تقول الكاتبة النسوية بترونيلا وايت إنها نشأت متشبعة بمعتقدات الحركة النسوية، لكنها تشعر الآن مع العديد من صديقاتها في الحركة بأن النسوية قد خذلتهن وخذلت جيلهن، ولا ينبغي السماح للنسوية بتدمير حياة الأجيال القادمة.

وأبدت وايت، في مقال لها بصحيفة "ديلي ميل" البريطانية، ندما وتحسرا عميقين على ما أسمته ضياع عمرها في اعتناق وممارسة مبادئ الحركة النسوية.

وحكت أنها لا تزال تلتقي كل اثنين بمجموعة من صديقاتها في مطعم بلندن، ويجلسن على طاولة بالقرب من النافذة، ويناقشن ما آلت إليه حياتهن، قائلة إن لديهن أشياء كثيرة مشتركة، فهن جميعهن في منتصف الـ50 من العمر ومهنيات ومتعلمات تعليما عاليا، ومع ذلك يشعرن بأن هناك فراغا كبيرا في حياتهن، "جميعنا عازبات ومن دون أطفال".

الغرب تجاوز النسوية

وأشارت إلى أن العالم تغيّر الآن بطريقة قد تجدها النسويات الأوائل غير مفهومة، وأعربت عن اعتقادها واعتقاد صديقاتها بأن الغرب قد تجاوز الفلسفة النسوية، وأنها أصبحت ضارة.

وتساءلت عن مكانة النساء مثلها في المجتمع عندما يصلن إلى منتصف الخمسينيات من العمر ويجدن أنفسهن وحيدات؟

وتحدثت عن بعض ذكرياتها المتعلقة بالنسوية، قائلة إنها عندما كان عمرها 13 عاما كانت هدايا عيد الميلاد من عمتها النسوية ليب كُتبَ غلوريا ستاينم وسيمون دي بوفوار، التي تعتبر أم النسوية الحديثة، مشيرة إلى أن عمتها هذه كانت واحدة من المسلحات اللائي اشتهرن بتعطيل مسابقة ملكة جمال العالم عام 1970.

وقالت أيضا إنها وزميلاتها شاهدن فيلم ماري بوبينز الشهير، وقدسن بإصرار إحدى شخصياته، وهي المرأة العازبة، ولم يلاحظن قط الحزن الذي يظهر من وقت لآخر وراء عينيها، وتعاطفن مع السيدة بانكس التي ناضلت من أجل حق الاقتراع، في وقت كن فيه يتساءلن عن سبب عدم ترك زوجها "البليد".

مارغريت تاتشر

وذكرت أن رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر، النسوية بحكم الواقع، كانت إحدى بطلاتهن.

ونسبت إلى إحدى صديقاتها غير المتزوجات قولها إن مدرستها جعلتها تشعر كما لو أن الزواج مخجل.

وقالت "تاريخيا، كان للحجة النسوية منطقها". ففي الأيام الخوالي، عندما كانت النساء يرتبطن أولا بآبائهن ثم بأزواجهن كن يعشن حياة لا يحسدن عليها، ومع ذلك إذا حصلت المرأة على تعليم جيد، فيمكنها أن تكسب عيشا مريحا وتصبح في حل من ضرورة قبول الرجل لها. وإذا طغت عليها الرغبة في الزواج والأطفال من شبه المؤكد أنها ستفقد وظيفتها.

وقالت إن أحد الأسباب الرئيسية للتعاسة هو الشعور بأن المرء غير محبوب، في حين أن الرفقة والشعور بالحب يعززان السعادة أكثر من أي شيء آخر.

وأوردت أن واحدة من كل عشر نساء بريطانيات في الخمسينيات من أعمارهن حاليا لم تتزوج قط وتعيش بمفردها، ووصفت ذلك بأنه أمر ليس ممتعا ولا صحيا.

الآن أدفع الثمن

ونقلت عن صديقتها سالي (55 عاما)، التي وصفتها بالجميلة وذات عيون باللون النيلي، قولها لها ذات مرة "أشعر باستمرار أنني غير مرغوب فيّ كامرأة لأن الحركة النسوية علمتنا أن الأنثى التقليدية هي مجرد صورة نمطية اخترعها الرجال لإبقائنا في الأسفل. ووفقا لذلك، كنت ضد الرجال لدرجة طردهم بعيدا. الآن، أنا أدفع ثمن هذا".

