شبكة اخبار العراق:
2025-03-12@11:08:56 GMT

في غياب الدولة تضيع الشعوب

تاريخ النشر: 22nd, May 2024 GMT

في غياب الدولة تضيع الشعوب

آخر تحديث: 22 ماي 2024 - 9:06 صبقلم:فاروق يوسف جاء قرار تحطيم الدولة العراقية الذي اتخذه الحاكم المدني الأميركي بول بريمر منسجما مع مبادئ وتطلعات الأحزاب الطائفية الشيعية التي وقفت مع الاحتلال. ولم تكن جماعة الإخوان المسلمين بنسختها العراقية أفضل في تعاملها مع ذلك القرار الذي وضع حدا لجهود مضنية بذلتها أجيال من العراقيين في بناء تلك الدولة الحديثة.

ذلك ما كان الأميركان على دراية به وهو ما يخدم مشروعهم القاضي بتدمير العراق حاضرا ومستقبلا. فعراق من غير دولة لن تقوم له قائمة ولن يستعيد مكانته على خارطتي الشرق الأوسط والعالم العربي، ناهيك عن صورته في العالم. قد يظن البعض خطأً أن الأمر التبس علي حزبيي الإسلام السياسي بحيث تحوّل عداؤهم للنظام السياسي إلى عداء للدولة. ذلك ليس صحيحا. فالدولة باعتبارها كيانا مؤسساتيا كانت هي المقصودة كونها تتعارض مع مبدأ الحاكمية الذي أعلى الإخواني سيد قطب من شأنه وصار جزءا من المنطلقات النظرية للإخوان كما لكل الأحزاب الدينية التابعة لإيران وقبلها المرجعيات الدينية الإيرانية. وإذا ما اعتبرنا ذلك المبدأ نوعا من النفاق السياسي الذي يهدف إلى إخفاء الواقع فإن العداء للدولة يعود في حقيقته إلى أن المؤسسة الدينية تزدهر في ظل ضعف الدولة، أما حين تكون الدولة قوية فإنها تنزوي جانبا. ذلك ما حدث في مختلف العصور التي مرّت بها الدولة العربية الإسلامية. التقت المصلحة الأميركية بمبادئ جماعات الإسلام السياسي التي وجدت في الغزو الأميركي باباً تطل من خلاله على مستقبل ستكون فيه هي سيدة الموقف في النظام وفي الفوضى. وليس المقصود بالنظام هنا العودة إلى مبادئ العمل المؤسساتي بل العمل السياسي في أجواء مستقرة نسبيا. وهو ما عاشه العراق بعد سنوات طويلة من الاضطراب الذي لا تزال معادلاته ممكنة الاستعادة في أيّ لحظة. يمكن لمقتدى الصدر على سبيل المثال أن يقلب الطاولة على الجميع حين يريد ولو كانت هناك دولة لما استطاع القيام بذلك. منذ أكثر من عشرين سنة والعراق من غير دولة. وهو حدث غير مسبوق في التاريخ السياسي الحديث في العراق. لقد حافظ الانقلابيون في 1958 و1963 و1968 على الدولة التي كانت قائمة منذ عشرينات القرن العشرين. كانت تلك الدولة هي الحاضنة التي استطاعوا من خلالها تنفيذ مشاريعهم في الهدم والبناء على حد سواء. لم يؤثّر التقاتل الحزبي على الدولة ولم يمسّها بضرر. ظلت الدولة قائمة بعيدا عن المعدلات السياسية التي تتحكم بشكل الحكم. أما وقد سقطت الدولة فقد حل النظام السياسي محلّها. ولأنه كيان يتألف من مواد سائلة فلم يعد القانون قادرا على استيعاب تحولاته والتحكم بمساراته. حين اختفت الدولة اختفى العراق. تلك هي المعادلة التي تحلم بالوصول إليها كل تنظيمات الإسلام السياسي. ولو قُدر للإخوان المسلمين أن يستمروا في حكم مصر لكانت الدولة المصرية التي حافظ عليها النظام الجمهوري قد تم تحطيمها ولالتحقت مصر بالعراق. ولكن حركة النهضة نجحت في تدمير دولة بورقيبة في تونس. فعن طريق التخلص من دولة بن علي تم الانقضاض على الدولة المدنية التي أقامها الحبيب بن بورقيبة وحافظ عليها زين العابدين بن علي. كلما حاول الرئيس قيس سعيد العودة بتونس إلى مسار الدولة يصطدم بمظاهر الفوضى التي صار الكثيرون في غياب الدولة يعتبرونها نوعا من الديمقراطية. وما لم تكن هناك دولة فلا وجود لميزان. كان من الممكن أن تضيع مصر لو أن الإخوان استمروا في مشروع دولتهم. أما في تونس وقد تمكنت منها حركة النهضة فلم يكن من الصعب أن تضيع الدولة. لقد تم تذويبها في سياق قوانين أفرطت في تمجيد الانتقام منها بحجة المراجعة التاريخية. ما جرى يكشف عن أنه كانت هناك رغبة لتذويب دولة بورقيبة والانتهاء منها. في العراق أنهى المحتل الأميركي الدولة باعتبارها دولة صدام حسين. ذلك ما فعلته حركة النهضة حين اعتبرت الدولة التونسية دولة بن علي. المفارقة أن قيس سعيد رجل قانون وهو لا يجرؤ على مكاشفة شعبه بحقيقة أن دولتهم ماتت.الفجيعة واحدة في كل البلدان التي تعرضت لهزات اقتلعت الدولة فيها من أساسها. فلا اليمن ولا ليبيا ولا العراق ولا تونس ستتمكن من استعادة الحياة الطبيعية ما لم تبن فيها دولة جديدة على أنقاض الدولة التي هُدمت. ذلك ما يستغرق زمنا طويلا. هذا إذا توفرت الإرادة الوطنية المستقلة والحرة.

