وفاة الرئيس لا تثير أزمة في إيران.. بماذا تختلف عن لبنان؟!
تاريخ النشر: 22nd, May 2024 GMT
صدمت وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي المفاجئة، والتي نجمت عن حادث مأسوي بعد تحطم مروحيته، العالم بأسره، الذي حبس أنفاسه من اللحظة الأولى من الإعلان عن تعرّض الطائرة التي كانت تقلّه ووزير خارجيته حسين أمير عبد اللهيان ومسؤولين آخرين لـ"حادث"، وسط تساؤلات عدّة طُرِحت عن طبيعة هذا الحادث، دخلت على خطّها "نظرية المؤامرة"، ربطًا بالوضع الملتهب في المنطقة، وفصول المواجهة الإيرانية الغربية.
لكن، قبل أن تقدَّم الإجابة على هذه الأسئلة، كان المسؤولون الإيرانيون "يطمئنون" الشعب بأنّ وفاة الرئيس لن تترك أيّ تداعيات تُذكَر، كما فعل المرشد الأعلى السيد علي خامنئي الذي أكّد فيما كان لا يزال مصير رئيسي مجهولاً، أنّ أيّ خلل لن يحدث في عمل البلاد، داعيًا الناس إلى عدم القلق، ومثله فعلت الحكومة بعيد الإعلان عن وفاة الرئيس، حين سارعت للتأكيد أنّ مسيرته مستمرّة، "ولن يكون هناك أدنى خلل أو مشكلة في إدارة البلاد".
وبالتزامن مع هذه "التطمينات"، كانت الإجراءات العملية تسلك طريقها، مع استلام نائب الرئيس محمد مخبر لمهام الرئاسة، وتشكيل هيئة للتحضير لانتخاب رئيس جديد للجمهورية في مدّة أقصاها خمسون يومًا، ما دفع كثيرين في لبنان، الذي يعاني من "ويلات" فراغ رئاسي مستمرّ منذ سنة وسبعة أشهر، إلى طرح علامات استفهام مشروعة، فكيف يمكن لوفاة الرئيس المفاجئة والصادمة ألا تثير "أزمة" بكلّ معنى الكلمة؟ وبماذا تختلف إيران عن لبنان؟
سيناريوهات الشغور الرئاسي
قد لا يكون المطلوب هنا إجراء "مقارنة حقيقية" بين نظام الحكم في كلّ من إيران ولبنان، حيث الفوارق قد تكون كثيرة، وقد لا تكون لصالح التجربة الإيرانية برأي كثيرين، التي قد يسجّل البعض عليها الكثير من المآخذ، لكنّ المغزى من مثل هذه "المقارنة" وفق ما يقول العارفون، الإضاءة على "سلاسة" تركيبة الحكم، التي لا تتأثّر بوفاة رئيس للجمهورية، من دون سابق إنذار، فكيف بالحريّ بانتهاء ولايته القانونية، كما هو الحال في لبنان.
لعلّ سرّ هذا "السلاسة" يكمن، وفق ما يقول البعض، بأنّ سيناريوهات التعامل مع الشغور الرئاسي منصوص عليها بوضوح في الدستور الإيراني، حيث تنصّ المادة 131 منه صراحةً على تولّي النائب الأول لرئيس الجمهورية مهام الرئيس، على أن تقوم هيئة مؤلفة من رئيس مجلس الشورى ورئيس السلطة القضائية ونائب الرئيس بالتحضير لانتخاب رئيس جديد للجمهورية في مدّة أقصاها خمسون يومًا.
أكثر من ذلك، ينصّ الدستور صراحةً على الإجراءات المتّبعة حتى في حالة وفاة النائب الأول لرئيس الجمهورية، أو وجود أمور أخرى تحول دون قيامه بواجباتها، وحتى في حالة عدم وجود نائب أول معيّن لرئيس الجمهورية، حيث يعيّن عندها المرشد الأعلى شخصًا مكانه، لتولي مهام الرئاسة مؤقتًا، حتى إتمام المرحلة الانتقالية، وانتخاب رئيس جديد للجمهورية، خلال مهلة "غير مفتوحة" كما هو حاصل في لبنان، وإنما محدّدة بخمسين يومًا أيضًا.
الوضع مختلف في لبنان
انطلاقًا من نصوص الدستور إذًا، بدا أنّ النظام الإيراني قادرٌ على "استيعاب" صدمة رحيل رئيس البلاد ووزير خارجيته وسائر أعضاء الوفد المرافق، والتأسيس لمرحلة انتقالية يمكن وصفها بـ"السّلِسة"، طالما أنّها ستفضي في نهاية المطاف إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ضمن المهلة المحدّدة، وطالما أنّ "تداول السلطة" من دون حصول "فراغ" بالمعنى الحرفي للكلمة، مضمون، إذا لم يطرأ طارئ من هنا أو هناك.
