بعد حادث رئيس إيران.. اعرف أسباب تحطم طائرات 23 رئيسًا
تاريخ النشر: 21st, May 2024 GMT
يقول المفكر والمؤرخ القضائى المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة فى دراسة حديثة بعنوان ( القواعد الدولية فى التحقيق فى تحطم طائرات رؤساء الدول، وتواريخ وأسباب تحطم طائرات الرؤساء منذ عام 1936 حتى اليوم ) أنه بمناسبة الحادث الأليم لتحطم الطائرة الهليكوبتر الإيرانية التى راح ضحيتها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين أمير عبد اللهيان، تلك المناسبة الأليمة التى أعادت ذكريات رؤساء الدول الذين الذين تحطمت بهم طائراتهم الرئاسية منذ عام 1936 حتى الاَن.
ويذكر الفقيه المصرى أن تحطم طائرات رؤساء الدول منذ عام 1936 حتى اليوم التى تحفظها عدسات سجل التاريخ بعضها يرجع إلى قوة الطبيعة والضباب وسوء الأحوال الجوية، وبعضها يرجع إلى أخطاء فنية مهنية لقائد الطائرة، وبعضها يرجع إلى أعمال إرهابية تخريبية ،أخذا فى الاعتبار أن تحطم طائرات الرؤساء ليس أمرًا شائعًا، لكن كثرة مهامهم وتنقلاتهم بالطائرات والمروحيات، يتعرضون كبشر لخطر الحوادث والتخريب، رغم القواعد الصارمة فى الأمان، ويعرضها الفقيه المصرى فى كل حالة على حدة (23) حالة فيما يلى:
1-تحطم طائرة رئيس الوزراء السويدي عام 1936
بتاريخ 9 ديسمبر 1936 تحطمت طائرة رئيس الوزراء السويدي أرفيد ليندمان، بسبب الضباب عندما اصطدمت طائرة دوغلاس دي سي -2 التي كان يستقلها بمنازل بالمنطقة المحيطة بالقرب من مطار كرويدون وسط ضباب كثيف بعد الإقلاع مباشرة وراح ضحيتها.
2- تحطم طائرة رئيس باراجواي وزوجته عام 1940
بتاريخ 7 سبتمبر 1940، تحطمت طائرة الجنرال خوسيه فيليكس إستيجاريبيا، رئيس باراجواي، وزوجته في حادث تحطم طائرة. وسجلت عدسات التاريخ السبب بأن الطائرة تعرضت للضباب بالقرب من وجهتها الرئيسية.
3- تحطم طائرة رجل الدولة ببولندا عام 1943 الذي قادها فى المنفى خلال الحرب العالمية الثانية
وبتاريخ 7 يوليو 1943، تحطمت طائرة رجل الدولة البولندي فلاديسلاف سيكورسكي، الذي قاد الحكومة البولندية في المنفى خلال الحرب العالمية الثانية، وكان تحطيمها في جبل طارق.
4- تحطم طائرة رئيس الفلبين عام 1957 ومن قسوة القدر فى اليوم التالى لحصوله على الدكتوراه الفخرية
وبتاريخ 17 مارس 1957 تحطمت طائرة رئيس الفلبين رامون ماجسايساي، الذى لقب ببطل الجماهير والمطافع عن الديمقراطية، وكان الزعيم الأكثر شعبية في الفلبين في العصر الحديث، ومن قسوة القدر أنه بعد حصوله على درجة الدكتوراه الفخرية في 16 مارس 1957 بيوم واحد وفي طريق عودته إلى مانيلا تحطمت طائرته في جبل مانونجال في سيبو الفلبين.
وكانت الطائرة التى تحطمت به من طراز دوغلاس سي 47 سكاي تراين، تابعة للقوات الجوية الفليبنية خلال رحلة داخلية من سيبو إلى مانيلا. وطائرة دوغلاس سي-47 سكاي ترين هي طائرة نقل عسكري من صنع شركة دوغلاس للطائرات الأمريكية طورت من النسخة الأقدم دي سي-3، وحلقت الدوغلاس سي-47 لأول مرة في ديسمبر 1941 وقد استخدمها الحلفاء بكثافة خلال الحرب العالمية الثانية.
