«تم إطلاق النار على فيكو». وصلتني هذه الرسالة النصية في إحدى محادثاتي الجماعية يوم الأربعاء بعد الساعة الثالثة مساءً بقليل. قمت بمتابعة الأخبار وأرسلت إلى أصدقائي وعائلتي لمعرفة ما يمكنني معرفته. كانت المعلومات شحيحة، وبدت العناوين الرئيسية مثل «إطلاق النار على روبرت فيكو بعد اجتماع الحكومة في هاندلوفا» حقيقة واقعة.
بلا شك فإن فيكو، رئيس وزراء سلوفاكيا، كان شخصية مثيرة للجدل. ولكن هل من الممكن أن يكون قد تم إطلاق النار عليه عدة مرات بعد ظهر أحد أيام الأسبوع في شهر مايو؟ لقد ظل طوال يوم الجمعة في المستشفى في حالة خطيرة لكنها مستقرة بعد خضوعه لعملية جراحية.
تشهد السياسة السلوفاكية استقطابا عميقا على نحو أدى إلى التراشق اللفظي وحتى العنف الجسدي. وقد تلقى الصحفيون والناشطون، خاصة النساء، تهديدات عبر الإنترنت. في عام 2016، تعرضتُ للهجوم وأنا في طريقي إلى المنزل من العمل. في عام 2022، قُتل رجلان بالرصاص خارج حانة في هجوم ربما كانت له دوافع سياسية. وفي الخريف الماضي، تشاجر وزيران سابقان في مؤتمر صحفي.
لكن خطاب الكراهية المنتشر يقتصر إلى حد كبير على شبكة الإنترنت، إلا أنّ ذلك أصبح أمراً طبيعياً، إذ يَعُدُّ القانونيون والناشطون والصحفيون أن ذلك هو ثمنٌ يُدفع للمشاركة في الحياة المدنية. وهنا نطمئن أنفسنا أنه في العادة فإنّ الذين يكتبون رسائل تهديد عبر الإنترنت ليسوا هم أنفسهم الذين ينفذونها.
وهذا لا يعني أن الجو العام لم يكن له تأثير على مسار السياسة، فقد صرّحت (زوزانا كابوتوفا) الرئيسة المنتهية ولايتها ومحامية الحقوق المدنية بأن التهديدات بقتلها وعائلتها ساهمت في قرارها بعدم الترشح مرة أخرى.
لكن أحدهم أطلق النار الآن على رئيس الوزراء. إذا رجعنا إلى الماضي، وجدنا أن خطاب الكراهية كان يتحول تدريجياً إلى العنف، ونحن، في هذه اللحظة الخطيرة، ننتظر لنرى ما سيأتي بعد ذلك. إما أن يؤدي الهجوم إلى اتخاذ إجراءات صارمة من قبل الحكومة ويجعل الأمور أسوأ، أو سوف تتصدر الحكمة الموقف، وسنتوقف لنحاول إعادة تجميع أجزاء بلدنا الممزق مرة أخرى.
من الصعب المبالغة في تقدير حجم حضور فيكو في السياسة السلوفاكية، فهو عضو سابق في الحزب الشيوعي وعضو مؤسس في حزب سمير، الذي كان في بداياته حزبا من يسار الوسط، وتولى رئاسة الوزراء أربع مرات منذ عام 2006، ومن هنا بدأت علاقته مع وسائل الإعلام الرئيسية تسوء وتتدهور، بل كانت هناك مزاعم متكررة بالفساد، وقد طالب المتظاهرون المناهضون للفساد في عام 2016 باستقالته هو ونائبه ولكن دون جدوى.
ولكن يبدو أن مصرع الصحفي يان كوتشياك وخطيبته قتـلا بالرصاص في شقتهما في عام 2018 عندما كان كوتشياك في خضم تحقيق في قضية فساد سياسي، هو ما أدى إلى انقسام السياسة السلوفاكية. ومرة أخرى، طالبت مظاهرات واسعة النطاق، بعضها حمل المشنقة والتوابيت، برحيل فيكو. وقد نجحوا في ذلك الوقت.
بعد ذلك، ظل الرأي العام منقسمًا تقريبًا إلى معسكرين: معسكر مؤيد لفيكو، ومعسكر معارض. الأشخاص الذين كانوا مؤيدين لفيكو مالوا إلى الطبقة العاملة والقوميين، بينما كان المعارضون في الغالب أعضاء في النخب الليبرالية والأكثر ثراءً.
وعندما حاول فيكو العودة في الخريف الماضي، اعتنق وجهات نظر يمينية، على الرغم من أن حزبه لا يزال يقدم نفسه على أنه ديمقراطي اشتراكي، وقد فاز بسهولة.
