مفتي الجمهورية: تجديد الخطاب الديني أصبح ضرورة حياتية وحتمية حضارية
تاريخ النشر: 22nd, May 2024 GMT
قال الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، إن الخطاب الديني له دور كبير في تشكيل الوعي على المستوى الفردي والجماعي مشيرًا إلى أن بناء الوعي مسئولية مشتركة بين جميع المؤسسات، وفي مقدمتها المؤسسات الدينية، ولهذا شاركت دار الإفتاء المصرية في قضية بناء الوعي كبناء الوعي بخطورة الزيادة السكانية والزواج المبكر، وكذلك بناء الوعي بخطورة الإسراف في الموارد، والتلوث البيئي، وخطورة التطرف والتشدد وغيرها.
جاء ذلك خلال ندوة بالجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا بمدينة برج العرب الجديدة وهي جامعة مصرية حكومية بإشراف مصري ياباني تحت عنوان "تجديد الخطاب الديني وبناء الوعي لدي الشباب" برعاية رئيس الجامعة أ.د. عمرو عدلي وبحضور السادة نواب رئيس الجامعة والسادة عمداء الكليات، وبحضور لافت وكبير لطلاب الجامعة مضيفًا فضيلته أن تجديد الخطاب الديني أصبح ضرورة حياتية وحتمية حضارية في هذا العصر؛ نتيجة لما يمر به عالمنا العربي والإسلامي من شيوع تطرف ديني أو طائفي يرتكز على أفكار تخنق الإبداع، وتحد من حرية الفكر والتعبير، فضلًا عن تسارع الأحداث والتطورات التكنولوجية.
وأشاد خلال زيارته بالبنية التحتية الحديثة والمتقدمة للجامعة، والأنشطة الترفيهية والرياضية الشاملة التي تقدمها. وبأساليب التدريس المبتكرة وطرق اختيار الطلاب بدقة، بالإضافة إلى تقويم الأساتذة والموظفين بطرق متميزة. معبرًا عن إعجابه بتوفير الجامعة منحًا دراسية لدعم التفوق الأكاديمي، كما لاحظ حرص إدارة الجامعة على تحقيق المزيد من التقدم عامًا بعد عام منذ افتتاح السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي للجامعة في 2020م مشيرًا إلى إعجابه بتنوع الطلاب والأساتذة القادمين من مختلف أنحاء العالم.
تجديد الخطاب الديني لا يعني تغيير ثوابت الدين أو العقيدةوشدد المفتي خلال الندوة والتي أدارها الإعلامي مصطفي المنشاوي منسق الجامعة للشئون الإعلامية على أن تجديد الخطاب الديني لا يعني تغييرَ ثوابتِ الدينِ أو العقيدة، ولا العبثَ بالأحكام الشرعية، وإنما هو تصحيحُ المفاهيمِ الشرعيةِ، وبيانُ قواعد الفهمِ الصحيحِ للدينِ مع مراعاةِ المتغيراتِ.
وأكد أن الإسلام نظر إلى فئة الشباب بعين التقدير والاحترام، وعقَد عليهم آمالًا كبيرة في بناء المجتمعات وصناعة الحضارات؛ ذلك لأن مرحلة الشباب هي مرحلة الطاقة والحيوية والقوة والتأثير حيث إن الطريق الحقيقي والفعال للحفاظ على الشباب والاستفادة من قدراتهم وطاقاتهم هو تنمية الوعي لديهم، بحيث تكون الدوافع والرغبات الكامنة في عقولهم ونفوسهم متوجهةً في المقام الأول إلى السعي الواعي، والعلم النافع، والبناء المستمر.
وحذر مفتي الجمهورية، من غياب الوعي باعتباره سلاحٌ خطير يستخدمه أعداء الدين من ناشري التطرف والإرهاب، فيستهدفون فئة الشباب ويعملون بجدية كبيرة على تغييب وعيهم، وحشو عقولهم بالأفكار العدائية للمجتمع، ويستخدمونهم كمِعوَلٍ لهدم أساس الأمة.
وشدد المفتي على ضرورة وجود عوامل بناء الوعي الصحيح لدى الشباب ومنها التثبُّت، والتمسك بالوسطية ونبذ التطرف والانحلال، وكذلك التحلي بالأخلاق؛ فلا يوجد انفصام بين العبادة والأخلاق حيث إن هناك جملة من القيم والمُثل والقواعد والمعايير الأخلاقية مستودعة في طبيعة كلِّ إنسان، تمثِّل سلطة ذاتية داخلية تمكِّنُه من مراجعة تصرفاته وسلوكياته قبل صدورها وبعد وقوعها، وهو ما يعرف بـ "الضمير".
