جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-05@17:25:02 GMT

رسائل إلى رئيس الوحدة (2)

تاريخ النشر: 21st, May 2024 GMT

رسائل إلى رئيس الوحدة (2)

 

 

د. صالح الفهدي

لا تحارب مُخالفيك

اجتمعَ أحدُ رؤساء الوحدات بمجموعةٍ من موظفيه، فأبدَى أحدهم رأيًا لا يوافقُ هواهُ، ولا ينسجمُ مع توجهاته، فطلبَ منهُ أن ينهضَ من كرسيه، ليتقدَّم نحوه فيعيدُ ما قاله له عن قربٍ حتى يَسمعهُ جيِّدًا، فتقدَّمَ وأعادَ إلى مسامعه ما أبدى من وجهةِ نظرٍ مغايرةٍ لكلام رئيس الوحدة.

وبعد الاجتماع، وجَّه الرئيس بإحالةِ ذلك الموظف إلى التقاعد، مُستنكرًا عليه أن يُعارضه في الرأي، ويخالفهُ في سياسته التي يقودُ بها الوحدة!

لا شكَّ أنَّ الرئيس المُشَخْصِن المستبد برأيهِ هو أفشل الرؤساء الذين يديرون وحداتهم بغير كفاءة؛ لأنه رئيس يؤمن بالمنطق الفرعوني الذي أورده القرآن الكريم على لسان فرعون: "مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ" (غافر:29). مثل هذا الرئيس سيكون أشبه بـ"المغناطيس" للمنافقين، المتزلِّفين حوله، أولئك الذين يوافقونه على كلِّ شاردةٍ وواردة، حتى إن كانوا يرون داخل أنفسهم أن الرأي خاطئ، بيدَ أنَّهم يتملَّقون لأجلِ رضاه، ويتقرَّبون لأجلِ كسبِ ودِّه، وليس ذلك لأجل تقديرٍ واحترامٍ له، ولا لأجلِ مصلحةِ الوحدة، وإنَّما لأجلِ مصالحهم، كي ينالوا ما يطمحون، فليقرر الرئيس ما شاء لأن النتيجة أيًّا ما كانت ستقعُ عليه، أمَّا هم فسينالونَ بغيَّتهم، بثمنِ نفاقهم وتزلَّفهم!

رئيس الوحدة الحصيف هو الذي يستمعُ للآراء التي تُخالفه، ويرى ما فيها من وجوه الصوابِ، فلعلَّه رأى الأمر من جهةٍ، ورآهُ غيره من جهةٍ أُخرى هي أدعى للسلامة، وأحرى للدقَّة، فيجنِّبه مغبَّة الوقوع في الخطأ، فيكون ذلك لصالح رئيس الوحدة، ولصالح الوحدةِ عامَّةً، ثم إنَّ هذه النقاشات التي تحتملُ الاختلاف في الآراء تدور داخل غُرفٍ مُغلقة، لا يُعلم عنها شيئًا، إن كان الرئيس يظنُّ أن الاختلاف ينالُ من هيبةِ منصبه، بيدَ أن القرارَ إن اتُّخذ فسيكون معلومًا للجميع، وحينها يتحمَّل رئيس الوحدة النتائج الكارثية إن لم يقدِّر -في غرف الاجتماعات- الآراء المخالفة لرأيه.

وهنا.. أذكرُ رئيسَ وحدةٍ عندما يجتمع بلجنة شؤون الموظفين لا يجرؤ أحدُ على مخالفةِ الرأي الذي يُبديه، وإلَّا تلقَّى عبارةً مُهينةً مُحرجةً تنتقده من الرئيس، لهذا صار الجميع يتوخون عدم إبداء الرأي، ويلزمون الصمت في حضوره، ويؤمِّنون على ما يقوله، ليس موافقةً وإنَّما خشيةَ الإحراجِ منه!

أما المنافع التي يجنيها رئيس الوحدة من تقدير الآراء المخالفة فهي كالتالي:

أولًا: ترسيخ مبدأ الشورى والإقناع في طرح الآراء وعرضِ الأفكار.

