د. عبد المنعم مختار
أستاذ جامعي متخصص في السياسات الصحية القائمة على الأدلة العلمية ---

خلفية

في خطوة مفاجئة، وقبل انعقاد المؤتمر التأسيسي لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم" وبرعاية من رئيس وزراء كينيا، قام دكتور حمدوك بتوقيع اتفاقين منفصلين بمضمون متشابه مع كل من قادة الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال، عبد العزيز الحلو، وقائد حركة تحرير السودان، عبد الواحد محمد نور.

ويبدو أن التكتم على التفاوض حول نصوص الاتفاقين وتوقيعهما قبل انعقاد المؤتمر التأسيسي لتقدم، والمتوقع أن يتم قريباً، كان بهدف تجنب رفض بعض الأمور الخلافية في الاتفاقين من قبل بعض الأحزاب ذات الثقل في "تقدم". كما أن رعاية رئيس وزراء كينيا مرتبطة بشكل ما برئاسة كينيا للجنة منظمة الإيغاد الرباعية الخاصة بالتوسط في الحرب الأهلية السودانية الجارية حالياً.

ما يهمنا في هذا المقال هو توضيح بعض النقاط المتعلقة بحق تقرير المصير لمواطني جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور في الاتفاقين.

حول شرعية الأطراف الموقعة على اتفاقيتي نيروبي والحاجة لانتخابات سابقة للمؤتمر الدستوري

يمكن التشكيك في شرعية الأطراف الموقعة على الاتفاقين المذكورين أعلاه. فمع كامل الاحترام لدكتور حمدوك والقائد الحلو والقائد النور، إلا أنهم لا يتمتعون بتفويض شعبي عبر انتخابات شاملة وعادلة ونزيهة. وتنطبق نفس هذه الحقيقة على المؤسسات التي يمثلونها: "تقدم"، والحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال، وحركة تحرير السودان. الموافقة على ممارسة حق تقرير المصير، أي الانفصال بطريقة سلمية في ظل معطيات السودان الحالية، هو أمر جسيم وخطير ويتعلق بوحدة وسلامة الأراضي والمواطنين أجمعين، ولا يجوز بتاتاً اتخاذه من قبل جهات أو قيادات غير مفوضة من المواطنين عبر وسائل ديمقراطية شفافة وعادلة ونزيهة.

من ناحية أخرى ذات صلة، فإن انعقاد المؤتمر الدستوري الخاص بمناقشة القضايا المركزية مثل حق تقرير المصير والعلمانية بواسطة قوى غير منتخبة ديمقراطياً أمر مرفوض ويجب التحذير منه. فكل ما ينتج عن هكذا مؤتمر يمكن اعتباره منحة من يملك شرعية منقوصة.

لا لحق تقرير المصير ونعم لعلمانية الدولة وحرية تدين المجتمع

أدناه موقفي من قضيتي حق تقرير المصير والعلمانية الواردتين في اتفاقي نيروبي.

يظل موقفي هو مجرد رأي حول قضايا مركزية لا يجوز البت فيها إلا من قبل جهات منتخبة ديمقراطياً تتجمع في مؤتمر دستوري شامل وشفاف وجيد التخطيط والتنفيذ.

1. الموافقة على حق تقرير المصير لجنوب السودان كان خطأً تاريخياً كبيراً. تم توقيع عدد كبير من الاتفاقيات بل والدساتير الموافقة على حق تقرير المصير لشعب جنوب السودان في 1992، و1994، و1995، و1996، و1997، و1998، و2002، و2005. يمكن القبول، وإن بصعوبة، بحق تقرير المصير هذا، نسبة لقدم التاريخ السلبي وعمق الانشقاقات وضعف التواصل الشعبي الإيجابي بين الشمال والجنوب. هذه الدوافع السلبية لحق تقرير المصير والانفصال غير متوفرة في تقديري في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور.

2. حق تقرير المصير يمكن أن يكون وسيلة لإضعاف شعب من حقه أن يتفاوض على عقد اجتماعي، أيضاً عبر الحروب الطويلة والدامية، كما فعلت الشعوب الأوروبية في أحيانٍ كثيرة. فقد استمرت بعض الحروب في أوروبا لمدة ثلاثين عامًا، وفي بعض الحالات كلفت أرواح خمسين مليون إنسان.

3. تاريخ ما بعد الحرب العالمية الثانية يخبرنا أيضاً أنه حتى في الدول الغربية الراسخة ديمقراطياً، غالباً لم يُمنح حق تقرير المصير، مثل منع إقليم كتالونيا في اسبانيا من حق تقرير المصير. وإن حدث منح لحق تقرير المصير فذلك يتم فغالباً بعد ترتيبات ترجح أن نتيجة التصويت ستكون ضد الانفصال، مثل ما حدث في اقليم كيبك في كندا.

4. الموافقة على حق تقرير المصير لأي منطقة أخرى في السودان جريمة في حق السودان وفي حق المنطقة لأن الفوائد المتوقعة للانفصال أقل بكثير من تكلفته.

5. الابتزاز السياسي من قبل حركات التمرد المسلحة في الأقاليم بحق تقرير المصير لتمرير أجندة أخرى، مهما كانت صحتها، مرفوض ويجب عدم تكراره.

6. فصل الدين والعرق والهويات الطبيعية والثقافية الأخرى عن الدولة والسياسة أصبح ضرورة وحتمية بعد اتجارب الكارثية للحكم بالدين والحرب بالعرق والممتدة طوال 58 سنة من كامل 68 سنة هي عمر السودان.

7. الابتزاز من قبل الأحزاب القائمة على الطائفة الدينية أو الدين بعدم تقبل المجتمع للعلمانية خطأ متطاول يجب وقفه. والهروب لتسميات مثل مدنية الدولة غالباً لن يجدي. علينا مصارحة الشعب بعلمانية الدولة وحرية تدين المجتمع.

