جريدة الرؤية العمانية:
2024-10-02@03:25:54 GMT

كارثة كبيرة.. ولكن لا أزمة حكم!

تاريخ النشر: 21st, May 2024 GMT

كارثة كبيرة.. ولكن لا أزمة حكم!

 

 

 

حمد بن سالم العلوي

بدايةً، نتقدَّمُ بخالص التعازي للشعب الإيراني الصديق في مصابهم الجلل، وندعو الله أن يتغمد شهداء الواجب ويتقبلهم قبولًا حسنًا، وأن يُسكنهم الفردوس الأعلى من الجنة، إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير.

إنَّ الذي وقع في إيران نتج عنه كارثة كبرى بمعنى الكلمة؛ وذلك عندما تفقد الجمهورية الإسلامية الإيرانية رئيسها ووزير خارجيتها في لحظة واحدة، بعدما سقطت بهما الطائرة العمودية التي كانت عائدة بهما من أذربيجان إلى طهران، وذلك في ظروف جوية قاسية، وفي منطقة جبلية شديدة الوعورة، وفي غابات كثيفة الأشجار، وفي ظل جو ماطر بغزارة، وثلوج تغطي المكان.

إذن؛ كل الظروف المحيطة بالحادثة كانت تُنذر بفقدان الأمل في العثور على الرئيس الإيراني ووزير خارجيته، وبقية رفاقهما أحياء، والذين قُدِّر عددهم بتسعة أشخاص مع الرئيس والوزير، وقد بذلت فرق الدفاع المدني جهودًا كبيرة في الوصول إلى مكان الحادث، وقد تأكد لفرق البحث والإنقاذ أن الجميع أصبحوا في عِدَاد الشهداء في سبيل الوطن.

لقد عبَّر الشعب الإيراني عن حزنه وآلامه على فقد هذين الشخصين المهمين، ليس بالنسبة لإيران وحدها، وإنما للأمة الإسلامية جمعاء، ومحور المقاومة، وكل الأحرار حول العالم، فإيران التي أخذت على عاتقها مناصرة الدول والشعوب المضطهدة من قبل دول الظلم والاستكبار العالمي -وذلك بقيادة أمريكا ولفيفها من الدول الغربية- فكلنا نذكر يوم كسرت إيران الحصار الذي ضربته أمريكا حول دولة فنزويلا، وغيرها من الدول الأخرى في أمريكا الجنوبية، فبعضها كان يتعرَّض لحصار عسكري وسياسي، والبعض الآخر كان يتعرَّض لحصار سياسي واقتصادي، وكان الأحرى بالصين وروسيا، أن تفعلا ذلك كونهما الدولتين اللتين تضارعان أمريكا في القوة والقدرة، ولكن وجدنا إيران هي التي فعلت ذلك تحقيقًا للعدالة الدولية، ورفعًا للظلم عن المستضعفين في الأرض.

الرئيس الدكتور إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته الدكتور حسين أمير عبداللهيان، شكَّلا ذلك الثنائي الفريد في إدارة السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، وقد خالفا الظنون والشكوك التي دارت حولهما من قبل الكثير من المراقبين في المنطقة، وذلك على إثر فوز الأول بالرئاسة في إيران عام 2021، فهناك من كان ينظر إلى فظاظة وغلظة الرئيس الدكتور إبراهيم رئيسي، وذلك بالنظر إلى طبيعة عمله السابق في سلك القضاء ومكافحة الإرهاب، أو النظر إلى سمات وجهه الذي كان ينمُّ عن وقار وثبات في شخصيته -رحمه الله- تشي بالسمت والرزانة كرجل دولة حصيف، وكذلك بالنظر إلى حماسة ووطنية وزير الخارجية الدكتور حسين أمير عبداللهيان -رحمة الله عليه- فقد تنبأ الكثير من المراقبين بأن إيران مُقدمة على مرحلة تشوبها الخشونة والشدة، وذلك أكثر مما كانت عليه الحال أيام الرئيس الأسبق أحمدي نجاد، ولكن هذا الثنائي الرائع الذي ضمَّ الرئيس إبراهيم رئيسي والوزير حسين أمير عبداللهيان، قد خالف كل هذه التوقعات والظنون المتشائمة.

