اتفاق حمدوك مع الحلو ونور.. مناورة أم خطوة نحو السلام؟
تاريخ النشر: 21st, May 2024 GMT
الخرطوم– وقع رئيس الوزراء السوداني السابق ورئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم" عبد الله حمدوك، اتفاقين منفصلين مع زعيم "الحركة الشعبية – شمال" عبد العزيز الحلو، وقائد "حركة تحرير السودان" عبد الواحد نور لإنهاء الحرب وتأسيس الدولة على أسس علمانية واستنادا لحق تقرير المصير، مما أثار جدلا داخل التنسيقية، ومعارضة خارجها.
ووقع حمدوك على "إعلان نيروبي" مع الحلو بصفته رئيسا لتحالف "تقدم"، ثم مع عبد الواحد نور بصفته رئيسَ وزراء سابقا، في حضور الرئيس الكيني وليام روتو.
وأوضح الناطق باسم تنسيقية "تقدم" بكري الجاك أن حمدوك وقع بصفته الشخصية، نزولا على رغبة عبد الواحد نور.
وظلت حركة عبد الواحد نور ضمن الفصائل المسلحة التي تتمسك بالقتال في إقليم دارفور منذ نحو 3 عقود، ورفضت الاعتراف بالحكومة الانتقالية التي أعقبت سقوط نظام الرئيس المعزول عمر البشير، واعتبرتها امتدادا للنظام السابق.
أما الحركة الشعبية بقيادة الحلو، فتسيطر على مناطق واسعة في ولاية جنوب كردفان وأجزاء محدودة في إقليم النيل الأزرق.
واستغلت قوات الحركة انشغال الجيش بالمعارك في ولايتي الخرطوم والجزيرة وتوسعت في مناطق جديدة، وصد الجيش هجماتها للسيطرة على كادقلي عاصمة ولاية جنوب كردفان، بعدما كانت ملتزمة بوقف إطلاق نار مع الجيش منذ أكثر من 4 أعوام.
وسبق لحمدوك عندما كان رئيسا للوزراء أن وقّع في سبتمبر/أيلول 2020 اتفاقا مماثلا مع حركة عبد العزيز الحلو في العاصمة الإثيوبية، غير أنه وجد معارضة من قبل قادة الجيش الذين كانوا يتقاسمون معه السلطة بدعوى مطالبتها (الحركة) بعلمانية الدولة، غير أن رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان، عاد ووقع اتفاقا شبيها مع الحلو في مارس/آذار 2021.
ونص الاتفاق الجديد "إعلان نيروبي" على "حق الشعوب السودانية في ممارسة حق تقرير المصير، إذا لم تُضمن المبادئ الواردة في الإعلان في الدستور الدائم".
ونادى الإعلان بتأسيس دولة علمانية غير منحازة وتقف على مسافة واحدة من الأديان والثقافات والهويات، إضافة لقيام دولة مدنية يتشارك ويتساوى جميع السودانيين في ظلها في السلطة والثروة وضمان حرية الدين والفكر.
كما تضمن الاتفاق عقد مائدة مستديرة تشارك فيها كل القوى الوطنية المؤمنة بالمبادئ الواردة في الإعلان، وتأسيس منظومة عسكرية وأمنية جديدة وفق المعايير المتوافق عليها دوليا، تفضي إلى جيش مهني وقومي واحد يعمل وفق عقيدة عسكرية ويعبر تشكيله عن كل السودانيين وفقا لمعيار التعداد السكاني وينأى عن العمل السياسي والاقتصادي.
تحفظات من الداخل
وأثار "إعلان نيروبي" جدلا داخل تحالف حمدوك، حيث تحفظ حزبا الأمة القومي والتجمع الاتحادي، أبرز فصائل تنسيقية "تقدم" على بعض بنود الاتفاق.
