الغارديان البريطانية: نفوذ روسيا يتزايد في الساحل الأفريقي، ودور الغرب يتراجع
تاريخ النشر: 22nd, May 2024 GMT
كشفت صحيفة الغارديان البريطانية، في تقرير حديث، عن تزايد النفوذ الروسي بشكل ملحوظ في منطقة الساحل الأفريقي، وذلك مع تراجع الوجود العسكري الغربي في المنطقة.
وأشارت الصحيفة إلى انسحاب القوات الأمريكية من النيجر بعد تأكيد وجود قوات أمن روسية في القاعدة الجوية التي كانت تستخدمها القوات الأمريكية.
اليد العليا في الساحل
واستبعد تقرير الغارديان أن يكون لروسيا اليد العليا في منطقة الساحل الأفريقي على الرغم من توسعها موضحا أن الوضع في الساحل لا يزال معقدا، حيث تتنافس العديد من الجهات الفاعلة على النفوذ في مختلف الدول.
في حين نقلت الصحيفة عن إيكيميسيت إيفيونج، رئيس الأبحاث في شركة “إس بي إم إنتليجنس” الاستشارية، قوله إن “روسيا اكتسبت اليد العليا في سباق التسلح الجيوسياسي في منطقة الساحل” وأن “غرب أفريقيا ينقسم الآن إلى قسمين: دول ساحلية مؤيدة للغرب على نطاق واسع؛ ونظرة أكثر ميلا إلى روسيا في الدول غير الساحلية في منطقة الساحل”.
“فيلق أفريقيا” أداة موسكو الجديدة
وأوضحت “الغارديان” أن روسيا تدير عملياتها في أفريقيا من خلال كيان يدعى “فيلق أفريقيا” ويتبع مباشرة لوزارة الدفاع الروسية، مشيرة إلى دمج مجموعة فاغنر، التي كانت تعد ذراع موسكو شبه الرسمية في أفريقيا، ضمن هذا الكيان بعد وفاة قائدها يفغيني بريغوجين في أغسطس الماضي.
أهداف استراتيجية
وأكدت الصحيفة أن روسيا تحاول تحقيق عدة أهداف من خلال وجودها في أفريقيا، من بينها الوصول إلى الموارد الطبيعية، وتوسيع الأسواق التصديرية، ومنافسة الغرب جيوسياسيا.
وحذر تقرير “الغارديان” أيضا من أن التوسع الروسي في أفريقيا يثير مخاوف من تكرار سيناريوهات “الاستعمار الجديد” واستنزاف ثروات القارة لصالح موسكو.
ونقلت الصحيفة عن الخبير في الشأن الروسي أولكسندر دانيليوك قوله إن “روسيا لم تكن مهتمة قط بأي نوع من الحكم الذاتي للدول العميلة، هذه في الواقع مجرد طريقة استعمارية روسية وقد يكون من الصعب جدا العثور على أي شخص يحررك من ذلك”.
المصدر: صحيفة الغارديان
الغارديانروسيا Total 0 مشاركة Share 0 Tweet 0 Pin it 0المصدر: ليبيا الأحرار
كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبي يوهان يونيسيف يونيسف يونغ بويز يونسيف الغارديان روسيا
إقرأ أيضاً:
أرشيف ذاكرة ودور سياسي فعّال لمضافات الدروز بالسويداء
السويداء- رغم أن شيوخ العقل الدروز لم يمتهنوا العمل السياسي وتجنّبوه، وبقيت مضافاتهم بمنأى عنه، باعتبار أنها مختصّة بالشأن الاجتماعي العام، فإن مضافة الشيخ حكمت الهجري، الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز، لم تنقطع منذ أواخر صيف عام 2023 وحتى اليوم عن تنفّس السياسة.
وتبدو هذه التجربة سابقة فريدة الدلالة، وتستقطب إليها الانتباه والتساؤل عن الجدوى من إقحام المضافات ذات الطابع الديني الرمزي بشؤون السياسة.
