خلال ثلاثة عقود مارستا السعودية والولايات المتحدة الأمريكية ضغوطات عديدة على اليمن الشمالي للحيلولة دون التقارب مع اليمن الجنوبي لتحقيق الوحدة اليمنية.
-ضغوطات وتضحيات
بعد قيام ثورة 26 سبتمبر عام 1962م , كان احد أهدافها تحقيق الوحدة اليمنية وفي سبيل ذلك قام اليمن الشمالي بعدة محاولات لتحسين علاقاته مع اليمن الجنوبي استجابة للضغوطات الشعبية الداخلية في شطري اليمن الشمالي و الجنوبي والتي تنادى بالوحدة , غير أن الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية قد مارستا ضغوطات على اليمن الشمالي للحيلولة دون ذلك التقارب مخافة أن يسيطر الشيوعيون على دولة الوحدة , على الرغم من التأكيدات التي قدمتها حكومة صنعاء للسعودية وللولايات المتحدة بأن هذه الوحدة ستكون في صالح اليمن الشمالي الذي يمثل سكانه ثلاثة أمثال اليمن الجنوبي .


فلقد سعت الرياض إلى منع أي نوع من أنواع الوحدة اليمنية حيث إن اتحاد اليمن سوف يشكل خطرا على الهيمنة السعودية على شبة الجزيرة العربية , وقد عملت السعودية على منع القوى الخارجية من تكوين أي قواعد للنفوذ في اليمن منذ ثورة 26 سبتمبر عام 1962م .
اتخذت السعودية موقف معادي من الوحدة اليمنية عام 1990م للأسباب ذاتها فقد مكثت ثلاثة عقود من الزمن وهي تحول دون أي تقدم نحو الوحدة على الرغم من مساعي كل الأنظمة اليمنية في الشطرين لتحقيقها إلا إن النفوذ والوسائل السعودية كانت في كل مرة هي الأقوى والتي كانت تنتهي أما بإسقاط النظام اغتيال الرئيس - - كاغتيال الأب الروحي للوحدة اليمنية الرئيس الشهيد المقدم إبراهيم الحمدي قبل سفره بيوم إلى عدن للتوقيع على إعلان الوحدة أو شن حرب بين الشطرين كحرب 1972م ,
بعد حادثة مقتل 65 شيخ من مشايخ خولان في بيحان وبتحريض سعودي لأدواتها من بعض مشائخ القبائل الشمالية للضغط على حكومة صنعاء لإعلان الحرب ضد عدن , او حرب 1979م والتي راح ضحيتها العديد من الارواح من ابناء اليمن الواحد وتوغل جيش عدن بمناطق شمالية .
ومع اقتراب موعد إعلان الوحدة بين الشطرين ارتفعت موجة التحرشات السعودية في الحدود اليمنية المتخمة واحتلت مواقع حدودية في حضرموت لتوجه رسالة إلى القيادة السياسية في الشطرين فيما يتعلق بقضية الحدود , وحاولت الدخول في حرب مع اليمن لتحول دون إعلان الوحدة وخلق واقع سياسي جديد يمكنها من السيطرة مرة أخرى وتحقيق أهدافها .
-موقع القوة
كان من شأن تحقيق الوحدة اليمنية أن تسمح بالتوصل إلى تسوية حول الحدود من موقع القوة . واقتصاديا فقد كانت عدن بدأت بمناقشة الانتقال إلى نموذج اقتصاد السوق والذي سيكون أكثر شرعية في سياق الوحدة .

ففي نوفمبر1989م , قبل ثلاثة أيام فقط من التوقيع على اتفاقية الوحدة زار وزيرا الخارجية والمالية السعوديان عدن . فقد رفضت عدن عرضا سعوديا بتقديم مساعدات مالية وفضلت التمسك بنهج الوحدة لأسباب أيديولوجية واستراتيجية .

فقد شرح عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني جار الله عمر في مذكراته عن تفكير المسؤولين في عدن أن الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني علي سالم البيض وآخرين قالوا بصريح العبارة : ( ينبغي أن نسرع بإقامة الوحدة قبل أن نصبح دولة نفطية ) .

كانت هذه نقطة مهمة جدا حمل علي سالم البيض هذا الرأي الذي وافقناه فيه فقد أردنا أن تقوم دولة الوحدة قبل أن يصبح الجنوب دولة نفطية , فالشعب في الجنوب وكثير من الناس سيعارضون قيام الوحدة وسيرغبون في أن تكون عدن والجنوب واحدة مثل الدول الخليجية الصغيرة .

-أمريكا نموذجا

ما اشبه جار الشمال للمكسيك الطامع بأراضيها بجار الشمال لليمن وكأنه نموذج تحتذي به السعودية من حيث بداية النشأة والتوسع والاحتلال والسيطرة والاساليب المختلفة وفرض الأمر الواقع بالقوة والمال وشراء الخونة والعملاء !.

