خطة الكربون الرئيسية ..غير قابلة للتنفيذ
تاريخ النشر: 22nd, May 2024 GMT
إن خطط معالجة تغير المناخ عن طريق امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الهواء وتخزينه تحت الأرض غير واقعية إلى حد كبير، وفقا لتحليل جديد، مما يثير التساؤلات حول قدرتنا على تحقيق الأهداف المناخية.
لقد أطلقت البشرية الآن كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، حتى أصبح من المستحيل أن يظل الكوكب تحت درجة حرارة أقل من 1.
لقد كنا طموحين للغاية لتحديد هدف الحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية.
وتقوم هذه النماذج، المعروفة باسم نماذج التقييم المتكامل، بدورا رئيسي في صنع السياسات المناخية، حيث تحدد المسارات المحتملة لإزالة الكربون على مستوى العالم. وتفيد نتائجها التقييمات العلمية التي أجرتها الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ بشأن أهداف درجة الحرارة العالمية ودعم الحكومات في وضع استراتيجيات خفض الانبعاثات. باختصار، من المهم أن تكون دقيقة وواقعية قدر الإمكان.
ولكن يبدو أن أجهزة نماذج التقييم المتكامل قد بالغت إلى حد كبير في تقدير طريقة واحدة لتخزين الكربون، المعروفة بالتخزين الجيولوجي، التي تتضمن احتجاز ثاني أكسيد الكربون وضخه تحت الأرض إلى أماكن مثل خزانات النفط والغاز الفارغة. حاليا، يتم تخزين حوالي 9 ملايين طن من ثاني أكسيد الكربون بهذه الطريقة كل عام، ولكن للحفاظ على درجة حرارة أقل من 1.5 درجة مئوية، تفترض معظم نماذج التقييم المتكامل أن معدل التخزين هذا سيحتاج إلى زيادة 1000 مرة إلى حوالي 9 جيجا طن بحلول منتصف القرن. ويذهب البعض إلى أبعد من ذلك، حيث يتوقع ضعفا أو ثلاثة أضعاف هذا التوسع.
يقول (صامويل كريفور) من كلية لندن الإمبراطوريّة إن مثل هذا التوسع السريع غير ممكن. استخدم هو وزملاؤه نهجا جديدا لتقييم احتمالية توفير تخزين الكربون على نطاق جيجا طنات بحلول عام 2050، مع الأخذ في الاعتبار القيود الجيولوجية والاقتصادية والتكنولوجية والجغرافية على النمو.
وخلص الباحثون إلى أن الحد الأقصى للتخزين الجيولوجي الممكن بحلول عام 2050 هو 16 جيجا طن سنويا، لكن مثل هذا السيناريو غير واقعي، ويعتمد على نمو هائل، مستدام على مدى عقود. كما يتطلب الأمر من الولايات المتحدة توفير 60 في المائة من إجمالي التخزين السنوي، أي 10 جيجا طن سنويا بحلول عام 2050، وهو ما يتجاوز بكثير الجيجا طن الذي وعدت به بحلول ذلك التاريخ.
يقول كريفور: «من الصعب حقًا تصور موقف تقوم فيه الولايات المتحدة بتوفير هذا الحجم». أما السيناريو الأكثر واقعية الذي يأخذ في الاعتبار الهدف المعلن للولايات المتحدة، يرى أن العالم سيصل إلى حوالي 6 جيجا طن من المخزون الجيولوجي السنوي بحلول منتصف القرن. ويضيف كريفور أن «التوقعات التي تزيد عن 6 جيجا طن، وبالتأكيد تزيد عن 10 جيجا طن... من الصعب أن نرى كيف يمكن أن ينجح ذلك».
يفترض السيناريو الأكثر واقعية للفريق معدل نمو سنوي قدره 10 في المائة للتخزين الجيولوجي من الآن وحتى عام 2050، وهو ما يزال أعلى من متوسط معدل النمو السنوي البالغ 8.6 في المائة بين عامي 1996 و2020. وبموجب هذا السيناريو، تصل سعة التخزين السنوية إلى أقل من ذلك، إلى أكثر من 1 جيجا طن سنويا بحلول عام 2050، وهو أقل بكثير مما تفترض النماذج المناخية أنه سيكون ضروريا لتحقيق هدف درجة الحرارة 1.5 درجة مئوية.
وتأخذ الدراسة، التي لم تخضع للمراجعة بعد، في الاعتبار فقط المناطق التي لديها مشروعات حالية لالتقاط الكربون وتخزينه أو تلك التي من المقرر أن يتم تشغيلها بحلول عام 2030، ويقتصر تركيزها على 10 مناطق تغطي أمريكا الشمالية والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وأستراليا وأجزاء من آسيا.
يقول كريفور: نماذج التقييم المتكامل تبالغ في تقدير مدى فعالية عزل الكربون، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أنها لا تأخذ في الاعتبار الصعوبات في توسيع نطاق الصناعة الناشئة، خاصة في مناطق آسيا حيث إن كمية النشر الحالي هناك منخفضة. ويقول: بعض التوقعات الخاصة بتخزين الكربون في الصين وإندونيسيا بحلول عام 2050 تفترض حدوث زيادات هائلة في عمليات النشر، الأمر الذي «يحير العقل».
يمكن لهذه النماذج أيضًا أن تتجنب بعض الجوانب العملية لاستخدام التخزين الجيولوجي، مثل مدى سرعة ملء الخزانات. يقول كريفور: «الخزان يشبه الكوب. يمكنك أن تصب بمعدل سريع لفترة طويلة. ولكن عندما تقترب من الحد الأقصى، عليك أن تبطئ. الأمر لا يتعلق فقط بالحجم الموجود، بل يتعلق أيضًا بمدى سرعة استخدامه».
