اتجهت الأنظار في جميع أنحاء العالم نحو إيران، مساء الأحد، حين أعلنت طهران أن الطائرة المروحية التي تقل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، اضطرت لــ"هبوط صعب" في شمال غرب البلاد. وكان وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، وخطيب الجمعة في تبريز محمد علي آل هاشم، ومحافظ أذربيجان الشرقية مالك رحمتي، على متن ذات المروحية برفقة رئيسي.
السلطات الإيرانية قالت إن فرق البحث والإنقاذ تجد صعوبة بالغة بسبب سوء الأحوال الجوية في المنطقة الجبلية التي تجري فيها أعمال البحث عن مروحية الرئيس الإيراني. ولم يتم رصد أي أثر للمروحية رغم مرور ساعات على فقدان الاتصال بها. وفي تلك الأثناء، ذكرت وزارة الدفاع التركية، أنه بناء على طلب طهران عبر وزارة الخارجية التركية، تم تخصيص مروحية مزودة بتقنية الرؤية الليلية، وطائرة مسيرة من طراز "أكنجي" للمشاركة في أعمال البحث.
الجانب الإيراني لم يطلب من أنقرة إرسال طائرة مسيرة، بل طلب فقط مروحية مزودة بتقنية الرؤية الليلية. وجاء اقتراح إرسال طائرة مسيرة من طراز "أكنجي" من الجانب التركي، وقال الأتراك للإيرانيين إن المروحية قد لا تستطيع القيام بالأعمال المطلوبة في تلك المنطقة الوعرة بسبب سوء الأحوال الجوية، وأقنعوهم بأن استخدام طائرة مسيرة في أعمال البحث في مثل تلك الظروف أفضل من استخدام المروحية. وكانت هناك طائرة "أكنجي" جاهزة للطيران إلا أنها كانت تحمل صواريخ، فرفضها الإيرانيون، وتم تخصيص طائرة مسيرة أخرى غير مسلحة من ذات الطراز.
طائرة "أكنجي" المسيرة، بعد التحليق لعدة ساعات في الأراضي الإيرانية، رصدت مصدر حرارة يعتقد أنه حطام المروحية المنكوبة، وتم إبلاغ السلطات الإيرانية، ووصلت فرق البحث والإنقاذ إلى المكان الذي سقطت فيها المروحية بناء على الإحداثيات التي أعطتها "أكنجي" التي رجعت إلى تركيا بعد إنجاز مهمتها بنجاح، ورسمت في السماء فوق بحيرة "فان" الهلال والنجمة تعبيرا عن العلم التركي.
طائرة "أكنجي" المسيرة التي أرسلتها تركيا إلى إيران، تتبع تحليقها مئات الآلاف حول العالم بالبث الحي عبر تطبيق فلايت رادار، كما نشرت وكالة الأناضول للأنباء بعض الصور والمقاطع التي التقطتها الطائرة المسيرة التركية. وأصبحت مشاركة "أكنجي" في أعمال البحث عن مروحية الرئيس الإيراني ونجاحها في العثور على حطام المروحية دعاية مجانية للطائرات المسيرة التركية عموما و"أكنجي" على وجه الخصوص. ويمكن القول بأن تركيا أبدعت في استغلال الفرصة ليرى العالم مدى التقدم الذي حققته في مجال الطائرات المسيرة.
وزير الدفاع التركي ياشار غولر، تحدث في مستهل الشهر الجاري عن عدم تعاون إيران مع تركيا في مكافحة حزب العمال الكردستاني. وذكر خلال تصريحاته حول التطورات الأخيرة في ذاك الملف، أن الجيش التركي يرصد عبر الطائرات المسيرة تحركات عناصر حزب العمال الكردستاني الهاربين إلى الأراضي الإيرانية، ويبلغ الجانب الإيراني أماكن وجودهم، إلا أن الإيرانيين يزعمون دائما أنهم لم يجدوا هؤلاء الإرهابيين في تلك الأماكن. ومن اللافت أن الإيرانيين وجدوا هذه المرة حطام المروحية المنكوبة وجثث رئيسهم ووزير خارجيتهم والمرافقين لهما في المكان الذي حددته الطائرة المسيرة التركية.
