إن نعم الله على عباده لا تحصى، وقد خص سبحانه المؤمنين بمزيد من الإنعام في الدنيا بأن مَنَّ عليهم بالإسلام، واصطفاهم بالقرآن، وسيخصهم في الجنة بأعظم نعمة أنعم عليهم بها؛ ألا وهي تشريفهم وإكرامهم بالنظر إلى وجهه الكريم في جنة عدن، كما قال تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ* إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [القيامة: 22، 23].

أي: أن وجوه المؤمنين تكون حسنة بهية مشرقة مسرورة بسبب نظرها إلى وجه ربها، كما قال الحسن رحمه الله: "نظرت إلى ربها فنضرت بنوره".

وعن ابن عباس رضي الله عنهما: "وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ قال: من النعيم إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ قال: تنظر إلى وجه ربها نظراً". وهذا قول المفسرين من أهل السنة والحديث.

وقال جل شأنه: لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ [ق: 35].

فالمزيد هنا هو: "النظر إلى وجه الله عز وجل" كما فسره بذلك علي وأنس بن مالك رضي الله عنهما.

وقال سبحانه: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ [يونس: 26].

فالحسنى الجنة والزيادة هي النظر إلى وجه الله الكريم، كما فسرها بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيما رواه مسلم في صحيحه (266) عَنْ صُهَيْبٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ فَيَقُولُونَ أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَتُنَجِّنَا مِنْ النَّارِ قَالَ فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ وهي الزيادة ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26].

فإذا علمت أن أهل الجنة لا يعطون شيئاً فيها أحب إليهم من النظر إلى وجه ربهم جل وعلا تبين لك مدى الحرمان، وعظيم الخسران، الذي ينتظر المجرمين الذين توعدهم الله بقوله: كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ [المطففين: 15] نسأل الله السلامة والعافية.

ومن جميل ما يروى عن الشافعي ما ذكره عنه الربيع بن سليمان ـ وهو أحد تلاميذه ـ: قال: حضرت محمد بن إدريس الشافعي وقد جاءته رقعة من الصعيد فيها: ما تقول في قول الله عز وجل: كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ [المطففين: 15]؟ فقال الشافعي: "لما أن حجب هؤلاء في السخط، كان في هذا دليلٌ على أن أولياءه يرونه في الرضى".

فهذه بعض الأدلة من القرآن على ثبوت رؤية المؤمنين لربهم في الجنة.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: رؤية الله القرآن الجنة إلى وجه

إقرأ أيضاً:

خطيب الجامع الأزهر: أكرم الله أمة العرب وجعل معجزة النبي بلسانها

ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر، الدكتور عبد الفتاح العواري، عضو مجمع البحوث الإسلامية، والتي دار موضوعها حول "اللغة العربية وهوية الأمة الإسلامية".

وقال العواري، لقد شرفت اللغة العربية بنزول القرآن بها، فنالت العربية شرف المُنزَل بها، وأكرم الله أمة العرب بأن جعل معجزة النبي الخاتم بلسانها وهو شرف ما بعده شرف، وتكريم ما بعده تكريم، لذلك فاللغة العربية هوية الأمة، فلقد بيَّن ذلك النبي للأمة داعياً إياها إلى التمسك بكتاب ربها الذي أنزله بلسانها، فقوة الأمة في التمسك بهذا الكتاب والحفاظ على لغتها وعدم التهاون فيها تعليماً وتعلماً، ومذاكرةً ومدارسةً ونشراً لها، فلغة القرآن ثرية بمفرداتها ومعانيها، فعلينا التمسك بهذا الشرف وإلا فالعواقب وخيمة.

