تشهد الساحة الإسرائيلية المزيد من الدعوات المتطرفة لإعادة احتلال قطاع غزة، بزعم القضاء على المقاومة، بما في ذلك تحمل المسؤولية عن أكثر من مليوني من مواطنيه، الذين يحتاجون للمساعدات، في حين أن خزائن الاحتلال قد نفدت بالفعل من الأموال، والعجز يتزايد بشكل كبير، وبالتالي فإن أصحاب هذه الدعوات يتجاهلون حقيقة أن هذا انتحار اقتصادي لأننا أمام تكلفة الاحتلال بعشرات مليارات الشواكل.



عيران هيلدسهايم المراسل الاقتصادي لموقع "زمن إسرائيل" العبري، أكد أن "وزير الحرب يوآف غالانت ألقى قنبلة في مؤتمره الصحفي الأخير حين حذر من اتجاه يتطور لتعزيز الحكم العسكري والمدني في غزة، وهذا أمر خطير بالنسبة لنا، فلا ينبغي لنا أن يكون سيطرة مدنية على القطاع، ورغم أن الضجة التي نتجت عن كلامه تركزت بشكل أساسي على الدلالات الأمنية والسياسية، لكن الحقيقة أننا لسنا فقط أمام مجرد قضية أمنية، لأن من يتخيلون السيطرة على غزة، كما كانت الحال قبل فك الارتباط في 2005، يتجاهلون حقيقة مفادها أن الوضع اليوم مختلف تماما".

وأضاف في تقرير مطول ترجمته "عربي21" أنه "بسبب الحرب الدائرة على غزة، فقد بقي الاقتصاد الإسرائيلي بلا أموال في خزائنه، والعجز يحطم الأرقام القياسية، والخزينة تتوسل لزيادة الضرائب بالفعل في الأشهر المقبلة، وحتى التصنيف الائتماني ينخفض مع مرور الوقت، وإذا ما سيطرت إسرائيل عسكرياً على غزة، فإن النفقات المستقبلية ستكون أعلى بكثير مقارنة بالنفقات الموجودة قبل فك الارتباط، وسيكون الإنفاق الأكبر بالطبع هو الإنفاق العسكري وفي حالة عودة الاحتلال، فسيكون لزاماً علينا إعادة نشر عدة فرق مقاتلة، مع معداتها العسكرية واللوجستية الضرورية".


وأشار إلى أن "البقاء الإسرائيلي في غزة يعني إضافة المئات من البنود التي ستمولها الدولة لإدارة الشؤون المدنية فيها، وبحسب تقدير منشور باسم وزارة الحرب فإن التكلفة تبلغ 20 مليار شيكل سنويا، إحداها إعادة تأهيل قطاع غزة بعد الدمار الذي خلفته الحرب، واستعادة البنية التحتية الأساسية مثل المنازل والمستشفيات والمدارس والطرق والكهرباء والمياه والاتصالات والمؤسسات الحكومية الحيوية، لتوفير الظروف المعيشية الأساسية للسكان، مع أن مدة إعادة إعمار وتأهيل 370 ألف منزل تضررت في الحرب ستستمر حتى عام 2040، بتكلفة 40 مليار دولار، أي 148 مليار شيكل، يعني 10 مليار شيكل إضافية كل عام".

وأكد أنه "حتى لو قرر الاحتلال القيام بالحد الأدنى، وبناء مباني سكنية مؤقتة فقط في السنوات المقبلة، فسيحتاج للبدء بمشروع ضخم لإزالة 37 مليون طن من النفايات للحفاظ على الحد الأدنى من الظروف المعيشية، مما يتطلب 100 مليون دولار فقط من أجل التخطيط السليم لإعادة الإعمار على هذا النطاق غير المسبوق، وقد اشترطت السعودية والإمارات مشاركتهما بتمويل إعادة الإعمار بالحل السياسي، مما يرجح ألا توافقا على وضع دولار واحد طالما أن إسرائيل ترفض مناقشة حل الصراع".

وأشار إلى أن "البديل للدور العربي والدولي في إعادة إعمار غزة طالما رفض الاحتلال الحل السياسي، أن الجزء الأكبر منه سيتحمله دافعو الضرائب المفلسون بالفعل في إسرائيل، على افتراض أنه لن تتطوع أي دولة غربية أخرى للمساعدة بتمويل المساعدات لسكان غزة، مع العلم أن إعادة تأهيل البنية التحتية في القطاع بمثابة صداع صغير لإسرائيل، وفي حالة الحكم العسكري، ستكون مسؤولة عن رفاهية أكثر من مليوني فلسطيني معادٍ يعيشون في واحدة من أشد الأزمات الاقتصادية والوجودية في العالم".

