صدمت وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي المفاجئة، والتي نجمت عن حادث مأسوي بعد تحطم مروحيته، العالم بأسره، الذي حبس أنفاسه من اللحظة الأولى من الإعلان عن تعرّض الطائرة التي كانت تقلّه ووزير خارجيته حسين أمير عبد اللهيان ومسؤولين آخرين لـ"حادث"، وسط تساؤلات عدّة طُرِحت عن طبيعة هذا الحادث، دخلت على خطّها "نظرية المؤامرة"، ربطًا بالوضع الملتهب في المنطقة، وفصول المواجهة الإيرانية الغربية.


 
لكن، قبل أن تقدَّم الإجابة على هذه الأسئلة، كان المسؤولون الإيرانيون "يطمئنون" الشعب بأنّ وفاة الرئيس لن تترك أيّ تداعيات تُذكَر، كما فعل المرشد الأعلى السيد علي خامنئي الذي أكّد فيما كان لا يزال مصير رئيسي مجهولاً، أنّ أيّ خلل لن يحدث في عمل البلاد، داعيًا الناس إلى عدم القلق، ومثله فعلت الحكومة بعيد الإعلان عن وفاة الرئيس، حين سارعت للتأكيد أنّ مسيرته مستمرّة، "ولن يكون هناك أدنى خلل أو مشكلة في إدارة البلاد".
 
وبالتزامن مع هذه "التطمينات"، كانت الإجراءات العملية تسلك طريقها، مع استلام نائب الرئيس محمد مخبر لمهام الرئاسة، وتشكيل هيئة للتحضير لانتخاب رئيس جديد للجمهورية في مدّة أقصاها خمسون يومًا، ما دفع كثيرين في لبنان، الذي يعاني من "ويلات" فراغ رئاسي مستمرّ منذ سنة وسبعة أشهر، إلى طرح علامات استفهام مشروعة، فكيف يمكن لوفاة الرئيس المفاجئة والصادمة ألا تثير "أزمة" بكلّ معنى الكلمة؟ وبماذا تختلف إيران عن لبنان؟
 
سيناريوهات الشغور الرئاسي
 
قد لا يكون المطلوب هنا إجراء "مقارنة حقيقية" بين نظام الحكم في كلّ من إيران ولبنان، حيث الفوارق قد تكون كثيرة، وقد لا تكون لصالح التجربة الإيرانية برأي كثيرين، التي قد يسجّل البعض عليها الكثير من المآخذ، لكنّ المغزى من مثل هذه "المقارنة" وفق ما يقول العارفون، الإضاءة على "سلاسة" تركيبة الحكم، التي لا تتأثّر بوفاة رئيس للجمهورية، من دون سابق إنذار، فكيف بالحريّ بانتهاء ولايته القانونية، كما هو الحال في لبنان.
 
لعلّ سرّ هذا "السلاسة" يكمن، وفق ما يقول البعض، بأنّ سيناريوهات التعامل مع الشغور الرئاسي منصوص عليها بوضوح في الدستور الإيراني، حيث تنصّ المادة 131 منه صراحةً على تولّي النائب الأول لرئيس الجمهورية مهام الرئيس، على أن تقوم هيئة مؤلفة من رئيس مجلس الشورى ورئيس السلطة القضائية ونائب الرئيس بالتحضير لانتخاب رئيس جديد للجمهورية في مدّة أقصاها خمسون يومًا.
 
أكثر من ذلك، ينصّ الدستور صراحةً على الإجراءات المتّبعة حتى في حالة وفاة النائب الأول لرئيس الجمهورية، أو وجود أمور أخرى تحول دون قيامه بواجباتها، وحتى في حالة عدم وجود نائب أول معيّن لرئيس الجمهورية، حيث يعيّن عندها المرشد الأعلى شخصًا مكانه، لتولي مهام الرئاسة مؤقتًا، حتى إتمام المرحلة الانتقالية، وانتخاب رئيس جديد للجمهورية، خلال مهلة "غير مفتوحة" كما هو حاصل في لبنان، وإنما محدّدة بخمسين يومًا أيضًا.
 
الوضع مختلف في لبنان
 
انطلاقًا من نصوص الدستور إذًا، بدا أنّ النظام الإيراني قادرٌ على "استيعاب" صدمة رحيل رئيس البلاد ووزير خارجيته وسائر أعضاء الوفد المرافق، والتأسيس لمرحلة انتقالية يمكن وصفها بـ"السّلِسة"، طالما أنّها ستفضي في نهاية المطاف إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ضمن المهلة المحدّدة، وطالما أنّ "تداول السلطة" من دون حصول "فراغ" بالمعنى الحرفي للكلمة، مضمون، إذا لم يطرأ طارئ من هنا أو هناك.
 
