وحكومات، وكل مؤمن بالقضية التي نعيش لها ونموت من أجلها وهي قضية تحرير فلسطين. كما أنه اقتصاد مهاري قائم على الاستفادة من المهارات داخليا وخارجيا، وهو كذلك اقتصاد توعوي قائم على توعية الشعوب بعدالة القضية والمقاومة الاقتصادية من أجلها. وهو أيضا اقتصاد مستمر ذات نفس طويل، كما أنه اقتصاد قائم على الرقابة على الأسعار والأسواق بصورة تمنع الاستغلال وتحول دون تسرب أو شراء سلع الأعداء.

وفي إطار هذه الخصائص فإن الأمر يتطلب وضع وسائل لتحويل الاقتصاد المقاوم واقعا عمليا لنصرة إخواننا في غزة، سواء تعلق الأمر بوسائل معنوية أو مادية على أن يكون ذلك بصورة مؤسسية جامعة. ومن وسائل الاقتصاد المقاوم المعنوية نشر الوعي بقضية فلسطين صغارا وكبارا رجالا ونساء، ونشر الوعي بمكانة فلسطين في عقيدة المسلمين، فهي ليست أرضا فلسطينية تخص أهل فلسطين وحدهم فقط بل هي أرض إسلامية، فهي وقف إسلامي منذ فتحها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه ولا يجوز لكائن كان أن يتنازل عن شبر من أرضها.

من وسائل الاقتصاد المقاوم المعنوية نشر الوعي بالاحتلال الصهيوني وجرائمه المستمرة من قتل البشر والشجر والحجر، وكذلك التواصل مع منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني وكل إنسان يعرف معنى العدالة في العالم لنصرة القضية، وفي مقدمة ذلك الاستفادة من التغيير الحادث لصالح قضيتنا في الجامعات والمؤسسات والشعوب الغربية
كما أن من وسائل الاقتصاد المقاوم المعنوية نشر الوعي بالاحتلال الصهيوني وجرائمه المستمرة من قتل البشر والشجر والحجر، وكذلك التواصل مع منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني وكل إنسان يعرف معنى العدالة في العالم لنصرة القضية، وفي مقدمة ذلك الاستفادة من التغيير الحادث لصالح قضيتنا في الجامعات والمؤسسات والشعوب الغربية. كما أنه من الوسائل المعنوية للاقتصاد المقاوم وسيلة مهمة يجب أن تلازمنا في كل وقت وهي الدعاء المستمر لأهلنا في غزة بالنصر والتمكين، كما كان ذلك من سنة النبي صلى الله عليه وسلم في غزواته، فالدعاء له القدرة على حسم المعارك وتحقيق النصر والفتح المبين.

أما وسائل الاقتصاد المقاوم المادية فهي من خلال الجهاد الاقتصادي الإيجابي والسلبي، والجهاد الاقتصادي الإيجابي يتمثل في بذل المال لأهلنا في غزة باعتباره واجبا مفروضا وفرارا من التهلكة "وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلَا تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى ٱلتَّهْلُكَةِ" (البقرة: 195)، فأهل الرباط في غزة يذودون عن الأمة الإسلامية جمعاء، وإذا كانوا يبذلون أنفسهم وأموالهم وديارهم برضا نفس في سبيل الله وقضيتنا وقضيتهم فلا أقل من بذل المال.

أما الجهاد الاقتصادي السلبي فيتمثل في مقاطعة سلع وخدمات الصهاينة ومن والاهم ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، مع اعتبار ذلك نمط حياة يومي لا يعرف للفتور سبيلا ولا للنفس القصير موضعا، خاصة وأن هذه الوسيلة ثبتت فعاليتها خلال العدوان الحالي على غزة وهدمت شركات متصهينة فوق رؤوس مالكيها. ويبقى بعد ذلك للاقتصاد المقاوم وسائله وآلياته على أرض غزة خاصة وفلسطين عامة بعد اندحار الصهاينة وإنهاء عدوانهم على غزة.

twitter.com/drdawaba

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الاقتصاد المقاومة اقتصاد غزة المقاومة المقاطعة الدعم مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قائم على کما أن فی غزة

إقرأ أيضاً:

العقوبات الأميركية تخنق اقتصاد الحوثيين.. هل يقترب القطاع المصرفي والتجاري من لحظة الانهيار؟

يعيش الاقتصاد في مناطق سيطرة الحوثيين واحدة من أخطر أزماته، بعدما فرضت الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية مشددة على كيانات مالية وتجارية متهمة بتقديم الدعم للجماعة، في خطوة تستهدف قطع مصادر التمويل وتقليص قدرة الحوثيين على إدارة أنشطتهم الاقتصادية.

