إسرائيل ترفض تحويل أموال الضرائب للسلطة وتحذيرات غربية من كارثة
تاريخ النشر: 22nd, May 2024 GMT
أعلن وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش -اليوم الأربعاء- رفضه تحويل عائدات الضرائب (المقاصة) إلى السلطة الفلسطينية، وطالب بإقرار حزمة عقوبات عليها ردا على اعتراف النرويج وإسبانيا وأيرلندا بدولة فلسطين.
يأتي ذلك في وقت حذر فيه مسؤولون غربيون من "كارثة اقتصادية" في الضفة الغربية المحتلة إذا لم تجدد إسرائيل الإعفاء الضروري الذي تحتاجه البنوك الإسرائيلية للحفاظ على علاقاتها مع نظيراتها الفلسطينية.
وقال سموتريتش في بيان "لا أنوي تحويل أموال المقاصة إلى السلطة الفلسطينية من الآن وحتى إشعار آخر".
والمقاصة أموال ضرائب وجمارك على السلع الفلسطينية المستوردة، تجمعها المالية الإسرائيلية وتحولها شهريا إلى رام الله، بعد خصم جزء منها، بدل ديون كهرباء ومستشفيات وغرامات ومخصصات تصرفها الحكومة الفلسطينية للأسرى والمحررين.
وخلال عام 2021، بلغ متوسط أموال المقاصة بعد الخصومات الإسرائيلية 700 مليون شيكل (220.8 مليون دولار) شهريا. وتشكل أموال المقاصة قرابة 63% من الدخل الشهري للحكومة الفلسطينية التي تعاني أزمة مالية حادة.
وأعلن سموتريتش أنه طلب من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إقرار حزمة عقوبات بحق السلطة الفلسطينية، في ظل الاعترافات الجديدة بدولة فلسطين.
وطالب بـ"عقد اجتماع فوري لمجلس التخطيط في الضفة للمصادقة على 10 آلاف وحدة سكنية (استيطانية) بما في ذلك المنطقة إي1″ وهي أكبر مشروع استيطاني شرقي القدس المحتلة.
كما دعا سموتريتش إلى "إلغاء جميع تصاريح كبار الشخصيات لكبار مسؤولي السلطة الفلسطينية بشكل دائم، وفرض عقوبات مالية إضافية على كبار مسؤولي السلطة وعائلاتهم".
وباعتراف البلدان الأوروبية الثلاثة -اليوم- ارتفع عدد المعترفين بدولة فلسطين إلى 147 دولة من أصل 193 عضو بالجمعية العامة للأمم المتحدة.
وتنتقد إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة اعتراف الدول منفردة بدولة فلسطين، وتعارضان مساعي فلسطين للحصول على عضوية كاملة بالأمم المتحدة، بدلا من وضع "دولة مراقب غير عضو" القائم منذ عام 2012.
سموتريتش وسط حراسته (الفرنسية) فيتووفي أبريل/نيسان الماضي، استخدمت الولايات المتحدة (حليفة إسرائيل) حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي ضد مشروع قرار يوصي الأمم المتحدة بقبول عضوية دولة فلسطين.
ويأتي اعتراف النرويج وإسبانيا وأيرلندا بدولة فلسطين في وقت تشن فيه إسرائيل، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حربا على غزة خلفت أكثر من 115 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وحوالي 10 آلاف مفقود وسط مجاعة ودمار هائل.
وتواصل إسرائيل هذه الحرب رغم العدد الهائل من الضحايا المدنيين، ورغم طلب مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس وزرائها ووزير دفاعها لمسؤوليتهما عن "جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية".
كما تتجاهل إسرائيل قرارا من مجلس الأمن الدولي بوقف إطلاق النار فورا، وأوامر من محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير فورية لمنع وقوع أعمال "إبادة جماعية" وتحسين الوضع الإنساني بغزة.
وفي سياق متصل، حذر مسؤولون غربيون من "كارثة اقتصادية" في الضفة المحتلة إذا لم تجدد إسرائيل الإعفاء الضروري الذي تحتاجه البنوك الإسرائيلية للحفاظ على علاقاتها مع نظيراتها الفلسطينية.
ويسمح الإعفاء، المقرر أن ينتهي أول يوليو/تموز المقبل، بدفع مقابل الخدمات الحيوية والرواتب المرتبطة بالسلطة الفلسطينية، ويسهل استيراد الضروريات مثل الغذاء والماء والكهرباء إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة.
جهود تجديد الإعفاءنقلت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية عن 3 مسؤولين غربيين قولهم إنه بدون هذا الإعفاء، ستتوقف البنوك الإسرائيلية عن التعامل مع المؤسسات المالية الفلسطينية، وسيتوقف الاقتصاد الفلسطيني فعليًا بمرور الوقت.