لقد كان المناخ السياسي محموماً، خصوصا خلال الأشهر القليلة الماضية. منذ عودة فيكو إلى منصبه، شرع ائتلافه في محاولة مثيرة للجدل لاستبدال هيئة الإذاعة العامة، وقام بتفكيك هيئة مراقبة مكافحة الفساد، على الرغم من تحذيرات الاتحاد الأوروبي وتصاعد الاحتجاجات. في أبريل، أجرينا الانتخابات الرئاسية التي لم تترشح فيها كابوتوفا وفاز بها بيتر بيليجريني، حليف فيكو. ومن هناك بدأ بشكل شبه مباشر موسم الحملات الانتخابية لانتخابات الاتحاد الأوروبي في يونيو.
وبدا أن الانقسام يزداد مع كل انتخابات، وكل تجمع سياسي، وكل ملاحظة في الحملة الانتخابية التي أصبحت أقل اهتماما بالقضايا العامة والسياسة وأشبه بمعركة بين القوى الخارقة الشريرة والخيّرة. بل إنه في العام الماضي، وجه معارضو فيكو اتهاما له بأنه سيسلم البلاد إلى «المافيا». ورفعت كابوتوفا دعوى قضائية ضد السيد فيكو بعد أن أشار إلى أنها دمية أمريكية ومؤيدة لجورج سوروس.
ولكن حتى هذا الأسبوع، كان أغلبنا لا يزال يتصور أن هذه هي الطريقة التي نمارس بها السياسة الآن.
بعد ساعات قليلة من إطلاق النار، ظهرت لقطات فيديو، وتم التحقق على الفور من أنشطة وآراء المشتبه به على الإنترنت. افترض الجميع أن الأمر سياسي، وكانت إحدى النظريات التي تم تداولها أن « أن الرجل كان ليبراليًا تقدميًا». إنّ الدوافع الفعلية لا تزال غير واضحة، فيما وصف وزير الداخلية الهجوم بأنه «ذو دوافع سياسية» لكنه قال إن المشتبه به لا ينتمي إلى «جماعة متطرفة»، وعرّف اسمه بأنه جوراج سي.
بعد إطلاق النار، فقد بعض المشرعين أعصابهم واستمروا بالعمل بطريقتهم المعتادة، فقد صرخ نائب رئيس حزب «سمير» في وجه المشرعين المعارضين بأن «هذا خطأكم»، واتهم نائب آخر الصحفيين بالمسؤولية، وأعلن بداية حرب سياسية. ولحسن الحظ، دعت أصوات أخرى كثيرة إلى الوحدة والتوقف عن تأجيج أجواء الكراهية. وحث بيليجريني، الذي فاز في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وآخرون على وقف الحملة الانتخابية لانتخابات الاتحاد الأوروبي.
نحن نعلم الآن أنه بينما نتحدث بلا كلل ولا ملل عن الصراع بين الخير والشر، ربما يصدّق شخص ما في مكان ما كلامنا، ويأخذه على محمل الجد.
ألينا كريمباسكا: مديرة البرامج في معهد حقوق الإنسان، وهو منظمة مناصرة مقرها في براتيسلافا، سلوفاكيا.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: إطلاق النار فی عام
إقرأ أيضاً:
مجلس الأمن يصوّت اليوم على وقف إطلاق النار في غزة دون شروط
يصوّت مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة اليوم الأربعاء على مشروع قرار يطالب بوقف إطلاق نار فوري وغير مشروط ودائم في قطاع غزة دون ربطه بإطلاق سراح الرهائن، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية.
تم تطوير اقتراح وقف إطلاق النار من قبل عشرة أعضاء غير دائمين في المجلس، وكانت الولايات المتحدة في مركز القرار، ومن غير المؤكد ما إذا كانت ستستخدم حق النقض الفيتو.
من المقرّر أن يجتمع المجلس بعد ظهر الأربعاء للتصويت على القرار، الذي يدعو إلى وقف إطلاق النار الفوري في قطاع غزة.. تم تقديم الاقتراح رسميًا من قبل وفد جيانا.
وعمل أعضاء مجلس الأمن على صياغة لغة تسمح للولايات المتحدة بتجنب استخدام حق النقض ضد الاقتراح، لكن تصويت واشنطن لا يزال غير مؤكد.
من الجدير بالذكر أن الولايات المتحدة دعمت في يونيو الماضي قرارًا مشابهًا يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن. ومع ذلك، فإن قرارات مجلس الأمن ليست ملزمة، وتظل إعلانية فقط.
وفي حالة عدم امتثال الأطراف، يتمتع المجلس بسلطة مستقبلية لاتخاذ تدابير ملزمة، بما في ذلك فرض عقوبات على إسرائيل.