أيقونة الثورة الملازم اول معاش الشهيد محمد صديق إبراهيم
تاريخ النشر: 22nd, May 2024 GMT
بقلم عبد الاله حسن محمد
في سجلات التاريخ ودفاتر الشرف والبطولات وذاكرة الأمم ليست هناك أفعال أو أعمال يتردد صداها بشكل عميق مثل التضحية القصوى من أجل الوطن. مثل هذه التضحيات والقصص ليست مجرد حواشي تاريخية، أنها القلب النابض لهوية الأمة التي تساهم في تشكيلها وتحافظ على قيم الحرية والعدالة والمُثُل التي يتطلع اليها الشعب.
عندما اندلعت الحرب بين أصدقاء الأمس وأعداء اليوم أنحاز إلى المؤسسة الوطنية التي أحبها رغم كل سوءاتها. احساساً منه بالواجب الوطني ذهب الشهيد للتبليغ في قيادة الفرقة السابعة في الخرطوم للانضمام والقتال بجانب القوات المسلحة في الحرب ضد قوات الدعم السريع وتم رفض طلبه. بعد مضي أربعة اشهر واتساع رقعة الحرب ذهب اليهم مرة أخرى وتم رفضه بدون ذكر الأسباب. بعد مضي تسعة اشهر وتراجع الجيش وتمدد الدعم السريع في تسعة ولايات وسيطرته على معظم إقليم دارفور واستيلائه على مدني ، خرج الشهيد في يوم 22 ديسمبر 2023 في لايف على منصات التواصل متحدثاً بأسى وحرقة شديدة ومدفوعاً بغيرة وطنية واعلن مجدداً بأنه مازال مستعداً للقتال بجانب القوات المسلحة ضد قوات الدعم السريع ووجه رسائل قوية لقيادات الجيش وامهلهم مهلة حتى بداية السنة الجديدة لتحمل المسؤولية وتغير اسلوبهم في إدارة الحرب. بعد ذلك انخرط شخصياً في القتال ملبياً دعوة الاستنفار مهما كان مصدره والقصد منه. في يوم 19 مايو 2024 فجعنا جميعاً بخبر استشهاده في معركة مصفاة الجيلي بعد اسره وتصفيته من قبل مليشيا الدعم السريع.
أن تضحية الملازم أول معاش الشهيد محمد صديق ليست مجرد قصة شجاعة جندي، أنها شهادة على الحب العميق والالتزام الذي يمكن يتمتع به المرء تجاه شعبه. قصته تتجاوز ساحة المعركة لتكون بمثابة منارة للإلهام للأجيال القادمة. إنه يذكرنا بأن قيم الشرف والوطنية ليست مُثُلاً مجردة ولكنها مبادي حية يمكن أن توجه أعمالنا وقرارتنا. في عالم ساد فيه الطموحات الشخصية والمساعي العابرة، يدعونا أرث الشهيد إلى تذكر الهدف الأسمى المتمثل في خدمة شيء أعظم من انفسنا .... الاستعداد لبذل كل شيء حتى الروح من اجل سلامة وحرية وكرامة الوطن.
بينما نتأمل في شجاعة أيقونة الثورة الملازم أول معاش الشهيد محمد صديق ، نتذكر عدداً لا يحصى من ايقونات الثورة، من الرجال والنساء الذين قدموا تضحيات مماثلة تشكل حجر الأساس لثورة ديسمبر المجيدة ولهويتنا الوطنية. تضحياتهم ليست مجرد فصل في كتاب التاريخ، انها شهادة حية على روح التضحية الدائمة والحب الذي لا يموت للوطن. إنه تذكير بأن البطولة الحقيقية تكمن في استعداد المرء للتضحية بحياته حتى يعيش الآخرون في سلام وأمن. نتمنى أن لا يكون هناك مزيداً من مثل هذه التضحيات ضرورية وأن نعيش في سودان تنعم بالأمن والأمان. وعليهم جميعاً شآبيب رحمته.
a_bdulelah@hotmail.com
////////////////////////
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
ذكرى مولد الشيخ محمد صديق المنشاوي ..الصوت الباكي يضيء قلوب الملايين
في مثل هذا اليوم، 20 يناير 1920م، وُلد الشيخ محمد صديق المنشاوي، أحد أبرز أعلام التلاوة في العالم الإسلامي، والذي أُطلق عليه لقب "مقرئ الجمهورية" و"الصوت الباكي" لما يتميز به صوته من نبرة حزينة وعمق في التعبير.
وُلِد المنشاوي في قرية المنشاة بمحافظة سوهاج، حيث أظهر منذ صغره موهبةً فريدة في حفظ القرآن الكريم، إذ أتم حفظه في سن الثامنة.
في الرابعة من عمره، التحق بكتاب القرية، وفي عام 1953، اعتمد كقارئ في إذاعة القرآن الكريم، ليبدأ رحلة تسجيل التلاوات للإذاعة المصرية، والتي نقلت صوته إلى أنحاء العالم.
حصل المنشاوي على دعوات من العديد من الدول العربية والأجنبية، حيث سافر بدعوات من رؤسائها، نال خلالها وسام الاستحقاق من الطبقة الثانية من سوريا وغيرها من الأوسمة تقديراً لموهبته الفذة.
كان لعذوبة صوته وجمال أدائه تأثيرٌ عميقٌ على مستمعيه، مما أكسبه شهرة واسعة في أوساط المسلمين.
ورغم النجاح والشهرة، واجه الشيخ المنشاوي العديد من التحديات، من بينها محاولة اغتياله. حيث تعرض لمحاولة قتل بالسم بعد دعوة عشاء في إحدى السهرات عام 1963.
أثناء تناول الطعام، اقترب منه طباخ يرتجف من الخوف ليخبره بأنه وُصِيَ بوضع السم في طعامه. بدلاً من تناول الطبق المشبوه، أظهر الشيخ دهاءً وطلب الخروج بحجة الإعياء، لينجو من تلك المحاولة.
في عام 1966، أصيب الشيخ بدوالي المريء، ورغم حالته الصحية المتدهورة، أصر على مواصلة التلاوة بصوته الجهوري. وعندما علم الرئيس جمال عبد الناصر بشدة مرضه، أُمر بنقله إلى لندن للعلاج على نفقة الدولة. لكن الشيخ لم يكتب له الحياة، إذ وافته المنية قبل السفر، وتوفي في 20 يونيو 1969.
ظل الشيخ محمد صديق المنشاوي رمزاً للتلاوة القرآنية، وترك وراءه إرثاً غنياً من التلاوات التي ما زالت تُستمع حتى اليوم، مؤثراً في قلوب الملايين عبر أجيال متعاقبة.