5- تحطم طائرة رئيس البرازيل المؤقت عام 1958
بتاريخ 16 يونيو 1958، تحطمت طائرة نيريو راموس رئيس البرازيل المؤقت حينذاك،، وكانت الطائرة تابعة لشركة طيران كروزيرو.
6- تحطم طائرة رئيس جمهورية إفريقيا الوسطى عام 1959
بتاريخ 29 مارس 1959، تحطمت طائرة بارتيليمي بوغاندا، رئيس جمهورية إفريقيا الوسطى وبطل الاستقلال لبلاده فى ذلك الوقت، حيث انفجرت الطائرة الرئاسية لجمهورية إفريقيا الوسطى أثناء طيرانها على بعد 200 كيلومتر من بانغي العاصمة.
7- تحطم طائرة الأمين العام للأمم المتحدة داج همرشولد عام 1961
بتاريخ 18 سبتمبر 1961، تحطمت طائرة الأمين العام للأمم المتحدة حينذاك داج همرشولد، وكان في مهمة رسمية للتوسط للسلام في الكونغو، وفي زامبيا. ومن المعلوم أن جون كينيدي الرئيس الأمريكى الأسبق - وهو الرئيس الخامس والثلاثين للولايات المتحدة من 20 يناير 1961 حتى اغتياله في 22 نوفمبر 1963 – قد أطلق على الأمين العام الثاني للأمم المتحدة، داغ همرشولد من السويد، لقب "أعظم رجل دولة في القرن العشرين ". وقد لعب داج همرشولد أدوارًا حاسمة كوسيط بين إسرائيل والدول العربية، وبين الصين والولايات المتحدة، وكقوة لا يستهان بها فى سبيل إنهاء الاستعمار في إفريقيا. لكن البعض يعزى أن تورطه في أزمة الكونغو هو ما أدى إلى تحكم طائرته التى كانت تقله إلى مفاوضات وقف إطلاق النار في روديسيا الشمالية - زامبيا حاليًا - في 18 سبتمبر 1961، والبعض الأخر يرى أن سبب تحطم الطائرة،حيث اجته البعض غلى أن ذلك كان بسبب خطأ الطيار المهنى.
8- تحطم طائرة الرئيس العراقي عبد السلام عارف هليكوبتر عام 1966
وبتاريخ 13 أبريل 1966، تحطمت طائرة الرئيس العراقي عبد السلام عارف طائرة هليكوبتر. وكان قد وصل إلى السلطة في فبراير 1963.
9- تحطم طائرة الرئيس البوليفي عام 1969
وبتاريخ 27 أبريل 1969، تحطمت طائرة رينيه بارينتوس الرئيس البوليفي، وكانت الطائرة المروحية تحطمت في مدينة كوتشابامبا.
10- تحطم طائرة رئيس الوزراء اليوغوسلافي وزوجته عام 1977
وبتاريخ 18 يناير 1977، تحطمت طائرة دزيمال بيجيديتش رئيس الوزراء اليوغوسلافي وزوجته وذلك في جبل إيناك بالقرب من مدينة كريسيفو في البوسنة والهرسك، وكانت نوع الطائرة ليرجيت 25 وهي نفاثة أنتجت في 1966من صناعة ليارجيت. وأول طيران لها في أغسطس 1966 ودخلت الخدمة في 1967، وصنع منها 369 طائرة.
11-تحطم طائرة رئيس الوزراء الموريتانى عام 1979
بتاريخ 27 مايو 1979، تحطمت طائرة رئيس الوزراء الموريتاني أحمد ولد بوسيف، حيث كان في طريقه لحضور قمة أفريقية، قبالة سواحل داكار.
12- تحطم طائرة رئيس الوزراء البرتغالي ووزير دفاعه عام 1980
بتاريخ 4 ديسمبر 1980، تحطمت طائرة رئيس الوزراء البرتغالي فرانسيسكو سا كارنيرو ووزير دفاعه أديلينو أمارو دا كوستا، وكان تحطمها في العاصمة لشبونة بعد إقلاعها مباشرة بدقائق.
13- تحطم طائرة الرئيس الإكوادوري ووزير دفاعه عام 1981
بتاريخ 24 مايو 1981، تحطمت طائرة الرئيس الإكوادوري خايمي رولدوس أغيليرا ووزير دفاعه الميجور جنرال ماركو سوبيا مارتينيز، على منحدرات جبل هوايرابونكو، في مقاطعة لوخا، وكان تحطمها بالقرب من الحدود البيروفية، والحدود البرازيلية البيروفية هي الخط الواقع في غابات الأمازون المطيرة، والذي يفصل بين أراضي البرازيل والبيرو.
