انتظار وقف النار في غزة لا يعني التسليم بخريطة مستقبلها. إذ إن هناك ربطاً غربياً لوضع لبنان بما سينتج من مفاوضات مستقبل غزة كي يتحدد مصير الرئاسة والجنوب والنازحين
وكتبت هيام قصيفي في" الاخبار": ما يخص لبنان أن انتظار اليوم التالي لغزة لم يعد ينحصر في إجراءات الوضع الجنوبي المشتعل منذ ثمانية أشهر، بل أصبح متلازماً مع ثلاثة ملفات متشابكة: تطورات الجنوب ومصير الحرب الدائرة فيه، ورئاسة الجمهورية، ووضع النازحين السوريين.

والموضوع الأخير لم يفتح عن عبث في هذا التوقيت الدقيق الذي يفترض ألّا تضاف فيه على لبنان أعباء جديدة. لا بل هناك دفع خارجي في الضغط من خلاله، وربطه بما يحصل في المنطقة، وعليه إيجاد حلول لسوريا في ما يخصّ ملف النازحين ومستقبلها السياسي والجغرافي، وكذلك للبنان، من ضمن استراتيجية أوسع تتصل بمرحلة ما بعد غزة.
في المقابل، حاولت اللجنة الخماسية العمل على محاولة تمرير رئاسة الجمهورية في الوقت الدقيق كي تسحب الرئاسة من الملفات الثلاثة الشائكة الموضوعة على طاولة التفاوض. وبذلك يتحول الرئيس مفاوضاً، ويخفّ الضغط على الوضع اللبناني، بإبعاده عن التجاذبات الإقليمية. لكن المحاولة أُجهضت سريعاً لاعتبارات داخلية وخارجية. في حين أن ملف الجنوب مرتبط أصلاً بحرب غزة العسكرية، ولم يعد أي فريق غربي، وخصوصاً الفرنسي، يتحدث بغير ذلك، بعد الاقتناع بأن حزب الله يمسك بورقة الجنوب. وتحولت أنظار الموفدين الغربيين الى ملف النازحين كونه الملف الذي تستطيع اوروبا ان تكون اكثر فاعلية فيه. لذا بات الكلام يتركز حول صفقة متكاملة تشمل الوضع اللبناني برمته، وأعيد ربطه بملف المنطقة، بحيث توضع سلة حلول تطاول اكثر من دولة، اذا ما نضجت الترتيبات لغزة على مدى الاشهر المقبلة. لكن اذا كان الربط المزدوج بغزة، وبما ينتظره الاسرائيليون من الولايات المتحدة المقبلة على انتخابات رئاسية وابتزاز الطرفين الديموقراطي والجمهوري حتى الاشهر الاخيرة الحاسمة، فإن ذلك يعرّض لبنان لان يصبح اكثر هشاشة، مع تفاقم عناصر الانهيار الداخلية، ولا سيما ان مرحلة الانتظار الاساسية أضيف اليها عامل دقيق، مع وفاة الرئيس الايراني التي سترخي بظلها على حرب غزة ولبنان وكل الترتيبات التي كان التفاوض سائراً فيها، اضافة الى دخول الغرب في مرحلة الرئاسة الأميركية وانشغالات اوروبا بانتخاباتها وأوكرانيا، في وقت تسعى فيه اسرائيل الى الإفادة اكثر من الوقت الضائع للتمسك بما تريده لمستقبل غزة.
 

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

وسط رايات حزب الله : "عيد حزين" في جنوب لبنان قرب قبور أحباء قضوا في الحرب

عيترون (لبنان) - أحيا سكان في جنوب لبنان الإثنين عيد الفطر بغصّة في قراهم المدمّرة بفعل المواجهة الدامية بين حزب الله واسرائيل، بينما اكتظت مقابر بزوّار جاؤوا يصلّون لأحباء قضوا في الحرب.

في بلدة عيترون الحدودية مع اسرائيل، أحضر الزوار في اليوم الأول من عيد الفطر الذي يحتفل فيه معظم المسلمين الشيعة في لبنان الاثنين، ورودا بألوان زاهية كسرت السواد الذي خيّم على ملابس الحاضرين في مقبرة أنشئت حديثا لدفن أكثر من مئة قتيل من سكان القرية قضوا في غارات إسرائيلية ومنهم مقاتلون من حزب الله.

وزيارة الموتى تقليد في اليوم لاأول من عيد الفطر كل سنة.

ووسط رايات حزب الله التي رفعت بين الحضور، لم تتمالك نسوة متشحات بالسواد أنفسهن وهن يقرأن الفاتحة فوق قبر أب أو شقيق أو زوج. ومن بينهن سهام فتوني التي فقدت ابنها المسعف في الهيئة الصحية الاسلامية التابعة للحزب.