هذه العقوبات، التي تُضاف إلى سلسلة من الإجراءات السابقة، تفتح الباب أمام تساؤلات كبرى حول تداعياتها على النظام المصرفي، وتحويلات المغتربين، وحركة التجارة والاستيراد، ومدى قدرة الحوثيين على التكيف مع العزلة الاقتصادية المتزايدة.

قيود مالية خانقة وضغوط غير مسبوقة

تضمنت العقوبات الأميركية الأخيرة تجميد أصول وحظر التعامل مع عدد من البنوك وشركات الصرافة والمؤسسات التجارية المتهمة بالانخراط في عمليات مالية تخدم الحوثيين.

 

 ووفقًا لوزارة الخزانة الأميركية، فإن هذه الكيانات متورطة في أنشطة تشمل غسيل الأموال وتمويل المجهود الحربي عبر قنوات مالية غير شفافة، إضافة إلى ارتباطها المباشر بقيادات حوثية مدرجة ضمن قوائم العقوبات الدولية.

أوضح أحد المسؤولين في وزارة الخزانة أن الهدف من هذه الإجراءات هو “خنق شبكات التمويل الحوثية، وإجبار الجماعة على الامتثال للضغوط الدولية، وتقويض قدرتها على مواصلة عملياتها العسكرية”، في إشارة واضحة إلى أن هذه العقوبات ليست مجرد خطوة اقتصادية، بل أداة ضغط سياسي تهدف إلى إضعاف نفوذ الحوثيين ماليًا.

ورغم أن نطاق العقوبات الحالية لا يزال محصورًا في عدد من المؤسسات، إلا أن محللين اقتصاديين يشيرون إلى أن هذه الإجراءات قد تكون مقدمة لحزمة أوسع تشمل مزيدًا من الشخصيات والكيانات المالية، وربما تفرض قيودًا إضافية على أي جهة يثبت تعاملها مع المؤسسات المدرجة في القائمة السوداء، وهو ما قد يدفع البنوك الدولية إلى الحد من أي معاملات مالية مرتبطة باليمن، حتى في المناطق غير الخاضعة للحوثيين، مما يزيد من تعقيد المشهد المصرفي والتجاري في البلاد.

 عزلة مالية تهدد بالإفلاس

تمثل البنوك العاملة في مناطق الحوثيين الضحية الأولى للعقوبات الأميركية، إذ تواجه عزلة مالية خانقة تهدد بفصلها عن النظام المصرفي العالمي، ما يجعلها عاجزة عن تنفيذ التحويلات الدولية أو الوصول إلى الاحتياطيات النقدية اللازمة لاستمرار عملياتها.

ووفقًا للخبير الاقتصادي مصطفى نصر، فإن “هذه الإجراءات ستخلق تحديات غير مسبوقة للبنوك المحلية، خاصة فيما يتعلق بالتحويلات المالية الخارجية وفتح الاعتمادات المستندية، حيث إن المجتمع المصرفي الدولي ينظر إلى السوق اليمني كبيئة عالية المخاطر، مما قد يدفع البنوك الدولية إلى قطع التعاملات بشكل كامل مع المصارف الموجودة في مناطق الحوثيين”.

ومع تفاقم العزلة المصرفية، تواجه هذه البنوك ثلاثة س يناريوهاترئيسية:

الأول، استمرار العزلة حتى تصل إلى مرحلة الانكماش التدريجي والإفلاس، حيث قد يؤدي نقص السيولة وتجميد الأصول إلى انهيار بعض البنوك، كما حدث مع “بنك اليمن والكويت”، الذي تعرض لضغوط مالية غير مسبوقة.

