اتفاق دفاعي أمريكي – سعودي “شبه نهائي”: واشنطن تنتظر موافقة “إسرائيل”
تاريخ النشر: 22nd, May 2024 GMT
الجديد برس:
أعلن البيت الأبيض أن الولايات المتحدة والسعودية تقتربان من التوصل إلى اتفاق نهائي على معاهدة دفاع ثنائية، وذلك بعدما أحرز مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، تقدماً كبيراً في المحادثات مع المسؤولين السعوديين، بينهم ولي العهد محمد بن سلمان، مطلع هذا الأسبوع.
وأكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، جون كيربي، أن الجانبين اقتربا “أكثر من أي وقت مضى” من اتفاق ثنائي، موضحاً أن هذا الاتفاق صار الآن “شبه نهائي”.
وقال مسؤول أمريكي ثانٍ إن واشنطن والرياض “قريبتان جداً من التفاهم على العناصر الرئيسة بينهما”، مضيفاً أنه سيتعين بعد ذلك “العمل على أجزاء متعلقة بالإسرائيليين والفلسطينيين، وهي عنصر حاسم في أي اتفاق تطبيع محتمل”، على حد قوله.
تأتي هذه التصريحات بعدما أكد مستشار الأمن القومي الأمريكي أن إدارة بلاده “لن توقع اتفاقية دفاع مع السعودية، في حال عدم موافقة الأخيرة وإسرائيل على تطبيع العلاقات”، موضحاً أن الأمرين مرتبطان ببعضهما بعضاً، بحيث “لا يمكن فصل قطعة عن الأخرى”، كما قال.
وبحسب ما نقلت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية في وقت سابق، نفى سوليفان صحة الاقتراحات التي تحدثت عن “النظر في اتفاق ثنائي بين واشنطن والرياض إذا رفضت تل أبيب تقديم تنازلات للفلسطينيين”.
يُذكر أن الأمريكيين والسعوديين يسعون للتوصل إلى اتفاق ثنائي يشمل مساعدة أمريكية للسعودية في مجال الطاقة النووية المدنية، وضمانات أمريكية رسمية للدفاع عن المملكة.
يُضاف إلى ذلك حصول السعودية على أسلحة أمريكية أكثر تقدماً في مقابل أن توقف الرياض مشتريات الأسلحة من بكين وتحد من الاستثمارات الصينية.
وفي هذا الإطار، قال مسؤول أمريكي إن المفاوضين يناقشون أن تبيع الولايات المتحدة السعودية طائرات مقاتلة من طراز “F-35” وأسلحة أخرى ضمن الاتفاق.
ويتعيّن على أي صفقة أن تلتزم اتفاقاً أمريكياً – إسرائيلياً قديماً يضمن ألا تُضعف الأسلحة التي تبيعها واشنطن في المنطقة التفوق العسكري النوعي لدى الاحتلال الإسرائيلي، بحيث تكون الأسلحة الأمريكية المقدمة إليه “متفوقةً في القدرة” على تلك التي تباع إلى دول المنطقة.
ويحق للجنتي العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي والشؤون الخارجية في مجلس النواب إعادة النظر في مبيعات الأسلحة ومنعها.
ولن ترقى الاتفاقية الدفاعية الأمريكية – السعودية إلى مستوى معاهدة حلف شمال الأطلسي، بحسب ما أكده مسؤول أمريكي، فيما يُتوقع أن تتضمن أيضاً تبادل تقنيات ناشئة مع الرياض، ومنها الذكاء الاصطناعي.
وهذا الاتفاق يشكل جزءاً من صفقة أكبر لإقناع المملكة بالتطبيع مع “إسرائيل”، الأمر الذي يواجه عقبات تحث عنها السفير الأمريكي لدى كيان الاحتلال، يوم الثلاثاء 21/5، عندما أوضح أن إقامة علاقات رسمية إسرائيلية – سعودية في إطار اتفاق ثلاثي، قيد التحضير تشارك فيه واشنطن، يتطلب تهدئة الحرب في غزة ومناقشة آفاق نظام حكم فلسطيني، مؤكداً على الفائدة الاستراتيجية من هذا التوجه.
وفي هذا السياق، تتوقع الولايات المتحدة الحصول على فوائد استراتيجية كبيرة من الاتفاقيات المرتقب إنجازها مع السعودية قريباً ضمن مسار تطبيع العلاقات بين المملكة و”إسرائيل”، الأمر الذي يثير تساؤلات حول المستفيد الأكبر من هذه الاتفاقيات.
