جرائم ضد الإنسانية.. لوفيغارو: محاكمة تاريخية لـ3 جنرالات سوريين بفرنسا
تاريخ النشر: 21st, May 2024 GMT
قالت صحيفة لوفيغارو الفرنسية إن مقربين من الرئيس السوري بشار الأسد يحاكمون اليوم غيابيا في باريس بحالة تعد الأولى من نوعها في البلاد، بتهمة قتل مواطنيْن مزدوجي الجنسية، في العقد الأول من القرن 21. وهي خطوة حاسمة للعدالة الفرنسية وستكون لها عواقب قانونية وسياسية مهمة.
ويواجه علي مملوك وجميل حسن وعبد السلام محمود -الذين يحاكمون غيابيا- السجن المؤبد بتهم "التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية، والتواطؤ في جرائم حرب" إثر وفاة اثنين من الفرنسيين السوريين هما مازن الدباغ كبير مستشاري التعليم في مدرسة نيقوسيا الثانوية الفرنسية بدمشق، وابنه باتريك الطالب بالسنة الثانية في الآداب والعلوم الإنسانية جامعة دمشق.
وألقي القبض الدباغ وابنه عام 2013 -كما تقول الصحيفة في تقرير بقلم جان شيشيزولا- وتعرضا للتعذيب الشديد واحتجزا في ظروف غير إنسانية، وتوفي الابن عام 2014 والأب بعده بـ3 أعوام.
وذكر التقرير أن الجنرالات الثلاثة مسؤولون عن أحد "مصانع التعذيب" الحقيقية التي كانت ولا تزال تعمل في سوريا، وأنهم متواطئون في "اعتداءات متعمدة على الحياة والتعذيب والإخفاء القسري والسجن وغير ذلك من الجرائم الخطيرة، كالحرمان من الحرية".
تسلسل هرمي واضح
ويشكل الجنرالات الثلاثة الذين يحاكمون حسب قرار الاتهام "سلسلة هرمية واضحة فيما يتعلق بالأجهزة الاستخباراتية التي يرجح أن تكون متورطة في اختفاء وموت" عائلة الدباغ، فمملوك (78 عاما) أحد رجال بشار الأسد ومستشاريه، وكان وقت الأحداث "رئيس المخابرات العامة وأمن الدولة ومكتب الأمن الوطني".
ووصفه دبلوماسي فرنسي عام 2015 بأنه "شخصية رئيسية" في النظام الأمني السوري، وقال "هناك 13 أو 14 جهاز مخابرات في سوريا، ويتولى مملوك منصب منسق الأمن الوطني في القصر الرئاسي منذ نحو عامين، ومن المفترض أن يكون له سيطرة على جميع أجهزة المخابرات".
من جهته، كان حسن (71 عاما) الذي استهدفته العدالة الألمانية أيضا "مديرا لجهاز المخابرات الجوية" أما محمود (65 عاما) فترأس "فرع التحقيقات" في المخابرات الجوية بمطار المزة، وهو أحد مراكز الاعتقال والتعذيب بدمشق.
متهمون بدون محام
وبالنسبة للنيابة العامة -كما تقول الصحيفة- تم اعتقال مازن وباتريك الدباغ وتعذيبهما على يد رجال من المخابرات الجوية. وعام 2018، أبلغت السلطات السورية العائلة أن باتريك توفي يوم 21 يناير/كانون الثاني 2014، ووالده في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2017.
ولذلك، حانت ساعة الدينونة لمن يُفترض أنهم مسؤولون عن هذه الفظائع، في وقت يرى فيه مجموعة من الحقوقيين المتخصصين أن المحاكمة ستعزز قضية العدالة الدولية التي يتم إهمالها أو تناسيها في بعض الأحيان.
ويعرب قانونيون عن القلق من أنه "لن يكون ثمة أي محام للدفاع عن المتهمين الغائبين" وهم يطالبون بـ"تصحيح هذا الوضع" لا لعدم "الترحيب" بهذه المحاكمة، لأن "الجرائم التي ارتكبت السنوات الأخيرة في سوريا تستحق العقاب" وإنما من أجل التقيد بمسطرة العدالة، حسب رأيهم.
ومن جانبها، ذكرت كليمانس بيكتارت المحامية بالفدرالية الدولية لحقوق الإنسان والمركز السوري للإعلام وحرية التعبير وعائلة الدباغ، بالأهمية الثلاثية لهذه المحاكمة لأنها "تذكر بمصير مئات الآلاف من السوريين الذين فقدوا الأمل في العدالة منذ عام 2011، وتؤكد واقع القمع على أعلى مستوى بالدولة السورية، كما توفر ردا قضائيا على مخاطر التطبيع مع النظام".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات ترجمات
إقرأ أيضاً:
الجزيرة في سوريا.. فيلم يحكي قصة 14 عاما للشبكة ويستذكر شهداءها
تمر الذكرى الرابعة عشرة للثورة السورية، والأولى بعد تحرير كامل البلاد من نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، وخلال هذه السنوات واكبت قناة الجزيرة مجريات الثورة وتحولاتها المفصلية مقدمةً تغطية استثنائية دفعت ثمنها باستشهاد 7 من صحفييها ومصوريها، فضلا عن إصابة آخرين.