وقال مسؤول أميركي "لا ينبغي تهديد حصول الناس على الغذاء والكهرباء والمياه في لحظة كهذه، خاصة في الضفة" مضيفا أن عدم تجديد الإعفاء "سيضر ليس فقط بالمصالح الفلسطينية ولكن أيضًا بأمن واستقرار إسرائيل والمنطقة".
وقال مسؤولان غربيان إن واشنطن تقود الجهود الرامية إلى تجديد الإعفاء، وتطلب من الحلفاء ممارسة الضغط على حكومة نتنياهو، وقال مسؤولون بريطانيون إن المملكة المتحدة تشعر بالقلق بشأن هذه القضية.
وقال هؤلاء المسؤولون إنه من المتوقع مناقشة الأمر بالاجتماع المقبل لوزراء مالية مجموعة السبع هذا الأسبوع في إيطاليا.
وبينما يتعامل الاقتصاد الفلسطيني مع اقتصادات أخرى بعملات متعددة، فإن الاقتصاد يعمل رسميًا بالشيكل (العملة الإسرائيلية) وتمر المؤسسات المالية الفلسطينية عبر البنوك الإسرائيلية للحصول عليه.
وتمر ما يقرب من 8 مليارات دولار من التجارة بين إسرائيل والضفة عبر هذه القنوات كل عام، وفقًا لبيانات الحكومة الأميركية. ويشمل ذلك 2.3 مليار دولار من المدفوعات للغذاء، و540 مليونا للكهرباء، و145 مليونا لخدمات المياه والصرف الصحي.
ومن شأن خسارة الإعفاء أن يعيق بشدة قدرة السلطة الفلسطينية على العمل ويشل النشاط الاقتصادي بالضفة التي يسعى الفلسطينيون إلى اعتبارها قلب دولتهم المستقبلية لكنها تخضع للاحتلال العسكري الإسرائيلي منذ عام 1967.
تأثير وقف الإعفاءوقال المسؤولون إن انتهاء الإعفاء سيؤثر بشكل كبير على عمليات الاستيراد والتصدير، ومن المحتمل أن يتم تجميد أموال الضرائب الفلسطينية التي يتم جمعها في إسرائيل.
ولن تتمكن الشركات الإسرائيلية -التي لها علاقات تجارية مع السلطة الفلسطينية التي تمارس حكما ذاتيا محدودا في أجزاء من الضفة- من إيداع الشيكات الفلسطينية أو تلقي المدفوعات من البنوك الفلسطينية.
ولم يعد من الممكن للعمال الفلسطينيين في إسرائيل أن يحصلوا على أجورهم عن طريق التحويل المصرفي الإلكتروني.
وقال مسؤول غربي "إذا لم يتم تجديد الإعفاء سيؤدي ذلك إلى أزمة خطيرة من شأنها أن تؤدي إلى توقف النشاط الاقتصادي الفلسطيني في الضفة".
وقبل اندلاع الحرب على غزة، كان الإعفاء يتجدد سنويا، ويعود هذا الترتيب إلى عام 2016، عندما بدأ مسؤولو الخزانة الأميركية تقديم رسالة سنوية إلى إسرائيل تتضمن تأكيدات بأن البنوك الإسرائيلية لن يتم استهدافها بمزاعم تمويل الإرهاب بسبب تعاملاتها مع الكيانات الفلسطينية.
وبعد تقديم الولايات المتحدة رسالتها السنوية، تصدر إسرائيل عادة التنازل الذي وقعه وزير ماليتها لبنكين إسرائيليين (ديسكونت وهبوعليم) اللذين يحتفظان بعلاقات مع المؤسسات المالية الفلسطينية ويزودانها بإمكانية الوصول إلى النظام المصرفي الأوسع.
تحرك سياسيوقال مسؤول أميركي "لم يكن هناك ما يشير، قبل 7 أكتوبر/ تشرين الأول أو حتى قبل الأول من أبريل/نيسان، إلى وجود أي قضايا مشروعة من شأنها التشكيك في قدرة الحكومة الإسرائيلية على تجديد الإعفاء".
ووصف التأجيل بأنه "تحرك سياسي صارخ، وليس تحركا قائما على تعزيز الأمن".
وفي مارس/آذار الماضي، هدد سموتريتش بشل اقتصاد السلطة الفلسطينية بعد أن فرضت واشنطن عقوبات على 4 مستوطنين بالضفة متهمين بارتكاب أعمال عنف ضد الفلسطينيين.
وفي أبريل/نيسان، قال إنه "سيوقف من جانب واحد وفوري تحويل الأموال إلى السلطة الفلسطينية، وسيأمر بإلغاء الإعفاء للبنوك الإسرائيلية، إذا حصلت السلطة الفلسطينية على الاعتراف كدولة من قبل مجلس الأمن، أو إذا أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال ضد قادة أو جنود إسرائيليين.
