العلاقات العمانية الأردنية.. استحضار للتاريخ والوفاء
تاريخ النشر: 21st, May 2024 GMT
زيارة «الدولة» التي يقوم بها اليوم جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ إلى المملكة الأردنية الهاشمية ولقاؤه مع أخيه الملك عبدالله الثاني ابن الحسين ملك الأردن يأتي في إطار التعاون والتنسيق المتواصل بين البلدين والشعبين الشقيقين.
وتأتي هذه الزيارة السلطانية استحضارا لأحد أهم العلاقات النموذجية على صعيد العلاقات العربية العربية لأكثر من نصف قرن، حيث ارتبطت علاقات مسقط وعمّان بالعلاقات الشخصية القوية بين السلطان قابوس بن سعيد والملك حسين بن طلال ـ طيب الله ثراهما ـ وكانت الزيارات الرسمية والخاصة متواصلة، والتنسيق السياسي والتعاون الاقتصادي والعسكري يتصدر مشهد تلك العلاقات.
وعلى ضوء ذلك تأتي الزيارة السلطانية لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم لتؤكد على مسار تلك العلاقات التاريخية المميزة، وتواصلا لعلاقات الوفاء والمحبة والتعاون، وحتى على صعيد الإعلام العماني في بدايته كان للكوادر الأردنية دور مهني مقدر حتى تسلمت الكوادر العمانية راية العمل الصحفي والإعلامي. ومن هنا حرص جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ على تلبية دعوة أخيه الملك عبدالله بن الحسين ملك الأردن لتتواصل تلك العلاقات النموذجية ويتواصل التعاون في كل المجالات، خاصة وأن هناك فرصا واعدة في مجال الاستثمار والتعليم والتنمية البشرية والتقنية وتبادل الخبرات وأيضا التعاون في المجال العسكري.على صعيد التنسيق السياسي تأتي القضية الفلسطينية في صدارة الملفات، والتي سوف تكون مدار نقاش بين الزعيمين في ظل الحرب الإسرائيلية الغاشمة التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة وارتكابها مجازر إبادة، حيث استشهد آلاف الأطفال والنساء، وتدمير البنية الأساسية في قطاع غزة، خاصة وأن المحاكم الدولية تبحث عددا من الملفات حول سلوك الكيان الإسرائيلي المشين والعدواني المدان من كل شعوب العالم. ومن هنا فإن التنسيق السياسي بين البلدين خلال الزيارة السلطانية يعد على قدر كبير من الأهمية في ظل موقف بلادنا سلطنة عمان المشرف تجاه الأحداث المؤلمة التي تجري في قطاع غزة وعموم فلسطين. كما أن الأردن الشقيق له ارتباط بالقضية الفلسطينية تاريخيا وجغرافيا وعلى صعيد العهدة الهاشمية للمسجد الأقصى المبارك، واذكر خلال زيارتنا لفلسطين عام ٢٠١٣ مع عدد من الزملاء في جمعية الصحفيين العمانية والتشرف بالصلاة في المسجد الأقصى المبارك، أدركنا مدى الاهتمام والدعم الذي يحرص عليه الأردن في الحفاظ على دعم هذا المسجد المبارك رغم الظروف القاسية التي تعيشها مدينة القدس المحتلة حيث الاقتحامات المتكررة من قبل جنود الاحتلال والتنكيل بالمصلين. كما رأينا ذلك رأي العين عند المعابر وفي قطع أشجار الزيتون وهدم منازل المواطنين وانتهاكات متواصلة، ومن هنا فإن المجتمع الدولي مطالب بالاعتراف بدولة فلسطين حرة مستقلة خاصة بعد الإبادة التي ارتكبها الكيان الصهيوني أمام العالم وشاهده الرأي العام العالمي خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية حيث انتفض طلاب الجامعات الأمريكية ضد السلوك الإسرائيلي الغاشم.