ونقل عن "تقرير للأمم المتحدة أن نسبة الفقراء الفلسطينيين الذين يكسبون 6.85 دولارا في اليوم كحد أقصى، قفزت إلى 57.2% بعد الحرب، أكثر من ضعف فترة ما قبل الحرب، وشمل الحساب فلسطينيي الضفة الغربية والقدس، لكن من الواضح أن معظم الزيادة تأتي من القطاع بسبب أزمته الإنسانية، ومن أجل منع صورها يحتاج سكان غزة 500 شاحنة مساعدات يوميا في ظل عدم وجود مركزي، لكن تكلفة المشروع بأكمله وصلت لما يزيد على مليار دولار، وهي كلفة تمويل ستة أشهر طالما أن إسرائيل تسيطر على معبر رفح".

على صعيد البطالة، فإن "الاحتلال سيكون مطالبا بإيجاد فرص عمل للعاطلين عن العمل في غزة، ولن يتعجل في جلب العمال من غزة، وبالتأكيد ليس بالكميات الموجودة قبل الانفصال عنها، لكن الاحتلال على كل الأحوال يستلم قطاعاً يوجد فيه واحد من أعلى معدلات البطالة في العالم بنسبة 45%، مما يعني أن يواجه الاحتلال وضعا شبه مستحيل، ويتعين عليه الاهتمام بتوفير فرص العمل لمن يعانون من ضائقة كبيرة، مما يشكل تحدياً اجتماعياً واقتصادياً من ذلك النوع الذي لم يواجهه الاحتلال من قبل".


وأكد أن "الخطر المباشر لإعادة احتلال غزة هو مقاطعة إسرائيل، وفي حالة حكم ها العسكري، فلن تكون تركيا آخر دولة تفرض عقوبات عليها، وتقطع علاقاتها التجارية، وقد حذرت وكالات التصنيف الائتماني بالفعل المستثمرين من تعميق عدم الاستقرار في المنطقة، وألمحوا أن مثل هذا الوضع قد يؤدي لمزيد من تخفيض التصنيف الائتماني في المستقبل، مما يعني عدم تشجّع دخول مستثمرين جدد لإسرائيل، بل هروبهم، وإن لم يكن بأعداد كبيرة، لكن ذلك بات حقيقة قائمة بالفعل".

تكشف هذه القراءات الإسرائيلية الإحصائية أن التخوف يعود بالأساس من إصرار الاحتلال على عدم مناقشة "اليوم التالي" في غزة، ما ينعكس في مزيد من الأضرار الاقتصادية المتمثلة في قفزة علاوة المخاطرة على السندات الإسرائيلية، والفجوة الخطيرة بين سندات الحكومة المحلية العائدات مقارنة بالسندات الأمريكية، وضعف الشيكل مقابل الدولار في تناقض تام مع الاتجاه السائد في العالم، وانخفاض دخل الدولة، وزيادة النفقات نتيجة الإبقاء على الحكم العسكري في غزة، وكل ذلك سيقود الاحتلال نحو العاصفة الكاملة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية غزة الاحتلال اقتصادي فلسطيني اقتصاد فلسطين غزة الاحتلال صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی غزة

إقرأ أيضاً:

خطة ترامب لإعادة تشكيل النظام العالمي في أول 100 يوم

تناول ستيفان وولف، أستاذ الأمن الدولي في جامعة برمنغهام، الآثار المترتبة على عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض والتأثيرات الجذرية التي قد تخلفها سياساته على العلاقات الخارجية الأمريكية والديناميكيات العالمية.

ترامب متمرد على السياسة التقليدية والساعي إلى إعادة تعريف السياسة الخارجية

وأوضح وولف في مقاله بموقع "آسيا تايمز" أن دبلوماسية ترامب وتحالفاته الشعبوية تسعى إلى إعادة تعريف دور أمريكا على الساحة العالمية، مع التركيز على ثلاثة مجالات رئيسية: نصف الكرة الغربي، وتقليص الالتزامات في أوروبا والشرق الأوسط، والاستراتيجية المتطورة تجاه الصين. عصر جديد من الحزم

وسلط الكاتب الضوء على تأكيدات ترامب بضرورة هيمنة الولايات المتحدة في الأمريكيتين، وهو ما انعكس في مقترحاته المثيرة للجدل بشأن شراء غرينلاند وضم كندا واستعادة السيطرة على قناة بنما.

