«روبوتات» تتنبأ بابتسامتك.. ثم تبتسم مثلك
تاريخ النشر: 22nd, May 2024 GMT
أصبح بإمكان نماذج من «الروبوتات» التي تكون على هيئة البشر أن تتنبأ ما إذا كان الشخص الذي بمقابلها سيبتسم قبل ثانية واحدة من ابتسامته فعلا، ليطلق الروبوت ابتسامة مشابهة لابتسامة الشخص الذي في مقابله.
ويأمل مطورو هذه الروبوتات أن يجعلوا التكنولوجيا المحاكية للبشر واقعية بشكل كبير، وعلى الرغم من التطور الهائل الذي يشهده الذكاء الاصطناعي بتقليده للبشر بشكل مثير للدهشة، إلا أن التفاعل مع الروبوتات الشبيهة بالبشر ما زال أمرا غريبا ويأخذنا نحو «الوادي الغريب» إذ يشعر غالبية البشر المتعاملين مع الروبوتات بالريبة والقلق، وقد يرجع ذلك إلى أن الروبوتات ما زالت غير قادرة على محاكاة البشر بشكل دقيق، ولا يمكنها مجاراة سلوك البشر وإيماءاتهم غير اللفظية التي تعد أساسا في التواصل البشري.
أما الآن، فقد ابتكر «هود ليبسون» من جامعة كولومبيا في نيويورك مع زملائه روبوتا يحمل اسم «آيمو»، وهو ممتزج بمزايا الذكاء الاصطناعي، ويحوي على كاميرا دقيقة جدا تساعده على التنبؤ بالتعبيرات البشرية التي ترتسم على الوجوه، لمحاولة تقليدها، وأصبح «آيمو» ذا قدرة على التنبؤ بأن الشخص الذي بمقابلة سيبتسم قبل 0.9 ثانية من قيامه بذلك فعلا، ليبتسم الروبوت «آيمو» مع الشخص الذي بمقابله بشكل متزامن، ويقول «هود ليبسون»: «إنني عالم في مجال الروبوتات، وأنا متعب جدا، ولكني أبتسم لهذا الروبوت».
«آيمو» هو روبوت يحتوي على كاميرا عالية الدقة في عينيه، ووجهه البشري المصنوع من جلد بلاستيكي مرن يتضمن 23 محركا، جميعها تترابط بالمغناطيس، لمحاكاة التعابير البشرية، كما يستخدم «آيمو» شبكتين عصبيتين، واحدة منها تنظر للوجوه البشرية وتقرأ تعابيرها وتتنبأ بها، والأخرى تساعده في محاكاة تلك التعابير لتطبيقها على نفسه.
إن الشبكة العصبية الأولى تم تغذيتها بمقاطع فيديو كثيرة من خلال اليوتيوب لأشخاص يبدعون بصناعة التعبيرات المختلفة على وجوههم، أما الشبكة العصبية الثانية فقط فخصصت لكي يشاهد «آيمو» نفسه وهو يقوم بتأدية تلك التعبيرات من خلال فيديو بث مباشر.
يقول «هود ليبسون»: «إن آيمو يقوم بمشاهدة نفسه ليعرف كيف يبدو أمام الناس عندما يقوم بشد عضلات وجهه»، «إنه فعلا مثل أي شخص يقف أمام المرآة، إنه فعلا كأي شخص يعرف كيف سيبدو حينما يكون مبتسما حتى ولو أغمض عينيه».
نقف عند مقولة «هود ليبسون» التي قال فيها «إنني عالم في مجال الروبوتات، وأنا متعب جدا، ولكني أبتسم لهذا الروبوت»، وهذا يؤكد ما يصبوا إليه «هود ليبسون» مع فريقه البحثي، أن تكون برمجة «آيمو» قادرة على تحسين العلاقات المتبادلة بين البشر والروبوتات، مع تأكيدهم على أن هذه البرمجة تحتاج إلى أن يتوسع نطاقها.
إن محاكاة الروبوتات للتعابير البشرية ليست هي الخطوة المهمة، إنما يجب أن يتبعها اكتساب الروبوتات القدرة على التعبير من خلال الإيماءات من تلقاء نفسها لا أن تحاكي الآخرين، كما يقول «هود ليبسون».