وقال الأمين العام لحزب الأمة القومي الواثق البرير، في بيان، إن إعلان نيروبي حوى قضايا خلافية، تُبحث في المؤتمر القومي الدستوري، خاصة طبيعة الدولة ومسألة الدين والدولة والهوية ونظام الحكم. وإجازتها إنما تكون بواسطة برلمان منتخب.
من جانبه، قال التجمع الاتحادي إنه يتحفظ بوضوح "على طرح قضية تقرير المصير، خاصة وأنه جرى ربطها بموضوعات شائكة من بينها العلمانية"، وشدد على أن قضية العلمانية يتوجب نقاشها في المائدة المستديرة والمؤتمر الدستوري.
وعلى صعيد القوى السياسية خارج التنسيقية، اعتبر القيادي في تحالف قوى الحرية والتغيير-الكتلة الديمقراطية، مبارك أردول، اتفاق نيروبي بلا قيمة.
وقال في تدوينة على فيسبوك "لم أنشغل بمحتويات ميثاق نيروبي لسببين الأول لأنها وقعت مع جهة لا تملك شيئا وهي في أفضل الأحوال وكيلة لقوى أخرى"، وأضاف أنه من الأفضل البحث عن مخارج جديدة للأزمة وليس المضي قدما في تضييع الوقت.
كما انتقد القيادي الإسلامي ووزير الدولة للإعلام السابق أمين حسن عمر اتفاق حمدوك مع الحلو ونور، الذين قال إنهم "يريدون تأسيس المرحلة المقبلة على مبادئ من دون موافقة الشعب السوداني".
واعتبر أن الحركات المسلحة تهدد الشعب بأنه "إما القبول بالعلمانية وهوية وثقافة يدعون لها أو فصل أجزاء من البلاد بعدما جربت خلال مراحل سابقة إرادتها بقوة السلاح". ودعا إلى طرح قضايا الهوية وعلاقة الدين بالدولة وغيرها على استفتاء أو التراضي عليها بين مكونات الشعب.
حمدوك شاهدًا
في المقابل، يرى المحلل السياسي محمد لطيف، أن اتفاق نيروبي جاء في ظرف مختلف عن الذي وقع فيه حمدوك الاتفاق السابق مع الحلو، لذا خاطب الإعلان الجديد قضية الحرب.
واعتبر المحلل السياسي في حديث للجزيرة نت، أن القضايا التي تناولها الاتفاق ليست جديدة ويمثل أطرافه الذين لا يسعون إلى فرضه على الآخرين، بل سيحملونه إلى المؤتمر الدستوري للموافقة على مبادئه أو تعديلها، وفي حال رفضها وعدم إدراجها في الدستور سيتجهون إلى حق تقرير المصير.
ويقول المتحدث ذاته إن "إعلان نيروبي" مثل اتفاق السلام بين شمال السودان وجنوبه في 2005 الذي دعا إلى الوحدة الجاذبة، وفي حال لم يتحقق ذلك يُمنح جنوب السودان حق تقرير المصير.
ويوضح أن حمدوك لم يبادر إلى الاتفاق، بل هو أقرب ما يكون إلى شاهد وقّع كطرف ثالث، ومن حقه حمله إلى الاجتماع التأسيسي لقوى "تقدم" الذي يعقد الأسبوع المقبل، ومن حقها الموافقة عليه أو رفضه.
غير أن الكاتب والمحلل السياسي محمد محمد خير، قلل من أهمية "اتفاق نيروبي"، ورأى أنه محاولة من عبد الواحد نور للالتحاق بالمال السياسي عبر حمدوك، ولن يؤدي إلى أي خطوة نحو معالجة قضايا السودان المعقدة العالقة منذ استقلال البلاد مثل الهوية وعلاقة الدين والدولة وإدارة التنوع الثقافي.
ويقول الكاتب للجزيرة نت، إن البنود التي وقع عليها نور لن تقبلها حركته التي يقاتل جزء مؤثر منها في الفاشر في مواجهة قوات الدعم السريع ولا المكون الاجتماعي الذي ينتمي إليه.
