واصلت دولة الإمارات العربية المتحدة تعزيز مكانتها ثقلاً بارزاً على خارطة تجارة السلع الدولية، حيث حافظت على المرتبة الثانية ضمن مؤشر تجارة السلع الذي جاء ضمن تقرير “مستقبل التجارة” 2024 الصادر عن مركز دبي للسلع المتعددة.

يضع مؤشر تجارة السلع لعام 2024 الصادر عن مركز دبي للسلع المتعددة تقييماً لعشرة مراكز رئيسية على خارطة التجارة الدولية بالاعتماد على ثلاثة جوانب محورية في تجارة السلع عبر 10 مؤشرات فرعية محددة.

وهذه المؤشرات تعكس جوهر المزايا الموقعية، والثروة السلعية والتي تشمل سلع مثل القهوة والحبوب والذهب والخدمات المالية والبنية التحتية اللوجستية، بالإضافة إلى القوة المؤسسية. وبذلك، يقدم التقرير رؤية شاملة حول دور هذه المراكز على خارطة التجارة الدولية، مستمداً على بيانات من مؤسسات عالمية مرموقة مثل البنك الدولي والأمم المتحدة.

وفي ظل التطورات الجارية على الساحة الدولية، والتي تشهد إقبالاً متنامياً على نموذج التمركز الإقليمي بفعل التوترات الجيوسياسية والتداعيات المترتبة على الاقتصاد الكلي وإعادة هيكلة سلاسل التوريد، تزداد جاذبية المراكز التجارية التي لديها القدرة على الاستفادة من موقفها السياسي الحيادي نسبياً، وموقعها الجغرافي، وتوافر السلع الاستراتيجية، والبنية التحتية التجارية المتطوّرة.

ووفقاً لذلك فقد واصلت دولة الإمارات تعزيز هيمنتها ضمن فئة عوامل الموارد السلعية بنسبة 77%، متفوقةً بفارق كبير على باقي المراكز التجارية العالمية، وذلك بفضل إمداداتها الغنية من النفط. كما سجلت الدولة تحسناً ملحوظاً في العوامل المؤسسية بنسبة 66%، حيث تقدمت لتحتل المرتبة الرابعة، متقدمة مركزاً عن النسخة السابقة من المؤشر، ويُعزى هذا الإنجاز بشكل كبير إلى معدلات الضرائب الجاذبة وقوة البنية التحتية اللوجستية التجارية. وقد نوّه المؤشر إلى وجود فرص واعدة أمام الإمارات لتعزيز التعاون وتحسين العلاقات التجارية بهدف تعزيز تقييمها ضمن فئة عوامل الشراكة الموقعية والتجارية.

وفي هذه المناسبة، قالت فريال أحمدي، الرئيس التنفيذي للعمليات في مركز دبي للسلع المتعددة: “يُعد استمرار تصنيف دولة الإمارات العربية المتحدة كواحدة من بين أبرز المراكز الرئيسية في تجارة السلع الدولية شاهداً قوياً على المرونة التي تتمتع بها الدولة في مواجهة التحديات بل ودليلاً دامغاً على الرؤية الطموحة لقيادتنا الرشيدة التي تقود مسار نمونا بخطى واثقة. كما أن الموقع الاستراتيجي لإمارة دبي، وبنيتها التحتية المتطورة، وسياساتها الداعمة للأعمال، تجعلها وجهةً جاذبةً تستقطب الشركات والمستثمرين من جميع أنحاء العالم. وهذه الرؤى المستقاة من مؤشر تجارة السلع في تقرير مستقبل التجارة ستوجه خطواتنا نحو رسم ملامح مستقبل التجارة، وتحفيز النمو المستدام، وتعزيز الشراكات المثمرة، التي تدعم جهود مركز دبي للسلع المتعددة في توفير مناخ مثالي يعزز نجاح الشركات والأعمال”.

ووفقاً لتقييم العام 2024، جاءت الولايات المتحدة في صدارة المؤشر بنسبة 59%، ما يعكس أداءها القوي عبر جميع الفئات، خاصة فيما يتعلق بعوامل الموارد السلعية والعوامل المؤسسية. وبشكل لافت، ارتقت سويسرا إلى المراكز الثلاثة الأولى للمرة الأولى بنسبة 46%، وذلك بفضل عوامل الشراكة الموقعية والتجارية، ما يبرز دورها المتنامي لاعباً رئيسياً في مشهد تجارة السلع العالمية. كما أحرزت سنغافورة تقدماً ملحوظاً بصعودها ثلاث مراكز لتحتل المرتبة الرابعة بنسبة 44%، بينما تحسنت هونغ كونغ بمركز واحد لتصل إلى المرتبة الخامسة بنسبة 41%.

