الجزيرة:
2025-01-31@12:09:31 GMT

كيف يؤذي مصطلح عمى العقل أطفال التوحد؟

تاريخ النشر: 2nd, August 2023 GMT

كيف يؤذي مصطلح عمى العقل أطفال التوحد؟

لطالما استخدم مصطلح "العمى العقلي" في وصف الأطفال المصابين بطيف التوحد، وتعني نظرية "العمى العقلي" أو "العمى الذهني" أن الأطفال المصابين بالتوحد ومتلازمة إسبرغر تتأخر لديهم بعض مهارات التطور العقلي؛ مما يجعلهم يعانون من درجات من العمى الذهني؛ ونتيجة لذلك يجدون سلوك الآخرين محيرا ولا يمكن التنبؤ به، كما أن قدرتهم على التخيل محدودة.

ولكن في السنوات الأخيرة، أظهرت الدراسات الجديدة أن المصطلح غير دقيق على الأرجح، وقد يحد فعليًا من احتمالات الاتصال العاطفي لدى هؤلاء الأطفال.

ويمكن أن تكون لعواقب التصنيف غير الدقيق لمجموعة من الأشخاص وقدرتهم على الاتصال آثار بعيدة المدى، تتباين من خلال التفاعلات اليومية الصغيرة مع الأطفال المصابين بالتوحد، إلى خلق بيئات غير آمنة لهم، إضافة إلى خطر تعرضهم للتمييز.


ما عمى العقل؟

ظهرت عبارة "عمى العقل" أول مرة عام 1985 في إشارة إلى ما يسمى "العجز العقلي" الذي أظهره الأفراد المصابون بالتوحد. أو ما يعني القدرة على وضع نفسه في مكان شخص آخر، لتخيل أفكاره ومشاعره، وهي نظرية أسس لها البروفيسور سايمون بارون كوهين؛ وهو أستاذ في أقسام علم النفس والطب النفسي بجامعة كامبريدج.

من جانبها، تقول الدكتورة كارين ج. باركر، الأستاذة المشاركة في قسم الطب النفسي والعلوم السلوكية في كلية الطب بجامعة ستانفورد والخبيرة في بيولوجيا الأداء الاجتماعي إنه لفهم مصطلح "العمى العقلي" من المفيد معرفة مدى ارتباطه بمفهوم آخر يُعرف باسم "نظرية العقل".

وتعني "نظرية العقل" القدرة على تمييز أو توقع ما سيفعله الشخص نفسه أو أشخاص آخرون وفهم أن للناس الآخرين معتقدات، ونوايا، ورغبات، وآراء مختلفة. على سبيل المثال أنا أحب شيئا ما، وليس بالضرورة أن يحبه الآخر، أو أنا أرى شيئا لا يراه الآخرون؛ لذا فالآخر لا يعرف ما أفكر فيه، والعكس صحيح، وهو ما كان يرى العلماء أنه لا يتحقق بصورة كبيرة لدى أطفال التوحد، ومن ثم يفتقد هؤلاء القدرة على التعاطف مع الآخرين وتفهم ردود أفعالهم.

تقول الدكتورة باركر "يشير مصطلح العمى العقلي إلى الافتقار التام لنظرية العقل لدى الأشخاص المصابين بالتوحد، وهو ما لم تؤكده معظم الأبحاث. من المهم أن ندرك أن كل شخص مصاب بالتوحد هو فرد له تحدياته ونقاط قوته". لذلك فإن استخدام عبارات مثل أعمى العقل لوصف مصاب التوحد الذي يفتقر إلى التعاطف يؤذي الطفل وأسرته، وينتقص من قدراته الذهنية، ولا يستند إلى حقائق علمية دقيقة.