يقول علاء الخوردجي من كلية لندن الإمبراطوريّة الذي لم يشارك في الدراسة: «هذا أمر تحتاج العديد من هذه النماذج إلى دراسته».
وحتى قبل التحليل الذي سيقوم به الفريق، كان يُنظر بشكل متزايد إلى احتمال البقاء عند مستوى أقل من 1.5 درجة مئوية من الاحترار على أنه أمر مستبعد، مما يتطلب إزالة الكربون من قطاعات الصناعة الثقيلة والطاقة والنقل في غضون بضعة عقود فقط. وفي غياب تخزين الكربون على نطاق واسع، تصبح هذه المهمة أكثر صعوبة، إما إنها تتطلب تخفيضات أسرع وأوسع نطاقا للانبعاثات أو إنها تستخدم استراتيجيات تخفيف أكثر خطورة، مثل الهندسة الجيولوجية. ومن المرجح أن يتم إدراج مثل هذه المراجعات في الجولة القادمة من تقييمات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، المقرر إجراؤها عام 2029.
يقول (روبرتو شيفر) من الجامعة الفيدرالية في ريو دي جانيرو بالبرازيل، إن واضعي النماذج المناخية سيجدون دائمًا حلا يناسب درجة الحرارة المستهدفة. ومع ذلك، مع تقلص حجم الكربون المتبقي ليصل إلى عتبة درجة الحرارة البالغة 1.5 درجة مئوية، ستصبح الحلول أكثر قسوة مما كانت عليه من قبل.
يقول شيفر: «المشكلة الحقيقية هنا هي أننا كنا طموحين للغاية لتحديد هدف يتمثل في الحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية. لا يعني ذلك أن الحلول التي وضعها النموذج غير واقعية. الهدف ذاته لم يكن واقعيّا من البداية».
تنظيف الكربون
قبل أن نتمكن من تخزين الكربون، يجب علينا احتجازه. إليكم التقنيات الرئيسية للقيام بذلك:
احتجاز الكربون: تم تجهيز المصانع ومحطات الطاقة بأجهزة يمكنها فصل واحتجاز انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الموقع قبل دخولها إلى الغلاف الجوي. يمكن للتكنولوجيا الحالية، التي دخلت السوق منذ عام 1972، أن تزيل نحو 90 في المائة من الانبعاثات، لكنها مكلفة.
الطاقة الحيوية مع احتجاز الكربون: تتضمن هذه العملية استخلاص الطاقة من المواد النباتية، مثل حرقها في محطة توليد الطاقة واحتجاز الانبعاثات المنبعثة. ومن الناحية النظرية، فإن الطاقة الناتجة هي طاقة لا تحتوي على الكربون، لأنه إلى جانب الانبعاثات المحتجزة، امتصت النباتات الكربون أثناء نموها، لكن المعارضين يقولون إن الفكرة غير مثبتة علميّا، وتتطلب مزيدا من الدراسة ومساحات هائلة من الأراضي.
الالتقاط المباشر للهواء: تستخرج هذه التقنيات ثاني أكسيد الكربون مباشرة من الغلاف الجوي، إما باستخدام مواد ماصة أو مذيب سائل. إنها تنتج انبعاثات سلبية حقًا ويمكن أن تعمل في أي مكان بعيدًا عن مصادر التلوث. ومع ذلك، فإن الإصدارات الحالية لم يتم توسيع نطاقها بعد، وهي باهظة الثمن وتستهلك الكثير من الطاقة.
مادلين كَف
خدمة تربيون عن مجلة «New Scientist»
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: ثانی أکسید الکربون تخزین الکربون الغلاف الجوی درجة الحرارة بحلول عام 2050 فی الاعتبار درجة مئویة فی المائة أقل من
إقرأ أيضاً:
مسحوق يمتص الكربون لاستخدامه صناعيا.. هل ينجح في إنقاذ البيئة؟
قال أحمد غديرة، خبير التغيرات المناخية، إنّ ابتكار مسحوق يمتص الكربون ويعيده للاستخدام الصناعي، يجب أن يخضع لإجراء العديد من الدراسات من أجل رصد تأثيراته البيئية خلال مراحل التصنيع، موضحا أن هناك معايير عالمية لتصنيع أي منتج كيميائي.
دراسات على أي منتج كيميائي جديدوأضاف «غديرة»، خلال حواره عبر فضائية «القاهرة الإخبارية»، أن أي منتج جديد يمر بـ9 مراحل، بداية من الفكرة إلى أول دراسة مرورا لتصنيع أول عينة منه، ثم إجراء التجارب في كل مراحله بهدف الوصول إلى التصنيع وبعده الإنتاج التجاري، لكي تكون كل المعايير مضبوطة.
ابتكار منتج كيميائي يمتص الكربونوأوضح أنه يحدث إجراء دراسات بيئية دقيقة لكل مراحل التصنيع وكذلك الفضلات الناتجة عنهم، متسائلا: «ابتكار منتج كيميائي يمتص ثاني أكسيد الكربون أمر جيد، ولكن هل نتحدث عن فضلات كيميائية خطيرة ستكون عبء جديد على العالم والبيئة والتغيرات المناخية بصفة عامة أم تكون فضلات يمكن إعادة تدويرها للاستفادة منها وبالتالي تثمين قيمتها؟».