ففي عام 1835م , عرضت أمريكا على المكسيك شراء كاليفورنيا مقابل 5 مليون دولار إلا أن المكسيك رفضت .

ثم نشبت أزمة بين البلدين بعد أن تمرد إقليم تكساس المكسيكي وأعلن استقلاله من جانب واحد عن المكسيك في عام 1836م , وكان ذلك بإيعاز من الولايات المتحدة التي سارعت إلى الاعتراف بالدولة الجديدة وأرسلت قائما بالأعمال ليمثلها هناك .

وبعد عدة معارك دموية بين الأمريكان والمكسيكيين أجبر الرئيس المكسيكي ( سانتا آنا ) على توقيع معاهدة فيلاسكو في عام 1836م والتي على أساسها مُنح إقليم تكساس استقلاله . وفي يوليو 1845م أعلن الكونجراس ضم تكساس للولايات المتحدة . مما اثار غضب المكسيك ورغم احتجاجها وتمسكها بحقوقها في تكساس لم تستطع فعل شيء , بل انه في نوفمبر من العام نفسه جددت أمريكا عرضها بشراء كاليفورنيا مقابل 25 مليون دولار بالإضافة إلى نيو مكسيكو مقابل 5 مليون دولار , ومن جديد رفضت المكسيك العرضين .

فأعلنت امريكا غزو المكسيك مطلع العام 1846م لتنفيذ عرض الشراء واحتلت نيو مكسيكو واستمروا بالتوغل غربا حتى وصل إلى كاليفورنيا بداية عام 1847م , وفي شهر مارس من العام نفسه واصل الجيش الأمريكي تقدمه حتى دخل العاصمة المكسيكية ( مكسيكو سيتي ) واحتلها في اكتوبر .

استسلمت المكسيك وتم توقيع معاهدة في فبراير 1848م . وبمقتضى المعاهدة تنازلت المكسيك للولايات المتحدة الامريكية عن شمال المكسيك بالكامل وهو ما يمثل نصف أراضيها .

وفي المقابل وافقت امريكا بمنتهى السخاء على دفع 15 مليون دولار للمكسيك تعويضا عن أراضيها التي احتلتها ! والتي عرفت فيما بعد بولايات ( كاليفورنيا , نيفاد , أزيزونا , نيو مكسيكو , يوتاه , كولورادو ) فضلا عن تكساس التي كانت قد ضمتها سابقا .

المصدر: ٢٦ سبتمبر نت

كلمات دلالية: الوحدة الیمنیة الیمن الشمالی ملیون دولار

إقرأ أيضاً:

العدوان الأمريكي على اليمن.. بين فشل الهجمات وتزايد التكاليف

يمانيون|

في خطوة لافتة، كشف تقرير من شبكة “سي إن إن” عن التكلفة الإجمالية للهجوم الأمريكي على حركة أنصار الله في اليمن، والتي تقترب من مليار دولار في فترة زمنية قصيرة، لا تتجاوز الثلاثة أسابيع، على الرغم من هذا الإنفاق الضخم، تُظهر التقارير أن التأثير على قدرات الحركة كان محدودًا جدًا.

العملية العسكرية، التي بدأت في الـ 15 من مارس الماضي، شهدت استخدام ذخائر متطورة تبلغ قيمتها مئات الملايين من الدولارات، من بين هذه الأسلحة، صواريخ جاسم (JASSM) وصواريخ توماهوك، بالإضافة إلى القنابل الموجهة عبر نظام تحديد المواقع العالمي(GPS)، وهي أسلحة دقيقة بعيدة المدى صممت لتحقيق إصابات قاتلة، ومع ذلك، فإن هذا الهجوم، الذي من المفترض أن يكون ضربة مدمرة للحركة، لم يُسهم إلا في الحد الأدنى من تدمير البنية العسكرية للحركة، بل لم يقضِ على مخزون الأسلحة الكبير الذي تحتفظ به الحركة في مواقع مخفية تحت الأرض.

مقاومة حديدية
أحد النقاط المثيرة للاهتمام في العملية هو استخدامها للأسلحة الموجهة بدقة عالية مثل قاذفات B-2 والصواريخ المجنحة من نوع JASSM ولكن، مع كل هذه القوة الجوية، تظل حركة أنصار الله قادرة على استمرار عملياتها العسكرية بفعالية، كما يظهر في إطلاقها المتواصل للصواريخ والطائرات المسيرة ضد السفن في البحر الأحمر، صحيح أن الضربات الجوية دمرت بعض المواقع العسكرية التابعة للحركة، ولكن القوة الحقيقية التي تمتلكها الحركة لا تزال قائمة، بل إن الهجوم الأمريكي لم يكن قادرًا على الحد من هذه الأنشطة.