ويرفض العلماء وصف عمى العقل لأنه يشير إلى أن القدرة العاطفية لا يمكن تحسينها أو تطويرها، بينما ما يحدث لدى أطفال التوحد هو العكس تماما، لأنه يمكن تطوير كفاءة القدرات العاطفية بالتدريب، حتى وإن لم يكن بنفس كفاءة الطفل النموذجي.

يمكن تطوير كفاءة القدرات العاطفية لدى طفل التوحد بالتدريب حتى وإن لم يكن بنفس كفاءة الطفل النموذجي (بيكساباي) طفل التوحد والخداع

يميل الطفل البالغ من العمر 3 سنوات إلى فهم أن مجرد لمس الصندوق لا يكفي لمعرفة ما بداخله، بينما يتأخر الأطفال المصابون بالتوحد ومتلازمة أسبرغر في هذا.

كما لا يمكن لطفل التوحد فهم الخداع بسهولة؛ فمثلا لو تظاهرت أنك أكلت لعبته وابتلعتها، سيصدق بالفعل أنك قمت بذلك، حتى لو أعدت إظهارها، سيبحث عنها في فمك، وهو في الوقت نفسه يفترض أن الجميع يقول الحقيقة، ويصاب بالصدمة والانفعال الشديد حينما يكتشف غير ذلك.

يرجع العلماء أن طفل متلازمة إسبرغر قد يتأخر 3 سنوات عن الطفل النموذجي في فهم ما يؤذي مشاعر الآخرين، رغم ارتفاع معدل الذكاء لديه، وتأكيدا على أن مصطلح العمى العقلي غير دقيق، فإن تأخر اكتساب مهارة فهم مشاعر الآخرين لا يعني أنها لا تتحقق تماما لدى أطفال التوحد.

حقائق

لا يوجد علاج طبي معروف للتوحد، ولكن العلاجات السلوكية جيدة التنظيم لها آثار مفيدة، ويمكن أن تحدث مستويات عالية من التعلم التعويضي.

ويقدر معدل انتشار اضطرابات طيف التوحد الآن بين 0.3 و0.7%. ويمكن تفسير الزيادة في الحالات التي تم تشخيصها في السنوات الأخيرة من خلال زيادة الوعي بالاضطراب في جميع متغيراته واستخدام معايير تشخيص أوسع.

وتبلغ نسبة الذكور إلى الإناث نحو 3 إلى 1، ويعاني الأفراد المصابون باضطراب طيف التوحد من قصور في التواصل الاجتماعي والقدرة على التعبير اللفظي وغير اللفظي.

وغالبا ما يكون المصابون منعزلين في مرحلة الطفولة، ويظلون متمركزين حول الذات حتى بعد تعلم القواعد الأساسية للتفاعل الاجتماعي. وقد يعانون من عدم القدرة التامة على النطق، أو يتأخرون في الكلام، وحتى أولئك الذين يتكلمون بطلاقة يعانون من مشاكل في الفهم.

في المقابل، يتمتع الأفراد المصابون بالتوحد بسمات مميزة أخرى، مثل أن تكون لديهم ذاكرة عن ظهر قلب ممتازة، وقد يمتلكون مهارات علمية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: أطفال التوحد القدرة على

إقرأ أيضاً:

