الذكاء الاصطناعي يستشرف المستقبل أفضل من البشر!
تاريخ النشر: 22nd, May 2024 GMT
أصبح الذكاء الاصطناعي اليوم قادرا على التنبؤ بنتائج عمليات الانتخابات أو التطورات الاقتصادية بشكل دقيق جدا، ويمكنه وحده أن يتوصل إلى تلك النتائج بشكل يوازي مجموعة من المحللين البشر المشتركين في مسألة واحدة.
وبشكل عام لا يصيب الكثير من البشر في استشرافهم للمستقبل، خاصة وإن كان المحلل فردا واحدا يناقش مسألة ما، ومع ظهور المواقع الإلكترونية المعروفة بـ«أسواق التوقعات» باتت مسألة التنبؤ بالمستقبل قابلة للقياس، وفي تلك المواقع يدخل الناس في مسابقات التوقعات والكسب في حال كان توقعهم صحيحا، فقد أظهرت الإحصائيات أنه كلما كانت هناك مجموعات يكون أداؤها للتوقعات أفضل من اجتهاد الفرد الواحد، وبشكل متوسط فإن المجموعة التي تتنبأ تكون أقرب للفوز، مقارنة بالمشارك الواحد.
والآن، ومع ظهور ثورة الذكاء الاصطناعي، قام «داني حلاوي» من جامعة بيركلي بكاليفورنيا، مع مجموعة من زملائه، بتطوير أداة تعمل بالذكاء الاصطناعي تعتمد على تكرار عمليات التنبؤات ومقارنتها مع ما يحدث فعلا، وقد جمعوا تلك التجارب لمحاكاتها عبر الذكاء الاصطناعي، وخرجت التجربة بأن الذكاء الاصطناعي بات بإمكانه استشراف المستقبل -بناء على عمليات تحليل وقياس- بشكل أفضل بكثير من الإنسان الطبيعي الواحد، بل وفي أحيان أثبت أنه أفضل حتى من مجموعة كبيرة من المحللين البشر.
ويقول «داني حلاوي» تعقيبا على ذلك: «عملية التنبؤ أو استشراف المستقبل تتطلب أن يقوم الباحث بجمع الكثير من المصادر والجلوس لتدارسها فترة طويلة، ويقارن بين المصادر الموثوقة من عدمها، وعملية الربط بينها للخروج بالاستنتاج المتوقع مستقبلا»، وتابع: «يمكن للغة البرمجيات في الذكاء الاصطناعي أن تقوم بكل هذا بشكل سريع جدا».
وقام «داني حلاوي» مع زملائه في هذا المشروع بالاعتماد على نموذج برمجيات ذكاء اصطناعي كبير جدا، وهو «شات جي بي تي 4» التابع لشركة «أوبين ايه آي»، مقدمين لها آلية تدريبية إضافية على ما هو موجود لديها فعلا، وهذه العملية يمكن تسميتها بـ«الضبط الدقيق»، من خلال تزويد «شات جي بي تي 4» بعشرات الآلاف من التحليلات الخاصة بالتنبؤات، معتمدين على إحصائيات مواقع «أسواق التوقعات».
وخلصت التجربة إلى أن الذكاء الاصطناعي بات قادرا على التنبؤ بالأحداث بدقة تصل نسبتها 71.5%، وقد حدث ذلك بناء على الآلية المتبعة من قبل برمجية الذكاء الاصطناعي، فبعد أن يتلقى الذكاء الاصطناعي أمرا بالتنبؤ حول مسألة ما، يقوم نموذج منفصل بإعداد أسئلة عديدة ومتفرعة حول الموضوع، ثم يقوم «شات جي بي تي 4» بعملية الإجابة على تلك الأسئلة من خلال الاطلاع على الكثير والكثير من المقالات التي كُتبت حولها، ثم يقوم بتلخيص كل تلك المقالات لتغذية معلوماته حولها بشكل دقيق جدا وفق مصادر موثوقة للخروج بالتوقع حول المسألة المطروحة.
وعليه وجد فريق «داني حلاوي» أن نظامهم المعتمد على الذكاء الاصطناعي بإمكانه التنبؤ بالأحداث بشكل دقيق جدا وأفضل كثيرا من تنبؤ الإنسان الواحد، وقد وجد الفريق أن نتائج نظامهم يعادل بشكل كبير توقعات مجموعة من الباحثين حول مسألة محددة، وقد وصلت نسبة صحة الذكاء الاصطناعي ما يعادل 71.5 بالمائة مقارنة بالمجموعات المشتركة التي حققت 77 بالمائة، وذلك حينما تم إخضاع البرمجة والمجموعات إلى اختبار لقياس الأداء تضمن العديد من الأسئلة.
كانت النسبة بشكل عام ترجح كفة المجموعات البشرية، ولكن الذكاء الاصطناعي استطاع في بعض الأسئلة التفوق على المجموعات البشرية، خاصة في الأسئلة التي لديها خيارات متقاربة في الإجابة، وواجه الذكاء الاصطناعي صعوبات في بعض الإجابات التي تكون تقديراتها نسبية وغير متأكَّدة، ومثال على ذلك سؤال حول أسهم شركة إذا ما كان سعرها سيصل إلى الصفر العام القادم أم لا، ويعود ذلك إلى أن «شات جي بي تي 4» دائما يجيب على مثل هذه الأسئلة بما هو أسلم، فلا يقدم إجابات صريحة، وذلك كنوع من الاحتراز الأمني، كما قال «داني حلاوي».
