إبــداعات| لا خبز كخبز أمي.. قصة قصيرة لـ«دينا الحمامي»
تاريخ النشر: 22nd, May 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في أحد الأيام وقُبيل حلول اختبارات نهاية العام، وقف معلم اللغة العربية بالحصة السابعة أمام طالباته بعدما اطمأن على إجادتهن كل أشكال الأسئلة التي ترد في الامتحان، انتظر الأستاذ ريثما استقبل جميع الاستفسارات ثم توجه إلى جميع الحاضرات مطالبًا إياهنّ بكتابة موضوع تعبير مفاده إلقاء الضوء على عادة أو شيء لا يمكنهنّ التخلي عنه بشكل يومي، اشترط المعلم ضرورة تسليم الموضوع خلال يومين بحد أقصى حتى يتسنى له إضافة علاماته إلى إجمالي درجات أعمال السنة.
خرج الأستاذ مخلفًا بانصرافه همهمات انتشرت في كل أرجاء الفصل، وظلت تتكرر وتتنقل أصداؤها فيما بين الحوائط ككرة يتلقفها اللاعبون فيما بينهم، شبعت الجدران من فرط ما تكررت عبارات الحيرة الممررة بين الطالبات إلا من طالبة وحيدة اكتفت بتسكين ثرثرات حائطها، قلقت جميع الوجوه وتساءلت جميع الألسنة عن ماهية الموضوع الذي سيكتب إلاها، كانت في هدوء من انتظر تلك اللحظة، وعندما واتته اقتنصها بثقة العارفين وبجاهزية إنسان تهيأ للبوح وتحفزت جميع خلاياه للانطلاق به.
حضر المعلم في اليوم المتفق عليه لتسلم موضوعات التعبير، تقدمت كل واحدة من الطالبات بما كتبت، اتفق الأستاذ مع الفتيات على مطالعة ما أنجزنّ حتى تحين ساعة الحصة السابعة، انفرد المدرس بالنصوص حتى استغرق في القراءة، أعجبه ذاك التنوع الذي وجده بين السطور، أحب التباين بين كل موضوع والآخر، التقطت الطالبات جميعهن مغزى الموضوع الذي أراده وروحه، انهمك في المراجعة فيما تعمد إرجاء وضع علامة لنص بعينه حتى يطلع بقية الفصل عليه، أراد أن يشهد الفتيات على مبرره لحصول هذا النص على الدرجة النهائية التي نادرًا ما يعطيها لأحد.
كتب الأستاذ تقريرًا عن الموضوع الذي تجاوز الست صفحات، حضر في ميعاد الحصة بالتمام حتى لا يضيع وقتًا هو في أمس الحاجة إليه، قام بإرجاع الملفات إلى كل طالبة بعدما كتب ملحوظاته في أسفل كل موضوع، استبقى ملف الطالبة ذات النظرة الواثقة بعدما استأذنها في قراءة التقرير الذي كتبه لزميلاتها، كانت لديه رغبة إشراك الطالبات في عملية التقييم، أمسك بالورقة ثم هب يقرأ واقفًا كأنه في حلبة شعر بزمن قديم، شرع في سطوره بصوت ثابت وواضح:-
عزيزاتي الطالبات بعد بسم الله، أردتُ أن نتشارك جميعًا الاستمتاع بفرادة الموضوع الذي أتت به زميلتكن، ولتعلموا إن ما دفعني إلى اختياره دونًا عن بقية الموضوعات هو التزامه بالمعيار الذي حددته؛ وهو التمسك بعادة يومية لا يمكن التخلي عنها، إنكن وإن حرصتنّ على إبراز عنصر المواظبة على طقس لا تفلتنه، فقد عملت الزميلة "حياة" على عادة الإقلاع اليومي عن شيء تحبه منذ لحظة ميلادها.
