ألقت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، الكلمة الافتتاحية في الاجتماعات السنوية للمؤسسات والهيئات المالية العربية، التي انطلقت صباح اليوم بالعاصمة الإدارية الجديدة، تحت رعاية السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، وبحضور الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، ورؤساء الهيئات والمؤسسات المالية العربية، ومحافظي ونواب محافظي الدول العربية لدى تلك المؤسسات من مختلف الدول العربية، وممثلي مؤسسات التمويل الدولية.

ورحبت وزيرة التعاون الدولي، بالوفود العربية ورؤساء وممثلي المؤسسات المالية، في الاجتماعات السنوية المُشتركة للهيئات المالية العربية لعام 2024، مؤكدة أن رعاية السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، لحدث، يؤكد دعمه لجهود التنمية في وطننا العربي ومساندته الدائمة للقضايا العربية، كما وجهت الشكر للدكتور مصطفي مدبولي، رئيس الوزراء، على دعمه المباشر لعمل مصر مع مؤسسات التمويل العربية، وتوجيهه بتوفير كافة سبل الدعم والمساندة للنسخة الحالية من الاجتماعات.

وأكدت وزيرة التعاون الدولي، أن مؤسسات وهيئات التمويل العربية باتت تتسم بهوية مُتميزة وطبيعة تنموية متفردة، وتكامل لدعم جهود التنمية في وطننا العربي.

وأضافت أن ما يؤكد ذلك التنوع الكبير في مجالات العمل، فمنها من يقوم بمعالجة الاختلالات في الاقتصادات العربية وتوفير الدعم للاقتصاد الكلي، ومنها من يتيح التمويلات المُيسرة للمشروعات التنموية، كما تتخصص مؤسسات بعينها في توفير ضمانات الاستثمار وائتمان الصادرات، فضلًا عن تشجيع الاستثمارات الأجنبية المباشرة والتبادل التجاري، وهو ما يعزز من توجهها الشامل نحو دعم التنمية في مختلف القطاعات الاقتصادية في دولنا.

المتغيرات الجديدة

وأكدت أن هذه النسخة من الاجتماعات، ستراعي المتغيرات الجديدة التي فرضتها الظروف الراهنة على كافة المستويات، من خلال مشاركة الأفكار لتعزيز العوائد الاقتصادية والاجتماعية، ودعم أهداف التنمية المستدامة مع الحفاظ على البعد البيئي، خصوصًا بعدما فرض العمل المناخي نفسه ليتصدر أجندة مؤسسات التمويل الدولية على مدار السنوات الماضية.

وأشارت «المشاط»، إلى أن الهيئات والمؤسسات المالية العربية قامت بتوفير الدعم الفني والتمويل للعديد من المشروعات الفعالة، وأنتجت على مدار عقود نماذج تنموية بتعاون عربي – عربي.

الشراكة بين مصر ومؤسسات التمويل العربية

وفي هذا السياق أوضحت وزيرة التعاون الدولي، أن مصر قدمت نموذجًا للتعاون مع المؤسسات والهيئات المالية العربية التي كانت داعمًا لتوجهات الدولة المصرية لتحقيق التنمية في مختلف المجالات، وزيادة الانفتاح على إشراك القطاع الخاص في جهود التنمية.

وسلطت الضوء على التعاون الكبير من المؤسسات والصناديق العربية في تمويل البرنامج الوطني لتنمية شبه جزيرة سيناء، تلك البقعة الغالية من أرض مصر، حيث نفذت مصر برنامجًا طموحًا بدعم مباشر من القيادة السياسية وتمويل المؤسسات العربية، ساهم في تنفيذ مشروعات بناءة، منها على سبيل المثال لا الحصر، مشروع التجمعات التنموية، ومنظومة معالجة مياه الصرف الزراعي والصناعي ببحر البقر – الأكبر من نوعها في العالم - التي توفر مياه صالحة لري 400 ألف فدان، ومحطة معالجة مياه المحسمة.

كما أشارت إلى أنه من أبرز المشروعات الممولة من المؤسسات العربية، مشروع محطة جنوب حلوان لتوليد الكهرباء الذي فاز بأول نسخة من جائزة الشيخ عبداللطيف الحمد التنموية، المُقدمة من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، وتُمنح لأفضل مشروع تنموي اقتصادي واجتماعي في الوطن العربي.

إلى جانب ذلك فإن مساهمة المؤسسات العربية رئيسية وفاعلة في تحقيق التكامل العربي، من خال تمويل المشروع المصري السعودي للربط الكهربائي الذي يربط أكبر منظومتين في الوطن العربي بما يعزز مصادر الطاقة، ويؤسس للربط العربي الشامل.

