لقد أصبح مكشوفا مفضوحا لكل متابع للشأن الإسرائيلي، أنّ صنّاع القرار بالصراع الدائر بينهم ما هم إلا كمجموعة ديكة تصحيح على بعضها، مع الاعتذار من معاشر الديوك لأنها تصيح ببراءة ولا تحمل كما هؤلاء حقدا وغلّا ومكرا وخبثا.

لا توجد هناك لغة مشتركة ولا خطط ولا تفاهمات ولا مبادئ عامّة ولا تواصل يُفضي إلى صوابيّة أو سبيل رشد، هناك حرب قائمة بينهم، كيد ومكر وتربّص وحفر ولمز وغمز وطعن، عداءات عنيفة شخصية تضرّ بشكل كبير في مصلحة الكيان وتجعله كالذي يتخبّطه الشيطان من المسّ، وقد اتضح ذلك جليّا وعلى الملأ من المؤتمرات الصحفية المنفردة التي يطلقها أركان مجلس الحرب؛ كلّ يغرّد بعيدا عن السّرب.



بالفعل أصابتهم هستيريا وجنون وبارونايا شخصية وعلى كلّ المستويات، السياسي والعسكري والبرلماني والشعبي وبكلّ مقاطعها الطولية والعرضية، أصابها هذا التناحر، ولا يتفقون إلا على الانتقام من الفلسطيني وممارسة الإبادة الجماعية.

أصابتهم هستيريا وجنون وبارونايا شخصية وعلى كلّ المستويات، السياسي والعسكري والبرلماني والشعبي وبكلّ مقاطعها الطولية والعرضية، أصابها هذا التناحر، ولا يتفقون إلا على الانتقام من الفلسطيني وممارسة الإبادة الجماعية
وبخصوص الخارج فقد أضرّوا بالعلاقة مع الحليف الأمريكي الداعم لهم بكل قوّة، وأحدثوا أضرارا عميقة على دول ذات علاقة وازنة معهم كثيرة لا مجال لحصرها وتعدادها. وعلى المستوى العالمي صاروا هم الجماعة البشرية الأسوأ على الإطلاق والصورة المذمومة الممقوتة وعلى المستويات الشعبية والإعلامية والمحافل الأممية والقانونية، ضربوا حاضرهم ومستقبلهم إن بقي لهم مستقبل.

لم يسعفهم ما يسمّى النظام الديمقراطي، بل صدّروا له نسخة مشوّهة من أسوأ ما عرفته البشرية مذ قام النظام الديمقراطي في العالم أجمع. فبدل أن يكون متنفّسا للصراع الداخلي وطريقة للنزاع بصورة معقولة، جعلوا منه وسيلة للتشاجر والتناحر وداسوا بأقدامهم على محاسنه وحولوها إلى قبائح ومفاسد.

وفي المقابل، يرى العالم إدارة المعركة من قبل حماس بشقيها العسكري والسياسي وكذلك الجهاد وفصائل المقاومة الأخرى، رغم الصعوبات الأمنية القاسية جدا في التواصل وظروف المعركة تحت القصف الهائل والاستهداف بكل الوسائل التقنية المعاصرة لقيادة المقاومة، ومع هذا تجد التوازن والتشاور وانسجام السياسي مع العسكري (رغم أنّ هناك بين يديهم غرف محصنة حتى من النووي، وهنا قيادة في أنفاق وقيادة في الخارج)، ويصدّرون للعالم أفضل الصور والنظم الراقية في التواصل والتشاور وصناعة القرار بأبهى أشكال الإدارة الناجحة المميّزة.

على سبيل المثال، كيف ينسجم خطاب أبو عبيدة مع الرسالة السياسيّة ويصيب في خطابه كلّ الأهداف بدقّة وينسجم تماما مع خطاب أسامة حمدان في مؤتمراته الصحفيّة، ليكمّل كلّ منهما الآخر ويحقّقان سمفونيّة واحدة مع تصريحات قيادة الحركة، بعيدا عن أي اختلاف أو تناقض وبما يشفي صدور الأصدقاء ويكسب كثيرا ممّن كانوا على الحياد أو أن المقاومة كانت عندهم في حالة تردّد أو تشكيك.

تجد خطابا سياسيا تقف فيه الجبهة الداخلية لتصطفّ كل الفصائل المقاومة ومحور المقاومة في خندق واحد ولتلهب مشاعر الشعوب وتحسم مواقفها، كذلك مهما كانت قريبة أو بعيدة تعمل قدر المستطاع على تحشيدها مع موقف المقاومة، ورأينا البراعة في التفاوض الأخير حول الصفقة وكيف حشروا نتنياهو وعصابته في الزاوية
وتجد خطابا سياسيا تقف فيه الجبهة الداخلية لتصطفّ كل الفصائل المقاومة ومحور المقاومة في خندق واحد ولتلهب مشاعر الشعوب وتحسم مواقفها، كذلك مهما كانت قريبة أو بعيدة تعمل قدر المستطاع على تحشيدها مع موقف المقاومة، ورأينا البراعة في التفاوض الأخير حول الصفقة وكيف حشروا نتنياهو وعصابته في الزاوية وجعلوهم في حالة من الهستيريا غير المسبوقة. إننا أمام مستويين حضاريين واحد في القمة والثاني في الحضيض.

كذلك ما يصدّره حزب الله من صورة في التشاور والتواصل كفريق عمل منسجم ويحترم كل منهم الآخر بين الأمانة العامة ومجلس الشورى المنتخب، صوت واحد وصورة واحدة وانسجام بين القول والفعل والسياسة المعلنة من أوّل خطاب إلى هذا اليوم، ومكاسب كثيرة على كلّ المستويات بدءا من المعركة والميدان وانتهاء بالتصريح الإعلامي الذي يستحضر ويراعي كلّ الأبعاد بدقّة واحترافية عالية.