وأشار مفتي الجمهورية إلى أن طريق الإنسان في المحافظة على حياة ضميره، وطهارة فطرته يحصل من مراقبة الله تعالى في جميع الأحوال، والأقوال، والأفعال، والحركات، والسكنات، وكذلك القلب الذي يحوي جملةً من المعاني الخفية، ليست ظاهرة أمام الناس، هي أساس المعاملة القائمة على الأخلاق. وقد ركز الإسلام على أهمية الأخلاق، وهي مرتبة الإحسان التي ذكرها المصطفى في حديث سيدنا جبريل معه، والإحسان من حيث استقراره في القلب هو ما ينظم مسألة الأخلاق ويراقبها ليرقيها.
وأشار المفتي إلى أهمية التقوى مشيرًا إلى أن من أسباب بركة علم الإمام البخاري بركة مال والده، فقد ساعده هذا المال على نشر علمه في الآفاق بل عبر الأزمان والدهور؛ فصحيح البخاري عمدة المسلمين بعد القرآن، والمَعين الذي لا ينضب على مر الدهور فلم تقتصر قراءته على العلماء وطلاب العلم، بل اجتمع العوام له، فقرءوه تعلُّمًا، وقرءوه تبركًا، بل وصل الحال بتعظيمه في القلوب أن أقسموا به كما الحال في ديارنا المصريَّة.
وشدد مفتي الجمهورية على أن هناك عدة عوامل تساعد على الالتزام بتنفيذ القانون كما أشار إليها العلَّامة الطاهر ابن عاشور -رحمه الله- منها الباعث والدافع أو الاستعداد الفطري الناتج عن التنشئة السليمة، وكذلك غرس القيم والمبادئ والرقابة الذاتية، وثالث هذه العوامل هو العلاج والتهذيب والتأهيل أو تصحيح المسار، ولا بد من التكامل بين هذه العوامل لتؤدي دورها.
وأكد المفتي أن الشرع الشريف لا يعرف الخصومة أو الصدام مع التجارب العلمية ولا البحث العلمي ولا يوجد سقف لهذا البحث ما دام لا يتعارض الأمر مع الشرع الشريف، فالدين ينطلق من عقل منضبط، ومن يطالع جهود علماء المسلمين في مختلف العلوم الدنيوية يدرك ذلك واضحًا جليًّا.
وأجاب المفتي على العديد من الأسئلة التي قدمها الطلاب، معبرًا من خلالها على العمق الثقافي والوعي الديني للطلاب منها سؤال عن آليات إصدار دار الإفتاء لأحكام الإعدام مشيرًا إلى أن عقوبة الإعدام قد أُحيطت بضمانات كثيرة جدًّا لم نعهدها في أي قانون آخر قد يكون قد أتى بضمانات كما في القانون المصري، ومن هذه الضمانات مرورها بدرجات تقاضٍ عديدة، وفى كل درجة نلحظ تقنينَ طعن النيابة العامة على الحكم، هذا فضلًا عن رأي مفتي الديار المصرية، وهو الرأي الشرعي الذي يعد ضمانة واطمئنانًا بأن هذا الحكم الذي أنزله القاضي بالمتهم موافق للشريعة الإسلامية، حتى وإن كان هذا الرأي غير ملزم فإنه يعطي اطمئنانًا وسكينة لقلب المجتمع والقضاء.
آليات استخدام دار الإفتاء المصرية لوسائل التواصل الاجتماعوردًا على سؤال عن آليات استخدام دار الإفتاء المصرية لوسائل التواصل الاجتماعي أكَّد مفتي الجمهورية أن دار الإفتاء المصرية رأت ضرورة تكثيف وجودها على مواقع التواصل الاجتماعي لما لها من تأثير ومميزات كثيرة، منها سرعة الانتشار واستخدام الشباب لها ووجودهم بشكل مستمر، حيث تمثِّل أسلوب التواصل العصري الجديد، فكان لا بدَّ من التواصل من خلالها وإيصال المعلومات الدينية بشكل يستطيع الشاب تناوله والتفاعل معه فضلًا عن قيام وحدات مختصة داخل الدار بتحليل ودراسة التفاعلات المختلفة من الجمهور والمتابعين على ما تكتبه الدار على وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي ختام الندوة قام السيد رئيس الجامعة بإهداء فضيلة المفتي درع الجامعة، كما حرص الجميع على التقاط صور تذكارية جماعية وفردية مع فضيلته.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مفتي الجمهورية شوقي علام هيئات الإفتاء الخطاب الديني تشكيل الوعي المؤسسات الدينية دار الإفتاء المصریة تجدید الخطاب الدینی مفتی الجمهوریة بناء الوعی مشیر ا إلى إلى أن
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية: الحوار والوحدة الإسلامية السبيل لعودة الأمة إلى ريادتها ومكانتها
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال فضيلة الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية إن هذه الأمة التي شرفنا الله تعالى بالانتساب إليها تواجه اليوم تحديًا كبيرًا لتحقيق وحدتها والمحافظة على كيانها، هذا التحدي يكمن في مواجهة الأفكار الدخيلة التي تسعى لتفتيت أوصالها وتمزيق صفوفها، فالاتحاد قوة، وهو السبيل لعودة الأمة إلى ريادتها ومكانتها التي فقدتها، وقد جاء رسولنا الكريم ﷺ ليقيم دعائم هذه الوحدة ويُفعل مبدأ الأخوة الإسلامية، حيث كانت الأخوة الإسلامية، متى خلصت النوايا وصفت، أشد وثوقًا من أخوة النسب والدنيا، وإذا تأملنا رحلة نبينا ﷺ من مكة إلى المدينة، نجد أنه أراد من خلالها إقامة دولة تصنع الحضارة وتنهض بالأمة.