خدمة تربيون عن مجلة «New Scientist»
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الشخص الذی
إقرأ أيضاً:
نحو استعادة البشرية لآدميتها المسلوبة
بعد عام ملأت فيه رائحة البارود الدنيا وشغلت الناس في الشرق الأوسط، عادت نيران أوكرانيا لتشعل صفحات الإعلام من جديد، بعد أن صادق الرئيس الأمريكي المنصرف جو بايدن على إمكانية استخدام كييف لصواريخ بلاده الباليستية لدك الأراضي الروسية، في خطوة أعادت لهيب حربي موسكو وكييف إلى مساحة الاشتعال، دونما اكتراث بتعهدات ترامب العائد إلى الحكم ووعوده بإنهاء هذه الحرب خلال أربع وعشرين ساعة.
صواريخ بايدن يقول البعض، جاءت لتعطل مطامح ترامب في إخماد حروب الأرض، حسب المقربين من الأخير، بل تقود المشهد نحو الانفجار والمزيد من التعقيد والقتل والدمار، وفي مسعىً لخلط الأوراق وبعثرتها.
وبين الشرق الأوسط وأوكرانيا تفاقمت رائحة البارود، لتتعرف البشرية على صنوف المسيرات والصواريخ الفرط صوتية والباليستية والاعتراضية ومنظومات حيتس وثاد وطائرات أف 35 وأف 15 المطورة وقائمة لا تنتهي من عتاد الموت، في كوكتيل عجيب من أدوات الفتك التي تتباهى بها مصانع الشر، من دون ضمير أو أخلاق أو روادع تذكر.
ليقودنا هذا كله لنعيش تحت وطأة تواصل الصراع الاستعماري على طرق التجارة ومصادر الطاقة ومنابعها ومواطنها، وذلك عبر تخريجات مفبركة، يتم إلباسها ثوباً مزعوماً ومصطنعاً ومغلفاً بالديمقراطية والإنسانية والحرية الواهية.
فدفاع الاحتلال الصهيوني عن الذات، إنما يعني بالنسبة له تدمير الفلسطينيين ومحقهم وسحقهم وطحنهم
معارك تجترح المزيد من الأفكار الشيطانية، والخطط المسمومة، في محاولة لتغليف مضامين تلك الحروب، بأهداف دفاعية كاذبة ومزيفة. فدفاع الاحتلال الصهيوني عن الذات، إنما يعني بالنسبة له تدمير الفلسطينيين ومحقهم وسحقهم وطحنهم وسط عالمٍ صامت، ما زال يرتعد خوفاً من اللوبي الصهيوني، عالم يسعى على مدار اليوم إلى أن يلوث مسامعنا بأسطوانة مشروخة ممجوجة، تشرعن حق الاحتلال المزعوم بقتل البشر والشجر والحجر، قتل النساء والأطفال والشيوخ ودفنهم أحياء من دون أدنى رحمة ولا حتى ذرة إنسانية تحت ذريعة الدفاع عن النفس!
البشرية ليست بحاجة اليوم لكوكتيل السلاح هذا، بل هي في أشد الحاجة إلى وأد الحروب وتجارها ومدمنيها ومصنعيها وداعميها، وما ارتبط بها من توظيف دنيء وبشع وكارثي للتكنولوجيا القذرة، التي يرتبط نجاحها بقدراتها التدمرية، لتكون فاعلية السلاح مقرونة بكم من البشر تستطيع هذه التكنولوجيا أن تقتل. البشرية بحاجة لكوكتيل حرية وكرامة وتطور وتقدم وازدهار، بعيداً عن اللاهثين وراء حقول الغاز والبترول والمعادن الثمينة والراكضين وراء الثروة المجبولة بالحروب ودماء الأبرياء حول العالم.
معدن البشرية الثمين إنما يجب أن يكمن في ما يكمن بكم الخير الذي توجده المجتمعات قاطبة وقدرتها على الإطاحة بطغاة الأرض وقتلتها وملوثيها. لسنا بحاجة لصنوف السلاح بكل مسمياته ومواصفاته بل بحاجة لمن يقود البشر نحو مباطحة قراصنة العصر، من قتلة ومجرمين وتجار لا تعنيهم حياة البشر، وإنما يعنيهم «تسمين» جيوبهم وثرواتهم وودائعهم، فهل ينفض العالم بعد محرقة الشعب الفلسطيني الغبار عن كرامته والمنظومة الآدمية وأخلاقيات الحياة، أم يبقى مدمناً على الاستسلام لجمهور القتلة الأفاقين؟ هل تذهب الشعوب نحو استعادة البشرية لآدميتها المسلوبة؟ أم تبقى رهينة مطامع حفنة من القطط السمان؟ ننتظر ونرى!
القدس العربي