«من لا يعرف ماضيه لا يستطيع أن يعيش حاضره ومستقبله، فمن الماضي نتعلم ونكتسب الخبرة ونستفيد من الدروس والنتائج» – المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، «طيب الله ثراه». 
باعتبارها مجتمعاً متعدداً يضم أكثر من 200 جنسية، لا يمكن أن يكون هناك مكان في العالم، أفضل من أبوظبي، يتيح التعرف على الدور المفصلي الذي تلعبه الثقافة، ومعايشة هذا الدور في بناء غد أفضل من خلال إلهام العقول والتشجيع على الإبداع والانفتاح وتوسيع آفاق وجهات النظر.


لقد ساعدت الاكتشافات الأثرية في جميع أنحاء دولة الإمارات العربية المتحدة، على إبراز حقيقة أنّ هذه المنطقة كانت على الدوام بمثابة جسر حيوي وتاريخي بين حضارات المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط وبلاد الشام منذ آلاف السنين. تاريخياً، كانت منطقتنا مكاناً للتفاهم والتواصل والتعاون بين البشر من مختلف الثقافات والحضارات.
إنّ هذا الطبع من المرونة والقوة معاً، لا يمكن أن يأتي إلا من التعاون والتضامن والوحدة، وهي القيم التي كرّس الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حياته لها، وأورثَنا إياها.
علّمنا الشيخ زايد الشغف بالتراث والاعتزاز به، وحمايته وصونه، كما غرس فينا احترام وتقدير كل مكوّنات ومقوّمات هويتنا وثقافتنا. ولتوثيق تاريخنا العريق، افتتح، طيّب الله ثراه، أول متحف لدولة الإمارات في العين عام 1971، وافتتح أول مركز ثقافي وهو المجمّع الثقافي عام 1981. واستمر إرث الشيخ زايد في التطور بتوجيهات من المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله. واليوم، يواصل صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وسمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي، البناء على هذا الإرث. وإنّ هذا التفاني الدائم من قيادتنا الرشيدة لصون تراثنا الثقافي وحفظه للأجيال، يتشكّلُ في أحدث صورة له من خلال المنطقة الثقافية في السعديات، أحد أكبر تجمعات المؤسسات الثقافية.
تعد المنطقة الثقافية في السعديات بمثابة منصة عالمية تعكس تراثنا الثقافي الغني، وتحتفي بالثقافات الأخرى في الوقت نفسه، بل وتعزّزها وتحتفل بخصائصها المشتركة، استمراراً لدور أبوظبي التاريخي كملتقى للحضارات. وتستعد المنطقة للإسهام في ترسيخ دور أبوظبي كحلقة وصل للابتكار الثقافي والحوار، مما يترك أثراً وإرثاً ملهمين محلياً وعالمياً. وباعتبارها مركزاً ثقافياً نابضاً بالحياة، تجمع المنطقة بين التراث الغني لماضينا والطموح الحيوي لمستقبلنا، احتفالاً بإرث التنوير والفكر المتجدد الذي تركه لنا المغفور له الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.
وتضم المنطقة الثقافية في السعديات اليوم متحف اللوفر أبوظبي، وبيركلي أبوظبي، ومنارة السعديات، وسينضم إليها متحف زايد الوطني، ومتحف جوجنهايم أبوظبي ومتحف التاريخ الطبيعي أبوظبي وتيم لاب فينومينا أبوظبي، لتقدم هذه المؤسسات مجتمعةً رحلة آسرة لاستكشاف تاريخنا الإنساني المشترك وثقافاتنا المتنوّعة، من أبوظبي.
وكونها تُعد أحد أكبر تجمعات المؤسسات الثقافية، فإنّ المساحات الديناميكية للمنطقة الثقافية في السعديات لا تكرّم تاريخنا فحسب، بل تعزّز أيضاً التفاعل الثقافي والتبادل المعرفي والحضاري الخلاق، حيث تدعو مؤسساتنا الأفراد من الخلفيات المتنوعة لمشاركة الخبرات والمهارات الثقافية والإبداعية، وبالتالي إثراء فهمهم وتقديرهم لعالمنا.
هذه العلاقات التفاعلية ليست خبرات تعليمية لاكتساب المعارف والمهارات فقط، بل إنها أدوات تمكين لشبابنا، تعزّز لديهم قيم التفاهم والاحترام المتبادل. ومن خلال مهارات التفكير الناقد وتنمية الإبداع، تعمل هذه الصروح الثقافية والمتاحف كمنصات للتعلم مدى الحياة، حيث تقوم بتعليمهم وتوجيههم ودعمهم في إطار مهمتها لتحفيز الإبداع وتعزيز استدامة المنطقة الثقافية في السعديات ونقل إرثها للأجيال القادمة.
كما تستكشف المنطقة الثقافية في السعديات الطرق المبتكرة العديدة التي يمكن للإبداع أن يفيد من خلالها كلّ فردٍ منا، صغاراً وكباراً، كمواطنين في هذا العالم. إن الشعور بالارتباط واضح في جميع أرجاء المؤسسات الثقافية بالمنطقة التي توفر فرصاً متنوعة للترفيه والتعليم وتنمية المعرفة وتطوير الذات، مما يضمن أن كل زيارة للجميع لا تُنسى، بل وتُحدث تحولاً ثقافياً ومعرفياً لدى كلِّ زائر.
تُجسّدُ المنطقة الثقافية في السعديات التزام أبوظبي بالحفاظ على تراثها الخاص وموروث الإنسانية جمعاء معاً، وتعكس تبني الإمارة رؤية تقودنا إلى المستقبل المشرق، حيث سيكون للمنطقة أن تلعب دوراً مؤثراً عبر الأجيال برسالة التنوع الثقافي الذي ستتعاظم قوته مع مرور الوقت، مما يخلق الروابط العالمية، ويلهم التبادل الثقافي، ويعزز طرق تفكير جديدة تغيّر تاريخ المنطقة والجنوب العالمي وتعزز إسهامها في مسيرة الحضارة والإنسانية.
رئيس دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي

