في غياب الدولة تضيع الشعوب
تاريخ النشر: 22nd, May 2024 GMT
آخر تحديث: 22 ماي 2024 - 9:06 صبقلم:فاروق يوسف جاء قرار تحطيم الدولة العراقية الذي اتخذه الحاكم المدني الأميركي بول بريمر منسجما مع مبادئ وتطلعات الأحزاب الطائفية الشيعية التي وقفت مع الاحتلال. ولم تكن جماعة الإخوان المسلمين بنسختها العراقية أفضل في تعاملها مع ذلك القرار الذي وضع حدا لجهود مضنية بذلتها أجيال من العراقيين في بناء تلك الدولة الحديثة.
ذلك ما كان الأميركان على دراية به وهو ما يخدم مشروعهم القاضي بتدمير العراق حاضرا ومستقبلا. فعراق من غير دولة لن تقوم له قائمة ولن يستعيد مكانته على خارطتي الشرق الأوسط والعالم العربي، ناهيك عن صورته في العالم. قد يظن البعض خطأً أن الأمر التبس علي حزبيي الإسلام السياسي بحيث تحوّل عداؤهم للنظام السياسي إلى عداء للدولة. ذلك ليس صحيحا. فالدولة باعتبارها كيانا مؤسساتيا كانت هي المقصودة كونها تتعارض مع مبدأ الحاكمية الذي أعلى الإخواني سيد قطب من شأنه وصار جزءا من المنطلقات النظرية للإخوان كما لكل الأحزاب الدينية التابعة لإيران وقبلها المرجعيات الدينية الإيرانية. وإذا ما اعتبرنا ذلك المبدأ نوعا من النفاق السياسي الذي يهدف إلى إخفاء الواقع فإن العداء للدولة يعود في حقيقته إلى أن المؤسسة الدينية تزدهر في ظل ضعف الدولة، أما حين تكون الدولة قوية فإنها تنزوي جانبا. ذلك ما حدث في مختلف العصور التي مرّت بها الدولة العربية الإسلامية. التقت المصلحة الأميركية بمبادئ جماعات الإسلام السياسي التي وجدت في الغزو الأميركي باباً تطل من خلاله على مستقبل ستكون فيه هي سيدة الموقف في النظام وفي الفوضى. وليس المقصود بالنظام هنا العودة إلى مبادئ العمل المؤسساتي بل العمل السياسي في أجواء مستقرة نسبيا. وهو ما عاشه العراق بعد سنوات طويلة من الاضطراب الذي لا تزال معادلاته ممكنة الاستعادة في أيّ لحظة. يمكن لمقتدى الصدر على سبيل المثال أن يقلب الطاولة على الجميع حين يريد ولو كانت هناك دولة لما استطاع القيام بذلك. منذ أكثر من عشرين سنة والعراق من غير دولة. وهو حدث غير مسبوق في التاريخ السياسي الحديث في العراق. لقد حافظ الانقلابيون في 1958 و1963 و1968 على الدولة التي كانت قائمة منذ عشرينات القرن العشرين. كانت تلك الدولة هي الحاضنة التي استطاعوا من خلالها تنفيذ مشاريعهم في الهدم والبناء على حد سواء. لم يؤثّر التقاتل الحزبي على الدولة ولم يمسّها بضرر. ظلت الدولة قائمة بعيدا عن المعدلات السياسية التي تتحكم بشكل الحكم. أما وقد سقطت الدولة فقد حل النظام السياسي محلّها. ولأنه كيان يتألف من مواد سائلة فلم يعد القانون قادرا على استيعاب تحولاته والتحكم بمساراته. حين اختفت الدولة اختفى العراق. تلك هي المعادلة التي تحلم بالوصول إليها كل تنظيمات الإسلام السياسي. ولو قُدر للإخوان المسلمين أن يستمروا في حكم مصر لكانت الدولة المصرية التي حافظ عليها النظام الجمهوري قد تم تحطيمها ولالتحقت مصر بالعراق. ولكن حركة النهضة نجحت في تدمير دولة بورقيبة في تونس. فعن طريق التخلص من دولة بن علي تم الانقضاض على الدولة المدنية التي أقامها الحبيب بن بورقيبة وحافظ عليها زين العابدين بن علي. كلما حاول الرئيس قيس سعيد العودة بتونس إلى مسار الدولة يصطدم بمظاهر الفوضى التي صار الكثيرون في غياب الدولة يعتبرونها نوعا من الديمقراطية. وما لم تكن هناك دولة فلا وجود لميزان. كان من الممكن أن تضيع مصر لو أن الإخوان استمروا في مشروع دولتهم. أما في تونس وقد تمكنت منها حركة النهضة فلم يكن من الصعب أن تضيع الدولة. لقد تم تذويبها في سياق قوانين أفرطت في تمجيد الانتقام منها بحجة المراجعة التاريخية. ما جرى يكشف عن أنه كانت هناك رغبة لتذويب دولة بورقيبة والانتهاء منها. في العراق أنهى المحتل الأميركي الدولة باعتبارها دولة صدام حسين. ذلك ما فعلته حركة النهضة حين اعتبرت الدولة التونسية دولة بن علي. المفارقة أن قيس سعيد رجل قانون وهو لا يجرؤ على مكاشفة شعبه بحقيقة أن دولتهم ماتت.الفجيعة واحدة في كل البلدان التي تعرضت لهزات اقتلعت الدولة فيها من أساسها. فلا اليمن ولا ليبيا ولا العراق ولا تونس ستتمكن من استعادة الحياة الطبيعية ما لم تبن فيها دولة جديدة على أنقاض الدولة التي هُدمت. ذلك ما يستغرق زمنا طويلا. هذا إذا توفرت الإرادة الوطنية المستقلة والحرة.