وقالت إن دراسة حديثة أجراها معهد طبي أميركي توصلت إلى أن الشعور بالوحدة هو السبب الرئيسي للاكتئاب بين الإناث في منتصف العمر، وتحسرت "كان يجب علي أن أعرف، لأنني وقعت مؤخرا فريسة للمرض العقلي (الاكتئاب) الذي لا يرحم"، وأشارت إلى أن العديد من صديقاتها العازبات يعانين حاليا من الاكتئاب النابع من الوحدة التي لا تتحملها "حتى قطط الزقاق".

واعترفت الكاتبة بأن الثقة العامة بالنفس تأتي من التعود على تلقي الحب، خاصة حب الجنس الآخر، وأن المرأة التي لديها زوج وأطفال تقبل عاطفتهم كقانون من قوانين الطبيعة، وأن ذلك ذو أهمية كبيرة لصحتها العقلية ونجاحها.

مؤسسة الأسرة

ومع ذلك، من بين جميع المؤسسات الموروثة من الماضي، لم تتعرض أي مؤسسة للرفض من قبل النسوية أكثر من مؤسسة الأسرة. وتشعر العديد من النسويات بأن الأمومة عبء أثقل بكثير مما كانت تفعله جداتهن بسبب ساعات العمل الطويلة وتشويه سمعة ربة المنزل. فهل من المستغرب أن معدل المواليد قد انخفض؟

ونقلت عن صديقة أخرى لها قولها إنها كانت مبرمجة على عدم القبول بأي أعباء، خاصة الأطفال، أو على الأقل الانتظار حتى تترسخ قدماها في مسيرتها المهنية، لكنها الآن كبيرة في السن و"قد أبحر قاربها".

اكتئابها أنهكها

وقالت إنها في الآونة الأخيرة، وبعد أن أصبح اكتئابها ينهكها، كانت لديها طالبة تبلغ من العمر 20 عاما تعيش في منزلها (منزل الكاتبة). وبعد أسبوع من التعارف، اتضح للكاتبة أن فكرة عدم الزواج وعدم الولادة قبل سن 30 عاما كان لعنة لطالبتها، التي ترفض ذلك تماما. وأضافت "باختصار، أرادت طالبتي أن تجري حياتها مثل النساء العاديات".

وختمت وايت مقالها بالتأكيد على أن النسوية التي نشأت عليها قد أخطأت في تعليم بنات جنسها التصرف والتفكير مثل الرجال، ووصفت ذلك بالخطأ الخطير الذي لا تزال النساء مثلها يدفعن ثمنه، مؤكدة مرة أخرى أن الوقت قد حان لإعادة ضبط ثقافية قد يكون فات أوانها لها ولصديقاتها، "لكن لا ينبغي السماح للنسوية بتدمير حياة الأجيال القادمة أيضا".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات إلى أن

إقرأ أيضاً:

ناقشوا الفكرة وادرسوها! (4)

أقولها للمرة الرابعة.. من حق أطفال الصعيد دخول الكونسرفتوار ومعهد الباليه، مثلهم مثل أطفال القاهرة والإسكندرية، بل ومن حق كل أطفال محافظة فى مصر أن يكون بها أكاديمية للفنون تعلمهم الموسيقى والبالية، وليس من حق أحد أن يمنع عنهم هذا الحق!

والصعايدة كلهم شعراء.. وهذه حقيقة قد يراها البعض موهبة فى الجينات يولد بها كل صعيدى.. والمفاجأة أن ذلك غير حقيقى وأن السبب الوحيد الذى يجعل من معظم الصعايدة شعراء هو الفقر ولا شىء سوى الفقر ولا تصدق غير ذلك!

.. لأن أرخص آلة يتعلمها الطفل فى الصعيد هى القلم.. نعم القلم هو الآلة أو الأداة الوحيدة التى يتعلمها ويعرف كيف يمسكه ويكتب به، وبعدها لا يحتاج سوى ورقة بيضاء حتى لو لم تكن كذلك ليخط عليها ما يجيش فى صدره من احاسيس ما فيكتب شعرًا.. وربما هو ليس شاعرًا ولكن يشعر أن لديه موهبة ما ولا يعرف التعبير عنها لأن الآلة الوحيدة والرخيصة التى تعلمها هى القلم.. فليست لديه إمكانيات لشراء ألوان ليرسم أو شراء آلة موسيقية ليعزف.. ومن فى معظم مدن وقرى الصعيد لديه الامكانية ليشترى أورج أو كمان أو اكورديون.. وماذا تفعل فتاة صغيرة إذا ارادت أن تلعب باليه؟!

