حكم الحلق وقص الأظافر والجماع للمتمتع بين العمرة والحج
تاريخ النشر: 21st, May 2024 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية، إنه لا مانع شرعًا مِن أَخْذِ الحاجِّ المتمتِّع بالعُمرة إلى الحج مِن شَعره وأظفاره، وكذا معاشرته لزوجته، وذلك مِن بَعْد تَحَلُّلِهِ مِن العُمرة إلى أنْ يُحرِم بالحج، ولا حرج عليه في ذلك؛ فإنَّ هذا ما فعله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في عُمرة القضاء، وكذا صحابتُه الكرامُ في تمتعهم.
حكم الحلق وقص الأظافر والجماع للمتمتع بين العمرة والحج
الحج والعُمرة شعيرتان مِن شعائر الإسلام؛ قال الله تعالى: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ [البقرة: 196]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «العُمْرَةُ إِلَى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الجَنَّةُ» متفق عليه.
ومِن المقرر شرعًا أنَّ حجَّ التَّمَتُّعِ: هو أنْ يُحرم الحاج بالعمرة في أشهر الحج مِن ميقات بلده أو غيره، وَيَفْرُغَ منها، ثم يُنْشِئَ حجًّا مِن عامِهِ دون أنْ يرجع إلى الميقات للإحرام بالحج.
وسُمِّيَ بـ"التمتع"؛ لِتَمَتُّعِ صاحبه بإحلالِ محظورات الإحرام لَهُ في فترةِ ما بين تَحَلُّلِهِ مِن العُمرة وإحرامه بالحج، ومن ثَمَّ فيجوز له التَّطَيُّب، ولُبس المَخيط، وجماع الزوجة، والأخذ مِن شَعره وأظافره، وغير ذلك مما كان مُحَرَّمًا عليه عند إحرامه؛ قال الله تعالى: ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾ [البقرة: 196]، أي: "إذا حلَّ من عمرته انتفع باستِباحةِ ما كان مُحرَّمًا عليه إلى أن يُحرِم مِن الحج"؛ كما قال الإمام الزَّمَخْشَرِي في "الكشاف".
قال الإمام فخر الدين الرَّازِي في "مفاتيح الغيب": [وإنما سُمِّي متمتِّعًا؛ لأنه يكون مستمتِعًا بمحظورات الإحرام فيما بين تحلله مِن العُمرة إلى إحرامه بالحج].
الحجوهذا ما فعله رول الله صلى الله عليه وآله وسلم في عُمرة القضاء، وكذا صحابتُه الكرامُ في تمتعهم؛ فعن عبد الله بن عباسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مُتْعَةِ الحَجِّ، فَقَالَ: أَهَلَّ المُهَاجِرُونَ، وَالأَنْصَارُ، وَأَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ، وَأَهْلَلْنَا، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «اجْعَلُوا إِهْلَالَكُمْ بِالْحَجِّ عُمْرَةً، إِلَّا مَنْ قَلَّدَ الهَدْيَ»، فَطُفْنَا بِالْبَيْتِ، وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَأَتَيْنَا النِّسَاءَ، وَلَبِسْنَا الثِّيَابَ، وَقَالَ: «مَنْ قَلَّدَ الهَدْيَ، فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ حَتَّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ»، ثُمَّ أَمَرَنَا عَشِيَّةَ التَّرْوِيَةِ أَنْ نُهِلَّ بِالحَجِّ" أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه".
نصوص فقهاء المذاهب الفقهية في ذلكهو ما نصَّ عليه فقهاء المذاهب الأربعة المتبوعة، وعليه العمل في الأمَّة سَلَفًا وخَلَفًا:
قال شمس الأئمة السَّرَخْسِي الحنفي في "المبسوط": [ثُم يَحلِق أو يُقَصِّر، وقد فَرغ مِن عُمرته، وحَلَّ له كلُّ شيءٍ، هكذا فَعَلَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم]، وقال العلامة الشُّرُنْبُلَالِي الحنفي في "مراقي الفلاح": [ثمَّ يَحلِق رأسَه أو يُقَصِّر إذا لَم يَسُق الهدي، وحَلَّ له كلُّ شيء مِن الجِماع وغيرِه، وإنْ ساقَ الهدي لا يتحلل مِن عُمرته، فإذا جاء يومُ التروية يُحرِم بالحج]، وقال العلامة أبو بكر الصِّقِلِّي المالكي في "الجامع لمسائل المدونة": [قال ابن القاسم: والتمتع أنْ يُهِلَّ بعُمرة في أشهُر الحج، فإذا حَلَّ منها أقام بمكة متمتِّعًا بالنساء والثياب والطِّيب وغير ذلك مما يَجتَنِبُه المُحرِم، ثم يَحُج مِن عامِهِ، ولذلك سُمِّيَ متمتِّعًا].