إلا أنّ المفارقة، بحسب ما يقول العارفون، أنّ الدستور اللبناني كذلك الإيراني، لا ينصّ على "فراغ" في السلطة، فهو أيضًا حدّد الإجراءات المفترضة في حال غياب رئيس الجمهورية لأيّ سبب من الأسباب، من بينها انتهاء ولايته من دون انتخاب رئيس جديد يخلفه، بحيث تنتقل صلاحياته تلقائيًا إلى مجلس الوزراء، وهو ما حصل أساسًا، وجنّب البلاد "كارثة" الشلل التام، رغم كلّ الضجة التي حاول البعض إثارتها في أكثر من مناسبة.
 
 من هنا، فإنّ المشكلة بحسب ما يقول العارفون، ليست في النصوص الدستورية بحدّ ذاتها، بل في "استنسابية" الاجتهادات المرتبطة بتفسير هذا الدستور من قبل البعض، فضلاً عن تحويل السياسيين ما يفترض أن يكون "قاعدة استثنائية" تُستخدَم في حالات الضرورة، إلى "قاعدة عامة"، أصبح معها الشغور في الرئاسة مثلاً أمرًا عاديًا كلما انتهت ولاية رئيس، كما أضحت معها مدّة هذا الشغور "مفتوحة"، من دون أن يرفّ جفن أحد.
 
في النتيجة، يبدو واضحًا من مسار الأمور أنّ لبنان هو "الاستثناء" وليس إيران، فإذا كانت الأخيرة قادرة على "استيعاب" صدمة رحيل الرئيس من دون أن يؤثر ذلك على تركيبة الحكم فيها واستمراريّته، وهذا ما يجب أن يكون، فإنّ المشكلة تبقى في لبنان، حيث يصبح الدستور "وجهة نظر"، يفصّله كلّ طرف "على قياسه"، إن جاز التعبير، وحيث تتحوّل الرئاسة إلى "رهينة" تنتظر استحقاقًا إقليميًا من هنا، أو كلمة سرّ دولية من هناك! المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

في رمضان تختلف قصص الشعوب وعاداتهم.. تعرف على أبرزها

منذ الإعلان عن بدء شهر رمضان المبارك تبدأ العادات المختلفة التي يُستقبل بها الشهر الفضيل، وتختلف الممارسات من دولة لأخرى ومن مدينة لمدينة باختلاف الثقافات ولكنها تجتمع في فرحتها بحلوله.

فكيف يُستقبل رمضان وما الأناشيد التي يستقبل فيها المسلمون رمضان؟ في قطر تعتبر "رمضان جانا" من أشهر الأغاني التي يستقبل فيها، وهي أيقونة من الأيقونات في الشهر الفضيل، قام بغنائها محمد عبد المطلب لأول مرة عام 1362 هجري الموافق 1943 ميلادي ومازالت تتردد عند ثبوت رؤية هلاله.

"وحوي يا وحوي" تنتشر بخاصة في المقاهي والمحال التجارية بمصر، وعلى شاشة التلفاز أو عبر موجات الأثير بالإذاعة. وبمجرد الإعلان عن ثبوت هلال رمضان بالمغرب، يظهر على التلفزيون العمومي عازف بجلبابه التقليدي وطربوشه الأحمر وهو يعزف بآلة نفخ نحاسية حادة الصوت موسيقى مقتبسة من ابتهالات مغربية ترتبط بصلاة الفجر تسمى "تهلالت".

ارتبطت أغنية "سألتك لله" للفنان محمود الإدريسي في أذهان السعوديين بشهر رمضان المبارك لفترة طويلة منذ بداية الثمانينيات.

????كل عام وأنتم بألف خير، أعاده الله عليكم بالخير واليُمن والبركات

???? #في_بلدك فقرة تتفاعل معكم خلال شهر رمضان، شاركونا في التعليقات وأخبرونا من أين تتابعون الجزيرة #ثقافة pic.twitter.com/LH5idQcjQp

— الجزيرة نت | ثقافة (@AJA_culture) February 28, 2025

شهر الرحمة

تكثر المسميات لوصف الشهر الفضيل، ويعتبر "رمضان" الاسم الأكثر شيوعا ويُستخدم في معظم الدول العربية والإسلامية. و"رمضان المبارك" يستخدم إضافة لتأكيد الطابع المقدس لهذه المناسبة.

إعلان

"شهر الصوم" يُشير إلى وظيفة الشهر الأساسية وهي الصيام، "شهر الرحمة" يُستخدم للدلالة على الرحمة والمغفرة التي يحملها، "شهر الغفران" يُعبر عن فرصة العباد لمغفرة الذنوب. وشهر البركة يُلمّح إلى البركات التي يتم الحصول عليها. و"الشهر الفضيل" يُشير إلى فضل رمضان وأهميته الروحية.