من الناحية العسكرية، حركة أنصار الله تعتمد على أساليب تكتيكية معقدة، مثل اختباء قياداتها في مواقع تحت الأرض، ما يجعل من الصعب على الطائرات الأمريكية تدمير هذه البنى التحتية، ولعل أكثر ما يثير الدهشة هو استمرار الحركة في إطلاق الطائرات المسيرة وتوجيهها نحو أهداف بحرية أمريكية بالرغم من الضربات المستمرة، هذه القدرة على التعافي السريع تعتبر علامة فارقة في استراتيجية حركة أنصار الله، ما يطرح تساؤلات حول فعالية الهجمات العسكرية الأمريكية.

التكلفة الباهظة.. من أين يأتي الدعم؟
قد تكون الأسلحة الدقيقة التي استخدمتها الولايات المتحدة قد ساهمت في الحد من الأضرار الجانبية، إلا أن تكلفة العملية العسكرية تجعلها أكثر تعقيدًا في استدامتها، استخدام الأسلحة بعيدة المدى مثل صواريخ توماهوك، والتي تعتبر من الأسلحة باهظة التكلفة، كان له أثر واضح في استنزاف المخزون العسكري الأمريكي، ما يعني أنه قد يتعين على الولايات المتحدة طلب تمويل إضافي من الكونغرس لمواصلة العملية.

لا يقتصر القلق على استنزاف الذخائر فحسب، بل يتعدى ذلك إلى القلق من تأثير الحملة العسكرية على الاستعداد العسكري الأمريكي في مناطق أخرى، وخاصة في منطقة المحيط الهادئ، الهجوم المستمر ضد حركة أنصار الله قد يضع عبئًا كبيرًا على الاستراتيجية الأمريكية في آسيا، ما يؤدي إلى تأخير أو إضعاف الجاهزية في مواجهة تحديات قد تنشأ في أماكن أخرى مثل بحر الصين الجنوبي أو منطقة المحيط الهادئ.

أهداف غير واضحة ونتائج غير مؤكدة
من بين النقاط المثيرة للجدل في العملية العسكرية، هو غياب استراتيجية واضحة بشأن الهدف النهائي للهجوم، في بداية الهجوم، أعلنت الولايات المتحدة عن أهداف واضحة مثل وقف الهجمات على السفن في البحر الأحمر، ومع مرور الأسابيع، بدا أن هذه الأهداف أصبحت أقل وضوحًا، ما يثير تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الحملة العسكرية هي مجرد استجابة تكتيكية قصيرة الأمد أو بداية تصعيد طويل الأمد في المنطقة.

لا يزال من غير الواضح ما هي نهاية هذا التصعيد، فحتى مع الضغط العسكري المستمر، لا تزال حركة أنصار الله قادرة على مواصلة عملياتها العسكرية، كما تبين من خلال إسقاط الطائرات الأمريكية مؤخراً، من هنا، فإن الاستمرار في هذه الحملة من دون تحديد هدف استراتيجي واضح قد يؤدي إلى استنزاف عسكري بلا نتائج ملموسة على الأرض، ما يزيد من تعقيد الأمور بالنسبة للولايات المتحدة.

تحولات السياسة العسكرية
في الآونة الأخيرة، تم تسجيل تحول في القيادة العسكرية الأمريكية، حيث أصبح من الممكن للقادة العسكريين اتخاذ قرارات تنفيذ الضربات الجوية دون الحاجة إلى موافقة مباشرة من البيت الأبيض، هذا التحول يشير إلى عودة أسلوب الإدارة الأمريكية السابقة في اتخاذ قرارات عسكرية سريعة بدلاً من السياسة الدقيقة التي اعتمدتها إدارة بايدن.

هذا التغيير في سياسة اتخاذ القرارات يعكس ضغوطًا على القيادة العسكرية للحد من الضغوط السياسية وتوجيه الضربات العسكرية حسب ما يراه القادة العسكريون مناسبًا، ومع ذلك، يبقى التساؤل الأهم هل ستستمر هذه الضربات في تحقيق تأثير استراتيجي؟ أم إنها ستستنزف الموارد الأمريكية بشكل غير مجدٍ؟ كما أن استمرار الهجمات رغم تأثرها المحدود قد يطرح تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الهجمات هي جزء من استراتيجية أوسع أم إنها مجرد رد فعل عسكري طارئ.