إن "حياة" يا حبيباتي قد اختارت الخبز لتتخلى عنه بملء إرادتها بعد وفاة والدتها مباشرة، وكما تعلمنّ فإن الخبز مرتبط بجميع الوجبات على مدار اليوم، والتوقف عن تناوله يتطلب جهدًا شاقًا وإرادة من حديد، ولكنني لم أتعجب عندما علمتُ سبب هذا الزهد، فقد كانت والدة صديقتكن هي من تصنع الخبز للدار بشكل يومي، ولم يحدث كما أوضحت الزميلة أن تناولت من خبيز خارج البيت لمدة ثلاثة عشر عامًا.
عندما شرعتُ في قراءة موضوعها، حسبتُ الأمر في البدء لا يتعدى كونه شعورًا عارمًا بالحزن ولكن عندما أبحرتُ فيما بين السطور، استوقفتي مئات من الأرغفة الشهية التي لم تأكلها "حياة" وفاءً لأرغفة أخرى استقرت بذاكرتها مرتبطة بذكرى الأم الماهرة في إعداد المخبوزات، وكلما تقدمتُ في القراءة مقدار فقرة أزكمت أنفي رائحة عجائن قارنتها ابنتنا بعبير اختمار "العيش البلدي والفينو" ومن ثم تضمخ مطبخ والدتها بفوحان استوائهم، تطورت وشيجة القطيعة التي انتهجتها زميلتكن مع المعجنات ومشتقاتها من عادة يومية إلى شعيرة، إذ أوضحت أنها تعاملت مع الخبز بعيد وفاة أمها تعامل أمين المخازن الذي يحرس ولا يجرؤ أن تتطلع عيناه إلى ما استؤمن عليه، حرمت الفطائر على جوفها كما يحرم الإله العطوف أجساد عباده على النار، لهذا أردتُ منكن جميعًا أن تعلمن أن الانقطاع مثله كمثل المواظبة؛ الاثنان عادة وعهد.
أنهى المعلم خطابه، ليرن جرس نهاية اليوم الدراسي، ثم خرج وهو يكفكف دموعه، ليتبعنه الطالبات وهن متأبطات ذراع صديقتهن الهادئة حياة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: إبداعات البوابة اختبارات نهاية العام اللغة العربية اعمال السنة قصة قصيرة المعلم الطالبات الموضوع الذی جمیع ا
إقرأ أيضاً:
مجلس النواب يُدين القرار الأمريكي بإدراج أنصار الله فيما تسمى قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية
يمانيون/ صنعاء أدان مجلس النواب قرار الإدارة الأمريكية إدراج أنصار الله فيما تسمى قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية.
وأكد المجلس في بيان صادر عنه، أن هذا التصنيف لا يستهدف أنصار الله كمكون يمني أصيل ملتزم بأداء واجباته الوطنية والقومية والإسلامية بقدر ما يشكل استهداف للشعب اليمني، ويأتي في إطار الانتقام من اليمن لمواقفه الثابتة والتزامه الديني والأخلاقي في إسناد ودعم القضية الفلسطينية وما يتعرض له الشعب الفلسطيني من مجازر وحرب إبادة جماعية منذ أكثر من 15 شهراً.
وأشار البيان إلى أن القرار يعكس انحياز الإدارات الأمريكية المتعاقبة الداعمة والمساندة لكيان العدو الإسرائيلي المحتل وشراكته في كل الجرائم والمجازر التي ارتكبها ويرتكبها بحق الأشقاء في فلسطين ولبنان والعراق وبحق الشعب اليمني.
وأوضح أن الإدارات الأمريكية تتبنى سياسة تصنيف كل من يتصدى لسياساتها في الحد من فرض الهيمنة والاستكبار والسيطرة على حرية الشعوب الرافضة لإملاءاتها وغطرستها في قائمة المنظمات الإرهابية بهدف فرض العقوبات ومضاعفة أعباء الحياة.
وقال مجلس النواب: ” ليس مستغرب من الإدارة الامريكية التي أعلنت عدوانها على مقدرات الشعب اليمني، ورد اليمن الحاسم على اعتداءاتها، إصدار قرار بتصنيف أنصار الله جماعة ارهابية وهو ليس جديداً بل قرار ينطلق من حسابات إدارتها المأزومة أخلاقياً وإنسانياً للنيل من كل من يقف ضد سياساتها الظالمة وهي نتيجة طبيعية لتحيزها السافر لكيان العدو الإسرائيلي المجرم”.