ويشير «ريتشارد سالدانها» من جامعة كوين ماري بلندن إلى أن النظام قد يكون مفيدا كمصدر بيانات إضافي للمحللين الاقتصاديين والسياسيين الذين يستعينون بمعلومات متنوعة لصنع قراراتهم. ومع ذلك، يؤكد «ريتشارد سالدانها» أنه من غير المحتمل أن يتفوق هذا النظام على النماذج والخوارزميات المتخصصة في المجالات المالية. «بالنسبة لمديري الأصول التقديرية الذين يعتمدون على جمع المعلومات لاتخاذ قراراتهم، يمكن أن يكون النظام موردا إضافيا مفيدا»، كما يقول «ريتشارد سالدانها».
من جهته، يتوقع «دان هندريكس» من مركز سلامة الذكاء الاصطناعي في كاليفورنيا أن يستشير صانعو القرار السياسي في المستقبل أنظمة الذكاء الاصطناعي لتقييم تأثير الإجراءات المحتملة ونتائجها. ويعتقد أيضا أن نماذج التنبؤ القائمة على الذكاء الاصطناعي ستكون قادرة على التنبؤ بالمخاطر المستقبلية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي وتجنبها. ويضيف: «برمجيات التنبؤ ستساعدنا على رؤية هذه المخاطر مقدما والتحرك بعيدا عنها».
مع كل هذه التطورات إلا أن النظام ليس متاحا لعامة الناس في الوقت الحالي، وقد يكلف استخدامه حوالي دولار واحد لكل استفسار، مما يجعله أكثر تكلفة مقارنة بمعظم الاستشارات الخاصة برمجيات الدردشة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی شات جی بی تی 4
إقرأ أيضاً:
مناقشة أثر الذكاء الاصطناعي في الاستدامة
دبي: «الخليج»
نظمت مجموعة عمل الإمارات للبيئة جلستها الحوارية الأولى للعام الحالي، بعنوان «الذكاء الاصطناعي: دافع للاستدامة أم تحدٍ لها؟» في 29 يناير الجاري فــي فندق فايف بالم جميرا، بالتعــاون مع الشبكـــة العربية للمسؤولية الاجتماعية للمؤسسات، ومجلس الإمارات للأبنية الخضراء، ومجلس صناعات الطاقة النظيفة، ومجلس الأعمال السويسري، حيث أضاءت الندوة على أهـمية العلاقة بين الذكاء الاصطناعي ومستقــبل الاستدامة.
وقالت حبيبة المرعشي، العضو المؤسس، ورئيسة مجموعة عمل الإمارات للبيئة: إن الجلسة الحوارية شكلت بداية ديناميكية لعام 2025، حيث جمعت الطلبة والأكاديميين وقادة الصناعة للمشاركة في حوار مدروس حول واحدة من أكثر القضايا إلحاحاً في عصرنا، معربة في الوقت عينه عن خالص امتنانها لماكدونالدز الإمارات على دعمها القيم والذي تمكنت من خلاله المجموعة في تنظيم هذا الحدث.
وأضافت: «حققت جلسة الحوار نجاحاً كبيراً في بدء محادثات هادفة حول دور الذكاء الاصطناعي في رحلتنا نحو الاستدامة. من خلال إشراك الطلبة والمحترفين والخبراء من مختلف المجالات، تمكنا من استكشاف الفرص والمخاطر المرتبطة بهذه التكنولوجيا الناشئة».
وقالت: «يتعين علينا ضمان الاستفادة من الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول لمساعدتنا في تحقيق أهداف الاستدامة العالمية». بدأت المناقشة الجماعية بمناظرة بين مدرستين من أكثر المدارس الأكاديمية نشاطاً في مجموعة عمل الإمارات للبيئة، حيث واجهت مدرسة دبي الوطنية، التي تمثل الموقف القائل بأن الذكاء الاصطناعي نعمة للاستدامة، مدرسة الورقاء الثانوية، التي زعمت أن الذكاء الاصطناعي يضر بالاستدامة.
وناقش كل فريق، يتألف من ثلاثة طلاب متحمسين، الفوائد والمخاطر المحتملة لدور الذكاء الاصطناعي في تشكيل مستقبل مستدام، حيث أعطى هذا النقاش الجذاب للطلاب منصة للتعبير عن وجهات نظرهم حول كيفية تقاطع الذكاء الاصطناعي مع الاستدامة، ومهد النقاش الطريق لمناقشة أوسع نطاقاً تلت ذلك، ما شكل نهجاً جديداً لإشراك الشباب في حوارات الاستدامة.
وبعد المناقشة، تحول الحدث إلى جلسة حوارية للخبراء، حيث شارك قادة الفكر المتميزون من مختلف القطاعات بآرائهم حول دور الذكاء الاصطناعي في الاستدامة.