سيظل 22 مايو حلما محفورا في الوجدان والذاكرة، وسيبقى- رغم حالة التيه- حلما نتطلع إليه ونبحث عن ممكنات خلوده وديمومته بغض النظر عن جراحات رافقته، أو مواقف حاولت الانتقاص منه والتقليل من حقيقة حضوره.. نعم إن 22 مايو حدث لم يكن من صناعة أشخاص أو فئات أو جماعة مهما كانت مكانتهم وكانت أدوارهم في مسار الأحداث، ولكنه كان وسيظل تجسيدا لرغبة شعب وحلم أجيال وهدف قوافل من الشهداء الذين قدموا أرواحهم فداء لهذا الحدث -الحلم 22 مايو- الذي لم يكن أولئك النفر الذين أينع الحدث في عهدهم إلا أدوات حصدوا (غلة) زرعتها قوافل من الشهداء وبدمائهم ارتوت تلك (الغلة) التي حصدناها في الـ 22 من مايو 1990م…
إن 22 مايو لم يكن يوما عاديا في تاريخنا الحضاري ومسارنا التاريخي، ولم يكن حدثا عابرا في حياتنا وتحولاتنا، ولكنه كان ميلادا وطنيا عاد فيه الجزء إلى الكل في التحام مصيري لا تنتقص منه تداعيات الأحداث وان كانت مؤلمة، ولا تقلل من أهميته أمزجة البعض مهما كانت مساحة نفوذهم على الخارطة لأن الحدث لم يكن مرتبطاً بأفراد ولا بأحزاب ولا بجماعات مع احترامنا وتقديرنا لكل المواقف الفردية والجماعية والحزبية وكل من ساهم في صناعة ذلك الحدث الوطني العظيم الذي ظل حلما يراود أجيالاً أفنت حياتها من أجل الوصول لهذا اليوم الوطني العظيم الذي جاء ليستكمل أحداث سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر ويعزز من مكانتهم في الوجدان والذاكرة الجمعية الوطنية، ناهيكم أن 22 مايو جاء بتداعياته مشابها لما سبقه من أحداث وخاصة ثورة سبتمبر وأكتوبر اللتين يكملان بعضيهما، غير أن ما واجههما من تداعيات تماهت مع تلك التي واجهت 22 مايو 1990م ورغم ذلك فلا تلاشت سبتمبر وأكتوبر من الذاكرة الجمعية وكذلك 22 مايو لن يتلاشى من الذاكرة الجمعية أيا كانت العوائق التي تواجهه والتي تظل مجرد أخطاء فردية لا علاقة للحدث كغاية وهدف واستحقاق حضاري وطني بها، فالأخطاء البشرية لا تلغي حقيقة الأحداث والتحولات الوطنية بأبعادها الحضارية والاستراتيجية، فأخطاء ثوار سبتمبر وأكتوبر لم تلغ حقيقة الثورة وديمومتها والحال كذلك مع 22 مايو الذي وصفته ذات يوم موغل برغم عظمته بأنه لم يكن للبعض من النافذين سوى (انتصار الصدفة) الذي يتحقق في لحظة ما من التاريخ، لم يكن من تحقق بعدهم يدركون عظمته لذا يتعاطون معه وفق جدلية الربح والخسارة وحسب المصلحة المرجوة، وهذا ما يحدث للأسف مع كل تحولاتنا الوطنية العظيمة والمحورية لأن النخب النافذة للأسف تقيس كل الأحداث بحسب قربها أو بعدها منها وحسب العوائد المرجوة منها، دون أن تعطي الأحداث بعدها الشعبي والوطني والتاريخي.
إن22 مايو لم يكن بالمناسبة حدثا سياسيا عابرا، بل كان وسيبقى حدثا وجوديا أعاد الاعتبار للجغرافية والتاريخ، وصحح اختلالاً بشرياً ساد ردحا من الزمن.. نعم تعرض هذا الحدث لكثير من التعسف والانتقاص من قبل أولئك الذين اعتادوا تجيير الأحداث وتفصيلها على مقاساتهم، لكن ورغم هذا التجيير فإن الحدث سيبقى حاضرا وخالدا ودائما في مسارنا وذاكرتنا ووعينا الوطني واثقين أن هناك رجالا سيعملون على تصحيح مساره وإعادة الاعتبار له كمنجز وطني، جامع يحقق العدل والمساواة لكل أبناء الوطن ويمنحهم القوة والمنعة التي يفتقدها الضعفاء والمهمشون..!!
نعم.. قد يكون 22 مايو قد بدأ لفترة من الزمن وكأنه حلمنا التائه، غير أن هذا التيه لن يطول ولن يدوم بل سنعود جميعا نتدثر تحت رايته التي وحدها ستحمينا من تقلبات الزمن وغدره.
تحية إجلال وتقدير لـ22 مايو.. والتحية لشعبنا صانع المعجزات وقاهر الأحداث والعصي على الاستلاب
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
رفع حطام سيارة نقل بعد انقلابها أمام جامعة 15 مايو
رفعت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن القاهرة حطام حادث انقلاب سيارة نقل أمام جامعة 15 مايو بمدخل المدينة من طريق الأوتوستراد.
تلقت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن القاهرة إخطارا من غرفة عمليات النجدة تضمن ورود بلاغا من الأهالي أفاد بانقلاب سيارة نقل في دوران أمام جامعة 15 مايو وعلى الفور إنتقلت أجهزة أمن القاهرة مصحوبة بوحدات المحافظة إلى موقع الحادث.
وجرى الدفع بالأوناش لرفع حطام الحادث من قبل أجهزة أمن القاهرة وتسيير الحركة المرورية على الطريق بمخرج مدينة 15 مايو إلى طريق الأوتوستراد، وتبين أن الحادث بسبب اختلال عجلة القيادة في يد قائد السيارة بدون وقوع إصابات أو خسائر بشرية.