قال الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم-: إن الخطاب الديني له دور كبير في تشكيل الوعي على المستوى الفردي والجماعي مشيرًا إلى أن بناء الوعي مسئولية مشتركة بين جميع المؤسسات، وفي مقدمتها المؤسسات الدينية، ولهذا شاركت دار الإفتاء المصرية في قضية بناء الوعي كبناء الوعي بخطورة الزيادة السكانية والزواج المبكر، وكذلك بناء الوعي بخطورة الإسراف في الموارد، والتلوث البيئي، وخطورة التطرف والتشدد وغيرها.

جاء ذلك خلال ندوة بالجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا بمدينة برج العرب الجديدة وهي جامعة مصرية حكومية بإشراف مصري ياباني تحت عنوان «تجديد الخطاب الديني وبناء الوعي لدي الشباب» برعاية رئيس الجامعة الدكتور عمرو عدلي وبحضور نواب رئيس الجامعة وعمداء الكليات، وبحضور لافت وكبير لطلاب الجامعة.

وأكد المفتي، أن تجديد الخطاب الديني أصبح ضرورة حياتية وحتمية حضارية في هذا العصر، نتيجة لما يمر به عالمنا العربي والإسلامي من شيوع تطرف ديني أو طائفي يرتكز على أفكار تخنق الإبداع، وتحد من حرية الفكر والتعبير، فضلًا عن تسارع الأحداث والتطورات التكنولوجية.

وأشاد الدكتور شوقي علام، خلال زيارته بالبنية التحتية الحديثة والمتقدمة للجامعة، والأنشطة الترفيهية والرياضية الشاملة التي تقدمها. وبأساليب التدريس المبتكرة وطرق اختيار الطلاب بدقة، بالإضافة إلى تقويم الأساتذة والموظفين بطرق متميزة. معبرًا عن إعجابه بتوفير الجامعة منحًا دراسية لدعم التفوق الأكاديمي، كما لاحظ حرص إدارة الجامعة على تحقيق المزيد من التقدم عامًا بعد عام منذ افتتاح السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي للجامعة في 2020م مشيرًا إلى إعجابه بتنوع الطلاب والأساتذة القادمين من مختلف أنحاء العالم.

ندوة بالجامعة المصرية اليابانية

وشدد المفتي خلال الندوة والتي أدارها الإعلامي مصطفي المنشاوي منسق الجامعة للشئون الإعلامية على أن تجديد الخطاب الديني لا يعني تغييرَ ثوابتِ الدينِ أو العقيدة، ولا العبثَ بالأحكام الشرعية، وإنما هو تصحيحُ المفاهيمِ الشرعيةِ، وبيانُ قواعد الفهمِ الصحيحِ للدينِ مع مراعاةِ المتغيراتِ.

وأكد أن الإسلام نظر إلى فئة الشباب بعين التقدير والاحترام، وعقَد عليهم آمالًا كبيرة في بناء المجتمعات وصناعة الحضارات، ذلك لأن مرحلة الشباب هي مرحلة الطاقة والحيوية والقوة والتأثير حيث إن الطريق الحقيقي والفعال للحفاظ على الشباب والاستفادة من قدراتهم وطاقاتهم هو تنمية الوعي لديهم، بحيث تكون الدوافع والرغبات الكامنة في عقولهم ونفوسهم متوجهةً في المقام الأول إلى السعي الواعي، والعلم النافع، والبناء المستمر.

وحذر المفتي من غياب الوعي باعتباره سلاحٌ خطير يستخدمه أعداء الدين من ناشري التطرف والإرهاب، فيستهدفون فئة الشباب ويعملون بجدية كبيرة على تغييب وعيهم، وحشو عقولهم بالأفكار العدائية للمجتمع، ويستخدمونهم كمِعوَلٍ لهدم أساس الأمة.

ندوة بالجامعة المصرية اليابانية

وشدد المفتي على ضرورة وجود عوامل بناء الوعي الصحيح لدى الشباب ومنها التثبُّت، والتمسك بالوسطية ونبذ التطرف والانحلال، وكذلك التحلي بالأخلاق، فلا يوجد انفصام بين العبادة والأخلاق حيث إن هناك جملة من القيم والمُثل والقواعد والمعايير الأخلاقية مستودعة في طبيعة كلِّ إنسان، تمثِّل سلطة ذاتية داخلية تمكِّنُه من مراجعة تصرفاته وسلوكياته قبل صدورها وبعد وقوعها، وهو ما يعرف بـ «الضمير».