أما الجبهة اليمنية وإدارة المعركة فحدّث ولا حرج، على صعيد عسكري وخطاب سياسي فيه ما فيه من حشد القدرات بوعي تفصيلي كبير في القضية الفلسطينية، وانسجام كامل في حالة تصعيدية أربكت وفاجأت وأدارت بروح إدارية فذّة لا ترى فيها عوجا ولا أمتا، بدءا من خطاب عبد الملك الحوثي مثلا وعلى صعيد المحتوى أو العاطفي التحريكي تجد نتاجه مليوني متظاهر في صنعاء وحدها، تقف جماهيرهم على قدم وساق بطريقة تذهل القلوب والأبصار.. (العراق، أعتذر ما عندي معلومات عن إدارة الجبهة هناك).

فخلاصة القول تسقط حضاريا ديمقراطيتهم وليبراليتهم وعلمانيتهم وإمبرياليتهم سقوطا مدوّيا وتظهر للناس على أسوأ وأبشع صورة ممكنة، وفي ذات الوقت تصدّر المقاومة نموذجا مختلفا على النقيض تماما.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المقاومة غزة الاحتلال المقاومة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

وقائعُ المعركة وحقيقةُ حزب الله

ريما فارس

على مدى العقود الماضية، شكّل حزب الله حالة استثنائية في تاريخ المقاومة، ليس فقط في لبنان، بل في الإقليم بأسره. فمنذ نشأته، حمل راية الدفاع عن الأرض والشعب، مستندًا إلى رؤية واضحة وعقيدة ثابتة لا تتبدل وفق المصالح السياسية. مع اندلاع الأزمة السورية، وجد نفسه أمام معادلة معقدة فرضتها طبيعة الصراع وتشابكاته الإقليمية.

لم يكن السيد حسن نصر الله رجل سياسة بالمعنى التقليدي، حَيثُ تتداخل الحسابات وتتناقض المواقف. تميّز خطابه بالوضوح والشفافية، لم يُعرف عنه الكذب أَو التلاعب بالحقائق، بل ظل صادقًا في وعوده، أمينا على الدماء، واعيًا لحجم المسؤولية.

مع تصاعد الأزمة السورية، انقسمت الآراء حول طبيعة الصراع. البعض رآه ثورة شعبيّة، بينما اعتبره آخرون مخطّطا لإسقاط محور المقاومة. لم يكن موقف الحزب وليد اللحظة، بل جاء استجابة لخطر متنامٍ فرضه تمدد الجماعات التكفيرية. لم يكن تدخله موجّهًا ضد الشعب السوري، بل ضد “داعش” و”جبهة النصرة”، التنظيمات التي ارتكبت المجازر وانتهكت الحرمات. كان نصر الله واضحًا في خطابه، مؤكّـدًا أن المواجهة ليست مع السوريين، بل مع من اختطفوا الثورة وحوّلوها إلى مشروع دموي.

واجه الحزبُ اتّهاماتٍ كثيرة، بعضها استند إلى دعايات إعلامية، وبعضها الآخر كان جزءًا من حملة سياسية لتشويه صورته.

من أبرز ما وُجّه إليه أنه شارك في قتل المدنيين، بينما أظهرت الوقائعُ أن معاركه كانت محصورة ضد التنظيمات المتطرفة، لا في استهداف الشعب السوري.

المعارك الأخيرة أثبتت أنه لم يكن أدَاة بيد النظام، بل صاحب قرار مستقل، يتدخل وفق الضرورة، وينسحب متى انتفى الخطر. حتى في مواقفه السياسية، لم يكن داعمًا لكل سياسات دمشق، بل تعامل وفق ما يخدم الاستقرار العام.

عندما أعلن الحزب تدخله، لم يكن ذلك مدفوعًا بمصلحة حزبية، بل التزامٌ بتكليف شرعي لحماية لبنان ومنع سقوط المنطقة في قبضة الإرهاب. لو لم يكن هناك، لكانت المعركة انتقلت إلى الداخل اللبناني، ولشهدت بيروت والبقاع ما عرفته مدن العراق وسوريا من فظائع.

اليوم، وبعد سنوات من تلك الحرب، تبدو الحقيقة أكثر وضوحًا. لم يسعَ الحزب إلى فرض نفوذ، بل أَدَّى واجبًا فرضته المعطيات. ويبقى الحكم للتاريخ، الذي لا يُكتب بالصخب الإعلامي، بل بالحقائق التي تثبتها الأيّام.

مقالات مشابهة

  • البعوضة؟! (قصة قصيرة من رعب المعركة)
  • السيسي:هنتجاوز أي تحدي طول ما الشعب متماسك وعلى قلب رجل واحد
  • شريف إكرامي: معنديش خلاف مع حسام غالي وطبيعة الحياة باعدت بيننا
  • وقائعُ المعركة وحقيقةُ حزب الله
  • ننشر تفاصيل امتحانات الثانوية العامة 2025 المقرر عقدها بـ“النظام الجديد”
  • إدارة شبيبة القبائل تشكر أسرة “السياسي”
  • جدول امتحانات الثانوية العامة 2025 علمي رياضة .. اعرف تفاصيله الآن
  • بن زكري: لا مجال للمقارنة والنصر فريق كبير ونحن نستمتع باللعب ضده.. فيديو
  • سلام: هناك مرحلة جديدة أمام البلد وعلى الحكومة المحافظة على الثقة
  • العقوبات ستشمل كل المستويات في العراق حتى الإعلام.. الارتهان لإيران خيار أم حتمية؟