في المقابل، عدّ الكاتب موقف عبد العزيز الحلو مناورة كررها من قبل مع البرهان وحمدوك الذى يسعى لضم شخصيات مؤثرة وفاعلة إلى المؤتمر التأسيسي لتحالف "تقدم" الذي يتزعمه.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات حق تقریر المصیر عبد الواحد نور إعلان نیروبی مع الحلو
إقرأ أيضاً:
جولة جديدة من المفاوضات بين إيران وأمريكا.. وترامب متفائل بشأن إبرام اتفاق
تشهد العاصمة العمانية، مسقط، السبت، جولة جديدة من المفاوضات بين أمريكا وإيران، بهدف الوصول إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني.
ويجتمع كبار المفاوضين الإيرانيين والأمريكيين مجددا السبت، في حين أشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى ثقته في التوصل إلى اتفاق جديد من شأنه أن يقطع الطريق أمام إيران لامتلاك قنبلة نووية.
وسيتفاوض وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بشكل غير مباشر مع مبعوث ترامب للشرق الأوسط ستيف ويتكوف في مسقط عبر وسطاء عمانيين، وذلك بعد أسبوع من جولة ثانية في روما وصفها الجانبان بأنها بناءة.
ومن المقرر أن تبدأ المحادثات على مستوى الخبراء، والتي ستبدأ في وضع إطار عمل لاتفاق نووي محتمل، قبل اجتماع غير مباشر بين المفاوضين الرئيسيين.
وقال ترامب في مقابلة مع مجلة تايم نُشرت الجمعة "أعتقد أننا سنبرم اتفاقا مع إيران"، لكنه كرر تهديده بعمل عسكري ضد طهران إذا فشلت الدبلوماسية.
وفي حين قالت كل من طهران وواشنطن إنهما عازمتان على مواصلة الدبلوماسية، إلا أنهما لا تزالان متباعدتين بشأن النزاع المستمر منذ أكثر من عقدين.
فقد تخلّى ترامب، الذي أعاد تطبيق سياسة "أقصى الضغوط" على طهران منذ شباط/ فبراير، عن الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين إيران وست قوى عالمية في عام 2018 خلال ولايته الأولى وأعاد فرض عقوبات مكبلة على إيران.
ومنذ عام 2019، أنهت إيران القيود النووية التي يفرضها الاتفاق النووي بما في ذلك تسريع تخصيب اليورانيوم "بشكل كبير" إلى درجة نقاء تصل إلى 60 بالمئة، وهو ما يقترب من مستوى 90 بالمئة تقريبا الذي يعتبر من الدرجة التي تصل إلى درجة صنع الأسلحة، وفقا للوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة.
وقال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو في الأسبوع الماضي إن إيران ستضطر إلى التوقف تماما عن تخصيب اليورانيوم بموجب اتفاق، واستيراد أي يورانيوم مخصب تحتاجه لتزويد محطتها الوحيدة العاملة للطاقة الذرية في بوشهر بالوقود.
ووفقا لمسؤولين إيرانيين، فإن طهران مستعدة للتفاوض على بعض القيود على عملها النووي مقابل رفع العقوبات، لكن إنهاء برنامج التخصيب أو تسليم مخزونها من اليورانيوم المخصب من بين "الخطوط الحمراء الإيرانية التي لا يمكن المساومة عليها" في المحادثات.
وإضافة إلى ذلك، قال العديد من الدبلوماسيين الأوروبيين إن الدول الأوروبية اقترحت على المفاوضين الأمريكيين أن الاتفاق الشامل يجب أن يتضمن قيودا تمنع إيران من امتلاك أو استكمال القدرة على وضع رأس نووي على صاروخ باليستي.
وتصر طهران على أن قدراتها الدفاعية مثل برنامج الصواريخ غير قابلة للتفاوض. وقال مسؤول إيراني مطلع على المحادثات الجمعة، إن طهران ترى أن برنامجها الصاروخي يمثل عقبة أكبر في المحادثات.