انتحار العقل التقليدي و هزيمة الميليشيا

زين العابدين صالح عبد الرحمن

أول سؤال يبادر لذهن القاريء عندما يقرأ العنوان: كيف أطلق مصطلح "الهزيمة" على الميليشيا و هي ما تزال تحتل عددا من المناطق؟ و الهزيمة ليست هي استسلام الميليشيا بالكامل، وطي هذا الملف؛ و لكن هزيمة مشروعها الذي بدأ أنهم بصدد إعتقال البرهان أو قتله، و استلام السلطة، ثم تحول للقضاء على دولة 56، و أخيرا الحرب على الفلول و الكيزان، و غيرها من التدرجات.. فهي الآن لا تقاتل من أجل مشروع بعينه، و ثبت ذلك من خلال تعديها على المواطنين، بالقتل و النهب و السرقة و الاغتصابات، و أخيرا كما قال وزير الخارجية الأمريكي ممارسة " التطهير العرقي" أن المشروع الأول تم التخطيط له بواسطة العقل التقليدي، الباحث بأية طريقة لكي يستلم السلطة في البلاد، ظل رهانه بعد 25 أكتوبر 2021م على الخارج لكي يعيده للسلطة و لكن قد فشل في إدارة الأزمة، و تحول إلي استخدام القوة، عندما راهن على بندقية الميليشيا، و فشل مشروع الانقلاب، و سعى العقل التقليدي بشتى الطرق أن يعبيء الخارج لكي يصبح له رافعة للسلطة، و محاصرة الجيش و المقاتلين عبر تدخل دولي تحت البند السابع، ثم من خلال استخدام الإغاثة لدعم الميليشيا بالسلاح و التشوين و كلها تم إجهاضها..
رأهن العقل التقليدي على أن الجيش لن يستطيع أن يحقق انتصارا على الميليشيا، و عندما بدأت الانتصارات في استعادة ولاية سنار و كل مدنها و من بعد كانت ولاية الجزيرة و المصفى و الخرطوم بحري، و الثبات في الفاشر و هزيمة أفواج الميليشيا المسلحة.. كان الاعتقاد أن العقل التقليدي يعيد تقيمه للتجربة، و يدرسها بمنهج نقدي، لكنه جبل على التبرير و البحث عن شماعات يعلق عليها اخطائه.. فهو عقل لا يستطيع أن يفكر خارج الصندوق، و لا يستطيع أن يعيد قراءة الأحداث و متغيرات الواقع بواقعية لكي تجعله يرتب أوراقه من جديد وفقا لأولويات جديدة.. عجز و ظل منكفيء على فكرة تحقيق مصالح لفئة صغيرة فشلت في تجربة الحكم، و فشلت أيضا أن تدير أزمتها بإقتدار.. هو عقل مستلب منذ الحرب الباردة حتى اليوم يعيش في تلك الفترة، هي فترة علو كتف اليسار بكل تياراته في مواجهة الامبريالية، و الشعارات الثورية، و غيرها التي لم تنتج ثمرة واحدة في أية معركة مع الأمبريالية..
عندما عقدت قبل يومين قيادات تحالف "تقدم" ندوة لمعرفة "الهوة بين القوى المدنية و الجماهير" وقفت متأملا مام مقولة للرجل الثاني في "حزب البعث الأصل" عثمان أبو راس يقول في كلمته متسائلا ( ما هو برنامج الحد الأدني الذي يمكن اعتماده دون إلغاء أو تقاطع هذا البرناج مع التصورات الإستراتيجية لهذه القوى، أو تلك، دون الإخلال بترتيب الأولويات) يا رجل حدثنا حديث الواقع و ليس نقلا من الكتب.. أي تصورات إستراتجية التي تتحدث عنها، كل القوى السياسية التي كانت في تحالف " قوى الحرية و التغيير" فشلت أن تقدم برامجها للجماهير لا مكتوبة و لا مخاطبة في ندوات سياسية، و فشلت أن تؤسس مشروع سياسي للتحالف.. لم يكن للأحزاب منفردة أية مشروع.. كما قال مهدي عامل كنتم تمارسون السياسة بجدل اليوم، أن الأحداث هي التي تفرض عليكم التعليق عليها دون إدارتها، و سياسة جدل اليوم تجعل القيادات و