أخبار ذات صلة الصورة الفوتوغرافية كتابة ضوئيّة للعالم سيف بن زايد يفتتح «آيسنار أبوظبي 2024»

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: محمد خليفة المبارك السعديات الثقافة الإمارات المغفور له الشیخ زاید الله ثراه آل نهیان بن زاید

إقرأ أيضاً:

رئيس مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابي يلتقي مدير مركز مولانا آزاد لتعزيز التعاون الثقافي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

التقى المخرج مازن الغرباوي، رئيس مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي، بالدكتور بركاش شودري، مدير مركز مولانا آزاد للثقافة الهندية بالقاهرة، وخلال هذا اللقاء تباحث الطرفان سبل تعزيز التعاون الثقافي والفني بين مصر والهند ثقافيا وفنيا.

ووجه الدكتور بركاش شودري الشكر للمخرج مازن الغرباوي رئيس مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي، مشيدا بالدور البارز الذي يلعبه المهرجان في دعم المواهب الشابة وتطوير المسرح العربي. 

من جهته عبر الغرباوي، عن تقديره للجهود التي يبذلها مركز مولانا آزاد في نشر الثقافة الهندية في مصر والعالم العربي، مؤكداً أهمية التبادل الثقافي بين البلدين لتعزيز التفاهم المشترك بين الشعبين.

كما تناول اللقاء مناقشة عدد من المقترحات التي تسهم في توطيد التعاون بين المؤسستين، أبرزها تنظيم ورش عمل مشتركة تستهدف الشباب من مصر والهند في مجال المسرح، بجانب بحث إمكانية مشاركة فرق مسرحية هندية في الدورات القادمة من مهرجان شرم الشيخ، وتنظيم عروض مصرية في الهند، وأكد الطرفان على أهمية تنظيم ندوات ومحاضرات مشتركة حول المسرح لتبادل الخبرات بين الفنانين والمخرجين من البلدين.