فمنذ بداية انتفاضة السويداء في أغسطس/آب 2023، دأب رجال السياسة المحليون والنشطاء المعارضون بصورة متواصلة على زيارة مضافة الشيخ الهجري، للتباحث بشؤون السياسة ومستجدات الحراك، حتى إن معظم الأجسام السياسية التي تشكلت خلال انتفاضة السويداء جرى إشهارها من تلك المضافة، كان آخرها التيار السوري العلماني عقب سقوط نظام بشار الأسد.
وقد تكون مضافة الشيخ حمود الحناوي، شيخ عقل الدروز في قرية سهوة البلاطة، لم تحظَ باستقطاب السياسة إليها كما فعلت مضافة الشيخ الهجري، نظرا لبعدها عن ساحة التظاهر وسط المدينة، وتقدّم الشيخ الحناوي بالعمر، لكن المضافات الدرزيّة المعروفة والكبيرة لم تنقطع عنها السياسة يوما.
يقول الباحث التاريخي إبراهيم جودية للجزيرة نت إن مضافة الطرشان وسط مدينة السويداء، والتي بنيت عام 1860 من قبل آل الحمدان، لعبت دورا سياسيا بارزا بعدما استولى عليها آل الأطرش عام 1869.
إعلانويضيف "ازدهر دور هذه المضافة مع بداية الثورة العربية الكبرى ضد العثمانيين، ثم مع بداية الانتداب الفرنسي للبلاد، حيث كانت مقرّا لاتخاذ القرارات المصيرية، مثل ذلك الاجتماع الذي عقد في المضافة لمنع حكم الكابتن "كاربيه" حاكم دولة جبل الدروز، ثم انطلقت مظاهرة شبابية سلمية باتجاه دار الحكومة، وجرى التصدّي لها بإطلاق الرصاص على المتظاهرين، الأمر الذي أشعل شرارة الثورة السورية الكبرى".
"كما ازدادت مكانة هذه المضافة في عهد الشيخ عبد الغفّار الأطرش وحتى استقلال سوريا عام 1946، واستمر ذلك مع تطور مدينة السويداء، لكن دورها بدأ بالتضاؤل منذ عام 1960 وحتى وقتنا الراهن، بسبب استبداد السلطات المتعاقبة، والقبضة الأمنية التي حكمت سوريا"، حسب جودية.
وشهدت العديد من المضافات الدرزية الكثير من الأحداث المتصلة بالشأن السياسي والاجتماعي العام، حيث يذكر المترجم والباحث في أدب الرحلات والتراث، بأن كل قرية من قرى الجبل كانت تحوي مضافة مشهورة.
ويضيف في حديثه للجزيرة نت أن "المضافة القديمة لعائلة أبو حلا، والتي اندثرت، احتضنت اجتماعا سرّيا بين الزعيم إسماعيل الأطرش والأهالي الذين كانوا يخططون للثورة ضد آل الحمدان حين كانوا حاكمين للجبل، ولم يعلم بهذا الاجتماع، وأكد ذلك الحمدان وقتذاك، وهذا حدث في ستينيات القرن الـ19".
كما ذكر أن ثمّة حادثة مشهورة وقعت سنة 1898 في مضافة أسعد عزّي، حين لم يجد في بيته سمنا لإتمام وليمة المنسف لضيوفه، وكانوا من الفريق السياسي المناوئ لحكم آل الأطرش للجبل، لكن جاره من عائلة أبو عسلي والذي كان مواليا لحكم الأطرش أسعفه بالسمن، فقال حينها أسعد عزّي لضيوفه "تفضلوا على خير الله وخير علي أبو عسلي"، وبسبب هذا الموقف تأجل الصدام بين الطرفين لأكثر من 6 أشهر.
إعلانكما استقبلت هذه المضافة عام 1942 شارل ديغول عندما كان قائدا للمقاومة الفرنسية ضد الاحتلال النازي لفرنسا، وهناك صور فوتوغرافيّة لديغول وهو يصافح أسعد عزّي الحفيد.
وشهدت مضافة خليل الجرمقاني في قرية عرمان حدثا تاريخيا أثناء المعركة التي دارت بين أهالي البلدة وحامية عثمانيّة جاءت إلى القرية وقتلت أحد أبنائها، حيث تحصّن عناصر تلك الحامية وكانوا قرابة العشرين بمضافة الجرمقاني، فما كان من سكان البلدة إلا أن فتحوا سقف المضافة، وقاموا بقتل أفراد تلك الحامية، ولا تزال آثار الرصاص محفوظة على باب تلك المضافة حتى اليوم.