ثانيًا: إشعار الآخرين بقيمة أفكارهم، وتقدير آرائهم وذلك بالاستماع إليهم، والتحاور معهم بأسلوبٍ راقٍ، ومخالفتهم بطرقٍ تحفظُ حقَّهم في إبداء الرأي كمثل أن يقول رئيس الوحدة: "وجهة نظر طيبة، ولكن لديَّ وجهة نظر أُخرى"، أو يقول: "أنا نظرتُ إلى الأمر من الوجهة التالية"، أو "أشكرك على إبداءِ الرأي، واسمح لي أن أبدي وجهة نظر مختلفة".

ثالثًا: تشيع النقاشات التي يسودها الاختلاف جوَّ الأسرة الحريصة على مصلحةِ الوحدة، والمهتمة بتطويرها، والمعنيَّة بأمر تحسينِ أدائها.

رابعًا: رفع الحواجز عند قبول الآراء، وإشعار الجميع بأنَّ لديهم القدرة على مخالفة الرئيس فيما يتعلَّق بمصلحةِ الوحدة، وكلُّ ذلك يتمُّ بروحٍ من الودِّ والسماحة والرحابة كذلك بتوفر الاحترام والتوقير لرئيس الوحدة.

رابعًا: اختلاف الآخرين معك باعتبارك رئيسا للوحدة، يعدِّد الآراء، وينوِّع وجهات النظر، ويثري الأفكار، مما يعني إغناء المواضيع، والنظر إليها بشموليةٍ وسَعةٍ، وهو ما يصبُّ في نهاية الأمر لصالح الوحدة.

خامسًا: تقبُّلك لوجهات نظر مخالفة عن وجهةٍ نظرك، تجعلك رئيسًا محبوبًا في نظر المخالفين؛ لأنك أتحتَ لهم الفرصة لتنمية مهاراتهم، وقدَّرت إسهاماتهم.

سادسًا: تشيعُ -بقبولك وجهات النظر المخالفة- ثقافة التسامح مع الآراء المخالفة، وفصل العام عن الخاص، وإبعاد الشخصنة عن الوحدة، فيكونُ الاختلافُ مهنيًّا لا شخصيًّا وهو ما يعني تبديد ثقافة الشخصنة، وإحلال ثقافة تقبل الرأي الآخر.

الرئيس الحاذق هو الذي يتمسَّكُ بمن لا يجاريه في رأيه حتى وإن كان مخطئًا؛ فهؤلاءِ لا يعنيهم التزلُّف ولا التملُّق، وإنما تعنيهم مصلحة الوحدة، وهنا فإنَّ الرئيس يجب أن يرتقي بفكرهِ وضميره إلى مستوى المصلحة الوطنية التي تُحتِّم عليه أن لا يقرِّب المتزلفين، وإنَّما الذين يبدون آراءً ثرية وإن كانت مخالفة لآرائه،؛ فالرابح الحقيقي ليس هو فلانٌ من الناس وإنَّما هو الوطن، وهذا هو الواجبُ الأعظم.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

بسبب إنستغرام.. الفئران تغزو وجهة سياحية شهيرة

تحولت جزيرة "كمونة" التي تُعرف بـ جزيرة الفردوس، الأجمل في البحر الأبيض المتوسط إلى منطقة كارثية مليئة بالفئران والقمامة، نتيجة الحشود الكبيرة المترددة عليها بشكل غير مُنظم، جراء عمليات الترويج العشوائية لها على إنستغرام.

تشتهر "كمونة" بنتوء صغيرة من الحجر الجيري قبالة سواحل مالطا، وبمياهها الفيروزية ورمالها البيضاء ومكان السباحة المثالي المعروف باسم البحيرة الزرقاء.

وزادت شعبيتها بشكل كبير بفضل وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أثبتت ألوانها السماوية الشفافة أنها لا تقاوم بالنسبة لمحبي إنستغرام.

كما تعززت مكانة الجزيرة، بفضل ظهورها في أفلام هوليوود الناجحة، بما في ذلك فيلم طروادة بطولة براد بيت وإريك بانا، وفيلم الكونت مونت كريستو عام 2002 بطولة غاي بيرس وريتشارد هاريس.

