عصر الأنثروبوسين.. عظام الدجاج تؤرخ لعصرنا وتكشف عن تغيرات النظم الطبيعية
تاريخ النشر: 2nd, August 2023 GMT
يقول العلماء إن الأجيال البشرية التي ستأتي بعد 500 ألف سنة ستستخدم عظام الدجاج دليلا على التغير المفاجئ الذي قلب الحياة في زمننا.
وتوصل العلماء إلى هذا الاستنتاج خلال بحثهم حول أثر التوسع السريع في شهية الإنسان ونشاطه، ودراستهم التغيير الجذري في النظم الطبيعية إلى حد دفع الأرض إلى حقبة جيولوجية جديدة تسمى "عصر الأنثروبوسين" أو "عصر البشر".
وبحسب موسوعة الأرض، فقد بدأ عصر "الأنثروبوسين" (العصر الحالي) قبل نحو 10 آلاف سنة مع نهاية الفترة الجليدية الأخيرة استنادا إلى أدلة عالمية تدل على أن العمليات الجوية والجيولوجية والهيدرولوجية والمتعلقة بالمحيط الحيوي وغيرها في نظام الأرض تغيرت بفعل الإنسان.
وتجمع كلمة "أنثروبوسين" بين جذر"أنثروبو" الذي يعني "الإنسان"، وجذر "سين" المعياري "للعصر" في الزمن الجيولوجي.
العدد الهائل من عظام الدجاج التي يتم التخلص منها سيترك إشارة واضحة في السجل الجيولوجي المستقبلي (شترستوك)وتقول مجموعة من العلماء إن بحيرة كروفورد بالقرب من تورنتو في كندا تُظهر تأثير النشاط البشري المخل بالبيئة، وبالتالي تمثل دليلا على بداية عصر "الأنثروبوسين".
وسوف تكون هناك أدلة إضافية بالطبع في الطين والصخور على حدوث تغيرات جذرية على نطاق الكوكب في منتصف القرن العشرين، كما سيكون هناك دليل على وجود مخلفات مشعة واللدائن الدقيقة المنتشرة في كل مكان، ولكن تظل عظام الدجاج من بين النتائج الأكثر وضوحا، والتي تحكي قصة عصرنا بأكثر من طريقة.
وقال الجيولوجي كاريز بينيت -وهو باحث سابق في جامعة ليستر- في تقرير نشر على موقع "ساينس ألرت" إن "العدد الهائل من عظام الدجاج التي يتم التخلص منها في جميع أنحاء العالم سيترك إشارة واضحة في السجل الجيولوجي المستقبلي".
تطور الدجاجيعتبر الدجاج الحديث من أكثر الدواجن شيوعا في العالم، ويتم استهلاكه على نطاق واسع في أشكال مختلفة من الطهي، ويعود تاريخ استهلاكه إلى العصور القديمة، وينحدر هذا الدجاج من هجين دجاج الأدغال الأحمر مع دجاج الأدغال الرمادي، حيث تمت تربيته منذ آلاف السنين في الأجزاء الشمالية من شبه القارة الهندية.
الدجاج الحديث ينحدر من هجين دجاج الأدغال الأحمر مع دجاج الأدغال الرمادي (شترستوك)وحاول بحث نشر في دورية "ساينتفك ريبورتس" التحقيق في أصل وتاريخ تطور الدجاج المستأنس من خلال دراسة واسعة النطاق لـ298 طائرا بريا من 12 موقعا و138 سلالة دجاج مستأنس محلية من تايلند، وأظهرت النتائج أن أسلاف الدجاج المحلي التايلندي كانت كبيرة، كما أن جزءا من الجينات لدى الطيور البرية لم يشارك في عملية الاستئناس.
ووفقا لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو)، ظهر الدجاج المستأنس قبل أكثر من 8 آلاف سنة في جنوب شرق آسيا، وتم إدخاله إلى بقية العالم عبر البحارة والتجار.
ومع تربية المزارعين بشكل انتقائي الأصناف ذات السمات المرغوبة أصبح الإنتاج المكثف للدجاج منتشرا في جميع أنحاء العالم، لكن تكاثره السريع لم يبدأ إلا بعد الحرب العالمية الثانية، وتم تطوير سلالات تجارية إنتاجية عالية من الدجاج في العقود الأخيرة لتلبية الطلب العالمي المتزايد على الأغذية الحيوانية.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
تغيرات غير مسبوقة على ساحة الحرب في أوكرانيا خلال أسبوع
طرأت تغيرات دراماتيكية على مسار الحرب في أوكرانيا، بعد القرار الأمريكي بالسماح لكييف بضرب العمق الروسي، وهو ما ردت عليه موسكو، بهجوم صاروخي غير مسبوق من ناحية النوعية، كما أن واشنطن حصلت فيه على إشعار مسبق قبل نصف ساعة.
وغيرت الأيام السبعة الماضية الصراع الطويل في أوكرانيا بشكل جذري، وبسرعة محمومة قبل تنصيب دونالد ترامب في كانون الثاني/يناير المقبل.
ففي يوم الأحد، سمح البيت الأبيض لأوكرانيا بإطلاق الصواريخ التي زودتها بها إلى روسيا، وهو ما فعلته بسرعة، الاثنين.
وردت موسكو باستخدام الصاروخ التجريبي متوسط المدى "أوريشنيك"، بسرعات تفوق سرعة الصوت ونظام رؤوس حربية متعدد مخصص عادة للحمولات النووية، لضرب منطقة دنيبرو، الخميس.
وزعم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن "أوريشنيك" يمكنه الإفلات من جميع الدفاعات الجوية الغربية.