الثاني، لجوء بعض المؤسسات المصرفية إلى التعامل غير الرسمي عبر شبكات مالية غير مرخصة، مما قد يعرّضها لعقوبات إضافية ويزيد من تعقيد أزمتها.

أما الثالث، فهو محاولة نقل عملياتها إلى مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، لتجنب العزلة الدولية واستعادة جزء من الثقة المصرفية.

لكن هذا السيناريو، رغم منطقيته، يظل محفوفًا بالتحديات السياسية واللوجستية، في ظل سيطرة الحوثيين المحكمة على القطاع المصرفي في صنعاء.

تحويلات المغتربين.. هل تصبح خارج النظام المصرفي؟

لطالما شكلت تحويلات المغتربين أحد أهم مصادر النقد الأجنبي في اليمن، حيث يعتمد ملايين الأسر على الأموال التي يرسلها ذووهم من الخارج كمصدر رئيسي للدخل في ظل الانهيار الاقتصادي المستمر.

ومع تشديد العقوبات على القطاع المصرفي في مناطق الحوثيين، باتت هذه التدفقات المالية تواجه مخاطر متزايدة، قد تدفعها إلى الخروج من القنوات الرسمية، والانتقال نحو قنوات غير خاضعة للرقابة، مثل السوق السوداء وشبكات الصرافة غير الرسمية.

ويوضح الدكتور يوسف سعيد، أستاذ الاقتصاد بجامعة عدن، أن “تحويلات المغتربين، خاصة من دول الخليج، لن تتأثر بشكل كبير في الوقت الحالي، حيث إن 80% من المغتربين اليمنيين يعملون في السعودية، التي لم تفرض أي قيود على التحويلات المالية إلى اليمن حتى الآن”.

لكنه حذر في الوقت نفسه من أن استمرار العزلة المصرفية قد يجعل التعامل مع البنوك اليمنية أكثر صعوبة، مما قد يدفع المغتربين إلى البحث عن وسائل غير رسمية لإرسال الأموال، وهو ما سيؤدي إلى انتعاش السوق السوداء للصرافة، وزيادة المخاطر الاقتصادية.

التجارة الخارجية والاستيراد

تمثل التجارة الخارجية شريان الحياة للاقتصاد اليمني، لكن العقوبات الأميركية جعلت عمليات الاستيراد أكثر تعقيدًا، حيث أصبحت القيود المصرفية تعرقل وصول التجار إلى العملة الصعبة، ما أدى إلى ارتفاع تكاليف الاستيراد وتأخير وصول البضائع.

وفي هذا الصدد، يؤكد مصطفى نصر أن “العقوبات الأميركية جعلت البنوك الدولية أكثر حذرًا في تعاملاتها مع الشركات اليمنية، خاصة تلك العاملة في مناطق الحوثيين، مما يعني أنها ستفرض مستوى أعلى من التدقيق على أي عمليات مالية مرتبطة بهذه المناطق”.

ومع استمرار هذه القيود، يواجه التجار خيارات صعبة، فإما تحمل تكاليف استيراد مرتفعة قد تؤدي إلى تضخم في الأسعار، أو اللجوء إلى قنوات مالية غير رسمية، مما يعزز انتشار الاقتصاد الموازي ويضعف الرقابة المالية.

وفي كلتا الحالتين، فإن المستهلك اليمني هو الأكثر تضررًا، حيث قد ترتفع أسعار السلع الأساسية بشكل كبير، في وقت تعاني فيه معظم الأسر من انخفاض القدرة الشرائية وتراجع قيمة الريال اليمني.

الحوثيون أمام اختبار اقتصادي صعب

لطالما اعتمد الحوثيون على شبكة مالية غير رسمية لإدارة اقتصاد الحرب، لكن العقوبات الأخيرة ضيّقت عليهم الخناق، ووضعتهم أمام تحديات غير مسبوقة.

وتعليقًا على ذلك، يقول الدكتور يوسف سعيد إن “الحوثيين قد يجدون أنفسهم مضطرين في النهاية إلى تخفيف قبضتهم على القطاع المصرفي، والسماح للبنوك بالعودة للعمل مع البنك المركزي في عدن، كخيار أخير للحفاظ على ما تبقى من النظام المالي”.