وذلك عندما قرَّرا انتهاج خط وسطي متوازن، فحققا ما لم يحققه غيرهم من المسؤولين الإيرانيين السابقين، فلم يكن من أحد أن يتوقع بأن تحصل انفراجة في العلاقة بين إيران والمملكة العربية السعودية، بتلك السرعة التي ذُوبت فيها تلك الخلافات الكبيرة، بحيث عادت على إثرها العلاقة المقطوعة بين البلدين إلى سابق عهدها، وكأن شيئًا لم يحدث بينهما، فكان هذا بفضل الفكر النير الذي تحلى به الرئيس الإيراني ووزير خارجيته، وكان الوزير عبداللهيان نشطًا وصادقًا في إعادة نسج وشائج الأخوة، والمحبة مع كل دول الجوار، لا بل مع كل الدول العربية، ودول العالم المناهضة للاستكبار الأمريكي.

وعندما نقول إنَّ إيران تعرَّضت لكارثة كبرى، وذلك بوفاة هذين الزعيمين الكبير الرئيس ووزير الخارجية، فنحن صادقون في ذلك؛ لأنَّ الناظر إلى الدول من الخارج، لا ينظر إلّا إلى رئيس الدولة ووزير خارجيتها، وهذا الناظر لا يهتم ببقية المسؤولين في أي دولة أخرى، وبرغم هذا الحدث المهول، غير أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لا تعيش أزمة حكم اليوم ولا أي يوم آخر، وذلك بسبب هذا الفقد الكبير، فربما ضبط الأمور والطمأنينة يرجع إلى موقع ومكانة المرشد الإيراني، الذي يعلو كل السلطات في البلاد، وهذا في المقام الأول. وفي المقام الثاني؛ تتكئ إيران على إرث حضاري يمتد موغلًا في التاريخ البعيد. وفي المقام الثالث؛ فإنَّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية، التي يقترب تعداد سكانها من مئة مليون نسمة، لديها فائض كبير من الأشخاص الذين باستطاعتهم تغطية الشواغر في قيادة البلاد، فيا سبحان الله كلما أتى رئيس جديد لإيران، يأتي ليُكمل ما بدأه سلفه، ويأتي كذلك بالجديد الذي يحدث الفارق، وكذلك الحال بالنسبة لوزراء الخارجية، فمنذ قيام الثورة على الملكية في إيران عام 1979م لم يؤتَ بوزير خارجية سابق ليحل محل وزير خارجية راحل.

الذي يجري في إيران من استبدال للمسؤولين، لا مثيل له في الدول الأخرى، خاصة في الدول العربية؛ حيث يأتي المسؤول العربي الجديد ليهدم ما بناه سلفه، ومن ثم يقوم بالبناء على أنقاض ما تم تدميره، وإن لم يجد شيئًا ليهدمه فإنما يقوم بتغيير أثاث المكتب، والطاقم الوظيفي في المكتب، وتغيير السيارات، وطائرة الرئاسة، وهذا أقل شيء يمكن أن يُحدثه من تغيير، فهذه شكليات لا قيمة لها، ولكن من لا قيمة له في الأصل يعدها إنجازًا كبيرًا.

إذن.. أصبحت إيران تشكل اليوم أنموذجًا فريدًا كأمة مستقلة عن تأثيرات الخارج، وأصبحت تمثل حالة فريدة في المنطقة والعالم، وذلك في الحكم الشُّوروي الرشيد، وهي بذلك تعطي دروسًا في القوة والثبات، والاستمرارية في توطيد أواصر الحكم الناجع، الذي لا يختل ولا يهتز لغياب شخص مسؤول بعينه عن السلطة، ولا في كافة الظروف والأحوال.

حفظ الله إيران ونصرها على أعدائها، وجعلها نصيرة للمظلومين.. وعزاؤنا لمحور المقاومة لهذا الفقد الكبير، ولكن لا عزاء لدعم إيران للمحور المقاوم، فهو دعم باقٍ ما بقي النهج الثوري في إيران.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

هل تنهي الوساطة الخارجية أزمة البنك المركزي في ليبيا التي أدت إلى خفض إنتاج البلاد من النفط؟

في محاولة لإنهاء أزمة البنك المركزي في ليبيا، والتنافس بين شطريها الشرقي والغربي على إدارته، وقع ممثلو الهيئات التشريعية المتنافسة في البلاد على اتفاق لإنهاء الأزمة بعد محادثات تدخلت فيها الأمم المتحدة، على أن يتم توقيع الاتفاقية الجديدة يوم الخميس.