وأشار مفتي الجمهورية إلى أن طريق الإنسان في المحافظة على حياة ضميره، وطهارة فطرته يحصل من مراقبة الله تعالى في جميع الأحوال، والأقوال، والأفعال، والحركات، والسكنات، وكذلك القلب الذي يحوي جملةً من المعاني الخفية، ليست ظاهرة أمام الناس، هي أساس المعاملة القائمة على الأخلاق. وقد ركز الإسلام على أهمية الأخلاق، وهي مرتبة الإحسان التي ذكرها المصطفى في حديث سيدنا جبريل معه، والإحسان من حيث استقراره في القلب هو ما ينظم مسألة الأخلاق ويراقبها ليرقيها.

ندوة بالجامعة المصرية اليابانية

وأشار المفتي إلى أهمية التقوى كونها من أسباب بركة علم الإمام البخاري بركة مال والده، فقد ساعده هذا المال على نشر علمه في الآفاق بل عبر الأزمان والدهور، فصحيح البخاري عمدة المسلمين بعد القرآن، والمَعين الذي لا ينضب على مر الدهور فلم تقتصر قراءته على العلماء وطلاب العلم، بل اجتمع العوام له، فقرأوه تعلُّمًا، وقرأوه تبركًا، بل وصل الحال بتعظيمه في القلوب أن أقسموا به كما الحال في ديارنا المصريَّة.

وشدد مفتي الجمهورية على أن هناك عدة عوامل تساعد على الالتزام بتنفيذ القانون كما أشار إليها العلَّامة الطاهر ابن عاشور -رحمه الله- منها الباعث والدافع أو الاستعداد الفطري الناتج عن التنشئة السليمة، وكذلك غرس القيم والمبادئ والرقابة الذاتية، وثالث هذه العوامل هو العلاج والتهذيب والتأهيل أو تصحيح المسار، ولا بد من التكامل بين هذه العوامل لتؤدي دورها.

وأكد المفتي أن الشرع الشريف لا يعرف الخصومة أو الصدام مع التجارب العلمية ولا البحث العلمي ولا يوجد سقف لهذا البحث ما دام لا يتعارض الأمر مع الشرع الشريف، فالدين ينطلق من عقل منضبط، ومن يطالع جهود علماء المسلمين في مختلف العلوم الدنيوية يدرك ذلك واضحًا جليًّا.

ندوة بالجامعة المصرية اليابانية

وأجاب المفتي على العديد من الأسئلة التي قدمها الطلاب، معبرًا من خلالها على العمق الثقافي والوعي الديني للطلاب، منها سؤال عن آليات إصدار دار الإفتاء لأحكام الإعدام، مشيرًا إلى أن عقوبة الإعدام قد أُحيطت بضمانات كثيرة جدًّا لم نعهدها في أي قانون آخر، قد يكون قد أتى بضمانات كما في القانون المصري، ومن هذه الضمانات مرورها بدرجات تقاضٍ عديدة، وفى كل درجة نلحظ تقنينَ طعن النيابة العامة على الحكم، هذا فضلًا عن رأي مفتي الديار المصرية، وهو الرأي الشرعي الذي يعد ضمانة واطمئنانًا بأن هذا الحكم الذي أنزله القاضي بالمتهم موافق للشريعة الإسلامية، حتى وإن كان هذا الرأي غير ملزم فإنه يعطي اطمئنانًا وسكينة لقلب المجتمع والقضاء.

وردًا على سؤال عن آليات استخدام دار الإفتاء المصرية لوسائل التواصل الاجتماعي أكَّد مفتي الجمهورية أن دار الإفتاء المصرية رأت ضرورة تكثيف وجودها على مواقع التواصل الاجتماعي لما لها من تأثير ومميزات كثيرة، منها سرعة الانتشار واستخدام الشباب لها ووجودهم بشكل مستمر، حيث تمثِّل أسلوب التواصل العصري الجديد، فكان لا بدَّ من التواصل من خلالها وإيصال المعلومات الدينية بشكل يستطيع الشاب تناوله والتفاعل معه فضلًا عن قيام وحدات مختصة داخل الدار بتحليل ودراسة التفاعلات المختلفة من الجمهور والمتابعين على ما تكتبه الدار على وسائل التواصل الاجتماعي.

وفي ختام الندوة قام رئيس الجامعة بإهداء المفتي درع الجامعة، كما حرص الجميع على التقاط صور تذكارية جماعية وفردية مع فضيلته.