وفي حين قد تبدو هذه الأفكار استفزازية، فإنها تؤكد على استراتيجيته الأوسع للقضاء على نقاط الضعف ومواجهة النفوذ الصيني المتصوَّر في تلك المنطقة وحول العالم. 

Trump claiming new world order in first 100 days https://t.co/fQjLtNwzMH pic.twitter.com/qNl6mF6gzL

— Asia Times (@asiatimesonline) January 18, 2025

وتستهدف سياسات ترامب المقترحة موازنة العلاقات المتنامية بين أمريكا اللاتينية وبكين.

ويشير وولف إلى ميناء عميق المياه ممول من الصين في بيرو واستثمار صيني كبير في المكسيك كمجالات مثيرة للقلق.

وتعمل مكانة المكسيك كأكبر شريك تجاري لأمريكا، مع صادرات بقيمة 467 مليار دولار إلى الولايات المتحدة في عام 2024، متجاوزة 401 مليار دولار للصين، كعامل مؤثر في ضرورة استجابة أمريكا لهذه التطورات.

ما هي الأوامر التنفيذية التي أصدرها ترامب وتلك التي ألغاها؟ - موقع 24أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، سلسلة من الأوامر التنفيذية والتوجيهات في سعيه لوضع بصمته على إدارته الجديدة، في أمور تتراوح من الطاقة إلى العفو الجنائي والهجرة.

وتناول وولف أيضاً الجهود التشريعية المبكرة التي بذلها حلفاء ترامب في الكونغرس، مثل مشروع قانون يجيز المفاوضات لشراء غرينلاند، وترمز هذه الخطوة إلى نية أكبر لإعادة تأكيد السيطرة على الأراضي الاستراتيجية ومواجهة البصمة الاقتصادية للصين في نصف الكرة الأرضية.

إعادة تعريف الالتزامات الأمريكية

وأشار الكاتب إلى خطط ترامب لتحويل الموارد بعيداً عن أوروبا والشرق الأوسط، وهي المناطق التي تعد أقل أهمية للمصالح الاستراتيجية الأمريكية. ويعكس وعد ترامب بالتوسط في اتفاق سلام بين أوكرانيا وروسيا هذه الأولوية.

ووفقاً لوولف، يرى ترامب أن حل الصراع في أوكرانيا هو وسيلة لإضعاف التحالف بين روسيا والصين وإعادة توجيه التركيز الأمريكي نحو بكين. 

Shock and Awe': Trump's 100 Executive Orders 'On Day One' Promises Chaos, and Huge Changes
( Article in comments ) pic.twitter.com/wqdRPIZfgY

— ???????????????? ???? ???? (@V_Lady2024) January 18, 2025

وفي الوقت نفسه، يضغط ترامب على حلفاء الناتو لزيادة إنفاقهم الدفاعي، مما يسلط الضوء على مساهمة الولايات المتحدة غير المتناسبة بنسبة 68% من نفقات الناتو مقارنة بنسبة 28% لأوروبا.

وأيد الكاتب ترامب في ما يرمي إليه، مشيراً إلى الضغط المحتمل الذي قد يفرضه هذا على العلاقات عبر الأطلسي. 

TRUMP: “The American people have given us their trust and in return, we’re going to give them the best first day, the biggest first week, and the most extraordinary first 100 days of any presidency in American history.” pic.twitter.com/VLiYKPydJq

— Conservative War Machine (@WarMachineRR) January 19, 2025

يحاول ترامب البناء على التطورات الأخيرة في الشرق الأوسط، مثل وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس الذي تم التفاوض عليه بمشاركة إدارة بايدن.

وهذا الاتفاق، الذي يسهل إطلاق سراح الرهائن يحول مسؤولية احتواء إيران إلى تحالف من الحلفاء الإقليميين.

ويخطط ترامب لتجديد حملة الضغط الأقصى ضد طهران، مما يمكن الولايات المتحدة من تقليص مشاركتها مع حماية مصالحها.

الغموض في استراتيجية الصين

ولفت الكاتب النظر إلى سياسة ترامب تجاه الصين باعتبارها الجانب الأكثر غموضاً في أجندته الخارجية.