وفي لفتة تقديرية، قدم مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي تكريماً خاصاً للدكتور بركاش شودري تقديراً لإسهاماته في تعزيز العلاقات الثقافية بين مصر والهند، وتم خلال اللقاء تبادل الهدايا التذكارية، التي تعبر عن روح التعاون والصداقة بين المؤسستين.

وأعرب الدكتور بركاش شودري عن سعادته بهذا التكريم، مؤكداً على عمق العلاقات الثقافية بين مصر والهند، ومشيداً بدور مهرجان شرم الشيخ في دعم المواهب الشابة وتطوير المسرح العربي.

وأتفقا  الطرفان على أهمية توثيق هذا التعاون من خلال مذكرة تفاهم تضع الإطار العام للتعاون المستقبلي وتحدد آليات التنفيذ والمتابعة، واختتم اللقاء بالاتفاق على استمرار التواصل وتبادل الزيارات بين المؤسستين، والعمل على تنفيذ المقترحات التي تم طرحها خلال اللقاء في المستقبل القريب.

ويعد هذا اللقاء خطوة مهمة في تعزيز العلاقات الثقافية المصرية الهندية، ويفتح آفاقاً جديدة للتعاون في مجال المسرح والفنون. كما يؤكد على دور المؤسسات الثقافية في بناء جسور التواصل بين الشعوب وتعزيز التفاهم المتبادل من خلال الفن والثقافة. ويتوقع أن يثمر هذا التعاون عن مشاريع ومبادرات ثقافية مشتركة تخدم المسرح في كلا البلدين وتدعم المواهب الشابة في مجال الفنون المسرحية.

يذكر أن الدورة التاسعة من مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي برئاسة الفنان والمخرج مازن الغرباوي  أقيمت خلال الفترة من 15 الي 20 نوفمبر، وكانت تحمل  اسم المخرج الكبير الراحل جلال الشرقاوي، وتدير المهرجان الدكتورة إنجي البستاوي ، ورئيس اللجنة العليا للمهرجان المنتج هشام سليمان ،ويرأس المهرجان شرفيا سيدة المسرح العربي سميحة أيوب،  ويقام تحت رعاية وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو ، وسيادة اللواء خالد مبارك محافظ جنوب سيناء وبدعم من وزارة السياحة والآثار وهيئة تنشيط السياحة.

مقالات مشابهة

  • مساعدة الرئيس الإيراني تزور جامع الشيخ زايد الكبير في أبوظبي
  • الشيخ كمال الخطيب يكتب .. في ذكرى الإسراء والمعراج: لا لن نسوّد وجهك يا رسول الله
  • بمباركة رئيس الدولة.. خالد بن محمد بن زايد وحمدان بن محمد بن راشد يشهدان الإعلان عن مشروع القطار فائق السرعة بين أبوظبي و دبي
  • برعاية خالد بن محمد بن زايد.. أسبوع أبوظبي العالمي للصحة ينطلق 15 أبريل المقبل
  • حمدان بن محمد: بحضور خالد بن محمد بن زايد.. شهدت الإعلان عن إطلاق مشروع القطار فائق السرعة بين أبوظبي ودبي
  • بمباركة رئيس الدولة.. خالد بن محمد بن زايد وحمدان بن محمد بن راشد يشهدان الإعلان عن مشروع القطار فائق السرعة بين أبوظبي ودبي
  • تحت رعاية خالد بن محمد بن زايد.. أسبوع أبوظبي العالمي للصحة يعقد فعاليات نسخته الثانية
  • تحت رعاية خالد بن محمد بن زايد.. أسبوع أبوظبي العالمي للصحة يعقد نسخته الثانية
  • د. بني سلامة يكتب .. الشيخ سالم الفلاحات: صوت الوطنية في زمن التحديات
  • رئيس مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابي يلتقي مدير مركز مولانا آزاد لتعزيز التعاون الثقافي