وأضاف فضيلته خلال ندوة نظمها جَنَاح الأزهر بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، بعنوان «نحو حوار إسلامي إسلامي»، اليوم الثلاثاء، أنه من أجل هذه الأخوة الإسلامية عمدَ رسولنا ﷺ إلى ثلاث خطوات أساسية: إقامة العلاقة الإيجابية بين العبد وربه، وقد بدأ النبي ﷺ ببناء المسجد ليكون مكانًا لتجمع المسلمين وللارتقاء بهم ويعزز تماسكهم، والأمر الثاني: تفعيل مبدأ المؤاخاة بين المسلمين، حيث آخى ﷺ بين المهاجرين والأنصار، ومحا عصبيات الجاهلية، وأسّس علاقات قائمة على الحب والرحمة والتكافل، والأمر الثالث: تنظيم العلاقات الدولية، حيث عمل النبي ﷺ على صياغة وثيقة المدينة التي حددت الحقوق والواجبات بين سكانها من المسلمين وغيرهم، مما أسس لعلاقات قائمة على العدل واحترام العهود.
وأكد مفتي الجمهورية أن هذه الجهود النبوية تسعى لتحقيق مبدأ الأخوة الإنسانية، حيث شبه رسولنا الكريم ﷺ المؤمنين بالجسد الواحد والبنيان المرصوص، ومن هنا ندرك أهمية الوحدة في مواجهة التحديات العالمية. فالأمة الإسلامية، متى اجتمعت كلمتها واتحدت صفوفها، استطاعت أن تقف بثبات، كما كان الحال في العصور الأولى عندما امتد الإسلام في زمن وجيز من إسبانيا إلى الصين، لكن العصبية المقيتة والتعصب للمدارس الفكرية والعلمية اليوم يمثل أحد أبرز العوائق أمام تحقيق الوحدة المنشودة، والشريعة الإسلامية قد نبذت هذه العصبيات وحذرت منها، لأنها تؤدي إلى التنازع والتفرقة. يقول الله تعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ}، ويقول أيضًا: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ}.
وأشار فضيلته إلى أن المؤسسات الدينية والعلمية، وعلى رأسها الأزهر الشريف، قد خطت خطوات إيجابية في مجال الحوار الإسلامي الإسلامي، وعليها دور كبير في هذا الشأن، ولعلنا بعد أسابيع قليلة نكون أمام الطرح الذي عرض في مؤتمر البحرين «حوار الشرق والغرب»، والذي قدّمه فضيلة مولانا الإمام الأكبر تحت رؤية الحوار الإسلامي، وهو حوار يجمع بين المدارس السنية والمدارس الشيعية وغيرها من أصحاب المذاهب الأخرى كالزيدية والإباضية وغيرهما.
وأضاف فضيلته أن النقطة الثانية هي أن هذه الخطوة لا بد أن تظهر في آثار عملية، وبالتالي يمكن القول بأن هذا المؤتمر قد يكون مقدمة لجملة من الآثار العملية، مثل إنشاء مراكز علمية تجمع بين المدارس الإسلامية على اختلاف توجهاتها، وطرح قضايا الخلاف والعمل على دراستها، ثم الخروج برأي موحّد. كما ينبغي ونحن نتحدث عن حوار إسلامي إسلامي ونسعى لإعلاء المصلحة العامة على المصلحة الشخصية، أن نتجاوز تلك القضايا التي تؤدي إلى توسيع الفجوة بين المدارس الفكرية. وبالتالي، ينبغي التركيز على آلية تحقق الوحدة، بعيدًا عن القضايا العقدية التي فرّقت الأمة ومزّقت وحدتها.
وفي ختام حديثه، شدد فضيلة مفتي الجمهورية على أمر مهم، وهو احترام العقيدة واحترام ما عليه الآخر، مع عدم المساس بمكانة الأنبياء والصحابة وما يتعلق بأمهات المؤمنين، باعتبار ذلك من معتقد أهل السنة والجماعة، فلا يجوز التطاول عليهم أو التعرض لهم، لأن ذلك يؤذي مشاعر المؤمنين والمؤمنات. وأخيرًا، أرى أن لقاء كبار رجالات هذه المدارس قد يصحح الكثير من المفاهيم ويقرب البعيد.