فجوة تمويل التنمية العالمية

وأشارت وزيرة التعاون الدولي، إلى أحدث تقرير للأمم المتحدة حول مشهد تمويل التنمية المستدامة، والذي كشف تحديات هائلة تعوق جهود المجتمع الدولي في هذا الشأن، نتيجة تضاعف فجوة تمويل التنمية من 2.5 تريليون دولار قبل جائحة "كوفيد 19"، إلى 4.2 تريليون دولار حاليًا، نتيجة التوترات الجيوسياسية، والكوارث المناخية، والتحديات الأخرى، وهو ما يؤكد أنه لا سبيل لتحقيق أجندة التنمية 2030 إلا بإصلاح النظام المالي الدولي يتزامن معه زيادة هائلة في حجم التمويل المتاح.

وتابعت قائلة: بينما أصبح التكامل بين بنوك التنمية متعددة الأطراف، مطلبًا دوليًا لا يمكن الاستغناء عنه، ومحورًا رئيسيًا من محاور إصلاح الهيكل المالي العالمي، فإن الهيئات المالية العربية تُشكل بلا شك أهمية كبرى في المنظومة الدولية، نظرًا لتطور إمكاناتها المالية والفنية بشكل كبير على مدار الفترات الماضية، وهو ما يجعلها داعم قوي لدعوات إصلاح النظام المالي العالمي، من أجل سد الفجوة التمويلية وإتاحة المزيد من الأدوات المبتكرة.

وأكدت أن الدعم المالي المباشر من حكومات الدول العربية الأعضاء، والجهود التي بذلتها مجالس إدارات هذه الهيئات لتعزيز قاعدتها المالية، ودعم أنشطتها المتنوعة، سيمكنها من تحقيق رسالتها على المستويين العربي والدولي.

المبادرات العربية في مشهد التمويل الإنمائي الدولي

ونوهت بأن الهيئات المالية العربية أصبحت كُتلة فاعلة في التمويل الإنمائي الدولي، وعنصرًا مؤثرًا في خريطة المبادرات العالمية التي تستهدف معالجة الاختلالات الرئيسية من خلال المبادرات الفاعلة، على غرار مبادرة مجموعة التنسيق العربية (ACG) التي تم إطلاقها في مؤتمر المناخ (COP27)، وتعهدت بتقديم تمويل مشترك بقيمة 24 مليار دولار للدول الأعضاء حتى عام 2030 للتصدى للأزمة المناخية العالمية، وهو ما يُبرز دور المؤسسات المالية العربية كفاعل رئيسي في مواجهة التغيرات المناخية، في ظل زيادة الفجوات التمويلية وتوالي الصدمات والأزمات وضيق الحيز المالي.

ولفتت إلى أن التحديات الجسيمة التي يواجهها وطننا العربي في وقتنا الحالي، تتطلب الاستمرار في تطوير العمل وتوفير كافة سبل الدعم، لتعزيز رسالة مؤسساتنا العربية في تمكين القطاع الخاص لقيادة جهود التنمية، وتعزيز استدامة مسيرتنا نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة واستراتيجياتنا الوطنية.

واختتمت كلمتها بالتأكيد على أن هذه الاجتماعات ستسهم في وضع الأطر العامة وإقرار الخطط والسياسات للهيئات المالية العربية، بما يمكنها من دعم جهود التنمية في دولنا العربية، وتعزيز قدرتها على المرونة والتصدي للأزمات المتتالية.

المصدر: بوابة الفجر

إقرأ أيضاً:

نموذج 8 لا يغني عن رخصة البناء| مسؤول: تقنين الأوضاع يعزز الاستثمار ويزيد من قيمة العقارات

في محاولة جادة لمعالجة واحدة من أكثر الملفات تعقيداً في قطاع الإسكان والبناء، دخل قانون التصالح الجديد رقم 187 لسنة 2023 حيّز التنفيذ، محمّلاً بالكثير من التطلعات والآمال نحو تقنين أوضاع مخالفات البناء المنتشرة في مختلف المحافظات. إلا أن التطبيق على أرض الواقع ما زال يواجه تحديات كبيرة، أبرزها الالتباس حول ما يُعرف بـ"نموذج رقم 8"، والذي يعتقد الكثير من المواطنين خطأً أنه تصريح ببناء جديد، ما أثار جدلاً واسعاً في الأوساط المعنية.

"نموذج 8" ليس بديلاً لرخصة البناء

من أبرز نقاط الجدل التي أثيرت بعد بدء تطبيق القانون هو الفهم الخاطئ لطبيعة "نموذج رقم 8". حيث أكدت الحكومة أن هذا النموذج لا يُعد بأي حال من الأحوال تصريحاً بالبناء. بل هو بمثابة وثيقة تُقر بأن صاحب المخالفة قد قام بتقنين وضعه القانوني فقط، ولكن لا يُتيح له مباشرة أي أعمال إنشائية جديدة أو استكمال البناء القائم إلا بعد الحصول على رخصة رسمية من المركز التكنولوجي التابع للحي أو المركز المختص.