وأضاف أن القرار نتيجة لاختلال موازين القوى وسياسة الكيل بمكيالين التي باتت أمريكا من خلالها تصنف خصومها وتنعتهم بهذه الأوصاف التي لا تنطبق إلا عليها وحلفائها لارتكابهم المجازر الوحشية وجرائم الإبادة الجماعية، التي يحتفظ التاريخ بسجل إجرامي بشع لها، ليس بحق الشعب الفلسطيني بل بحق شعوب المنطقة في لبنان والعراق واليمن وافغانستان والصومال وسوريا والسودان وغيرها من دول العالم التي عانت وتعاني من الغطرسة والصلف والإجرام الأمريكي المستمر .
وتطرق البيان إلى الدور الأمريكي المعادي لليمن على كافة المسارات السياسية والاقتصادية بما في ذلك التدخل العسكري وتشكيل ما يسمى بتحالف حارس الازدهار بهدف تهديد الملاحة الدولية وعسكرة البحر الأحمر، وما ترتب عليه من شن عدوان غاشم على مقدرات الشعب اليمني بالشراكة مع بريطانيا والكيان الصهيوني البغيض وبعض الدول التي تدور في فلكها، والتي لم تجرؤ على الإعلان عن نفسها، سوى مملكة البحرين وموقفها المخزي.
ودعا مجلس النواب برلمانات الدول العربية والإسلامية والدولية وكافة أحرار العالم، والمجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والهيئات الأممية التابعة لهما والمنظمات الحقوقية والإنسانية إلى إدانة هذا التصنيف الذي ستكون له تداعيات خطيرة على الوضع الإنساني في اليمن وتوجهات السلام في المنطقة والعالم.
واعتبر أن هذا التصنيف يعكس مدى تخبط وتناقض سياسة ترامب مع نفسه والتي أعلن فيها دعم خيارات السلام، وتفرغ أمريكا لمواجهة فشلها ومشاكلها الداخلية، والعمل على وقف الحروب وتغذية الصراعات.
ولفت مجلس النواب إلى أن تلك السياسات المعادية لن تزيد الموقف اليمني الرسمي والشعبي إلا مزيداً من الصمود والثبات في مواجهة كافة المخططات الصهيونية الأمريكية البريطانية، وإفشال كافة المؤامرات التي تحاك ضد اليمن والتصدي لأي تحركات واعتداءات أمريكية بريطانية صهيونية وكل من يقف خلفها.
ونوه إلى أن التصرفات والتحركات الأمريكية الطائشة والمشبوهة والمخالفة للقوانين الدولية والإنسانية، تؤكد أن أمريكا هي رأس الشر والإرهاب والفوضى في العالم، وأن الإدارة الأمريكية تستخدم تلك السياسات بين الفينة والأخرى للضغط والابتزاز السياسي لخصومها والمعارضين لسياستها .
وذكّر مجلس النواب بقرار محكمة العدل الدولية باعتقال مجرمي الحرب، والتحيز الأمريكي للحيلولة دون تنفيذ القرار من خلال توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على قرارات كانت قد صدرت بفرض عقوبات على مستوطنين صهاينة ارتكبوا جرائم بحق الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس المحتلة ما يتطلب تحركاً واسع النطاق لمتابعة تنفيذ قرار محكمة العدل باعتقال مجرمي الحرب الصهاينة وتقديمهم للمحاكمة ومحاسبتهم على المجازر الوحشية وحرب الإبادة الجماعية التي ارتكبوها بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والأراضي المحتلة.