إن الزيارة السلطانية وهي زيارة «دولة» كأرفع مستويات الزيارات في البروتوكول، سوف يكون لها انعكاس إيجابي كبير على مجمل علاقات البلدين والشعبين الشقيقين في مختلف المجالات وتعزيزها. كما أن هناك توافقا عمانيا أردنيا على صعيد دعم القضايا العربية والإسلامية والإنسانية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية العادلة، وعلى ضوء ذلك هناك شعور محبة واضح حيث الاحتفاء الرسمي والشعبي الأردني المميز لاستقبال جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ وأيضا تعبيرا عن علاقات الوفاء التي ميزت علاقات البلدين والشعبين الشقيقين لأكثر من نصف قرن، وهي علاقات تاريخية سوف تتطور في عهد النهضة المتجددة وفي ظل الرؤية الأردنية في تقوية العلاقات بين مسقط وعمّان، في ظل تحديات كبرى تعيشها المنطقة والشرق الأوسط وفي ظل التداعيات الخطيرة للحرب العدوانية للكيان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، وفي ظل مشكلات الملاحة في البحر الأحمر وتوتر العلاقات الإيرانية الإسرائيلية ودخول العالم في حالة استقطاب شديدة مع تواصل الحرب الروسية الأوكرانية وتأثيرها على سلاسل الإمداد فيما يخص موضوع الغذاء والطاقة. ومن هنا فإن المشهد السياسي في المنطقة والعالم يحتم على القيادات العربية التشاور والحوار وهو الأمر الذي حرص عليه جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ منذ تسلمه مقاليد الحكم في بلادنا سلطنة عمان في الحادي عشر من يناير ٢٠٢٠، حيث حرص جلالته ـ حفظه الله ـ على زيارة عدد من الدول العربية والأجنبية في إطار توثيق العلاقات مع الدول الشقيقة والصديقة وأيضا بذل جهود سياسية لخفض التصعيد والتوتر ووقف الحروب والصراعات والاتجاه إلى إقامة وتعزيز السلام وقيم التسامح وإرجاع الحقوق لأصحابها وفي مقدمتها إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية وبدون حل القضية الفلسطينية سوف تظل المنطقة والعالم في حالة توتر وصراع.
حفظ الله جلالة السلطان المعظم في حله وترحاله ووفق مساعيه الخيّرة والنبيلة حتى يسود الاستقرار في هذا العالم المضطرب، وللعلاقات العمانية الأردنية المزيد من التقدم والازدهار.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: على صعید ومن هنا
إقرأ أيضاً:
"لجنة كراسي السلطان قابوس العلمية" تبحث التعاون البحثي مع 16 جامعة دولية
مسقط- الرؤية
عقدت لجنة المتابعة والإشراف على كراسي السلطان قابوس العلمية اجتماعها الأول لعام 2024 بمجمع الابتكار مسقط، إذ تضم اللجنة 5 مجموعات بحثية في المجالات العلمية لكراسي السلطان قابوس العلمية كالدراسات الشرق أوسطية، واللغة العربية، والعلاقات الدولية، والرياضيات وتقنية المعلومات، والديانات والقيم المشتركة، وتتضمن كل مجموعة في عضويتها عددا من الأكاديميين والباحثين من مؤسسات التعليم العالي.
وناقش الاجتماع عددا من المواضيع والإجراءات التي تسهم في تحقيق أهداف تشكيل هذه اللجنة، ومنها زيادة التعاون والتقارب بين الشعوب في المجالات العلمية والبحثية، وتعظيم الاستفادة العلمية من خلال تفعيل دور هذه الكراسي في زيادة الأنشطة البحثية للمجموعات، والفرق البحثية في مؤسسات التعليم العالي بسلطنة عُمان.
وقال الدكتور عيسى بن سالم الشبيبي نائب رئيس اللجنة، إن الوزارة بصدد تفعيل برنامج تعاون بحثي مع أساتذة ورؤساء الكراسي العلمية التي تم إنشاؤها بتوجيهات سامية من لدن السلطان الراحل قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- في 16 جامعة عريقة حول العالم، مثل جامعات هارفارد، وكامبريدج، وأكسفورد، وطوكيو، وملبورن، وبكين، بالإضافة إلى جامعة الخليج العربي وغيرها من الجامعات.
وأضاف: "سيتيح برنامج التعاون البحثي للباحثين في سلطنة عُمان التعاون مع الباحثين في هذه الكراسي العلمية من خلال إجراء مشاريع بحثية مشتركة".