اعلان

أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا الأربعاء التوصل إلى تسوية بين الأطراف الليبية المنقسمة. وذكرت في بيان إنه: "في ختام جولة جديدة من المشاورات لمعالجة أزمة المصرف المركزي في ليبيا، توصل ممثلا مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة إلى تسوية بشأن تعيين قيادة جديدة للمصرف".

ووافق مجلس النواب الليبي الموجود في بنغازي شرقي البلاد يوم الاثنين على تعيين ناجي محمد عيسى بلقاسم محافظا جديدا لمصرف ليبيا المركزي، وتعيين مرعي رحيل البرعصي نائبا له. وكانت الأمم المتحدة هي التي اقترحت الاسمين، خلال اجتماع لها، سعيا إلى التعامل مع مشكلة أدت إلى خفض إنتاج البلاد من النفط.

واتفق الطرفان الليبيان على مهلة أسبوع واحد، من أجل الموافقة على المرشحين، على أن يشكل المحافظ المؤقت عيسى بلقاسم بعد ذلك مجلس إدارة في غضون أسبوعين أيضا.

وقال مندوب المجلس الأعلى للدولة، الموجود في طرابس غربي البلاد، جليل الشاوش: إن المحادثات "طويلة وصعبة"، بينما أكد مندوب مجلس النواب، عبد الهادي الصغير، أن "الاتفاق لن يكتمل إلا بالجهود المشتركة لأعضاء المجلسين وموافقة المحافظ ونائبه".

يذكر أن بلقاسم شغل في السابق منصب مدير إدارة الرقابة على النقد والمصارف بالمصرف المركزي.

جنود ليبيون يحرسون بوابة مقر البنك المركزي بطرابلس في ليبياYousef Murad/APالأزمة مستمرة منذ شهر

وكانت الأزمة قد بدأت عندما سعى رئيس المجلس الرئاسي في طرابلس محمد المنفي لاستبدال محافظ البنك المركزي المخضرم الذي يسمى صادق الكبير الشهر الماضي، مما دفع الفصائل الموجودة في شرق البلاد إلى إصدار أمر بوقف إنتاج حقول النفط الليبية احتجاجًا على ذلك.

وأغلق المصرف أبوابه عقب تهديد تعرض له عدد من مسؤوليه، بل واختطاف أحدهم من قبل مجموعة مسلحة.

وكانت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا قالت في 28 أغسطس/آب: إن إنتاج النفط انخفض بأكثر من نصف المستوى النموذجي. ولم تصدر عن المؤسسة أي أرقام جديدة بعد ذلك.

ما الهدف من حل الأزمة؟

ويمكن للاتفاق أن يساعد في حل إشكالية السيطرة على البنك المركزي الليبي وأزمة عائدات النفط التي أدت إلى خفض حاد في إنتاج النفط الليبي وصادراته.

فقد قالت القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، ستيفاني كوري: "أود أن أؤكد على الحاجة الملحة لإنهاء إغلاق حقول النفط وتعطيل إنتاج النفط وتصديره وأرحب بالتعهدات من الشرق لمعالجة هذه القضية قريبًا".

جنود ليبيون يحرسون بوابة مقر البنك المركزي بطرابلس في ليبياYousef Murad/AP

ووصل معدل ال​​صادرات الليبية من النفط الخام إلى حوالي 400 ألف برميل يوميًا في سبتمبر/أيلول، بعد أن كان أكثر من مليون برميل يوميًا في أغسطس/آب، وفقًا لبيانات الشحن.

Relatedمقتل "البيدجا" أحد أخطر مهربي البشر في ليبيا والعالمليبيا: خفر السواحل يعترض قاربا على متنه 64 مهاجرا بعد أيام من حادث غرق مروعبوادر أزمة دبلوماسية... حكومة الوحدة في ليبيا "ترفض استقبال مصر أجساماً موازية"

وغرقت ليبيا في حالة من الفوضى، بعد أن تمكنت الانتفاضة في 2011 التي يدعها حلف شمال الأطلسي من الإطاحة بنظام معمر القذافي، وسرعان ما انقسمت البلاد بعد ذلك إلى إدارات متنافسة بين شرق البلاد وغربها، مدعومة من ميليشيات عسكرية وحكومات أجنبية.

شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية ليبيا تلقي القبض على مسؤولين تورطوا في محاولة تهريب 26 طناً من الذهب شاهد: سماء برتقالية! غبار الصحراء يُغرق جنوب اليونان وشرق ليبيا قمة تونس والجزائر وليبيا.. تعاون يواجه الهجرة غير الشرعية ويعزز التجارة عبر اتفاقيات جديدة طرابلس، ليبيا الأمم المتحدة النفط معمر القذافي بنغازي حلف شمال الأطلسي- الناتو اعلاناخترنا لك يعرض الآن Next تجدد القصف الإسرائيلي على بلدات في جنوب لبنان وأنباء عن عملية برية "محدودة" قد تستغرق أياما يعرض الآن Next اليوم الـ360 للحرب: إسرائيل تكثف قصفها على غزة ولبنان وتستعد لعملية برية "محدودة" في الشمال يعرض الآن Next روسيا تستهدف 11 موقعا أوكرانيا بالطائرات المسيرة.. وتسجل أعلى عدد من الهجمات في شهر واحد يعرض الآن Next فرنسا: ما نوع الإصلاحات المالية التي تدرسها الحكومة؟ يعرض الآن Next فوز غير متوقع: حزب يميني متطرف يتصدر الانتخابات في النمسا للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية اعلانالاكثر قراءة محمد بن سلمان: لا تعنيني القضية الفلسطينية وغير مهتم بها شخصيا لكن شعبي يهتم الحرب في يومها الـ359: غارات إسرائيلية عنيفة على لبنان واليمن وانتشال جثة الأمين العام لحزب الله 80 قنبلة خارقة للتحصينات بزنة طن لكل واحدة وتفاصيل يرويها قائد سرب المقاتلات التي اغتالت نصر الله تقرير أمريكي: هكذا اغتالت إسرائيل حسن نصر الله هل المرشد الإيراني علي خامنئي الهدف المقبل بعد اغتيال نصر الله وهل نقل إلى مكان آمن بعد؟ اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومحزب اللهالصراع الإسرائيلي الفلسطيني جنوب لبنانروسياالحرب في أوكرانيا وفاةإسرائيلأوروبالبناناعتداء إسرائيلحسن نصر اللهطوارئ Themes My Europeالعالمالأعمالالسياسة الأوروبيةGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامج Services مباشرنشرة الأخبارالطقسجدول زمنيتابعوناAppsMessaging appsWidgets & ServicesAfricanews Job offers from Amply عرض المزيد About EuronewsCommercial Servicesتقارير أوروبيةTerms and ConditionsCookie Policyتعديل خيارات ملفات الارتباطسياسة الخصوصيةContactPress OfficeWork at Euronewsتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024

مقالات مشابهة

  • السفير حسام زكي: غزة واجهت كارثة ستظل وصمة عار على جبين العالم الذي وقف عاجزاً أمامها
  • أزمة الفرار من بلاد الأرز.. عين كردستان على المستثمرين اللبنانيين ولكن!
  • أزمة الفرار من بلاد الأرز.. عين كردستان على المستثمرين اللبنانيين ولكن! - عاجل
  • الاقتصاد العربي يواجه تحديات كبيرة رغم تحسن النمو
  • هل تنهي الوساطة الخارجية أزمة البنك المركزي في ليبيا التي أدت إلى خفض إنتاج البلاد من النفط؟
  • رئيس قضايا الدولة يهنئ الرئيس السيسي ووزير العدل بعيد القضاء المصري
  • الدغاري: نتطلع إلى تمرير كل الاتفاقات المبرمة مع مجلس الدولة بعد التوافق المهم الذي شهدته البلاد
  • الرئيس السيسي: بذلنا ونبذل جهودا كبيرة من أجل الحفاظ على استقرار السودان
  • الرئيس السيسي: مصر تبذل جهودا كبيرة لاستقرار السودان والصومال
  • مدرب سموحة الأسبق: شيكابالا موهبة كبيرة ولكن ينقصه الثبات الانفعالي