صلاة التراويح

تزداد المساجد والمصليات التي تقيم صلاة التراويح والقيام في العالم الإسلامي، وتشتهر كل دولة بمسجد يأتي إليه المصلون من مختلف المناطق، ففي قطر مسجد الإمام محمد بن عبد الوهاب أشهر وأكبر المساجد ويستقطب أعدادا كبيرة من المصلين خلال رمضان.

ويعتبر مسجد الدولة الكبير من أهم المساجد لصلاة التراويح في الكويت، ويتميز بتصميمه المعماري وسعته الكبيرة وكذلك تقام فيه فعاليات دينية طوال الشهر.

وتجهز مصليات في المساحات الخارجية بالمغرب وتحضر مكبرات الصوت وتفرش بالسجادات لتتسع للأعداد الكبيرة التي تتوافد عليها، وعلى سبيل المثال: مصلى مدينة سلا يتوافد عليه الآلاف من مختلف المدن المجاورة.

وفي الأردن يعتبر مسجد الملك عبد الله الأول الذي يتميز بقبته الزرقاء الكبيرة من أبرز المساجد، وهو مكان للصلاة والفعاليات الإسلامية.

مدفع الإفطار

يعد مدفع الإفطار من أبرز ملامح رمضان بالكثير من الدول، وتبدأ مراسم الاحتفال برمضان عن طريق إطلاق مدفع الإفطار أو الإمساك في القاهرة قبل نحو 600 عام، ثم انتقلت إلى الدول العربية واحدة تلو الأخرى. ورغم اندثارها في بعض المدن، فإنها ما تزال جزءا لا يتجزأ من الفولكلور الشعبي في العديد من الدول العربية، خاصة دول الخليج.

وقد تعددت الروايات عن بداية استخدام المدفع الرمضاني في مصر، إلا أن الآراء انحصرت في ثلاث:

تعود الرواية الأولى إلى عهد الوالي المملوكي خوش قدم، حيث بدأ المدفع عمله سنة 869 هـ، فسمع المصريون دوي طلقة المدفع فظنوا أنها إيذانا لهم بالإفطار، فاستحسنوا هذا التقليد الجديد، وصار عادة شعبية.

إعلان

أما الرواية الثانية تعود إلى عصر محمد علي باشا حيث بدأت عام 1811، وحين امتلك جيشه مدافع حديثة الصُنع، وفي أحد أيام رمضان انطلقت من المدفع طلقة مع أذان المغرب، فظن الناس أنها كانت وسيلة لإعلامهم بموعد الإفطار وابتهجوا لذلك، ومنذ هذا الحين أمر الوالي بإطلاق المدفعية وقت الإفطار والإمساك.

أما الرواية الثالثة فتعود إلى عصر الخديوي إسماعيل، حيث كان جنوده يُنظفون المدافع الحربية الموجودة بالقلعة، فانطلقت بالخطأ قذيفة من المدفع وقت غروب الشمس في رمضان، فاعتقد الشعب أنه تقليد حكومي جديد واستحسنوه.

المشروب الرئيسي

لا تخلو مائدة إفطار الصائمين في دول الخليج العربي من مشروب مركز الفواكه "فيمتو" الذي يلقى رواجا موسميا يرتبط بالشهر الكريم، ويعد المشروب الشعبي في هذه الفترة مقارنة بأي مشروب آخر.

يعتبر "العرقسوس" أحد أشهر المشروبات المصرية، والرمضانية بالتحديد، وتعد شخصية بائع العرقسوس أحد الفولكلوريات المصرية بزيه المميز.

و"قمر الدين" أشهر المشروبات الرمضانية في العالم العربي، ويصنع من شرائح فاكهة المشمش عن طريق تجفيف عصير تلك الثمار، وتشتهر سوريا بإنتاج وتصدير قمر الدين.

"الجلاب" شراب سكري ينتشر في بلاد الشام، خاصة لبنان، ويعرف بفوائده الصحية الكثيرة لتعويض الجسم عما فقده من أملاح، وإمداده بالفيتامينات والمعادن. ويكثر احتساؤه في رمضان لأنه يبدد الشعور بالعطش أثناء الحر الشديد.

ويعد "السوبيا" أحد أشهر المشروبات الرمضانية التي يحرص عليها السعوديون وخاصة في مكة المكرمة والمدينة المنورة وجدة لما له من نكهة خاصة، ويصنع من الشعير، أو الخبز الناشف، أو الشوفان، أو الزبيب أو التمر الهندي، ويضاف لها السكر وحب الهيل والقرفة، بالإضافة إلى مواد ملونة.