أنقرة لم تتردد في الاستجابة لطلب طهران، فأرسلت إلى إيران فرق البحث والإنقاذ، مع مروحية مزودة بتقنية الرؤية الليلية وطائرة مسيرة قامت بمهمتها على أكمل وجه، كما أعلنت حدادا وطنيا ليوم واحد إثر وفاة الرئيس الإيراني والوفد المرافق له. وبعثت من خلال "أكنجي" رسالة إلى إيران وجيرانها الآخرين مفادها أنها جارة حسنة صداقتها غالية، وأن هذه الطائرة المسيرة جاهزة للتحليق بحمولتها التي تبلغ 1500 كيلوغرام، للدفاع عن أمن تركيا في حال تعرض لأي تهديد خارجي.
طائرة "أكنجي" المسيرة نجحت في التحليق بين الجبال الشاهقة والوديان العميقة في ظروف جغرافية وجوية صعبة للغاية، وأظهرت تفوق الطائرات المسيرة التركية على الإيرانية من حيث الجودة والقدرة والتكنولوجيا، لتؤكد أن تركيا تستحق الشهرة التي اكتسبتها في السنوات الأخيرة في هذا المجال
وفي المقابل، لا يتوقع أن تغير طهران مواقفها من الملفات والمشاريع الإقليمية المتعلقة بتركيا، مثل مكافحة حزب العمال الكردستاني، وطريق التنمية وممر زنغزور، على الرغم من حسن النوايا الذي أبدته أنقرة. كما أن تصريحات الإيرانيين حول هوية الطائرة المسيرة التي رصدت حطام المروحية، توحي بأنهم ندموا على قبول مشاركة "أكنجي" في أعمال البحث.
طائرة "أكنجي" المسيرة نجحت في التحليق بين الجبال الشاهقة والوديان العميقة في ظروف جغرافية وجوية صعبة للغاية، وأظهرت تفوق الطائرات المسيرة التركية على الإيرانية من حيث الجودة والقدرة والتكنولوجيا، لتؤكد أن تركيا تستحق الشهرة التي اكتسبتها في السنوات الأخيرة في هذا المجال. ومن المؤكد أن الدول التي اشترت من شركة بايكار التركية طائرة "أكنجي" المسيرة، شعرت صباح الاثنين بنوع من الارتياح، بسبب حسن اختيارها، بعد أن رأت نجاح هذه الطائرة المسيرة في العثور على حطام مروحية الرئيس الإيراني، وأن الطائرة المسيرة التي اشترتها يمكن استخدامها في مثل تلك المهام الإنسانية إلى جانب قيامها بالمهام العسكرية. ومن المتوقع أن يزداد اهتمام دول أخرى بشراء عدد من هذه الطائرات في الأيام القادمة، في ظل حديث وسائل الإعلام العالمية عن نجاح طائرة "أكنجي" المسيرة ومواصفاتها وقدراتها.
twitter.com/ismail_yasa
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه إيران إبراهيم رئيسي تركيا إيران تركيا حوادث طيران إبراهيم رئيسي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الطائرات المسیرة المسیرة الترکیة الرئیس الإیرانی الطائرة المسیرة فی أعمال البحث حطام المروحیة طائرة مسیرة
إقرأ أيضاً:
تقرير: حرب غزة "وصمة عار".. والمحور الإيراني "نمر من ورق"
حققت إسرائيل نجاحاً عسكرياً، لكن السلام وحده هو الذي يضمن أمنها، بحسب ما قالت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية.
المكاسب التي حققتها إسرائيل في ساحة المعركة جاءت بتكاليف باهظة
بعد ساعات من رفضه اقتراحاً تقوده الولايات المتحدة بهدنة مدتها 21 يوماً مع حزب الله في سبتمبر (أيلول)، تباهى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بأنه يغير ميزان القوى في المنطقة لسنوات.
The reshaping of the Middle East https://t.co/9SoW66IoLb | opinion
— Financial Times (@FT) December 26, 2024وكان نتانياهو قد أمر للتو باغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، في إشارة إلى أن إسرائيل تحول تركيزها من الأراضي القاحلة في غزة إلى تصعيد هجومها ضد المسلحين اللبنانيين. ومع نهاية العام، تحولت الديناميات في الشرق الأوسط بلا شك لصالح إسرائيل.