سجلّت هولندا (40%) والمملكة المتحدة (38%) أكبر معدلات انخفاض في تقييم المؤشر هذا العام، خاصةً وأن نقل مقر شركة النفط “شل” من هولندا إلى المملكة المتحدة كان له تأثير بالغ على تقييمها ضمن فئة العامل الموقعي، ومن ناحية أخرى، أثرت تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وزيادة التعريفات الجمركية التي فرضها شركاؤها التجاريون بشكل ملحوظ على تصنيف المملكة المتحدة. وكما أن ضريبة الشركات المرتفعة نسبياً في المملكة المتحدة تسهم بدورها في إضعاف تقييمها ضمن المؤشر.

ظلت الدول الثلاث التي سجلت أدنى أداء في المؤشر دون تغيير، وهي الصين بنسبة (34%)، وجنوب أفريقيا بنسبة (18%)، ونيجيريا بنسبة (10%)، ورغم ثرائهم بالموارد الطبيعية غير أنهم يواجهون صعوبات بسبب ضعف الدعم المؤسسي والتحديات المرتبطة بالموقع الجغرافي.

ولقد سجّلت ثمانية من المراكز التجارية انخفاضاً في تقييمها ضمن المؤشر، مع استمرارية الفجوة في التوسع بين المراكز الأعلى والأدنى أداءً. وهذا يُبرِز التأثير العميق للتوترات الجيوسياسية والأوضاع الاقتصادية الكلية على التجارة العالمية.

هذا وتقدم النسخة الرابعة من مؤشر تجارة السلع الصادر عن مركز دبي للسلع المتعددة، الذي تم إطلاقه في عام 2018، تحليلاً شاملاً وحيوياً حول أداء وديناميكيات أبرز وأهم مراكز تجارة السلع في جميع أنحاء العالم.

تُعد سلسلة تقارير “مستقبل التجارة” مصدراً معلوماتياً قيماً لأصحاب المصلحة ممن يسعون إلى الإلمام بطبيعة مشهد التجارة الدولية وتجاوز تحدياته. ويقدم التقرير، من خلال الأبحاث التفصيلية والتحليل الشامل للبيانات وآراء الخبراء، رؤية متعمّقة حول التوجهات والتحديات والفرص الناشئة التي تساهم بدورها في رسم ملامح مستقبل التجارة. ويغطي التقرير مجموعة واسعة من المواضيع المهمة، بدءاً من ديناميكيات تداول السلع وعوامل الاقتصاد الكلي وحتى التطورات التكنولوجية والجيوسياسية، مقدماً بيانات ثاقبة ورؤى شاملة تخدم وتدعم الشركات وصنّاع السياسات وقادة الصناعات.

تناولت النسخة الخامسة من تقرير “مستقبل التجارة” 2024 ثلاثة توجهات رئيسية من المتوقع أن تساهم في إعادة رسم ملامح مشهد التجارة العالمية خلال السنوات القادمة، بما فيها التحوّل المتسارع إلى نموذج التمركز الإقليمي، وإعادة هيكلة سلسلة التوريد على نطاق واسع، والنمو المتزايد في تجارة الخدمات الرقمية واعتماد الذكاء الاصطناعي. لمعرفة مزيد من المعلومات حول مؤشر تجارة السلع والإطلاع على تقرير مستقبل التجارة 2024 بالكامل، تفضلوا بزيارة الموقع الإلكتروني www.futureoftrade.com.


المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: مستقبل التجارة فی تجارة

إقرأ أيضاً:

تأمينا لخطوط الملاحة البحرية وحركة التجارة العالمية.. أمريكا تواصل ضرباتها لإفقاد الحوثيين القدرة على استهداف السفن