وتقول فتوني وهي تقف قرب قبر ابنها "لقد تحدينا العالم أجمع بوقوفنا هنا الآن في قلب عيترون لنحتفل بعيد الفطر مع شهدائنا الذين مكنتنا دماؤهم من العودة إلى قريتنا".

ومنذ التوصل الى وقف لإطلاق النار في 27 تشرين الثاني/نوفمبر بعد أكثر من سنة على مواجهة دامية، عاد عدد من السكان الى مناطقهم التي كانوا هجروا منها.

ولا ينفك حزب الله وأنصاره يتحدثون عن "نصر"، بينما من الواضح أن الحرب التي قتلت خلالها إسرائيل العديد من قيادات الحزب ودمّرت جزءا كبيرا من ترسانته وبناه التحتية، أضعفت الحزب الى حدّ كبير.

في المكان، جلست طفلة قرب قبر امرأة، حاملة صورة لها محاطة بالزهور وعلى وجهها ملامح حيرة.

ومن بين الصور التي ارتفعت فوق شواهد القبور، صورة رضيعة، وأخرى لشاب بزي عسكري.

وبينما قرأت سيدة صفحات من القرآن الكريم، خرق صوت منشد الصمت ليرثي الموتى، وسط وجوم ساد وجوه الحاضرين الذين انهمرت دموعهم.

ووزّع بعض الحاضرين الحلوى والمأكولات على وافدين من قرى مجاورة.

ويقول المزارع سليم السيد (60 عاما) من قرية عيترون "يختلف العيد هذا العام عن الأعياد في السنوات الماضية(...). تعيش عيترون التي قدّمت اكثر من 120 شهيدا، عدد كبير منهم من النساء والاطفال، عيدا حزينا".

ويتدارك الرجل "لكن إرادة الحياة ستبقى أقوى من الموت".

- حزن "عارم" -
وعلى غرار معظم القرى الحدودية في جنوب لبنان، يسود الدمار عيترون وقد لحق بالمنازل والبنى التحتية وحال دون عودة الغالبية الساحقة من السكان للعيش في قريتهم. إلا أن قلة ممن نجت بيوتهم من الدمار، عادوا، وفتح عدد من المتاجر أبوابه.

وتأخرت عودة سكان عيترون إلى حين الانسحاب النهائي للقوات الإسرائيلية منها في 18 شباط/فبراير.

ونصّ اتفاق وقف إطلاق النار على انسحاب الجيش الإسرائيلي من كل المناطق التي دخل إليها خلال الحرب. إلا أنه أبقى على وجوده في خمسة مرتفعات استراتيجية تخوّله الإشراف على مساحات واسعة على جانبي الحدود. ويطالب لبنان بانسحابه منها.

ورغم اتفاق وقف إطلاق النار، تواصل إسرائيل شنّ غارات على لبنان وتقول إنها تضرب أهدافا عسكرية لحزب الله في جنوب البلاد وشرقها. وتتهم الدولة اللبنانية بعدم تنفيذ قسطها من الاتفاق والقاضي بتفكيك ترسانة حزب الله العسكرية ومنعه من التواجد في المنطقة الحدودية.

وبلغ التصعيد ذروته الجمعة عندما قصفت إسرائيل الضاحية الجنوبية لبيروت بعد إطلاق صاروخين باتجاهها من جنوب لبنان.

في عيترون أيضا، يقول سائق الأجرة عماد حجازي (55 عاما) "على الرغم من المخاطر الأمنية، فان معظم الناس جاؤوا لتمضية اليوم الأول لعيد الفطر، الى جانب الشهداء الموتى من أبناء القرية".

ويكمل "الحزن كان عارما وكل الناس في حالة تأثر"، مضيفا "فقدت 23 شخصا من أقاربي في غارة إسرائيلية... وشعرت بالخجل من أن أقدّم التهاني بالعيد لعائلتي أو أصدقائي".

Your browser does not support the video tag.

مقالات مشابهة

  • الدويري: غزة تمر بأصعب أوقاتها منذ بدء الحرب وهذه هي الأسباب
  • الموسوي: إسرائيل أنهت الهدنة ونقلت الوضع لمرحلة مختلفة
  • تصعيد جديد في لبنان.. غارة إسرائيلية تقتل ثلاثة وتصيب سبعة في الضاحية الجنوبية
  • ثلاثة شهداء في غارة إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية.. وعون يعلق
  • ثلاثة شهداء وسبعة جرحى في غارة اسرائيلية فجرا على الضاحية الجنوبية
  • هل باتت القدس أبعد؟
  • وسط رايات حزب الله : "عيد حزين" في جنوب لبنان قرب قبور أحباء قضوا في الحرب
  • توقيف شادي ذكية في مخيّم البداوي
  • سكاف: ‬⁩‏حفظ الله أطباء ⁧‫لبنان‬⁩ والعالم
  • قنابل فوسفوريّة وإطلاق نار... إليكم كيف يبدو الوضع في جنوب لبنان