وبينما يبدو التشدد ظاهراً في تصريحات فريق الأمن القومي لترامب تجاه بكين بشكل عام، فإن اختيار شخصيات مثل إيلون ماسك، الحليف الرئيس الذي لديه مصالح تجارية في الصين، يضيف تعقيدات إلى المشهد.

"ليست حربنا".. ترامب يشكك في استمرار اتفاق غزة - موقع 24صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مساء الإثنين بأن حركة حماس ضعفت، لكنه أعرب عن شكوكه بشأن استمرار اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بين إسرائيل وحركة "حماس" والذي بدأ تنفيذه يوم الأحد.

ويتناوب خطاب ترامب بين العدوانية والبراغماتية. على سبيل المثال، يبرر استعادة بنما بالمخاوف من السيطرة الصينية لكنه يشيد أيضاً بالدور المحتمل للرئيس الصيني شي جين بينغ في التوسط في صفقة أوكرانيا.

وتعكس هذه الثنائية نهج ترامب في ولايته الأولى، عندما أدت مفاوضات استمرت عامين إلى بلوغ اتفاق تجاري جزئي أدى إلى خفض التعريفات الجمركية لكنه ترك العديد من الإجراءات المماثلة دون مساس.

وقال الكاتب إن ترامب قد يتبنى استراتيجية مماثلة، تجمع بين التعريفات الجمركية المرتفعة والمفاوضات الجديدة. ويتماشى هذا النهج مع وعود حملته الانتخابية وميله إلى تعطيل المعايير القائمة.

التحالفات الشعبوية

وتناول الكاتب الآثار الأوسع نطاقاً لأفعال ترامب، بما في ذلك تحالفه مع الزعماء الشعبويين على مستوى العالم.

وقال إن نفوذ إيلون ماسك المزعوم في إعادة تشكيل الحكومات في المملكة المتحدة وألمانيا يجسد الجهود المبذولة لإنشاء تحالف شعبوي.

وتعكس رؤية ترامب للنظام العالمي مع مجالات نفوذ محددة للولايات المتحدة والصين وربما روسيا رغبته في فرض الاستقرار من خلال الاضطراب. ومع ذلك، يتساءل وولف عما إذا كان مثل هذا النظام قابلاً للتحقيق أو مفيداً.

متمرد بلا قيود

وخلص الكاتب إلى أن عودة ترامب تمثل فترة من عدم الاستقرار في العلاقات الدولية. ومع سيطرته على مجلسي الكونغرس، يمتلك ترامب تفويضاً كاملاً لتنفيذ وعود حملته الانتخابية، في ظل مقاومة مؤسسية ضئيلة.

ورغم أن أفعاله قد تعزز قاعدته الشعبية، فإنها تخاطر أيضاً بتنفير الحلفاء التقليديين وإعادة تشكيل ديناميكيات القوة العالمية بطرق لا يمكن التنبؤ بها.

وفي نهاية المطاف، وصف وولف ترامب بالمتمرد على السياسة التقليدية والساعي إلى إعادة تعريف السياسة الخارجية الأمريكية. وما إذا كان هذا من شأنه أن يؤدي إلى نظام عالمي أكثر استقراراً أو مزيد من عدم الاستقرار يظل غير مؤكد، لكن يبدو ترامب، في ولايته الثانية، على استعداد كبير لترك تأثير دائم على النظام الدولي.

مقالات مشابهة

  • مبعوثة ترامب المرشحة للأمم المتحدة: إسرائيل لديها حق انجيلي إلهي لاحتلال فلسطين
  • مبعوثة ترامب المرشحة للأمم المتحدة: إسرائيل لديها حق انجيلي الهي لاحتلال فلسطين
  • بالأرقام.. حجم الدمار والخسائر في قطاع غزة
  • تدمير 69% من المباني و80 سنة لإعادة البناء| غزة تنزف رغم إنهاء الحرب.. وخبراء يرحبون بمقترح مصر لإعمار القطاع
  • بالأرقام.. خسائر غزة في أطول حروبها
  • سياسي: إسرائيل تريد احتلال كل الأراضي المنسحبة منها في بداية التسعينيات
  • الأمم المتحدة: احتلال إسرائيل أراضي سورية غير مقبول ولا مبرر
  • بعد الحرب..إسرائيل تريد السلام في غزة لكنها لن تمول إعادة الإعمار
  • قائد القسام في بيت حانون يظهر بعد 8 أشهر من إعلان إسرائيل اغتياله
  • خطة ترامب لإعادة تشكيل النظام العالمي في أول 100 يوم