14- تحطم طائرة الرئيس البنمي عام 1981
وبتاريخ 31 يوليو 1981، تحطمت طائرة الرئيس البنمي عمر توريخوس، وكانت الطائرة صغيرة وكان يقودها في إحدى الغابات.
15- تحطم طائرة الرئيس الموزمبيقي وبصحبته العديد من الوزراء عام 1986
وبتاريخ 10 أكتوبر 1986، تحطمت طائرة الرئيس الموزمبيقي سامورا ماشيل، وبصحبته العديد من الوزراء الموزمبيقيين بالقرب من الحدود بين موزمبيق وجنوب إفريقيا. وكانت طائرة ذات محركين، وقد اُجريت بعد الحادث وانتهت إلى مسؤلية الطيار حيث كان مذنبًا.
16- تحطم طائرة رئيس الوزراء اللبناني عام 1987
بتاريخ 1 يونيو 1987، تحطمت طائرة رئيس الوزراء اللبناني رشيد كرامي، وان الحادث إرهابيًا حيث انفجرت قنبلة في المروحية التي كان على متنها متوجهًا إلى بيروت. وكان تفجير القنبلة بطريق التحكم فيها عن بعد، وتزن نحو 300 جرام تم وضعها خلف المقعد الذي كان يجلس فيه رئيس الوزراء اللبنانى، بعد إقلاعها بوقت قصير. واتهم باغتياله زعيم ميليشيا مارونية، وهو جزء من الجماعات المسيحية المسلحة التي حاربها الكريمي خلال الحرب الأهلية.
17- تحطم طائرة الرئيس الباكستاني وبصحبته جنرالاته الخمسة والسفير الأمريكي عام 1988
وبتاريخ 18 أغسطس 1988، تحطمت طائرة الرئيس الباكستاني ضياء الحق وبصحبته جنرالاته الخمسة والسفير الأمريكي أرنولد لويس رافيل بالقرب من باهاوالبور، على بعد نحو 530 كيلومترًا جنوب العاصمة إسلام آباد. وكانت الطائرة عسكرية من طراز سي-130 ، وهو الحادث الذى قام المحققون فيه على فرضية حدوث عمل تخريبي أو إرهابى.
18- تحطم طائرة الرئيسان الرواندي والبوروندي بصواريخ أرض جو عام 1994
وبتاريخ 6 أبريل 1994، تحطمت طائرة الرئيس الرواندي جوفينال هابياريمانا والرئيس البوروندي سيبريان نتارياميرا، وكلاهما من الهوتو، وان تحطيمها بفعل عمل إرهابى تمثل فى إطلاق صواريخ أرض جو بينما كانت الطائرة تستعد للهبوط في كيجالي، رواندا. وقد اتهمت أطراف مختلفة أن تحطم الطائرة تم بأمر من زعماء الهوتو لتفاقم الميليشيات التي نفذت الإبادة الجماعية لأقلية التوتسي بعد اغتيال هابياريمانا.
19 - تحطم طائرة الرئيس الثاني لمقدونيا عام 2004
بتاريخ 26 فبراير 2004، تحطمت طائرة الرئيس الثاني لمقدونيا بوريس ترايكوفسكي، وبصحبته الوفد المرافق له بالقرب من مدينة موستار في البوسنة والهرسك. وانتهت التحقيقات إلى أن تحطم الطائرة كان بثيوت الخطأ المهنى للطيار دون أساب خارجية.
20- تحطم طائرة نائب الرئيس السودانى عام 2005
في 1 أغسطس عام 2005، تحطمت طائرة نائب الرئيس السوداني ويدعى جون قرنق ، وكان يطلق عليه زعيم المتمردين الجنوبيين، وذلك فى مروحية كانت تقله قادما من أوغندا، وكان قرنق أول رئيس لدولة جنوب السودان بتاريخ 9 يوليو 2011 بعد انفصالها بشكل رسمي عن السودان.