ذكريات المسحر

المسحراتي

يتولى المسحر أو المسحراتي مهمة إيقاظ الناس لتناول وجبة السحور قبل أذان الفجر، فكان يجوب شوارع وأزقة الحارات حاملا ين يديه طبلته الصغيرة، وكان الأطفال ينتظرونه ليرافقوه مرددين معه الأناشيد قبل مطلع الفجر.

وتعود مهنة المسحراتي إلى عهد النبي محمد (عليه الصلاة والسلام) وكان الصحابي بلال بن رباح أول من قام بهذه المهمة ومعه عبد الله بن مكتوم رضي الله عنهما.

إعلان

أما المسحراتي في الشام كان يمر على البيوت ويلقي الأناشيد الدينية الخاصة برمضان، وفي اليمن كان يقرع الأبواب، وفي المغرب كان يعزف المزمار.

وفي القرن الـ19، تطور المسحراتي في مصر والسودان، فكان يجول الشوارع والأزقة ومعه طفل يحمل فانوسا لينير له الطريق.

وعام 1964 اتخذت مهنة المسحراتي بعدا فنيا على يد الشاعر فؤاد حداد والموسيقار سيد مكاوي، حيث انطلق مسحراتي الإذاعة، ومع انتشار التلفزيون أبدع مكاوي في مزج فن التسحير بالوعظ والإنشاد في حب الوطن.

أما اليوم فصوت المسحراتي بات يخبو ومهمته بدأت تندثر مع التطور التكنولوجي وقيام المنبه والهاتف بدوره، لكن رغم ذلك لا صوت يمكن أن يضاهي صوت المسحراتي وتعابيره ودقات طبلته عند ساعات الفجر الأولى.

عادات غريبة

في إندونيسيا وفي إحدى المقاطعات، يسبح المسلمون في النهر، وأخذ حمام بالماء والليمون قبل حلول رمضان اعتقادًا بتنظيف الجسد واستعدادًا لصيام الشهر الفضيل.

وفي أفغانستان يرجئ الاحتفال لنهاية شهر رمضان، إذ يجتمع الآلاف لأداء رقصة "الأتان" التقليدية احتفالا بنهاية شهر الصوم واستقبالا لعيد الفطر.

ومن أغرب عادات الشعوب في رمضان على الإطلاق تلك التي تقوم بها مدينة بيشاور الباكستانية التي تشتهر بإقامتها لحفل عرس تجمع فيه كل الأطفال الذين يقومون بالصوم لأول مرة، لتشجيعهم على أداء هذه الفريضة الدينية.

وربما يمتلك شعب موريتانيا العادة الأغرب، إذ يحلق الرجال رؤوسهم قبل الشهر الفضيل بأيام، حتى يتزامن نمو الشعر الجديد مع نهاية الشهر، وتسمى "زغبة رمضان" أو "شعر رمضان" وهي عادة تمزج بين الثقافتين العربية والأفريقية.

ويتميز شعب جزر القمر بواحدة من أجمل العادات الخاصة بشهر رمضان، ففي الليلة الأولى يخرج السكان حاملين المشاعل ويتوجهون إلى السواحل، إذ ينعكس نور المشاعل على المياه، ويقرعون الطبول إعلانًا بقدوم شهر الصوم.

إعلان

وفي أوزبكستان يتم التحضير فيها لحفلات إفطار جماعية حيث يدعى الأهل والأصدقاء والجيران، ولا بد من أن يُذبح خروف على الإفطار وتقدم مع أرغفة الخبز كبيرة الحجم.

مقالات مشابهة

  • الرئيس عون: سنعمل على الإصلاح
  • حكومة سلام غائبة عن أزمة النزوح الجديدة إنها سياسة النعامة
  • في رمضان تختلف قصص الشعوب وعاداتهم.. تعرف على أبرزها
  • نقيب معلمي المدارس الخاصة في لبنان: تكريم المعلم الحقيقي يكون بتأمين حقوقه
  • وفاة حاتم حسن بخيت مدير مكتب الرئيس السوداني السابق عمر البشير
  • الذايدي: جيش الجمعان لا يعرفون من يكون القائد
  • وزيرة البيئة: اللامركزية الإدارية تتطلب أن يكون في صناديق البلديات ما يكفيها لإدارة شؤونها
  • الرئيس السيسي يوفد مندوبين للتعزية
  • أخطر أزمة أمام حزب الله.. تقريرٌ إسرائيلي يتحدّث عنها
  • رنا رئيس: انتقدت نفسي بعد مسلسل أزمة منتصف العمر