وهناك مضافة شاهين أبو فخر في قرية كفر اللحف، التي شهدت اجتماعا ما بين سلطان الأطرش، القائد العام للثورة السورية الكبرى، والوطنيين الدمشقيين، الذين التفتوا إلى الدروز بعد معركة المزرعة الشهيرة.
بالإضافة إلى مضافة خليل الباسط في قرية ملح، والتي شهدت زيارة لسلطان الأطرش بعد إعلان الثورة على الفرنسيين، وفيها كُتبت معظم بيانات الثورة، مضافة علي الأطرش المشهورة في قرية قيصما، والتي التجأ إليها الثوار وكانوا يصطحبون ضابطا فرنسيا مأسورا اسمه سيكر، وبقي فيها يومين، ثم عاد الفرنسيون وأحرقوها بعد احتلالهم القرية.
يشكك الشاعر والباحث التاريخي محمد جابر بالدور السياسي للمضافة عند الدروز، ويقول للجزيرة نت إنه "لا يوجد دور سياسي بالمعنى الدقيق للمضافة، فالقرارات السياسية أو تلك المتصلة بالغزوات أو التصدّي لها، أو بالحروب ضد العثمانيين والفرنسيين لم تكن تُتخذ بالمضافات، نظرا لطابعها السريّ أحيانا، وإنما كانت تُتخذ في البريّة، أو في إحدى الخرائب".
ويوضح أن الدور الاجتماعي للمضافة فهو الأهم، حيث تعد الغرفة المخصصة لاستقبال الضيوف، ولإقامة الأفراح والأتراح، نظرا لأنها أكبر غرف البيت الدرزي، عدا عن كونها مخصصة للاستقبال، وإقامة المناسبات العامة، وكانت بمثابة نُزل وفنادق مجّانيّة.
إعلانوتاريخيا، لمعت أسماء العديد من المضافات الدرزية، وارتبطت بالثورة السورية الكبرى ضد الفرنسيين، الذين لم يتوانوا بدورهم عن هدم بعضها، متل مضافة حمد البربور، ومضافة علي عبيد، ومضافة حسين مرشد، وجميعهم كانوا من أعمدة الثورة ضد الفرنسيين، وهناك مضافات مشهورة في الجبل مثل مضافة حمزة درويش، ومضافة صالح عزيز، ومضافة معذّى المغوّش، ومضافة حمد عامر، ومضافة فضل الله هنيدي.
المضافات بعد الثورةخلال سنوات الثورة السورية ضد حكم الأسد، عاد بعض الزخم والنفوذ المفقود لدور المضافة الدرزية في الحياة العامة، ويوضّح ذلك شيخ عائلة نعيم في السويداء أدهم نعيم للجزيرة نت بقوله "تقلص دور المضافات في الفترة التي حكم فيها البعث البلاد، لكن وخلال فترة الثورة في مدينة السويداء، وبعد غياب القانون والمحاكم، لعبت المضافات دورا أساسيا في حل النزاعات وتحصيل الحقوق".
ويضيف أن "معظم المشاكل والخصومات كانت تحل بشكل عشائري، وأثبت الحل العشائري بأنه فعّال، فكانت المضافة هي المكان الذي يجتمع فيه الخصوم، ويتم اتخاذ القرار بالإجماع لتحديد من هو صاحب الحق ومن هو المُدان، ويتم اتخاذ إجراء مُلزم لجميع الأطراف، دون إغفال دور المضافة المهم بما يتعلق بالسلم الأهلي والمجتمعي، باعتبار أن مكانة المضافات مستمدة من عراقة المجتمع المحلّي".
وتعيش السويداء منذ سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024 حالة من الترقّب لأداء السلطة المركزية بدمشق، وتنقسم سياسيا بين من ينادي بوحدة سوريا، وبين الراغبين بقسط أوفر من اللامركزية الإدارية، وربما بالإدارة الذاتية لمحافظتهم.