أعداد كبيرة

خلال أشهر الصيف، تقوم قوارب ضخمة بإنزال ما يصل إلى 10 آلاف سائح يومياً على الجزيرة، والتي من المفترض أن تكون محمية طبيعية وملجأ للطيور.

ويغطي المشغلون غير النظاميين شاطئ الجزيرة بالكراسي الطويلة والمظلات، بينما يشغلون الموسيقى الصاخبة من الحانات المؤقتة.

وتقدم الحانات، المعروفة محلياً باسم الأكشاك، الكوكتيلات في أناناس مجوف، والذي يتخلص منه السائحون بعد ذلك بإلقائه على الأرض، لتتحول إلى وجبات غذاء للفئران التي تزايدت في المنطقة.

وضع لا يُطاق

ووفق ما نشرته صحيفة "التليغراف" البريطانية فإن الجزيرة تقع تحت سيطرة مصالح تجارية مُتشددة، حيث تضم 11 كشكاً لبيع الطعام والشراب، رغم صغر مساحتها، من أجل جني أكبر قدر ممكن من الأرباح.

بدورها، نظمت حركة "غرافيتي" احتجاجاً عام 2022، أزالوا فيه كراسي الاستلقاء والمظلات بالقوة، وقد حظيت المظاهرة باهتمام واسع، لكنها لم تُحدث تأثيراً يُذكر على الاستغلال المفرط للجزيرة.

وأُجريت دراسة قبل عدة سنوات لتحديد عدد الزوار الذين تستطيع الجزيرة استيعابهم، إلا أنها لم تُنشر قط، حيث اتهمت منظمات غير حكومية السلطات بالتستر عليها.

وقال مارك سلطانة، الرئيس التنفيذي لمنظمة بيردلايف مالطا للحفاظ على البيئة: "إنها كارثة، عندما يكون هناك 10.000 شخص على الجزيرة، تحدث اضطرابات ضوضائية، وتُداس النباتات، وتُنتج كميات هائلة من النفايات، وهي مشكلة كبيرة جداً".

وأضاف سلطانة: "هناك الآن غزو للقوارض، تنزل الجرذان إلى جحور الطيور، مثل طيور القطرس، وتأكل بيضها، كما أنها تتغذى على السحالي أيضاً".

تعليقات سلبية

تمتلئ صفحات الرسائل في صحف مالطا بالتعليقات حول الحالة المزرية التي وصلت إليها كمونة، حيث قال أحد القراء: "تبدو المنطقة المحيطة بالبحيرة الزرقاء مثل بعض الأحياء الفقيرة المهجورة في بلد منعزل".

وكتب آخر: "يجب أن يكون هناك تقليص في عدد الأكشاك وتقليص كبير في عدد الزوار"، وقال ثالث: "لقد تحولت هذه الجزيرة الجميلة إلى سيرك ولن أقترب منها مرة أخرى حتى لو دفعت لي المال".

بينما تقول حكومة مالطا إنها عازمة على التعامل مع الوضع.

مقالات مشابهة

  • الكشف عن وجهة دي بروين المقبلة
  • حكم تداول رسائل توديع شهر رمضان المبارك .. دار الإفتاء ترد
  • رئيس كوريا الجنوبية بالإنابة يدعو للرد بقوة على استفزازات الشمال عقب عزل الرئيس يون
  • لا لتوسيع الصراع.. رسائل الرئيس السيسي تصل إلى واشنطن وطهران وإسلام آباد
  • رسائل عن عيد العمال
  • تصاعد سخط المواطنين بجماعة تمصلوحت على سياسة التهميش والإقصاء التي ينهجها رئيس الجماعة
  • جواز السفر الإماراتي.. الأول أوسطياً والـ 10 عالمياً
  • إب.. وفاة مواطن جوعًا أمام أنظار طفله في حادثة تهز الرأي العام
  • بسبب إنستغرام.. الفئران تغزو وجهة سياحية شهيرة
  • رئيس وزراء لبنان نواف سلام يهنئ الرئيس السوري أحمد الشرع بالعيد ويبحث تعزيز العلاقات الثنائية