21 - تحطم طائرة الرئيس البولندي وزوجته عام 2010
وبتاريخ 10 أبريل 2010، تحطمت طائرة الرئيس البولندي ليخ كاتشينسكي وزوجته وبصحبتهما بعض المسؤلين، وكانت متجهة إلى مطار سمولينسك الروسي، حيث كان من المقرر أن يحضروا حفلًا هناك لإحياء ذكرى مذبحة كاتين، وأثناء هبوطها، تحطمت الطائرة في منطقة غابات صعبة، وكان نوع الطائرة: طائرة توبوليف 154 وهي طائرة نفاثة ذات ثلاثة محركات متوسطة المدى وتصنف ضمن طائرات البدن الضيق صممت وصنعت شركة توبوليف للطائرات وتاريخ صنعها في منتصف 1960.
22- تحطم طائرة الرئيس التشيلي السابق فبراير عام 2024
بتاريخ 5 فبراير 2024، تحطمت طائرة الرئيس التشيلي السابق سيباستيان بينيرا والوفد المرافق له في بحيرة رانكو في منطقة لوس ريوس. وتحطمت بعد وقت قصير من إقلاعها بسبب الأمطار الغزيرة والضباب الكثيف.
وكشفت وقائع التحطيم عن أن ثلاثة أشخاص تمكنوا من القفز في البحيرة والوصول إلى الشاطئ، بينما الرئيس بينيرا لم يتمكن من فك حزام الأمان ولقى حتفه وكان يقود المروحية بنفسه، لذا يجب التدريب دائما حتى للرؤساء على معرفة التعامل مع حزام الأمان وقواعد السلامة ولا خشية فى ذلك.
وكانت الطائرة المحطمة من نوع هليكوبتر طراز Robinson R-66 R66) وهى مروحبة من خمسة مقاعد صنعت من قبل شركة روبنسون للمروحيات تعتبر اسرع وأكثر مرونة من شقيقتها، روبنسون آر44، وهي الأولى من عائلة مروحيات روبنسون التي تحظى بحيز منفصل للتخزين. وتعمل على محرك عمود دوار توربيني، من نوع رولز رويز.
23- تحطم طائرة الرئيس الإيرانى ووزير خارجيته مايو عام 2024
وبتاريخ 19 مايو 2024 تحطمت طائرة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي بالقرب من الحدود الأذربيجانية، ولقي هو ووزير خارجيته حتفهما في الحادث. ونظرا لأن الحادث كان أمس فلم يتم التوصل إلى السبب الحقيقى وراء تحطم الطائرة.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: جنوب السودان الدكتور محمد عبد الوهاب مجلس الدولة الرئيس الايراني تحطم الطائرة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي تحطم طائرة الرئیس وکانت الطائرة تحطم الطائرة ووزیر دفاعه تحطم طائرات خلال الحرب بالقرب من أن تحطم عام 1936
إقرأ أيضاً:
الرواية اليمنية لحادثة سقوط طائرة “F-18”
يمانيون/ كتابات/ علي ظافر
في حادثة غير عادية أعلنت البحرية الأميركية سقوط وغرق طائرة حربية من نوع f18 في البحر الأحمر، وتعد هذه الطائرة من أحدث أنواع الطائرات الأميركية وأكثرها تطوراً وتعدداً في المهام، كما تبلغ قيمتها أكثر من 67 مليون دولار، فإن سقوطها أو إسقاطها على اختلاف الروايات والفرضيات، يمثل في الحقيقة قيمة استراتيجية وتطوراً هو الأهم والأحدث في مسار المعركة البحرية المستمرة منذ أكثر من أربعين يوماً بين القوات الأميركية من جهة والقوات المسلحة اليمنية.
أمام هذا التطور تبرز الكثير من التساؤلات. ماهي الثغرات في الرواية الأميركية تجاه حادثة سقوط طائرة f18 من على متن حاملة الطائرات يو إس إس هاري ترومان؟ وسواء سقطت الطائرة أو أسقطت … لماذا سارعت البحرية الأميركية إلى الاعتراف بتلك الحادثة رغم ما تمثله من فضيحة مدوية لقوة صورت وسوقت نفسها منذ زمن بعيد على أنها “سيدة البحار” من دون منازع أو منافس و”القوة التي لا تقهر”.!