اقرأ أيضاًبـ «منتدي كايسيد للحوار العالمي».. المفتي: انتشار العنف والإرهاب بسبب الانحراف عن تعاليم الأديان

المفتي يتوجَّه إلى البرتغال للمشاركة في منتدى كايسيد للحوار العالمي

فضل يوم عرفة.. المفتي يُجيب «فيديو»

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: مفتي الجمهورية دار الإفتاء تجديد الخطاب الديني المؤسسات الدينية الجامعة المصرية اليابانية الشرع الشريف تشكيل الوعي ندوة بالجامعة المصریة مفتی الجمهوریة الخطاب الدینی دار الإفتاء بناء الوعی

إقرأ أيضاً:

المفتي: الأمم تنهض بالأخلاق والعلم النافع هو السبيل لقيادة ركب التطور وبناء الوعي الصحيح

أكد مفتي الديار المصرية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء بالعالم الدكتور نظير محمد عياد، أن الأمم تنهض بالأخلاق، وأن جميع الأنبياء دعوا إلى الخير وحذروا من الفساد، وأن الله تعالى أرسى قواعد الدين ليكون سترًا للإنسان وحافظًا له.

جاء ذلك خلال فعاليات الندوة التثقيفية التي نظمتها الإدارة العامة لرعاية الطلاب بجامعة مدينة السادات بالمنوفية اليوم الأحد بعنوان «الارتباط بين العقد والسلوك».

حضر الندوة كل من رئيس الجامعة الدكتورة شادن معاوية، الدكتور خالد جعفر نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، الدكتور خميس محمد خميس، مشرف قطاع شئون التعليم والطلاب، الدكتور إبراهيم الكفراوي، منسق الأنشطة الطلابية وذلك في إطار مبادرة رئيس الجمهورية «بداية جديدة لبناء الإنسان».

وأوضح فضيلة المفتي أن الدين هو الضابط الذي يحفظ الأخلاق ويرشد الإنسان إلى الصواب، مشيرا إلى أن العلم النافع هو السبيل إلى قيادة ركب التطور والتقدم، وبناء الوعي الصحيح لدى الشباب، بما يستجد على مجتمعنا واسلامنا من فتن ومغالطات، والمساهمة في تطوير الذات وتقدم المجتمع مخاطبا الطلاب بالجامعة قائلًا: "المكان الذي أنتم فيه أمانة، فبالعلم تُبنى الأمم، وأنتم في ميدان عظيم، وأنتم مسؤولون أمام الله عن هذه الأمانة".

وأشاد مفتي الديار المصرية بدور جامعة مدينة السادات البحثي والتعليمي وخدمة المجتمع، متمنياً للجامعة وقيادتها كل التوفيق في تحقيق مراكز مرموقة محلياً وعالمياً، سائلًا الله - عز وجل - أن يديم الأمن والأمان على وطننا الحبيب مصر والأمتين الإسلامية والعربية.

من جانبها أشادت رئيس جامعة مدينة السادات بالدور الرائد الذي تقوم به دار الإفتاء المصرية، والتي تُعد من أعرق المؤسسات الدينية في مصر والعالم العربي، حيث يأتي دورها العظيم من خلال إبراز وتوضيح مفهوم الإسلام الوسطي، ونشر الفتاوى المستنيرة وفق منهج الأزهر الشريف لمواجهة الفكر المتطرف، والتحديات الفكرية والاجتماعية المختلفة والتي تطرأ على مجتمعنا من وقت لآخر، مما يعزز دور دار الإفتاء الريادي في ظل القيادة الحكيمة للرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية.

اقرأ أيضاً«المفتي» يرد على عدم الحاجة إلى الدين: الإنسان يحتاجه كالطعام والشراب

بعد رد المفتي.. الإعدام لربة منزل قتلت شقيق زوجها الطفل خنقًا بالقليوبية

مقالات مشابهة

  • «الارتباط بين العقد والسلوك» ندوة لتجديد الخطاب الديني لمفتي الجمهورية بجامعة مدينة السادات
  • مفتي الجمهورية يحذر طلاب جامعة الإسكندرية من المنصات المروجة للانحلال الأخلاقي
  • المفتي: الأمم تنهض بالأخلاق والعلم النافع هو السبيل لقيادة ركب التطور وبناء الوعي الصحيح
  • مفتي الجمهورية يتحدث في ندوة بجامعة السادات عن الارتباط بين العقد والسلوك
  • مفتي الجمهورية: الأخلاق ثمرة الجمع بين العقيدة الصحيحة والسلوك القويم
  • ترامب يصدم العالم: سلاح خطير بيده.. مصر والأردن وغاز غزّة مستهدفون
  • جامعة الوادي الجديد تشارك في ملتقى قادة اتحادات طلاب جامعات الجمهورية
  • مفتي الجمهورية: الشائعات سلاحٌ لتزييف الحقائق وإفساد المجتمعات
  • المفتي قبلان: ما يجري في المطار خطير ولن نقبل بلعبة إعدام تطال وجودنا
  • وزير الرياضة ومحافظ أسوان يشهدان ندوة تثقيفية حول الوعي ومواجهة الفكر المتطرف