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: ذلک ما

إقرأ أيضاً:

ماذا نعرف عن الاتفاق الذي ينص على اندماج قسد ضمن مؤسسات الدولة في سوريا

 

 أعلنت الرئاسة السورية توقيع اتفاق يقضي باندماج قوات سوريا الديمقراطية ضمن مؤسسات الجمهورية العربية السورية، والتأكيد على وحدة الأراضي السورية ورفض التقسيم، بحسب الوكالة السورية للأنباء "سانا".

جرى توقيع الاتفاق، الإثنين، بين رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع، وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي.

قسد: ماذا نعرف عن قوات سوريا الديمقراطية وقائدها مظلوم عبدي؟ ونشرت الرئاسة السورية بيانا وقعه الطرفان

وجاء فيه أنه تم الاتفاق على "دمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز".

وبحسب الاتفاق، يتعين أن تعمل لجان تنفيذية على تطبيقه "بما لا يتجاوز نهاية العام الحالي".

الأكراد: قرن من الثورات والخيبات وحلم الدولة الدائم ما هي بنود الاتفاق؟ وينصّ الاتفاق الذي نشرته الرئاسة السورية على قناتها في "التلغرام" على ما يلي: ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة في العملية السياسية وكافة مؤسسات الدولة، بناء على الكفاءة بغض النظر عن خلفياتهم الدينية والعرقية.

المجتمع الكردي مجتمع أصيل في الدولة السورية، وتضمن الدولة السورية حقه في المواطنة وكافة حقوقه الدستورية.

وقف إطلاق النار على كافة الأراضي السورية.

دمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز.

ضمان عودة كافة المهجرين السوريين إلى بلداتهم وقراهم وتأمين حمايتهم من الدولة السورية.

دعم الدولة السورية في مكافحتها لفلول الأسد وكافة التهديدات التي تهدد أمنها ووحدتها.

رفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية ومحاولات بث الفتنة بين كافة مكونات المجتمع السوري.

تعمل وتسعى اللجان التنفيذية على تطبيق الاتفاق بما لا يتجاوز نهاية العام الحالي.

تحديات الأكراد في سوريا وتسيطر الإدارة الذاتية الكردية المدعومة أمريكيا على مساحات واسعة في شمال وشرق سوريا، وتضم أبرز حقول النفط والغاز.

وشكّلت قوات سوريا الديمقراطية، ذراعها العسكرية، رأس حربة في قتال تنظيم الدولة الإسلامية وتمكنت من دحره من آخر معاقل سيطرته في البلاد عام 2019. ويشكل المكون العربي أكثر من ستين في المئة من سكان الإدارة الذاتية، وفق الباحث في الشأن السوري فابريس بالانش.

وبعدما عانوا خلال حكم عائلة الأسد من تهميش وقمع طوال عقود، حُرموا خلالها من التحدّث بلغتهم وإحياء أعيادهم وتم سحب الجنسية من عدد كبير منهم، بنى الأكراد خلال سنوات النزاع إدارة ذاتية في شمال شرق سوريا ومؤسسات تربوية واجتماعية وعسكرية.

ومنذ وصول السلطة الجديدة إلى دمشق، أبدى الأكراد انفتاحاً، معتبرين أن التغيير "فرصة لبناء سوريا جديدة..

تضمن حقوق جميع السوريين"، غير أنه جرى استبعادهم من الدعوة لمؤتمر حوار وطني حدد عناوين المرحلة الانتقالية.

وجاء توقيع الاتفاق بعد نحو أسبوعين من دعوة زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان، في إعلان تاريخي، إلى حل الحزب وإلقاء السلاح، في خطوة رحب بها أكراد سوريا.

وكانت تركيا، حليفة السلطة الجديدة في دمشق، تتّهم وحدات حماية الشعب الكردية التي تقود قوات سوريا الديمقراطية، بالارتباط بحزب العمال الكردستاني الذي تصنّفه أنقرة وأطراف غربيون "بالمنظمة الإرهابية

مقالات مشابهة

  • مناصرة الجيش السوداني بين الكيد السياسي وفهم طبيعة الصراع
  • الملف الأسود.. إيرادات موازية للنفط تضيع خارج خزينة الدولة: 3 حلول مطروحة (تفاصيل)
  • الملف الأسود.. إيرادات موازية للنفط تضيع خارج خزينة الدولة: 3 حلول مطروحة (تفاصيل) - عاجل
  • تحتمس الثالث وبناء الدولة المصرية.. القائد الذي صنع إمبراطورية قوية
  • دعوات لترسيخ كيان الدولة قبل تحديد شكلها السياسي
  • مصادر لـعربي21: تركيا كانت مطلعة على اتفاق قسد ودمشق.. تفاصيل هامة
  • ماذا نعرف عن الاتفاق الذي ينص على اندماج قسد ضمن مؤسسات الدولة في سوريا
  • مصر: السُلطوية ونفي المواطنة عن الجسد السياسي (1)
  • الغاز الايراني.. غياب البديل ورقة بغداد لإرضاخ واشنطن
  • الغاز الايراني.. غياب البديل ورقة بغداد لإرضاخ واشنطن - عاجل