وما دلالة الاعتراف الأميركي بـ “سقوط الطائرة” بعد ساعات من إعلان القوات المسلحة اليمنية عن “عملية اشتباك مشتركة… ضد حاملة الطائرات هاري ترومان والقطع المرافقة لها وإجبارها على التراجع والابتعاد” إلى شمال البحر الأحمر رداً على جريمتي العدوان الأميركي اللتان تسببتا باستشهاد ثمانية مدنيين بينهم نساء وأطفال في بني الحارث بالعاصمة صنعاء، و125 شهيداً وجريحاً في مركز إيواء المهاجرين غير الشرعيين من جنسيات أفريقية في صعدة.
وفي المقابل لماذا لم تصدر قوات صنعاء حتى اللحظة أي تعقيب أو رواية بخصوص الأسباب والملابسات التي أدت إلى غرق الطائرة الأميركية في البحر الأحمر؟ وقد أعلنت خلال الأسبوع المنصرم على لسان الرئيس مهدي المشاط “خروج هاري ترومان عن الجاهزية في الأيام الأولى من العدوان الأميركي”.
ارتباك وتناقض في الرواية الأميركية
الرواية الأولى صدر بيان عن البحرية الأمريكية في المنامة عن وقوع حادثة على متن حاملة طائرات، وإن أحد البحارة أصيب بجروح طفيفة، جراء سقوط الجرار وطائرة من نوع f18 في البحر من على متن حاملة طائرات. وفي هذه الرواية المضللة حاولت البحرية الأمريكية فصل وسلخ الحادثة عن سياقها، إذ لم تذكر الحاملة التي سقطت الطائرة من على متنها مع الإشارة السريعة إلى الطائرة غرقت وأنها يجري التحقيق في الحادثة وكأنها حادث عرضي أو حادث مروري!، والملاحظة الأهم أن البحرية الأميركية تعمدت تماماً عدم الإشارة إلى “النيران اليمنية”، وبأن الطائرة سقطت أثناء عملية الاشتباك بين ترومان والقطع المرافقة لها في البحر الأحمر من جهة، والقوات اليمنية من جهة أخرى.
وفي انعطافة حادة على صعيد الرواية، نقلت وسائل إعلام أميركية وأخرى عربية عن مسؤولين أميركيين اعترافهم بأن “الطائرة سقطت من على متن حاملة الطائرات هاري ترومان أثناء مناورتها أو انعطافها الحاد تفادياً لنيران الحوثيين” هذه الرواية كشفت بعضاً مما حاولت البحرية الأميركية إخفاءه، ووضعت الحادثة في سياقها بأنها وقعت أثناء عملية الاشتباك بالإشارة إلى “نيران الحوثيين” وأكدت على خلاف الرواية السابقة بأن الحادثة ليست “عرضية”.
الرواية الثانية وإن كانت لاتزال محاطة ببعض الشكوك، إلا أنها أكثر إقناعاً من سابقتها وأكثر احتراماً لعقول الجماهير والمتابعين في الداخل الأميركي وعلى مستوى العالم، وربما تعكس الخشية من الفضيحة أمام الرواية اليمنية بناء على تجربة مماثلة حصلت في 22 -12 – 2024 حينما سقطت طائرة من النوع ذاته f18، وكانت الرواية حينها أنها “أسقطت عن طريق الخطأ بنيران صديقة، مع إصابة طفيفة لأحد قائدي الطائرة”، لتؤكد الرواية اليمنية حينها على لسان المتحدث باسم القوات المسلحة العميد يحيى سريع بأن الطائرة الأميركية “أسقطت” بنيران يمنية.
أما لماذا سارعت البحرية الأميركية بهذا الاعتراف المنقوص والمجترئ للحقيقة فلأن إدارة ترامب بما فيها البحرية الأمريكية لا تستطيع أن تخفي الحقيقة كاملة عن الرأي العام الأميركي هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن المسارعة بالاعتراف المنقوص والمرتبك والمضلل، يأتي استباقاً للرواية اليمنية، ويرى البعض أن الاعتراف بهذه الفضيحة بمثابة قنبلة دخانية للتعمية على الجريمة الوحشية التي ارتكبها العدوان الأميركي بحق المهاجرين الأفارقة في صعدة وراح ضحيتها 125 شهيداً وجريحاً، بهدف صرف الرأي العام عن هذه الجريمة، وهذا الرأي محترم إلا أنه لا يمنع من الحديث عن السقوط الأخلاقي والإنساني لواشنطن من خلال التركيز على جريمة العدوان الأميركي بحق المهاجرين الأفارقة وما سبقها من جرائم، إلى جانب الحديث عن السقوط العسكري لأميركا ورهاناتها، ويكون الأمرين والقضيتين ضمن الأجندة الإعلامية والسياسية في آن معاً.