8. توقيع دكتور حمدوك بالموافقة على حق تقرير المصير ليس من حقه ولا من حق "تقدم" لأنهم غير منتخبين ديمقراطياً ويجب التراجع عنه صراحة في المؤتمر التأسيسي القادم لتقدم.

9. نوقيع الحلو والنور بالموافقة على حق تقرير المصير ليس من حقهم ولا من حق الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال وحركة تحرير السودان لأنهم غير منتخبين ديمقراطياً وأرجو التراجع عنه صراحة في المؤتمر العام القادم للحركتين.

10. وحدة ما تبقى من السودان واجب وطني وأولوية رقم واحد وهو المصلحة العليا للأقاليم والوسط النيلي.

11. لا يجوز البت في القضايا المركزية مثل حق تقرير المصير والعلمانية من قبل قوى سياسية أو مسلحة غير منتخبة ديمقراطياً.

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: من قبل

إقرأ أيضاً:

هل يستمر متحف التحرير في العمل بعد افتتاح «المصري الكبير»؟.. اعرف المصير المنتظر

حسمت وزارة السياحة والآثار الجدل حول مصير المتحف المصري بالتحرير عقب افتتاح المتحف المصري الكبير والذي سيتم خلال الشهور المقبلة، إذ أكد الدكتور علي عبدالحليم مدير عام المتحف المصري بالتحرير، أن المتحف سيستمر في أداء دوره الثقافي والحضاري عقب افتتاح المتحف المصري الكبير، لافتا إلى أن المتحف يضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية فريدة لها طابع مختلف ومميز يعبر عن حقب تاريخية مختلفة منذ عهد ما قبل الأسرات وحتى العصر العصر اليوناني والروماني.

عمليات تطوير تتم بصورة مستمرة فى المتحف

وأضاف في تصريحات خاصة لـ«الوطن»، أن هناك عمليات تطوير تجري بصورة مستمرة  في المتحف المصري بالتحرير سواء من حيث تحديث القطع الأثرية المعروضة أو من خلال سيناريو العرض المتحفي، لافتا إلى أن المتحف يعتبر واحدا من أقدم المتاحف الأثرية بالشرق الأوسط حيث احتفل هذا العام بالذكرى الـ122 لافتتاحه حيث افتتح للمرة الأولى في 15 نوفمبر من عام 1902.

مصر تمتلك 3 متاحف كبيرة

ومن جهته، أكد شريف فتحي وزير السياحة والآثار، أن المتحف المصري بالتحرير  سيظل صرحا مهما بالنسبة للآثار والثقافة المصرية لن يتغير ولن يُنسى عقب افتتاح المتحف الكبير، مشددا على أن مصر تمتلك 3 متاحف كبرى وهم المتحف المصري بالتحرير والمتحف المصري الكبير والمتحف القومي للحضارة المصرية، ويجري العمل على خلق نقاط تَمَيز معينة لكل متحف بما يساهم في ثراء تجربة السائح خلال زيارته

وأوضح أن الفترة المقبلة ستشهد العمل على خلق نقاط تَمَيز للمتحف المصري بالتحرير، إذ سيشهد تنفيذ المزيد من أعمال التطوير، كما سيكون هناك تطوير لسيناريو العرض المتحفي الخاص بالقطع الأثرية المعروضة به.

يشار إلى أنّ المتحف المصري بالتحرير خضع  لخطة تطوير متكاملة هدفت إلى إعادة تأهيله بما يتناسب مع قيمته الأثرية والتاريخية العريقة، ليس فقط بما يضمه من مقتنيات، ولكن أيضًا كمبنى أثري، وذلك من خلال لجنة علمية مصرية، بالإضافة إلى أمناء المتحف، بالتعاون مع تحالف يضم أهم 5 متاحف في العالم، هي المتحف المصري بتورين بإيطاليا، متحف اللوفر في فرنسا، والمتحف البريطاني بإنجلترا، و المتحف المصري ببرلين في ألمانيا، والمتحف الوطني للآثار في ليدن بهولندا، بالإضافة إلى المعهد الفرنسي للآثار الشرقية، والمكتب الاتحادي للبناء والتخطيط الإقليمي، والمعهد المركزي للآثار، ويجري تنفيذ مشروع التطوير والإحياء طبقا للمستندات والخرائط والتصميمات الأصلية الخاصة بإنشاء المتحف.

مقالات مشابهة

  • وكالة السودان للانباء تجري استطلاعات وسط المشاركين في المؤتمر الاقتصادي الأول لمواجهة تحديات الحرب
  • السودان يعقد أول مؤتمر اقتصادي لزيادة الإيرادات في زمن الحرب
  • هل يستمر متحف التحرير في العمل بعد افتتاح «المصري الكبير»؟.. اعرف المصير المنتظر
  • وزيرة البيئة تسلم رئاسة المؤتمر نتائج قيادتها المشتركة مع نظيرها الاسترالي لتمويل المناخ
  • تامر أمين: المرأة مازالت منقوصة الحريات.. وحقوق الرجل كاملة منذ بدء الخليقة
  • الاتحاد الأفريقي يحذر: الوضع الإنساني بالسودان خطير ويستدعي تحركاً عاجلا
  • وزارة الشباب تبحث آثار الصراع المسلح في السودان وانعكاساته على ليبيا
  • شاهد بالفيديو .. أهم ما ورد في خطاب البرهان أمام المؤتمر الاقتصادي
  • البرهان: الحرب بنهايتها ولا هدنة مع أعداء الشعب
  • “وضع على شفا الانهيار”.. تقرير: لاجئو السودان بمصر وليبيا وتونس يتعرضون لانتهاكات