وكتبت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين إلى المسؤولين الإسرائيليين للتعبير عن قلقها.
وقال مسؤولان غربيان وآخر غربي سابق إن تجديد الإعفاء قد تأخر في مناسبات سابقة بسبب قلق البنوك الإسرائيلية بشأن التعامل مع المقرضين الفلسطينيين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات البنوک الإسرائیلیة السلطة الفلسطینیة تجدید الإعفاء بدولة فلسطین فی الضفة
إقرأ أيضاً:
السلطة الفلسطينية وخيار سموتريتش الثالث
من منطلق الصلف والغرور، والثقة بأن أرض فلسطين العربية هي أرض إسرائيل التوراتية، طرح وزير المالية الإسرائيلي الإرهابي سموتريتش ثلاثة خيارات أمام الشعب الفلسطيني، وهي كالتالي: الخيار الأول: الرحيل عما يسميها أرض إسرائيل التوراتية، والخروج الآمن من هذه البلاد إلى أي مكان في العالم، ويختص بهذا الرحيل كل فلسطيني يطالب بحقوق سياسية أو حتى حقوق مدنية، أو يحلم بقيام الدولة، ويفكر أن يعترض على العيش تحت رحمة السلاح الإسرائيلي، والأوامر الإسرائيلية، مثل هؤلاء الفلسطينيين لا مكان على هذه الأرض التي يجب أن تكون تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة. وأزعم أن هذا الخيار مرفوض من قبل السلطة الفلسطينية، فالسلطة تعارض الرحيل عن أرض فلسطين، وتشجع الناس على البقاء فوق تراب الوطن، دون خلق أي مبرر للصهاينة كي يمارسوا الإرهاب العنيف ضد الشعب الفلسطيني. الخيار الثاني الذي طرحه سموتريتش، يتمثل في الموت أو السجن لكل فلسطيني يعترض على الوجود الإسرائيلي، ويرفض التسليم بحق إسرائيل في الوجود فوق كامل تراب فلسطين، والموت لكل من يفكر في مقاومة المحتلين، أو الاعتراض على إرهاب المستوطنين، خيار الموت أو السجن هذا يلاحق كل من يتبنى فكر المقاومة. وأزعم ثانية أن هذا الخيار الإرهابي ترفضه السلطة الفلسطينية، وفي الوقت نفسه تتصدى لكل فلسطيني يلجأ إلى حمل السلاح لمقاومة المحتلين، أو المس بأمن المستوطنين، أو الاعتراض على قرارات جيش المحتلين. بقى الخيار الثالث: وهذا الخيار يشترط حياة الفلسطينيين تحت الحذاء الإسرائيلي، والعمل في المصانع والشركات الإسرائيلية خدماً وعمالٌاً وعبيداً، وعدم البحث عن هوية أو حرية مع عدم المطالبة بالحقوق المدنية وحتى الشخصية، والمقابل لهذا الخنوع الاستسلام رغيف خبز معجون بالذلة، وقطعة سكر مغمسة بالمهانة. الخيار الثالث الذي طرحه سموتريتش هو الخيار الذي تتعايش معه السلطة الفلسطينية بسياستها حتى اللحظة، فمنذ التوقيع على اتفاقية أوسلو 1993م، الاتفاقية التي سمحت لبعض المقاتلين الفلسطينيين بالعودة إلى الضفة الغربية وغزة دون سلاح الفدائيين، والقبول بحمل السلاح الذي زودهم به الجيش الإسرائيلي، والمشروط بتطبيق بنود الاتفاقية، ولا سيما البند المتعلق بالتنسيق والتعاون الأمني مع المخابرات الإسرائيلية، مقابل حصول السلطة الفلسطينية على أموال المقاصة، دون ربط ذلك الاستقرار الأمني بالحصول على الحقوق السياسية التي ينشدها الشعب الفلسطيني. لقد مرَّ أكثر من 30 سنة على اتفاقية أوسلو المشؤومة، 30 سنة رسمت معالم المرحلة القادمة من العلاقة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، والتي تشير إلى أن القادم على الفلسطينيين أسوأ بكثير من الذي مر عليهم، فالمخطط الإسرائيلي الاستيطاني تجاوز مرحلة الخنوع والتذلل، وبدأ يخطط لمرحلة الترحيل والتهجير، والسيطرة التامة على أرض إسرائيل التوراتية ـ كما يزعمون ـ والتي لا تقبل القسمة مع الفلسطينيين، ولا تقبل أن يتنازع على ملكيتها أي عربي مهما كان عاشقاً لخيار سموتريتش الثالث والقائم على الرضا بالأوامر الإسرائيلية، والقبول بحياة الخنوع والذلة.
كاتب ومحلل سياسي فلسطيني