الرواية اليمنية لحادثة “سقوط طائرة f18”
الاعتراف الأمريكي بسقوط الطائرة جاء بعد ساعات من إعلان القوات المسلحة اليمنية عن عملية اشتباك مع حاملة الطائرات الأمريكية هاري ترومان والقطع العسكرية المرافقة لها، واستهدافها ضمن عملية مشتركة بعدد من الصواريخ والطائرات المسيرة وإجبار الحاملة على التراجع والابتعاد عن مكان تمركزها إلى أقصى شمال البحر الأحمر، ووضعت عملية الاشتباك والمطاردة تلك في إطار الرد على جريمتي العدوان الأمريكي في صنعاء وصعدة والتي راح ضحيتهما العشرات معظمهم من المهاجرين الأفارقة.
هذا التزامن وهذا السياق العسكري (الاشتباك) دليل كاف لأي متابع بالربط بين النيران اليمنية وسقوط الطائرة الأمريكية، سواء بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر نتيجة حالة الرعب والاجهاد والارهاق الذي يعيشه فريق حاملة الطائرات “ترومان”.
وفي هذا السياق نقلت قناة المسيرة عن مصدر في وزارة الدفاع اليمنية معلومات جديدة عن عملية الاشتباك اليمنية مع ترومان والقطع المرافقة لها في أقصى البحر الأحمر كجزء من الرد على الرواية الأميركية.
المصدر الدفاعي اليمني، لم يستبعد “إصابة ترومان بشكل مباشر في عملية الاشتباك الأخيرة”، ورجح أن “ترومان قد تغادر مسرح العمليات في أي وقت”، وكشف المصدر أن عملية الاشتباك الأخيرة تميزت عن سابقاتها بـ “تكتيكات جديدة” وبزخم ناري كبير استمر لعدة ساعات، وأجبر ترومان “تحت الضغط المتواصل بالصواريخ والمسيرات” على التراجع والابتعاد عن مكان تمركزها السابق.
هذا التصريح يحمل عدة رسائل ضمنية، أولاها، أن حملة الضغط العسكري بالعدوان على المدنيين وتكثيف الجرائم بحقهم، كوسيلة ضغط على القوات المسلحة اليمنية وأدائها، يأتي بنتائج عكسية ضاغطة ومؤلمة ومؤثرة على العدو ضمن الرد على تلك الجرائم كما أشار العميد سريع في بيان الاشتباك.
الأمر الثاني، تكشف حادثة إسقاط الطائرة الأميركية فاعلية وتأثير العمليات اليمنية، بالقدر الذي أجبرت ترومان على “التفحيط في البحر” والإنعطاف الحاد خشية من النيران اليمنية، وهذا اعتراف بقوة التهديد.
كما أن العملية تحمل دلالات واضحة على أن قدرات اليمن لم تتأثر، وأن مفاجآتها تتكشف الواحدة تلو الأخرى، وأن العملية الأخيرة لم تقتصر أضرارها على طائرة واحد، بل على حاملة الطائرات وما حملت، كما تعكس حجم الإرهاق والإعياء والإجهاد الذي وصل اليه طاقم حاملة الطائرات، نتيجة الاستنزاف والضغط على مدى أكثر من أربعين يوماً.
وهذا مؤشر آخر بأن القوات اليمنية تَستنزف ولا تُستنزف، وتَردع ولا تُردع. وعلى إدارة ترامب أن تراجع حساباتها في هذه المغامرة بالنيابة عن “إسرائيل” وتوقف نزيف خسائرها الذي يترواح – على اختلاف الروايات الأمريكية – بين مليارين وثلاثة مليارات دولار.
وعلى الإدارة الأميركية أن تدرك أن اليمن لن يتوقف، وأن مفتاح الحل كما نكرر دائماً في غزة وهي قادرة عليه بالضغط لوقف العدوان ورفع الحصار، بغير هذا فإن أفق المعركة يبدو طويلاً والخسارة في نهاية المطاف ستكون أميركية.