وأطلق كل من الجانبين على الآخر وصف "المتهور"، فالحرب تتجه بسرعة إلى أن تصبح حربا تسعى فيها واشنطن بشكل يائس إلى تغيير المنحنى الهابط لأوكرانيا على الخطوط الأمامية، وتتجه روسيا، منذ البداية، نحو طرق أكثر خطورة.
ومن غير المرجح أن يدخل أي من الطرفين في صراع مباشر مع الآخر، بل يصبح أكثر انخراطا في معركة أوكرانيا العالمية المتزايدة.
فقد اتصل المستشار الألماني أولاف شولتس بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، منهيا بذلك عزلة دامت عامين لرأس الكرملين عن كبار القادة الغربيين.
وكان شولتس يسعى إلى كسب ود الناخبين المؤيدين لروسيا في ألمانيا قبل الانتخابات العامة، لكنه برر دعوته بالقول إنه إذا كان ترامب سيتحدث إلى موسكو، فينبغي لأوروبا أن تفعل ذلك أيضا.
وكانت أوكرانيا وبولندا غاضبتين علنا؛ وبدا أن فرنسا والمملكة المتحدة تغليان بهدوء أكبر.
ومن غير المرجح أن يكون قرار البيت الأبيض بشأن الأسلحة نابعا من دعوة شولتس، بل إن البيت الأبيض قال إن تراجع الرئيس جو بايدن عن أشهر من التأخير في الموافقة على استخدام الصواريخ داخل روسيا كان مدفوعا بانضمام القوات الكورية الشمالية إلى صفوف روسيا.
وبالمثل، كان قرار بوتين بإطلاق الصاروخ "أوريشنيك" على الأرجح بمثابة خطوة من جانب موسكو إلى مستوى آخر على سلم التصعيد المعد بعناية.
وأعلنت موسكو وواشنطن عن هذه التحركات منذ أشهر، حتى لو كانتا لا تزالان مندهشتين قليلا من الطريقة التي اتخذ بها خصمهما هذه الخطوات هذا الأسبوع.
ويبدو أن التفاصيل الدقيقة للصاروخ هي المفتاح لرسالة بوتين، ولا يزال الكثير غير واضح، لكن معظم التقييمات، وتصريحات بوتين نفسه، تتفق على أن هذا صاروخ جديد، ربما أسرع من الصوت، وليس نوويا هذه المرة، ولكنه قادر على حمل رؤوس حربية متعددة بطريقة مخصصة عادة للحمولات النووية.
وقال بوتين إن سرعته البالغة 3 كيلومترات في الثانية تعني أن جميع الدفاعات الجوية الغربية عديمة الفائدة.
ووصف مسؤولون أمريكيون ومسؤولون في حلف شمال الأطلسي الناتو الصاروخ بأنه متوسط المدى و"تجريبي"، وهي تصريحات بدت في البداية وكأنها تسعى إلى التقليل من أهميته، ولكنها قد تشير في الواقع إلى خلاف أوسع مع موسكو.
ففي 2019، انسحب الرئيس ترامب من معاهدة القوى النووية المتوسطة، التي تحد من تطوير مثل هذه الأسلحة، متهما روسيا بانتهاكها.
وربما كان إصرار المسؤولين الغربيين على أن هذا الصاروخ الذي بدا قادرا على حمل أسلحة نووية "متوسط المدى" إشارة إلى استمرار روسيا في السعي للحصول على مثل هذه الأسلحة خارج معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى التي انتهت الآن.
وربما كانت هذه إشارة إلى ترمب أيضا بأن موسكو كانت مشغولة بصنع الأسلحة التي زعمت ولايته الأولى أنها كذلك.
وصفت أوكرانيا الصاروخ بأنه من منظومة صواريخ كيدر، والتي تم التلميح إليها لأول مرة في وسائل الإعلام الروسية الرسمية في 2021.
وقال رئيس الاستخبارات العسكرية الروسية كيريلو بودانوف، الجمعة إنه "صاروخ باليستي متوسط المدى، حامل أسلحة نووية، وحقيقة أنهم استخدموه في نسخة غير نووية، وهي تحذير بأنهم فقدوا عقولهم تماما".
وأضاف بودانوف أن أوكرانيا تقدر أن نموذجين أوليين من الصاروخ كيدر تم تصنيعهما في أكتوبر/تشرين الأول.
وستظهر الأسابيع المقبلة ما إذا كان الصاروخ "أوريشنيك" رسالة مفردة أم تكتيكا جديدا.
وأثار استخدامه قدرا أعظم من القلق في كييف، بعد إغلاق السفارة الأمريكية، الأربعاء، بسبب تهديد جوي، مما أدى إلى تأجيج الخوف من أن موسكو تبحث عن أدوات في حقيبتها احتفظت بها لمعركة وجودية أخيرة مع قوة عظمى.
ومع ذلك، ربما كانت الأخبار الأكثر إزعاجا هذا الأسبوع بعيدة عن المناوشات الجيوسياسية الصاخبة والألعاب النارية المشؤومة فوق دنيبرو.
وقالت الاستخبارات الدفاعية البريطانية، التي عادة ما تكون مناصرة قوية للجيش الأوكراني، يوم الخميس إن خط المواجهة كان "أكثر اضطرابا" من أي وقت مضى منذ الغزو.
وهذا تعبير ملطف عن قوات كييف التي تكافح عبر الجبهة والوضع قاتم في كل اتجاه، ففي الجنوب من خاركوف، تتقدم القوات الروسية بالقرب من مدينة كوبيانسك، وخطوط التماس مهددة حول منطقة دونباس الشرقية، وحتى جنوب زاباروجيا يبدو أنه تحت ضغط أكبر، وموسكو تحاول باستمرار دفع أوكرانيا للخروج من منطقة كورسك الحدودية.