مدرين المكتومية
إنَّنا نعيش في ظل ثورة تكنولوجية متسارعة، تتطلَّب منا مواكبتها بشكل مستمر، والتعاطي مع تحولاتها وإيقاع انتشارها السريع؛ الأمر الذي يُحتِّم علينا دائما أنْ نتقبل أننا جزء من هذه الثورة، وأنها جزء لا يتجزأ من حياتنا اليومية؛ فالكثير منا إذا ما عاد ليومه سيجد أنَّه يقضي معظم وقته بين هذه التكنولوجيا التي يجب أن نقبل بها مهما كَلفنا الأمر.
ومع هذا التقديم، إلا أننا نُواجه الكثير من التحديات المرتبطة بقطاع الاتصال بالتحديد؛ فهناك الكثير من البرامج المختلفة التي يُمكنها أن تُساعد في التواصل الداخلي والخارجي "ممنوعة"، أي أننا يجب أن نتحايل لاستخدامها من خلال برامج أخرى كـ"VPN" مثلا، حتى يمكننا إجراء اتصال خارجي عبر تطبيق واتساب مثلا.
أيعقل أن نعيش "الخوف" من السماح باستخدام هذه البرامج المتاحة في مختلف دول العالم، وإذا ما كان الخوف متعلقًا ومرتبطًا باستخدامها بالطريقة السلبية؛ فالأمر يعود لثقافة الشخص وثقافة الأبناء، يعود للمدرسة الأولى وهي المنزل، من خلال المراقبة التي يجب أن يُمارسها أولياء الأمور على أبنائهم أثناء استخدام هذه البرامج. وعلينا أيضا أن لا نخدع أنفسنا فالجيل الحالي ليس جيلًا سهلًا أبدًا، بل جيل قادر على اختراق ما يريد ليحقق مُبتغاه؛ فعلى سبيل المثال تطبيق "تيك توك"، البرنامج المحجوب لدينا، كم يبلغ عدد مُستخدميه في عُمان؟ إحصائيات كبيرة، ولكن جميع المستخدمين يتعاملون معه عن طريق برامج أخرى يمكنها أن تفتح التطبيقات المحجوبة.
أعتقد أنه آن الأوان لنعيد النظر قليلا في هذه الخدمات، خاصة وأننا نتواصل مع مختلف المجتمعات التي تستغرب، وتكاد لا تصدق أن هذه البرامج غير متاحة لدينا، فمن المخزي أن نقول لشخص: "انتظر، سأعاود الاتصال بك بعد أن أفتح VPN، حتى يمكنني استخدام وسائل الاتصال عبر البرامج المختلفة"، وأيًّا ما كانت الأسباب فلابد من التعامل مع التكنولوجيا على أنها برامج يمكن الاستفادة منها، بدلا من تحويلها إلى برامج سلبية، خاصة وأننا يجب أن نُدرك مقولة: "كل ممنوع مرغوب" ونتفكَّر فيها جيدًا، ففضول الأشخاص لمعرفة أسباب حجب الأشياء يجعلهم يصنعون المستحيل لاكتشافها، فلماذا نكون السبب في جعل الأشخاص يبحثون عن ما وراء الأشياء؟!! لماذا لا نُقدِّمها بطريقة إيجابية تخدمنا وتخدم المجتمع بدلا من أن تضر به؟ لماذا لا نكون السبب في تثقيف المجتمع بكل إيجابيات هذه البرامج، مع تعريفهم وتحذيرهم من السلبيات التي قد تنتج عنها، ولا ينسى الآباء أدوراهم في ذلك.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
“بين الكرم العراقي والرفض المقنّع .. تساؤلات تبحث عن إجابة”
بقلم : سمير السعد ..
في الوقت الذي شكّل فيه العراق رمزًا للكرم الأخوي بموقفه الذي كان بمثابة “عين غطى وعين فراش”، نجد في المقابل رفضًا مبطنًا من الكويت تجاه الحضور العراقي، باستثناء أصحاب المناصب والمقربين. ورغم أن كل دول الخليج رفعت عنها الحواجز، إلا أننا نجد أنفسنا أمام عوائق لا تنتهي، وسط صمت مستغرب من المسؤولين الذين يُفترض أن يدافعوا عن حقوقنا، لكنهم إما خجلًا أو تهربًا من المواجهة يفضلون الصمت.
نحن العراق، نضيف للبطولة ولا تضاف لنا، فلماذا لا نعتز بأنفسنا؟ مسؤولوهم يخدمون شعوبهم، بينما مسؤولونا يقفون مكتوفي الأيدي، وكأن “وجع الرأس” هو ما يخيفهم.
قد نفهم مسألة تحديد أعداد الجماهير أو الصحفيين، ولكن عندما نمثل الاتحاد العراقي للصحافة الرياضية ونحصل على كتاب رسمي من الاتحاد العراقي لكرة القدم يؤكد أننا جزء من الوفد الرسمي، كيف يمكن تفسير عدم منحنا تأشيرات الدخول؟ البطولة انطلقت، والجمهور يحصل على تأشيرته خلال ساعات، بينما الوفد الصحفي الرسمي يُترك معلقًا بلا تفسير.
هل هناك قصدية وراء الأمر؟ أم أنه مجرد سوء تنظيم؟ مهما كان السبب، تبقى الحقيقة أن القائمين على الأمر فينا يتحملون مسؤولية هذا الوهن. مؤسف أن نجد أنفسنا في هذا الموقف، نبحث عن إجابات من مسؤولين يبدو أنهم اختاروا الصمت على المواجهة.
إن هذا الواقع يطرح تساؤلات كثيرة، ليس فقط حول كيفية تعامل بعض الدول مع الوفود الرسمية، بل أيضًا حول طريقة إدارتنا لأمورنا كعراقيين. كيف يمكن لدولة مثل العراق، بكل ثقله وتاريخه، أن يجد ممثلوه أنفسهم في موقف كهذا؟ أين هي الهيبة التي يجب أن تعكس مكانة العراق؟
إن الكارثة ليست في التعامل غير المنصف الذي قوبلنا به، بل في غياب أي رد فعل جاد أو حازم من المسؤولين العراقيين ( اتحاد الكرة ) كان يفترض أن تكون هناك مواقف واضحة، وقرارات تُثبت أننا لا نقبل أن يُهضم حق أي عراقي، سواء كان من الجمهور أو الصحافة أو أي جهة رسمية.
إن الاعتزاز بالنفس يبدأ من الداخل. إذا لم نتمسك بحقوقنا ونطالب بها بقوة ووضوح، فكيف نتوقع من الآخرين احترامنا؟ نحن لا نحتاج إلى شعارات ولا مجاملات، بل إلى أفعال تؤكد أن العراق دولة لها وزنها، وأن من يمثلون العراق يستحقون معاملة تليق بهذا الاسم العظيم.
يبقى السؤال . متى سنرى مسؤولين يدافعون عن حقوقنا بجرأة؟ متى سنكسر دائرة الصمت والخضوع؟ ربما الإجابة تبدأ من هنا: أن نرفض الوهن ونطالب بما نستحقه، بكل ثقة واعتزاز.