إسقاط الطائرات الأمريكية
في تطور مفاجئ يضع الولايات المتحدة في مأزق عسكري غير متوقع، أعلنت القوات المسلحة اليمنية عن إسقاط 21 طائرة أمريكية من طرازMQ-9 ، وهو إنجاز غير مسبوق يعكس قدرة الدفاع اليمني على التصدي لأحدث التقنيات العسكرية الأمريكية، هذه الطائرات، التي تُعد من بين الأكثر تطورًا في العالم، صُممت لأغراض التجسس والعمليات الهجومية الدقيقة، ولكنها أصبحت ضحايا لأيدي الدفاع اليمني.

من خلال هذا الإنجاز، تُثبت اليمن أن سماءها لم تعد تحت سيطرة القوات الأمريكية أو حلفائها في التحالف السعودي الأمريكي، إن إسقاط الطائرات، التي تقدّر تكلفة الطائرة الواحدة منها بـ 32 مليون دولار، هو ضربة اقتصادية استراتيجية تلحق بأكبر صناعة سلاح في العالم، الخسائر الأمريكية التي تقدر بـ 670 مليون دولار ليست مجرد خسائر مالية، بل تشير إلى فشل ذريع للمنظومات العسكرية الأمريكية في التصدي للقدرات الدفاعية اليمنية المتنامية.

لكن ما هو أكثر إثارة في هذا الإنجاز هو السياق السياسي والرمزي الذي حمله، فالإسقاطات كانت جزءًا من عملية “الفتح الموعود والجهاد المقدس”، التي أُطلقت لدعم غزة في مقاومة الاحتلال، اليمن بذلك لا يرسل رسالة للمجتمع الدولي فحسب، بل يؤكد دوره في معركة الأمة ضد الهيمنة الأمريكية، ويدعو إلى موقف ميداني حازم ضد القوى الاستعمارية.

لقد تبين أن العمليات العسكرية، التي كانت تهدف إلى تعزيز وجود التحالف الأمريكي في المنطقة، قد انقلبت ضد مصالح أمريكا، حيث أصبح اليمن قادرًا على ردع الطائرات التجسسية بل إسقاطها بشكل دقيق ومتسلسل في مختلف مناطق البلاد، من مأرب إلى صعدة وصولًا إلى الحديدة.

إن هذا التطور يُظهر أن الولايات المتحدة لم تعد في مأمن، وأن الهيمنة العسكرية الأمريكية على المنطقة تواجه تحديات غير مسبوقة، فإن كان سقوط 21 طائرة قد شكل ضربة معنوية وعسكرية كبيرة، فإن استمرار المقاومة اليمنية سيكون بمثابة رسالة للعالم بأسره: إن “اللعب فوق اليمن” لم يعد بلا ثمن.

في الختام، من الواضح أن الهجوم العسكري الأمريكي على حركة أنصار الله قد تخللته العديد من التحديات العسكرية والسياسية، بينما تحقق الولايات المتحدة بعض الانتصارات التكتيكية، فإن التأثير الاستراتيجي للحملة العسكرية يظل ضعيفًا مقارنةً بالتكلفة العالية التي يتم دفعها.

وفي ضوء ذلك، يبدو أن الولايات المتحدة بحاجة إلى إعادة النظر في استراتيجيتها في اليمن، فاستمرار الهجوم من دون تحديد أهداف استراتيجية واضحة قد يؤدي إلى استنزاف طويل الأمد، دون أن يحدث تأثيرًا حاسمًا على الميدان، كما أن التركيز على الحلول السياسية بالتوازي مع الإجراءات العسكرية قد يكون أكثر فاعلية في تحقيق استقرار طويل الأمد في المنطقة.
——–

* المادة نقلت حرفيا من موقع الوقت

مقالات مشابهة

  • من بينها اليمن.. السعودية تلغي هذا النوع من “التأشيرات” 
  • العدوان الأمريكي على اليمن.. بين فشل الهجمات وتزايد التكاليف
  • حريق دارة سوتاوه في السليمانية..  اضرار جسيمة والاشتباه بمقيم سوري (صور)
  • مفاجآت عديدة تكشفها التحقيقات في تعدى معلم دراسات على زميلته بأسيوط
  • أبو العينين: الموقف في الشرق الأوسط ملتهب وهناك مخاوف عديدة
  • رشفة واحدة من مشروب استوائي شهير تقتل رجلاً خلال ساعات
  • المكسيك تؤكد أول إصابة بشرية بإنفلونزا الطيور في البلاد لطفلة 3 أعوام
  • المكسيك تتنفس الصعداء بعد نجاتها من الرسوم الأمريكية الأخيرة... ولكن القلق الاقتصادي لا يزال حاضرًا
  • نهب التراث السوداني: خسائر جسيمة ونداءات لاستعادة الآثار المنهوبة
  • إعلام عبري: واشنطن اعترضت صاروخا من اليمن أطلق نحو إسرائيل أثناء مروره في الأجواء السعودية