وتقول صحيفة "فايننشال تايمز" في افتتاحيتها إن الضرب العسكري الإسرائيلي المتواصل لحزب الله اضطره لقبول اتفاق وقف إطلاق النار الذي منح إسرائيل في الأساس الحق في مواصلة الضربات في لبنان. وتبدو إيران في أضعف حالاتها منذ سنوات. ويبدو "محور المقاومة" الذي يتألف من المسلحين المدعومين من إيران، بما في ذلك حزب الله وحماس، أشبه بـ "نمر من ورق". فقد دمرت القنابل الإسرائيلية قدراً كبيراً من الدفاعات الجوية للجمهورية الإسلامية في أكتوبر (تشرين الأول)، وهو أكبر هجوم تقليدي على إيران منذ عقود.
وعانى النظام الإيراني من انتكاسة مدمرة أخرى هذا الشهر، عندما أطاح المتمردون السوريون ببشار الأسد. وقد تم إجلاء حوالي 4000 إيراني من البلاد بعد أن خسرت إيران حليفًا مهمًا في الشرق الأوسط، ورابطًا بريًا حيويًا لتزويد حزب الله، وكيلها الأكثر أهمية. وربما لم يكن لإسرائيل يداً مباشرة في إطاحة الأسد، لكن قصفها للأهداف الإيرانية في سوريا، وحزب الله، الذي ساعد أيضًا في دعم النظام، مهد الطريق للمتمردين إلى دمشق.
With the recent tumult in the Middle East beginning to subside, it is an opportune moment to engage in an analysis of the region's unfolding geopolitical realignments.
The developments of the past year should be understood as components of a broader reconfiguration of interests… pic.twitter.com/rbKf5q4bup
ومنذ الفشل الاستخباراتي للهجوم المروع، الذي شنته حماس في 7 أكتوبر 2023، والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 250 رهينة، أصبحت درجة التفوق العسكري الإسرائيلي على أعدائها واضحة تمامًا. كذلك، انتعشت حظوظ نتانياهو السياسية بالتزامن مع ذلك. وبعد هجوم حماس، توقع الكثيرون نهاية هيمنته على السياسة الإسرائيلية. ومع ذلك، يبدو أنه راسخ في مكانته أكثر من أي وقت مضى، حيث تعزز ائتلافه اليميني المتطرف بانضمام حزب آخر، وعادت أرقامه في استطلاعات الرأي إلى مستويات ما قبل السابع من أكتوبر.
وترى الصحيفة أن المكاسب التي حققتها إسرائيل في ساحة المعركة جاءت بتكاليف باهظة. ولا ينبغي لأحد أن يندب نهاية نظام الأسد، ولا إضعاف النفوذ الخبيث لإيران ووكلائها. ولكن النجاحات العسكرية الإسرائيلية ستظل مشوبة إلى الأبد بالمعاناة التي لا توصف، والتي جلبتها هجماتها لملايين الناس في غزة ولبنان.
في مذكرة اعتقال بحق نتنياهو، قالت المحكمة الجنائية الدولية إن هناك "أسباباً معقولة" للاعتقاد بأنه يتحمل المسؤولية الجنائية عن "جريمة الحرب المتمثلة في التجويع كأسلوب من أساليب الحرب، وغيرها من الأعمال اللاإنسانية". إن حرب إسرائيل وحصارها وصمة عار، ليس فقط على إسرائيل، بل وأيضاً على الولايات المتحدة، التي سمحت لنتنياهو بالتصرف دون عقاب.
وبعد تدمير القدرة العسكرية لحماس وتحييد التهديدات الإقليمية لإسرائيل، ليس لدى نتنياهو أي مبرر لعدم إنهاء الصراع والموافقة على صفقة لإطلاق سراح الرهائن المتبقين. لكن يبدو أنه وحلفاؤه من اليمين المتطرف عازمون بدلاً من ذلك على احتلال المزيد من الأراضي على جبهات مختلفة، وإبقاء إسرائيل في حالة صراع دائم.
وتخلص الصحيفة إلى أنه لا يمكن ضمان أمن إسرائيل إلا بالسلام، ولم تكن إسرائيل في وضع أقوى من أي وقت مضى لتحقيق هذه الغاية - لو كان نتنياهو قادراً على رؤيتها.