ربما يقول أحد إن هذه رفاهية بالنسبة لأبناء الصعيد لا يمكن الحديث عنها قبل أن تتوفر الضروريات مثل مدرسة يتعلمون فيها أو فصل يسع من 50 إلى 60 طفلا وأن هناك مدارس فى الصعيد تلزم أولياء الأمور بشراء «تختة» ليجلس عليها طفله.. وأنت تريد أن تعلمهم الموسيقى والباليه!!

لكن.. هنا يأتى دور الدولة التى تريد أن تهيأ بيئة حضارية تنويرية وأن يكون هناك بديل من الظلام الثقافى الذى يعيشه أبناء الصعيد حتى يمكن استيعاب طاقات الأطفال والشباب التى لا تجد شيئًا بديلًا عن التطرف الفكرى والدينى لتفريغ هذه الطاقات والتى قد تصل إلى حد الكفر بالنظام وبالدولة.. وإذا كان البعض يتساءل عن أسباب انتشار التحرش أو التطرف أو المخدرات وكذلك الإلحاد.. فإن السبب الوحيد هو عدم قدرة أو عدم معرفة هؤلاء الشباب من الصغر طريقة لإفراغ وتوجيه وتنمية قدراتهم وطاقاتهم ومواهبهم داخل اكاديمية علمية تنقذهم من هذا الفراغ الحضارى والثقافي!

وأعتقد أن أبناء الصعيد الذين أصبحوا الآن فى مواقع مسئولية عليهم واجب ودور كبير تجاه أطفال الصعيد.. لأنهم أكثر الناس معرفة بواقع أطفال الصعيد ومدى حاجتهم لأكاديمية للفنون فقد عان الكثير منهم فى الصغر بسبب ذلك، واضاعوا سنوات كثيرة من عمرهم للحصول على فرصة.. ولهذا أناشد الزميل الصحفى الكبير محمود مسلم، عضو مجلس الشيوخ، ورئيس لجنة الثقافة والسياحة والآثار والإعلام بالمجلس، أن يتبنى من موقعه مقترح انشاء فرع لأكاديمية الفنون بالصعيد، فهو من أبناء الصعيد وعاش سنوات هناك وما زال على تواصل واتصال بالحياة القاسية الجافة فى الصعيد!

وإننى على ثقة أن الأستاذ محمود مسلم، وفى إطار مسئولياته الصحفية والإعلامية والنيابية، يدرك مخاطر الفراغ الثقافى والفنى بالصعيد ويعلم مدى حاجة أبناء الصعيد لمثل هذه الاكاديمية، ويعرف سياسيًا وثقافيًا أهمية وجود بيئة ثقافية تنويرية فى الصعيد تستوعب طاقات أبنائه وامكانياتهم ومواهبهم بعيدًا عن فقر الشعر وشعر الفقر!

 

[email protected]

 

مقالات مشابهة

  • ناقشوا الفكرة وادرسوها! (4)
  • مجلة أمريكية: التماثيل القديمة التي أعيدت مؤخرا إلى اليمن أصبحت الآن معارة لمتحف في نيويورك (ترجمة خاصة)
  • الأهرام: رسائل الرئيس السيسي للمصريين كانت واضحة خلال حواره مع خريجي الأكاديمية العسكرية
  • توكل كرمان من لاهاي أمام تجمع عالمي: العالم يواجه الآن خطراً خطيراً يتمثل في الحرب السيبرانية التي قد تؤدي إلى تقويض الأمن والخصوصية
  • لبنان: مقتل ستة فلسطينيين نصفهم أطفال بغارة إسرائيلية استهدفت منزل اللواء المقدح بمخيم عين الحلوة
  • وزير الإعلام : تصريحات المدعو نصر الله حول مأرب كشفت عن حجم المؤامرة التي كانت تستهدف هذه المحافظة البطلة
  • فرنسا: ما نوع الإصلاحات المالية التي تدرسها الحكومة؟
  • طلاب الدفعة (26 طب) مارسوا نفس الفوضي التي كانت تحدث في الخرطوم فتم طردهم الى السودان
  • تقرير: أطفال بريطانيا الأكثر تعاسة بالقياس مع أقرانهم في أوروبا.. ماذا وراء الأرقام الصادمة؟
  • نائب حسن نصر الله يكشف أسماء القيادات التي كانت مع الأخير ولقيت مصرعها بعملية الاغتيال بضاحية بيروت الجنوبية