إلا أنّ المفارقة، بحسب ما يقول العارفون، أنّ الدستور اللبناني كذلك الإيراني، لا ينصّ على "فراغ" في السلطة، فهو أيضًا حدّد الإجراءات المفترضة في حال غياب رئيس الجمهورية لأيّ سبب من الأسباب، من بينها انتهاء ولايته من دون انتخاب رئيس جديد يخلفه، بحيث تنتقل صلاحياته تلقائيًا إلى مجلس الوزراء، وهو ما حصل أساسًا، وجنّب البلاد "كارثة" الشلل التام، رغم كلّ الضجة التي حاول البعض إثارتها في أكثر من مناسبة.
من هنا، فإنّ المشكلة بحسب ما يقول العارفون، ليست في النصوص الدستورية بحدّ ذاتها، بل في "استنسابية" الاجتهادات المرتبطة بتفسير هذا الدستور من قبل البعض، فضلاً عن تحويل السياسيين ما يفترض أن يكون "قاعدة استثنائية" تُستخدَم في حالات الضرورة، إلى "قاعدة عامة"، أصبح معها الشغور في الرئاسة مثلاً أمرًا عاديًا كلما انتهت ولاية رئيس، كما أضحت معها مدّة هذا الشغور "مفتوحة"، من دون أن يرفّ جفن أحد.
في النتيجة، يبدو واضحًا من مسار الأمور أنّ لبنان هو "الاستثناء" وليس إيران، فإذا كانت الأخيرة قادرة على "استيعاب" صدمة رحيل الرئيس من دون أن يؤثر ذلك على تركيبة الحكم فيها واستمراريّته، وهذا ما يجب أن يكون، فإنّ المشكلة تبقى في لبنان، حيث يصبح الدستور "وجهة نظر"، يفصّله كلّ طرف "على قياسه"، إن جاز التعبير، وحيث تتحوّل الرئاسة إلى "رهينة" تنتظر استحقاقًا إقليميًا من هنا، أو كلمة سرّ دولية من هناك! المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
فاز ترامب... إيران تمهّد لتغيير صورتها!
كتبت روزانا بو منصف في" النهار": أبرز ما لفت مراقبين تزامنا مع إعلان المرشح الجمهوري دونالد ترامب فوزه في الانتخابات الاميركية ، هو إعلان المتحدث باسم الحوثيين "أن عملياتنا في المياه الدولية كانت دفاعية ونعلن إيقافها في شكل نهائي". إذا صح هذا الموقف، فهذا أمر كبير جداً، إذ يعني على الأقل أن مفاعيل انتخاب ترامب كانت سريعة جداً. وهو يشكل مؤشراً على الحسابات التي ستبدأ بإجرائها دول عدة وفي مقدمها إيران.يعتقد بعض الديبلوماسيين أن إيران ستبدأ العمل على تغيير صورتها لدى ترامب إلى جانب الواقع الذي تغير بالضربة القوية التي تلقتها إيران عبر أذرعها في المنطقة، ولاسيما في لبنان عبر ما أصيب به "حزب الله ".
ليس خافياً أن الدول العربية والخليجية كانت متحمسة لعودة ترامب، فيما أن محور الممانعة كان حذراً بإزاء ذلك ويفضل بقاء الديموقراطيين في السلطة. إسرائيل كذلك كانت أول من سارعت إلى توجيه تهنئة حارة جداً لعودة ترامب. فيما قالت إيران تعليقاً على انتخاب ترامب أنها لا تشعر بقلق كبير لانتخابه. فالعراق قلق وخائف جداً من استخدام إيران من أجل توجيه صواريخ عبره إلى إسرائيل والموقف الذي أعلنه المرجع الشيعي في العراق علي السيستاني من وجوب منع التدخلات الخارجية في العراق وحصر السلاح بيد الدولة، هو برسم إيران تحديداً . وأكثر السيناريوات والاحتمالات تكمن في أن تراجع إيران موقفها التهديدي الأخير بهجوم جديد تشنه ضد إسرائيل عبر العراق أو على نحو مباشر في حال أخذت حض ترامب لنتنياهو في وقت سابق على استهداف المنشآت النووية في إيران على غير ما ضغطت إدارة بايدن، وثمة احتمالات بأن تندفع إيران لمراجعة موقفها في لبنان كذلك. علماً أن الخيارات المتاحة قد يدفع ثمنها لبنان كثيراً إذا قررت إيران أن تبقي ورقة لبنان للتفاوض لاحقاً مع ترامببعد استلامه منصبه، ما يعني استمرار الحرب واستنزاف المزيد من الوضع اللبناني على كل المستويات، أو قد تقرر التعالي على صورتها "القوية " ولو ظاهرياً حول تمددها الإقليمي في المنطقة من خلال اضطرارها إلى التراجع وحصر الأضرار في ما خص المحافظة على ما تبقى من قدرات الحزب وقياداته قبيل شتاء قد يكون صعباً جداً على بيئته وناسه في شكل خاص.