ويوثق الفيلم "الجزيرة.. في سوريا" هذه الرحلة الصحفية، مستعرضا الأحداث التي غيرت ملامح البلاد، ومُستذكرا الصحفيين الذين فقدوا حياتهم في سبيل نقل الحقيقة.
والفيلم الذي أعده الصحفي محمود الكن وقدّمته الإعلامية خديجة بن قنة، يأخذ المشاهدين في رحلة عبر الزمن ليعيد رسم المشهد السوري منذ اندلاع الاحتجاجات في مارس/آذار 2011 وحتى اللحظة الراهنة.
ومع بداية الثورة، كانت الجزيرة في قلب الحدث ناقلةً المظاهرات الحاشدة التي اجتاحت المدن السورية، من درعا إلى دمشق وحمص وحلب، حيث وثّقت صرخات المحتجين المطالبين بالحرية والكرامة.
ومع تصاعد وتيرة القمع، تحولت التغطية من رصد المظاهرات إلى توثيق المواجهات العنيفة، وكان مراسلو القناة في الميدان يرسلون تقاريرهم وسط مخاطر جسيمة.
وحيث كانت درعا مهد الثورة، استشهد المراسل محمد المسالمة (الحوراني) برصاص قناص من قوات النظام أثناء تغطيته المعارك.
إعلانوفي ريف دمشق، خسر المنتج حسين عباس حياته عندما سقطت قذيفة على سيارته ليكون أحد أبرز ضحايا العمل الصحفي في البلاد.
كذلك، استشهد المصور محمد الأصفر أثناء تغطيته الاشتباكات في درعا، في حين نجا زميله محمد نور رغم إصابته بطلق ناري في قدمه.
الجزيرة كانت هناكوفي حمص، إحدى أبرز مدن الثورة، وثّقت كاميرات الجزيرة الحصار والتجويع والدمار الذي عاناه سكانها، حيث قتل في سهل الحولة أكثر من 100 شخص في مجزرة مروعة، كان للجزيرة دور بارز في كشف فصول هذه المأساة، كما استشهد المصور زكريا إبراهيم أثناء تغطيته الأحداث هناك.
أما حلب، المدينة التي شهدت أقسى فصول الحرب حيث كانت مسرحا لتضحيات أخرى، فقد خسر مصور الجزيرة مباشر إبراهيم العمر حياته أثناء توجهه لتغطية المعارك، كما أصيب مراسلو القناة، وبينهم عمر خشرم وميلاد فضل وصلاح العلي وعمرو حلبي، خلال توثيقهم الدمار والمعارك التي اجتاحت المدينة.
ولم يكن العمل الصحفي في سوريا مجرد نقل للأحداث، بل كان شهادة على حجم المأساة، كما لم يكن مراسلو الجزيرة مجرد ناقلين للخبر، بل عاشوا لحظاته القاسية، وعانوا من المخاطر ذاتها التي تعرض لها السوريون.
وفي الغوطة الشرقية، حيث استخدم النظام السوري الأسلحة الكيميائية، أصيب الصحفي محمد نور عدة مرات بالغازات السامة، مؤكدا أن نقل الحقيقة لم يكن خيارا، بل واجبا مهنيا وأخلاقيا.
تحديات جديدةوفي مناطق أخرى، مثل إدلب ودير الزور والرقة، استمرت الجزيرة في تغطية المعارك والتطورات السياسية والميدانية، ومع كل مرحلة، كانت القناة تواجه تحديات جديدة، من قصف مكاتبها إلى استهداف صحفييها، لكن ذلك لم يوقفها عن أداء رسالتها الإعلامية.
وبعد أكثر من عقد على اندلاع الثورة، عاد فريق الجزيرة إلى شوارع دمشق، التي كانت محظورة عليهم بسبب قرار النظام السابق بإغلاق مكاتب القناة. هذه العودة ترمز إلى نهاية حقبة طويلة من الحظر، وإلى بداية جديدة في تغطية الشأن السوري من قلب العاصمة.
إعلانولم يقتصر الفيلم على توثيق مسيرة الجزيرة في سوريا، بل طرح تساؤلات أعمق عن مستقبل البلاد بعد سنوات من الصراع، وأعاد إحياء ذكرى الصحفيين الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل إيصال الحقيقة، وسلط الضوء على دور الإعلام في النزاعات، والتحديات التي يواجهها الصحفيون في مناطق الصراع، حيث تبقى الحقيقة أغلى الأثمان.