لكنه يشير إلى أن الجماعة قد تلجأ في المقابل إلى أساليب تحايل جديدة، مثل استخدام شركات واجهة لإخفاء مصادر تمويلها، أو تعزيز الاعتماد على السوق السوداء، رغم المخاطر القانونية والاقتصادية التي ينطوي عليها هذا الخيار.

سيناريوهات النجاة بين الواقع والمستحيل

مع تصاعد الضغوط المالية والمصرفية، باتت الخيارات أمام البنوك والشركات في مناطق الحوثيين أكثر ضيقًا من أي وقت مضى. فقد خلقت العقوبات أزمة ثقة بين المؤسسات المالية اليمنية والمجتمع المصرفي الدولي، مما جعل العمليات التجارية والمالية أكثر تعقيدًا وكلفة. ومع تزايد العزلة الاقتصادية، يواجه القطاع المصرفي والتجاري في صنعاء مفترق طرق صعبًا: إما البحث عن حلول تضمن استمراره، أو مواجهة الانهيار الحتمي تحت وطأة القيود المتزايدة.

البنوك والمصارف.. بين الهروب والمواجهة

يرى الخبير الاقتصادي مصطفى نصر أن “البنوك العاملة في مناطق الحوثيين لم تعد تمتلك خيارات واسعة، فإما أن تنقل عملياتها إلى مناطق سيطرة الحكومة الشرعية للحفاظ على علاقتها مع النظام المصرفي الدولي، وإما أن تواصل العمل تحت سيطرة الجماعة، وهو ما يعني العزلة الكاملة وخطر الإفلاس”.

ورغم أن خيار الانتقال إلى عدن يبدو منطقيًا من الناحية الاقتصادية، إلا أن التنفيذ على أرض الواقع يواجه عقبات عديدة، أبرزها القيود التي يفرضها الحوثيون على المؤسسات المصرفية، ورفضهم السماح لأي بنك بنقل عملياته إلى خارج مناطق سيطرتهم.

ويضيف نصر أن “القيود التي يفرضها الحوثيون على البنوك لا تقتصر على العزلة المالية، بل تشمل فرض سياسات نقدية مشددة، وإجبار البنوك على العمل ضمن منظومتهم الاقتصادية، مما يجعل أي تحرك لمغادرة صنعاء محفوفًا بالمخاطر”.

لكن في المقابل، فإن البقاء في ظل سيطرة الحوثيين ليس حلًا مستدامًا، إذ إن العقوبات الأميركية قد تدفع البنوك الدولية إلى إنهاء أي تعامل مع المصارف اليمنية المدرجة في القائمة السوداء، مما سيؤدي إلى توقف التحويلات الدولية، وتعميق أزمة السيولة، وزيادة الضغط على القطاع المالي برمته.

إعادة هيكلة القطاع المصرفي.. هل هو الحل؟

الدكتور يوسف سعيد، أستاذ الاقتصاد بجامعة عدن، يرى أن “إعادة ربط البنوك اليمنية بالنظام المالي الدولي يتطلب السماح لها بالعمل وفق القوانين المصرفية المعترف بها دوليًا، وهو ما يستدعي تخفيف الحوثيين قبضتهم على القطاع المصرفي، وإعطاء مساحة أكبر للبنوك لإعادة الاندماج في الاقتصاد الرسمي”.

ويضيف أن “تحرير القطاع المصرفي من سيطرة الحوثيين لن يكون سهلًا، لكنه قد يكون السبيل الوحيد لمنع الانهيار الشامل، خاصة أن العديد من المؤسسات المالية أصبحت غير قادرة على تلبية احتياجات عملائها، أو حتى الحفاظ على الحد الأدنى من السيولة التشغيلية”.

القطاع الخاص.. بين البحث عن بدائل والهروب إلى الخارج

مع تصاعد الأزمة المالية، بدأ العديد من رجال الأعمال والتجار في البحث عن حلول بديلة للحفاظ على استثماراتهم. بعضهم قرر نقل أعماله إلى مناطق الحكومة الشرعية، بينما اتجه آخرون إلى الاستثمار في الخارج، خشية انهيار الاقتصاد في صنعاء.