النخب غارقة في الأحداث اليومية دون أية رؤية تقودها أو تجعلها تخرج من أزمتها .. يا رجل: تحدثنا عن تصورات إستراتيجية، و أحداث اليوم هزمتكم، السيد أبوراس أنت محتاج أن تترك قراءة الكتب الصفراء في السياسة التي تجاوزتها الأحداث منذ نوفمبر 1989م عندما تهاوى حائط برلين، و بدأت بعده شعوب الدول الشرقية هجرتها إلي الغرب.. و الأمبريالية هزمت البعث في العراق و في دمشق و من قبل هزمت الناصرية في مصر، لذلك لم تعود شعارات تلك الفترات صالحة الآن.. خاصة أنكم كتيارات قومية و أيضا ماركسيين ارثوذكسيين لم تقدموا أية نقد لتلك التجارب و تجاربكم الخاصة، و حتى الذين اجتهدوا في التقديم قد تم فصلهم، لكي يبقى العقل الدوغمائي مسيطرا..
أن الأحزاب السياسية إذا لم تعيد قراءة مرجعيتها لكي تجعلها تتوافق مع شعارات الديمقراطية التي ترفعها، ستظل تعتمد على التكتيكات الخادعة لعضويتها و الجماهير، و الأحزاب التي ترفع شعارات الديمقراطية الآن و هي لا تمارسها داخل أحزابها تمارس الخداع و الغش على الجماهير.. أن العقل الذي يبني تصورات و هو غير قادر أن يبين الافتراضات التي أسس على ضوئها فكرة التصورات، سيظل على هامش العملية السياسية، و سيظل عاجز عن التحليل السليم لمجريات الأحداث.. و السؤال: لماذا أخذت حديث أبوراس مثالا في المقال؟ لأنه أكثر الذين تحدثوا في الندوة تجربة نضالية، و تجربة عريقة في الصراع داخل حزبه، و يجيد القراءة في مجلد " نضال البعث" الذي يحكي تجارب الصراع و الانقسامات في الحزب.. تراكم المعرفة و الثقافة السياسة عنده مؤسسة على الانقسامات و ليس على عملية البناء و النهضة..
أن العقل التقليدي في السودان يعاني حالة "موت سريري" لا يستطيع أن يتفاعل مع الأحداث، و غير قادر على إعادة قراءتها لكي يتعرف على الميكانزمات التي تحركها، و القوى الاجتماعية المؤثرة فيها، هو عقل جامد يحاول التشبث بالمصطلحات التي اسقطها الفكر السياسي الحديث، باعتبار أنها غير مؤثرة في المجرى العام للصراع داخل المجتمعات و بين الدول.. الأحزاب تحتاج إلي طليعة جديدة تمتلك عقل حر ليس عليه قيود، و لا يبني تصوراته على المصالح الخاصة للأفراد، و لا يردد شعارات لا يفهم هدفها، عقل قادر أن يفكر لكي ينتج أفكارا تساعده على عملية التغيير.. أن العقل التقليدي غير قادر على تفكيك أدواته القاصرة، و غير قادر على إنتاج أفكار جديدة تساعد على الحلول و النهضة، سيظل عقل أزمة و إنتاج أزمات.. نسأل الله حسن البصيرة

zainsalih@hotmail.com  

مقالات مشابهة

  • دراسة حديثة تكشف سببًا غير متوقع للإصابة بمرض التوحد
  • بالدليل العقلي والعلمي.. محمد داود يواجه المُلحدين بكتاب «حقائق الإيمان وأوهام الإلحاد»
  • لعبة فيديو تشخص التوحد وتحذير من عقار لعلاج ألزهايمر سعره 75 ألف دولار
  • انتحار العقل التقليدي و هزيمة الميليشيا
  • كيف نتعامل مع التنوع العصبي؟.. التوحد ليس إعاقة ذهنية
  • الإسباني كوكوريلا لاعب تشلسي يروي تفاصيل مؤثرة عن مرض طفله بالتوحد
  • الأبناء السفلة
  • لعبة فيديو تشخص الأطفال المصابين بالتوحد في دقيقة
  • كيف تتقبل الآخرين؟!
  • حكم بيع قائمة بأرقام الهواتف لمساعدة الآخرين في التواصل مع أصحابها.. دار الافتاء توضح