وأكد عضو مجمع البحوث الإسلامية، أهمية الحفاظ على اللغة والقرآن الكريم، لأنه تمسك بحبل الله المتين، الذي يحقق استقرارا للمجتمعات، وسلامة في الهوية وبقاءً للأوطان، لأن الأعداء يعملون جاهدين على محو هذه الثوابت وطمس ملامح هذه الهوية حتى تصبح الأمة لقمة مستساغة ينقض عليها الأعداء، فيستولوا على أوطانها ومقدراتها، وعندها لا ينفع الندم، مبينًا أن تعلم اللغات الأخرى على حساب هويتنا المتمثلة في اللغة العربية، يعد تغريبًا للأجيال وطمس لهويتنا الراسخة، لأنه بضياع اللغة العربية سيضيع معها كل شيء.

وأوضح خطيب الجامع الأزهر، أن هذا الشرف العظيم الذي منحها الحق سبحانه وتعالى إياه، يحفظ على الأمة كرامتها وسيادتها وعزتها، الشرف الذي رقى بها، فصارت بالقرآن الذي نزل بلُغتها قائدة للأمم وأهلا للحضارة، أفلم يعوا ما ذكرهم به ربهم في القرآن حيث يقول: ﴿لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ ۖ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾، تعبير بالعظمة، فالمنزل عظيم، والقرآن الذي نزل عظيم، فنالت العربية هذا الشرف ونالته الأمة أيضاً، كتاب فيه شرفكم وعزكم، وسيادتكم وتقدمكم، وعوامل بقائكم، أفلا تعقلون؟. 

وأضاف خطيب الجامع الأزهر، أن اللغة العربية هي لسان وليست عرقا أو جنسا، بها فتحت آفاق رحبة وأبواب فسيحة لكل الأعراق والأجناس ممن طبقوا الإسلام ديناً، فأصبحت العربية لسان من يتكلم بها. فكل من يتقن لسانها فهو عربي، فنجد العباقرة من العلماء مثل سيبويه والجرجاني والزمخشري وغيرهم من العجم الذين صاروا بإتقان اللسان عرباً، فلغة القرآن لغة الأمة وليست بلغة جنس فقط، أكرمها الله بكتاب انصهرت فيه جميع الأجناس والأعراق، وصارت أمة الإسلام بهذا اللسان وهذا الكتاب، أمة واحدة يقول تعالى: ﴿إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾.

وفي ختام الخطبة دعا عضو مجمع البحوث الإسلامية الأمة العربية إلى أن تفيق من غفلتها وأن تتمسك بهويتها المتمثلة في القرآن الكريم ولغتها العربية، وأن تعي ما فيه من الدروس والعبر، يقول تعالى: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾، حتى تتمكن من مواجهة التحديات التي تواجهها من كل جانب، محذرًا من تراجع وظيفة القرآن في مجتمعاتنا وإهمال منزلته، والتشبث بالقشور وعدم ترك مساحة للعقل ليمعن النظر والتأمل الصادق، حتى يحقق للأمة الخيرية التي أرادها الله لها، خير أمة أخرجت للناس.

مقالات مشابهة

  • مراتب الحزن في القرآن الكريم
  • الأزهر للفتوى: 4 أعمال بسيطة تبني لك بيتًا في الجنة
  • الأزهر للفتوى يكشف عن أعمال تدخل الجنة.. حاول المداومة عليها
  • ما حكم إلقاء السلام على قارئ القرآن؟.. الإفتاء تجيب
  • عند الدعاء للميت.. تعرف على حكم مقولة اللهم اجعل مثواه الجنة
  • آية الاستجابة في القرآن.. أسرارها وكم مرة يلزم قائلها كي يجاب
  • فضل مصر وكم مرة ذكرت في القرآن الكريم وكيف وصفها سيدنا نوح؟
  • خطيب الجامع الأزهر: أكرم الله أمة العرب وجعل معجزة النبي بلسانها
  • خطيب البعوث الإسلامية: الأمة تمر بأحداث صعبة ستخرج منها أشد قوة
  • وكيل «أوقاف مطروح» يفتتح أول كُتّاب القرآن بمشروع المائة حافظ