وقال شهاب الدين النَّفَرَاوِي المالكي في "الفواكه الدواني": [وإنما سُمِّي المُحرِمُ بالعُمرة المُتَمِّمُ لها قَبل فِعل الحج متمتِّعًا؛ لِتَمَتُّعِهِ بكلِّ ما لا يَجوزُ للمُحرِم فِعلُهُ]، وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع": [إذا فرغ المتمتِّع مِن أفعال العُمرة صار حَلَالًا، وحَلَّ له الطِّيب واللِّباس والنساء وكلُّ مُحرَّمات الإحرام]، وقال العلامة الخطيب الشِّرْبِينِي الشافعي في "مغني المحتاج": [وسُمِّي الآتي بذلك متمتِّعًا؛ لِتَمَتُّعِهِ بمحظورات الإحرام بين النُّسُكَين]، وقال شرف الدين الحَجَّاوِي الحنبلي في "الإقناع": [فإذا فرغ مِن السعي، فإن كان متمتِّعًا بلا هدي، حَلَقَ أو قَصَّرَ مِن جميع شَعره، وقد حَلَّ ولو كان ملبِّدًا رأسَه، فيَستَبِيح جميعَ محظورات الإحرام] اهـ. وقوله: "بلا هدي" أي لَم يَسُق الهدي.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الحج الإفتاء الله صلى الله علیه وآله وسلم ه وآله ى الله ع الع مرة ل الله الله ص
إقرأ أيضاً:
الخيل فى رحاب البادية
قد لاح فى الأفق كالطود العظيم وصهيلٌ الخيل قد ران ورجع الصدى قد بان أبرق فى السماء ليكشف خبرًا قد أتى أو عنوانا للخير فى الخيل ابتدئ وقسما عزيزا فى الورى قال تعالى" وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا".
أقسم الله بخيله وصهيلها وغبارها وقدح حوافرها المار من الحجر يذكر العرب ويخاطبهم بما يجلونه ويعتزون به وآخر ما يضحون به فتاريخ العرب وبطولاتهم وأيامهم المجيدة ارتبط بالخيل وقال عنترة:
إِن كُنتِ جاهِلَةً بِما لَم تَعلَمى
هَلّا سَأَلتِ الخَيلَ يا اِبنَةَ مالِكٍ
وقال النبى صلى الله عليه وسلم: "الخيل معقودة فى نواصيها الخيل إلى يوم القيامة" وفى الخيل عزة وشموخ فهى تحزن ولا تبوح وتتألم ولا تنكسر فهى العزيزة الأبية وفى الخيل تتجلى عناوين كثيرة كالحرية والشجاعة والقوة والشموخ والعزة والإباء فهى وسيلة للنقل والصيد والحرب والعدة والعتاد وقال تعالى "وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا أستطعتم من قوة وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ"، والخيل من الخيلاء وهو الافتخار والاعتزاز والعزة والكرامة والبسالة وأندرها الخيل العربى فهى رمز للقوة والجمال والقدرة والسؤدد ولشكلها الفريد دلائل، فالعينان الواسعتان تعبر عن الذكاء والفطنة وبرقبة مقوسة وظهر قصير وأرجل قوية وعضلات بارزة وتتسم بالرشاقة والسرعة وقدرتها على المناورة بسهولة، وأول حصان عربى اسمه «زاد الراكب»، وهناك ارتباط بين الخيل والفارس وكرامة الفرس الأصيل ركوبها ولا ندرى أيهما يسبق الآخر وقال الشاعر:
ياسائس الخيل قم للخيل وانحرها ما حاجة الخيل والفرسان قد ماتوا
وفى جميع الأحوال يتأثر الفارس بجواده وقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه: «علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل» وهذه اطلالة بسيطة فى رحاب الخيل.
وتبقى شعبة أدب البادية منارة جديدة للأدب السردى والشفهى والحكائى من شعر ونثر وأمثال وحكم وغيرها من المظان الأدبية الرفيعة، والفضل كل الفضل للدكتور علاء عبدالهادى رئيس النقابة العامة لاتحاد الكتاب بمصر والأمين العام للاتحاد العام للادباء والكتاب العرب الذى برؤيته الثاقبة انشئ شعبة ادب البادية مما يسهم فى التنوع الثقافى ويحافظ على الهوية المصرية بكل مكوناتها حيث أن بيئة البادية لها خصوصية وتراث فريد من الأدب الشفهى يحمل قيما تتوارثها الأجيال ولا ننسى الكاتب الفنان الأستاذ«أبوالفتوح البرعصى» الذى أسس هذه الشعبة ولا يكل ولا يمل من البحث عن الكنوز المخفية فى تراث البادية ولا يألوا جهدا فى ذلك مسترشدا بما قاله امادو: «عند وفاة عجوز افريقية يختفى متحف» وفى المؤتمر الثانى الذى انعقد هذا الأسبوع بعنوان «الخيل فى أدب وتراث البادية» والذى جمع كوكبة من الكتاب والباحثين الذين تناولوا الخيل فى أدب البادية من كل الزوايا فلهم كل التحية على هذه الإضافة القيمة لهذا الموضوع المهم فرئيس المؤتمر الشيخ «الطحاوى سعودى» وهو عراب الخيل وقد سرد فى بحثه عناصر جديدة تثرى هذا الدراسة بأسلوب رشيق ومعلومات مؤثقة وهو ابن الشرقية حيث الحصان شعار لها كما تحدث الدكتور «هانى السيسى» عن أنساب الخيل فى التراث العربى بتعمق وتحدث الشاعر الكبير والباحث الاريب قدورة العجنى حديث ماتع عن الخيل فى شعر الهلالية والسير الشعبية لأبناء الصحراء الغربية والشاعرة والكاتبة «أحلام أبونوارة» تناولت ببحث قيم عن الأمثال والحكم ومرادها ومراميها فى الخيل عند أهل البادية والكاتب الكبير «عبدالستار حتيته» كتب بحثا قيما عن الخيل فى التراث البدوى وقد نشر لهذا المؤتمر أبحاثه بعنوان «الخيل فى أدب وتراث البادية» وهو إضافة مهمة لكتب التراث الشعبى البدوى.