يؤكد مصطفى نصر هذا قائلًا: “القطاع الخاص هو المتضرر الأكبر من هذه الأزمة، فالتجار يواجهون صعوبات هائلة في الحصول على التمويل، وتحويل الأموال، وشراء العملة الصعبة، مما يدفع بعضهم إلى البحث عن طرق بديلة، مثل الاعتماد على السوق السوداء، أو التعامل مع وسطاء ماليين غير رسميين”.

لكن هذه البدائل تحمل مخاطر كبيرة، حيث إن اللجوء إلى القنوات غير الرسمية يعزز اقتصاد الظل، ويجعل التحكم في التدفقات النقدية أكثر صعوبة، مما قد يؤدي إلى مزيد من التقلبات في أسعار الصرف، وارتفاع معدلات التضخم، وتفاقم الأوضاع المعيشية للمواطنين.

هل الحوثيون مستعدون لتقديم تنازلات؟

رغم أن الحوثيين ما زالوا يحكمون قبضتهم على النظام المالي، إلا أن الضغوط الاقتصادية المتزايدة قد تجعلهم أمام معضلة حقيقية: إما التمسك بسياساتهم الحالية، والمخاطرة بانهيار الاقتصاد في مناطق سيطرتهم، أو البحث عن حلول تضمن لهم الحد الأدنى من الاستقرار المالي.

يقول الدكتور يوسف سعيد: “إذا استمر الحوثيون في إحكام قبضتهم على الاقتصاد، فإنهم سيواجهون انهيارًا ماليًا لا يمكن تجنبه. البنوك بحاجة إلى القدرة على تنفيذ المعاملات الدولية، وإلا ستصبح مجرد مؤسسات محلية معزولة، غير قادرة على خدمة عملائها أو تأمين التدفقات النقدية الضرورية”.

لكن حتى لو قرر الحوثيون تقديم بعض التنازلات، فإن السؤال الأهم يبقى: هل سيقبل المجتمع الدولي بذلك؟

ما هو السيناريو الأكثر ترجيحًا؟

مع استمرار العقوبات، وتزايد العزلة المصرفية، وارتفاع تكاليف الاستيراد، يجد الحوثيون أنفسهم أمام أزمة اقتصادية غير مسبوقة. ورغم محاولاتهم السابقة للالتفاف على الضغوط المالية عبر السوق السوداء وشبكات التمويل البديلة، إلا أن العقوبات الأخيرة قد تكون أكثر تأثيرًا من أي وقت مضى، حيث تستهدف البنية التحتية المالية للجماعة بشكل مباشر.

ويبقى السؤال الأكبر: هل تنجح هذه العقوبات في تقويض النفوذ المالي للحوثيين، أم أنها ستؤدي إلى مزيد من الأزمات الاقتصادية التي قد يدفع ثمنها المواطن اليمني في نهاية المطاف؟ الأشهر القادمة ستكشف الكثير عن مدى قدرة الحوثيين على الصمود في وجه هذه العاصفة الاقتصادية، وما إذا كانت هذه الأزمة ستدفعهم إلى تغيير سياساتهم، أو أنها ستكون بداية لمزيد من العزلة والانكماش الاقتصادي

 

مقالات مشابهة

  • مفتي الجمهورية: الله منح الإنسان العقل وأنزل إليه الرسل حتى تقوم عليه الحجة
  • أوهام اقتصاد الحرب في أوروبا
  • مستقبل العمل في اقتصاد العمل المؤقت
  • تشييع جثمان المقاوم عمر الدحدوح.. قاتل سريّة إسرائيلية بمفرده (شاهد)
  • «ستاندرد آند بورز جلوبال» لـ «الاتحاد»: 5.1% نمو اقتصاد الإمارات العام الجاري
  • عام على التعويم.. كيف أنقذ اقتصاد مصر رغم قفزة التضخم؟
  • نمو اقتصاد منطقة اليورو يتجاوز التقديرات في 2024
  • اقتصاد المملكة ينمو بنسبة 1.3% في 2024 ويحقق أعلى معدل نمو ربعي خلال عامين
  • العقوبات الأميركية تخنق اقتصاد الحوثيين.. هل يقترب القطاع المصرفي والتجاري من لحظة الانهيار؟
  • اقتصاد منطقة اليورو يُسجِّل نموًا بنسبة 0.9% خلال عام 2024