والتقى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الأحد الماضي، مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان، لبحث ما وصفته وكالة الأنباء السعودية بـ“صيغة شبه نهائية” للاتفاقيات بين المملكة والولايات المتحدة، وهي اتفاقيات ستشمل جوانب أمنية ودفاعية وأيضاً استثمارية، مقابل موافقة السعودية على تطبيع العلاقات مع “إسرائيل”.
ونشرت وكالة “رويترز” تقريراً ذكرت فيه أن الولايات المتحدة ستحصل على فوائد استراتيجية من هذه الاتفاقيات ومنها “دعم أمن إسرائيل وبناء تحالف أوسع ضد إيران وتعزيز العلاقات الأمريكية مع واحدة من أغنى الدول العربية في وقت تسعى فيه الصين إلى توسيع نفوذها في الخليج”.
وبحسب التقرير أيضاً فإن الولايات المتحدة ستحصل على فوائد تجارية منها وضع قطاع الصناعة الأمريكي في موقع رئيسي للفوز بعقود بناء محطات الطاقة التي من المتوقع أن يتضمنها الاتفاق، حيث يرى التقرير أن الشركات الأمريكية ستعزز بذلك مصالحها أمام منافسيها من الشركات الروسية والصينية.
وتُشير هذه المعطيات إلى أن المصالح الأمريكية هي الأكثر بروزاً في المشهد، إذ يبدو بوضوح أن محددات حماية “إسرائيل” والصراع مع إيران والتنافس التجاري مع روسيا والصين هي المحددات التي تحكم طبيعة الاتفاقيات بين السعودية والولايات المتحدة، الأمر الذي يعني أن السعودية لن تحقق مكاسب فعلية من تلك الاتفاقيات بل ستحصل على بعض المميزات المحدودة في إطار المصالح الأمريكية الأكبر.
المصدر: الجديد برس
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الأمن القومی
إقرأ أيضاً:
المعركة اليمنية تكتب شهادة وفاة الهيمنة الأمريكية: الصين ترصد التراجع الأمريكي وموسكو تراقب صعود صنعاء
يمانيون../
في تحول لافت على الساحة الدولية، سلطت وسائل إعلام صينية الضوء على ما وصفته بـ”الانحدار الحتمي للهيمنة الأمريكية”، مشيرة إلى أن المعركة الدائرة في البحر الأحمر وبوابة اليمن الجنوبية لم تعد مجرد اشتباك محدود أو مواجهة جيوسياسية عابرة، بل باتت مؤشرًا عالميًا على التحول في موازين القوة الدولية.
سوهو الصيني: مليارات أنفقتها واشنطن بلا طائل… وصنعاء تصوغ المعادلة من جديد
في تقرير نشره موقع سوهو الصيني – أحد أكبر منصات الرصد والتحليل العسكري في بكين – خلص إلى أن العدوان الأمريكي المباشر على اليمن لم يحقق شيئاً يُذكر على المستوى العسكري، رغم استخدام واشنطن ترسانة ضخمة من الصواريخ الموجهة، والاعتماد على حاملات طائرات وكاسحات ألغام ومدمرات بحرية متطورة.
وأكد التقرير أن “الخسائر اليمنية ظلت محدودة، ولم تتجاوز بعض الأهداف الثانوية”، في مقابل فشل العدوان الأمريكي في التأثير الفعلي على الجبهة القتالية اليمنية أو زعزعة بنيتها الدفاعية. ورأى الموقع أن هذه الحقيقة الميدانية تحولت إلى إحراج استراتيجي لواشنطن، التي باتت تُركّز على العمليات الإعلامية أكثر من الميدانية لتغطية فشلها العسكري.
التقرير الصيني لم يكتف بوصف الإخفاقات العسكرية، بل ذهب أبعد من ذلك، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة عادت لتفعيل أدواتها التقليدية القديمة: الاعتماد على المرتزقة المحليين والعملاء الإقليميين. فقد كشفت تقارير عن مساعٍ أمريكية لتحريك ميليشيات يمنية تعمل كقوات برية بالوكالة، في ظل العجز عن خوض مواجهة مباشرة مع القوات المسلحة اليمنية.