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: ذلک ما
إقرأ أيضاً:
رئاسة الجمهورية: بيان صحفي حول اللقاء الرسمي الذي جمع السيد الرئيس أحمد الشرع مع رئيس الوزراء العراقي السيد محمد شياع السوداني بوساطة من دولة قطر الشقيقة
دمشق-سانا
بوساطة كريمة من دولة قطر الشقيقة، عقد في العاصمة القطرية الدوحة لقاء رسمي بين السيد الرئيس أحمد الشرع، ودولة رئيس الوزراء العراقي السيد محمد شياع السوداني، بحضور ورعاية من حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر.
وقد تناول اللقاء العلاقات الثنائية بين الجمهورية العربية السورية وجمهورية العراق الشقيق، في إطار حرص الجانبين على إعادة تفعيل مسارات التعاون العربي المشترك، والتأكيد على عمق الروابط التاريخية بين الشعبين الشقيقين.
وشدد السيد الرئيس أحمد الشرع ودولة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، على ضرورة احترام سيادة واستقلال البلدين ورفض كل أشكال التدخل الخارجي، مؤكدين أن أمن واستقرار سوريا والعراق يشكلان حجر الأساس لأمن المنطقة ككل.
كما تطرق اللقاء إلى ملف أمن الحدود المشتركة، حيث تم الاتفاق على تعزيز التنسيق الميداني والاستخباراتي بين الجهات المعنية في البلدين، بهدف مكافحة المخاطر المشتركة .
وفي الجانب الاقتصادي، ناقش الجانبان آليات تفعيل العلاقات التجارية، وتسهيل حركة البضائع والأفراد عبر المعابر الحدودية، إضافة إلى تشجيع الاستثمارات المتبادلة، وفتح آفاق تعاون جديدة في مجالات الطاقة والنقل والبنية التحتية، بما يسهم في خدمة المصالح الإستراتيجية للبلدين.
وقد عبر السيد الرئيس الشرع عن شكره وامتنانه لدولة قطر الشقيقة، ولصاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، على جهوده في تسهيل عقد هذا اللقاء الأخوي، الذي يعكس التزاماً حقيقياً بدعم الحوار العربي وتعزيز أواصر الأخوة والتعاون بين الدول العربية.
رئاسة الجمهورية تؤكد أن هذا اللقاء يشكل خطوة مهمة على طريق بناء علاقات متوازنة قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، ويمثل انطلاقة جديدة نحو تعزيز العمل العربي المشترك لمواجهة التحديات الراهنة، وتحقيق الأمن والاستقرار لشعوب المنطقة.
رئاسة الجمهورية 2025-04-17SAMERسابق معرض فني للفنان سليم نوفل يحتفي بالحرية والإبداع انظر ايضاً رئاسة الجمهورية: قرار رئاسي بإعلان التشكيل الوزاري لحكومة الجمهورية العربية السوريةدمشق-سانا أعلنت رئاسة الجمهورية عن التشكيل الوزاري الجديد لحكومة الجمهورية العربية السورية.
آخر الأخبار 2025-04-17رئاسة الجمهورية: بيان صحفي حول اللقاء الرسمي الذي جمع السيد الرئيس أحمد الشرع مع رئيس الوزراء العراقي السيد محمد شياع السوداني بوساطة من دولة قطر الشقيقة 2025-04-17وزير الثقافة يزور مقام السيدة زينب وضريح سماحة العلامة محسن الأمين 2025-04-17وزارة الخارجية والمغتربين: بيان مشترك بين الجمهورية العربية السورية والمملكة الأردنية الهاشمية 2025-04-17معاون وزير الاتصالات يبحث مع رؤساء مكاتب البريد في اللاذقية تطوير الخدمات البريدية 2025-04-17حالة الطقس: الحرارة إلى ارتفاع وأجواء ربيعية مشمسة في أغلب المناطق 2025-04-17انطلاق المعرض العربي الأول للبناء وإعادة الإعمار في حلب 2025-04-17الخدمات الفنية بحماة تواصل صيانة الشاخصات المرورية على أوتوستراد حماة – حلب 2025-04-17ندوة تحضيرية في طرطوس حول اللقاح الروتيني عند الأطفال 2025-04-17الأمن العام يحرر مخطوفاً ويلقي القبض على أحد أفراد العصابة الخاطفة 2025-04-17في طريقهم إلى مكة المكرمة… الحجاج الإسبان يصلون إلى حمص
صور من سورية منوعات صفائح لعضلة القلب من الخلايا الجذعية… خطوة نحو العلاج الأول من نوعه في العالم 2025-04-17 أول سماعة طبية رقمية في اليابان تستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل نبضات القلب 2025-04-10فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23
مواقع صديقة | أسعار العملات | رسائل سانا | هيئة التحرير | اتصل بنا | للإعلان على موقعنا |