كما ذكّر المجلس بقانون كان قد أقره بشأن تصنيف الدول والكيانات والأشخاص المعادية للجمهورية اليمنية، الذي هدف إلى مواجهة الأعمال العدائية، والممارسات التي تمس بسيادة الجمهورية اليمنية واستقلالها من أي دولة كانت وفي مقدمتها الكيان الصهيوني أو أي جماعة لها أنشطة معادية لليمن، وذلك في جلسته المنعقدة يوم الأربعاء 4 شعبان 1445 هـ الموافق 4 فبراير 2024م.
كما أشار البيان إلى أن أمريكا تريد الهروب من استحقاقات السلام التي كانت قد استخدمتها كورقة سياسية في الانتخابات السابقة لترجيح كفة بايدن .
ونوه مجلس النواب إلى أن العالم أصبح يعرف اليوم مدى تخبط الإدارة الأمريكية وسياساتها المتناقضة، والتي تعيش أزمة إنسانية وأخلاقية وبالتالي فلا أثر لتصنيفها العدائي لأنصار الله لأن موقف اليمن بكل قواه الحية على كافة المستويات الرسمية والشعبية قيادة وحكومة وشعباً موحد تجاه نصرة الأقصى والقضية الفلسطينية.
وأفاد بأن القوات المسلحة اليمنية تؤدي واجباتها ومهامها وفقاً لدستور الجمهورية اليمنية والقوانين الصادرة عن مجلس النواب في حماية السيادة الوطنية على كامل الجزر والمياه والأراضي اليمنية.
وجدد المجلس رفضه المطلق للتصنيف الأمريكي لأحد المكونات اليمنية الأصيلة منظمة إرهابية.
ولفت إلى أنه سبق وأقر وضع الكيان الإسرائيلي والنظامين الأمريكي والبريطاني على رأس قائمة الإرهاب، وذلك في جلسته المنعقدة يوم السبت، 9 رجب ١٤٤٥هـ الموافق ٢٠ يناير ٢٠٢٤م، إضافة إلى إقراره قانون حظر وتجريم الاعتراف بكيان العدو الصهيوني والتطبيع معه، في جلسته المنعقدة يوم السبت بتاريخ 27 ربيع الآخرة 1445هـ الموافق 11 نوفمبر 2023م، والذي جاء انسجاماً مع ما يمليه الواجب الديني والوطني والقومي وانتصارا للحرية والعدالة والسلام ودرءًا للمخاطر التي يشكلها كيان العدو الصهيوني على اليمن والمنطقة العربية، وتحصينًا من مخاطر الاختراق الصهيوني واستجابة للمطالب الشعبية الرافضة للتطبيع، وما يرتكبه العدو من مجازر وحرب إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني وصولاً لإجباره على وقف الانتهاكات المتكررة للمقدسات الإسلامية في الأراضي العربية المحتلة.
وشدد المجلس على ضرورة تعزيز وحدة الصف اليمني ورفد مسيرة الصمود بمزيد من الإصرار والثبات والنفير العام لمواجهة العدو الصهيوني الأمريكي وأذياله في المنطقة.
ورأى أنه من السخرية أن تصف أمريكا خصومها بالإرهاب وهي رأس الشر والإرهاب في العالم، مؤكداً وضع كيان الاحتلال الاسرائيلي والنظامين الأمريكي والبريطاني على رأس قائمة الإرهاب في العالم.
واستهجن مجلس النواب تماهي ما يسمى بمجلس رئاسي الثمانية الخونة بإيعاز سعودي إماراتي، مع قرار التصنيف الأمريكي والترحيب به بالتزامن مع ترحيب وزير الخارجية الإسرائيلي.. داعياً الأحرار في المحافظات اليمنية المحتلة إلى التصدي للتحركات الأمريكية البريطانية الصهيونية ومواجهة مواقف الخزي والعار التي يتبناها المرتزقة.
وجدد مجلس النواب تحذيره من أي تحركات مشبوهة من شأنها التفريط بالسيادة اليمنية أو أي من مقدرات وثروات الشعب اليمني، محملاً مرتزقة العدوان مسؤولية تدهور الأوضاع الأمنية والمعيشية للمواطنين في المحافظات المحتلة.