هذه الاستراتيجية – بحسب سوهو – تكشف عن أزمة ثقة عميقة داخل المؤسسة العسكرية الأمريكية، التي لم تعد قادرة على مواجهة جيوش العقيدة في تضاريس معقدة كالتضاريس اليمنية، حيث تكبد تحالف العدوان على مدى سنوات طويلة خسائر جسيمة، وخصوصًا السعودية، التي وصفها التقرير بـ”الطرف المفضوح أمام شعوب العالم، والمهزوم عسكريًا ونفسيًا”.
الهجوم على “كارل فينسون”: لحظة مفصلية في سجل الإذلال الأمريكي
وفي تطور صادم نقلته وسائل إعلام صينية أخرى، وعلى رأسها منصة باي جيا هاو، جاء الخبر الذي هزّ غرف العمليات الأمريكية في البحر الأحمر: القوات المسلحة اليمنية نفذت هجومًا صاروخيًا دقيقًا على حاملة الطائرات الأمريكية “كارل فينسون”، وذلك في يومها الأول من انتشارها في مياه المنطقة.
بحسب التقرير، فإن الهجوم اليمني “أحدث دماراً واضحاً على سطح الحاملة”، مشيرًا إلى أن “الصواريخ والمسيّرات اليمنية اخترقت منظومات الدفاع الأمريكية المتقدمة، وخلفت عشرات الحفر والانفجارات على متن الحاملة”. التقرير وصف هذا الحدث بـ”الضربة المفصلية” في مسار الهيمنة الأمريكية، إذ أنها تثبت أن القوة الأمريكية لم تعد بمنأى عن الهجمات المفاجئة، حتى من قوة محدودة الموارد لكنها غنية بالعقيدة والإرادة.
من اللافت أن التقرير الصيني شدد على تفوق صنعاء من خلال “استخدامها تكتيكات منخفضة الكلفة”، ما يعني أن المعادلة الكلاسيكية للتفوق العسكري القائمة على الحجم والنفقات والنفوذ لم تعد مجدية أمام ذكاء الخصوم. فبينما تنفق أمريكا ملايين الدولارات لحماية قطعها البحرية، تنجح اليمن بأسلحة محلية التصنيع وتكاليف محدودة في ضرب رموز تلك القوة، وخلق معادلة جديدة عنوانها: “من يتحكم بالمضيق، يسيطر على الميدان”.
صنعاء تعيد رسم خريطة النفوذ العسكري… من باب المندب إلى واشنطن
ما يجري في البحر الأحمر ليس مجرد مواجهات متفرقة، بل هو – كما وصفه التقرير – “حرب استخباراتية فريدة”، تشي بأن القوات المسلحة اليمنية باتت تمتلك بنك أهداف دقيقاً، وتحركات يومية موثقة لسفن التحالف والأسطول الأمريكي. وهو ما يجعل من عمليات اليمنيين فعلًا مباغتًا متكررًا يرهق القيادة المركزية الأمريكية، ويظهرها بمظهر المتلقي وليس المبادر.
ويشير التقرير إلى أن ما يحدث اليوم في اليمن “يكتب رثاءً حقيقياً لعصر القطب الواحد”، إذ باتت واشنطن تشهد خسائر استراتيجية لم تشهد مثلها منذ حرب فيتنام، لكن هذه المرة ليس من قارة آسيوية بعيدة، بل من بلد فقير ومحاصر ومثقل بجراح العدوان، لكنه مشبع بالإيمان والصمود والكرامة.
خاتمة: شهادة دولية على نهاية عصر… وبداية لآخر يُكتب بصنعاء
إن مجمل ما أوردته وسائل الإعلام الصينية، خصوصاً في هذا التوقيت، لا يُقرأ كتحليل منفرد، بل كرسالة عالمية تنضم إلى أصوات دولية متزايدة باتت ترى في اليمن أكثر من مجرد ساحة مقاومة، بل منصة تُعلن من خلالها نهاية الأسطورة الأمريكية.
لقد أصبحت صنعاء اليوم أحد العناوين الكبرى في معركة تحرير الإرادة العالمية من سطوة القطب الواحد، وها هي الصين – كقوة صاعدة – ترى في المعركة اليمنية تجسيداً حيًّا لهذا التحول التاريخي.
ومن البحر الأحمر، حيث تتكسر الهيبة الأمريكية كل يوم، يُرسم مشهد عالمي جديد… بدايته من اليمن، ونهايته أبعد مما كانت تتخيله واشنطن.