البلاد – عدن
واصلت الولايات المتحدة غاراتها الجوية ضد جماعة الحوثي بمناطق سيطرتها في اليمن، أمس (الاثنين)، في ظل تأكيدات باستمرار الضربات حتى إفقاد الجماعة قدراتها على استهداف السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، لضمان تأمين الممرات المائية وخطوط الملاحة البحرية وحرية حركة التجارة العالمية.
وقالت القيادة المركزية الأمريكية “سنتكوم”، أمس، إن الولايات المتحدة تواصل غاراتها الجوية ضد جماعة الحوثي على مناطق سيطرتها في اليمن، ونشرت مقطع فيديو على موقع “إكس” لإقلاع طائرات عسكرية. وقالت: “تواصل قوات القيادة المركزية الأمريكية عملياتها ضد الإرهابيين الحوثيين”، بحسب البيان.
فيما أفاد إعلام حوثي بوقوع غارات جوية في منطقة مدينة الحديدة الساحلية التي تبعد نحو 230 كيلومتراً عن العاصمة صنعاء.
وأعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن عدم اكتراثه بتهديدات الحوثيين في اليمن، عقب شن الجيش الأمريكي غاراته الأخيرة ضد مواقعهم، وسط إعلانات رسمية باستمرارها لفترة قادمة.
وبحسب القيادة المركزية الأمريكية، فإن العمليات التي شُنّت الاثنين تأتي ضمن سلسلة من الضربات الجوية والصاروخية المستمرة، فقد شُنّت الولايات المتحدة أيضًا غارات يومي السبت والأحد الماضيين على مواقع الحوثيين في 6 محافظات يمنية؛ العاصمة صنعاء، وصعدة، والبيضاء، وذمار، وحجة، ومأرب. وأوضحت القيادة الأمريكية أن الضربات ستستمر حتى تُفقد الحوثيين القدرة على استهداف السفن وخطوط الملاحة البحرية الحيوية.
وأوضح وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أن هذه الهجمات لن تتوقف قبل تدمير قدرات الحوثيين على مهاجمة السفن، مؤكدًا أن الهدف الأساسي للعمليات الأمريكية هو حماية خطوط الملاحة الدولية التي تمر عبر البحر الأحمر والتي تشكل حوالي 12 % من حركة الشحن العالمية. وفي سياق متصل، أشار المتحدث باسم البنتاجون شون بارنيل إلى أن الحوثيين “هاجموا سفنا حربية أمريكية 174 مرة وسفنا تجارية 145 مرة منذ بداية عام 2023″، مما يوضح حجم التهديد الذي تشكله هذه الهجمات على الأمن البحري والتجارة الدولية.
من جانبها، حملت القيادة اليمنية الشرعية الحوثيين مسؤولية استدعاء الضربات الأمريكية التي أمر بها الرئيس ترامب. وقال وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، إن “على الحوثيين أن يدركوا أن عواقب تصعيدهم قد بدأت بالفعل، وأنهم وحدهم من يتحملون المسؤولية عن معاناة الشعب اليمني”، مضيفًا أنه “مع كل هجوم إرهابي يشنونه على خطوط الملاحة الدولية، وكل معركة يفتعلونها تحت شعارات زائفة، فإن الشعب اليمني هو من يدفع الثمن”.
وقد أعادت الولايات المتحدة في وقت سابق من هذا الشهر تصنيف جماعة الحوثيين “منظمة إرهابية أجنبية”، مما يعني حظر أي تعامل أمريكي مع أفرادها ومناطق نفوذها. وتأتي هذه الخطوة في إطار جهود متواصلة لتجفيف مصادر تمويل ومساندة الحوثيين، وإضعاف قدرتهم على شن هجمات تستهدف الملاحة البحرية وحركة التجارة العالمية.
وتتزايد المخاوف من أن استمرار هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر وخليج عدن يؤدي إلى خسائر فادحة للتجارة العالمية، إذ تُقدر الخسائر الناجمة عن هذه الهجمات بأضرار اقتصادية جسيمة، ما دفع العديد من شركات الشحن إلى البحث عن طرق بديلة رغم التكاليف الإضافية الباهظة. وفي ظل هذه المعطيات، تؤكد الولايات المتحدة على ضرورة تقييد نشاط الحوثيين وتدمير قدراتهم العسكرية لضمان استقرار الممرات البحرية ومنع أي تهديد محتمل للتجارة الدولية.

مقالات مشابهة

  • المؤشر نيكي الياباني يغلق عند أعلى مستوى في نحو 3 أسابيع
  • تأمينا لخطوط الملاحة البحرية وحركة التجارة العالمية.. أمريكا تواصل ضرباتها لإفقاد الحوثيين القدرة على استهداف السفن
  • مجموعة stc ثالث أقوى سمة تجارية في قطاع الاتصالات على مستوى العالم بحسب “براند فاينانس”
  • أونكتاد: التجارة العالمية تسجل رقما قياسيا عند 33 تريليون دولار في 2024
  • حرب الإقتصاد… زيادة الرسوم الجمركية بين أميركا وأوروبا تهدد بـ9.5 تريليون دولار سنوياً
  • ارتفاعُ الناتج الصناعي بالصين بنسبة 5.9%
  • حرب الرسوم تهدد 9.5 تريليون دولار من التجارة عبر الأطلسي
  • “دبي للمستقبل” تطلق النسخة الرابعة من “تقرير الفرص المستقبلية: 50 فرصة عالمية”
  • رغم صدور حكم بسجنه.. المقريف يستقبل وكيل وزارته ويتسلم “درع التميز”
  • وزير الاستثمار يستعرض تنفيذ مشروع الرقابة على السلع الصناعية.. نواب: تضع مصر على خريطة التجارة العالمية.. والرقابة على الأسواق ودعم الصادرات أبرز فوائدها