ووفقاً للقانون، فإن أي محاولة للبناء أو صب الأسقف أو تعلية الأدوار بعد الحصول على النموذج تُعتبر مخالفة جديدة، ما يستدعي ضرورة استصدار رخصة جديدة قائمة على موافقات رسمية من الجهات المعنية.

رؤية المسؤولين.. القانون خطوة مهمة 

اللواء أحمد ضيف صقر، محافظ الغربية الأسبق، يرى أن قانون التصالح يُعتبر خطوة مهمة في سبيل تقنين الأوضاع غير القانونية، كما يسهم في تحسين البيئة الاستثمارية في القطاع العقاري.

 وأكد أن تقنين العقارات المخالفة يزيد من إقبال المشترين، ويُسهّل من إدخال المرافق الرسمية، ما يرفع من القيمة السوقية لتلك الوحدات.

لكن رغم هذه الإيجابيات، أبدى صقر استياءه من وتيرة التنفيذ البطيئة للقانون، معتبراً أن الحملات الإعلامية والإعلانية التي أطلقتها الدولة لم تحقق الأثر المرجو في تحفيز المواطنين على تقديم طلبات التصالح.

خلل إداري يستدعي المحاسبة

وأشار اللواء صقر في تصريحاته لـ"صدى البلد" إلى أن جزءاً من المشكلة يعود إلى الأداء الإداري الضعيف في بعض الوحدات المحلية، حيث ما زال هناك نحو مليون و900 ألف طلب تصالح من المرحلتين الأولى والثانية لم يتم البت فيها حتى الآن.

وطالب بتطبيق عقوبات رادعة ليس فقط على المخالفين، بل أيضاً على الموظفين الذين يتسببون في تعطيل الإجراءات، مما يؤدي إلى إضعاف ثقة المواطنين في المنظومة ويؤخر تنفيذ القانون على النحو المطلوب.

دعوات للشفافية وتسريع الإجراءات

في ختام حديثه، شدد اللواء صقر على أهمية إعلان الأرقام الرسمية المتعلقة بعدد الطلبات التي تم البت فيها، سواء بالقبول أو الرفض، لضمان الشفافية وبناء جسور الثقة بين الدولة والمواطنين. كما دعا إلى استبدال تمديد المهلات الزمنية بإجراءات حقيقية لتسريع وتيرة العمل، من خلال تفعيل آليات رقابية أكثر فاعلية.

رغم أن قانون التصالح رقم 187 لسنة 2023 جاء محمّلاً بآمال كبيرة، إلا أن نجاحه في تحقيق أهدافه يعتمد بشكل كبير على وضوح آليات تنفيذه، وتعاون جميع الأطراف المعنية، بدءاً من المواطن وحتى المسؤول المحلي. ومع استمرار الجدل حول "نموذج 8" وتأخر البت في عدد ضخم من الطلبات، يبدو أن الطريق نحو تسوية شاملة ما زال بحاجة إلى كثير من الجدية والحزم والشفافية.

طباعة شارك الإسكان التصالح الجديد القانون المحافظات رخصة جديدة صقر

مقالات مشابهة

  • نموذج 8 أم رخصة البناء؟| القصة الكاملة لجدل قانون التصالح الجديد.. وخبراء يعلقون
  • المشاط تعقد اجتماعات مكثفة ومسئولي الحكومات والمؤسسات الدولية والقطاع الخاص
  • رسالة للجيش المصري بـ”خصوص سيناء” في هذا التوقيت
  • برنامج الأغذية العالمي يحذر من خفض دعم يوفره للسودان بسبب نقص التمويل
  • نموذج 8 لا يغني عن رخصة البناء| مسؤول: تقنين الأوضاع يعزز الاستثمار ويزيد من قيمة العقارات
  • التخطيط: نحث البنك الدولي على تعزيز أجندة التوظيف عبر التنمية
  • المشاط: 1.4 مليار دولار تمويل من البنك الدولي لــ"تكافل وكرامة" في 10 سنوات
  • عوض: 1.5مليون جنيه لـ شمال سيناء لتنفيذ برنامج التنمية الحضرية والريفية
  • حكومة الوحدة الوطنية توقع مذكرة تفاهم مع البنك الدولي لتعزيز التعاون في مجالات التنمية
  • السيسي: نرفع الهامات إجلالًا للقوات المسلحة التي قدمت الشهداء دفاعًا عن الأرض والعرض