صحيفة التغيير السودانية:
2025-04-23@08:45:36 GMT

في دعم وتأييد إعلان نيروبي

تاريخ النشر: 21st, May 2024 GMT

في دعم وتأييد إعلان نيروبي

 

في دعم وتأييد إعلان نيروبي

ناصف بشير الأمين

 

إن توقيع إعلان نيروبي، 18 مايو 2024، بين رئيس تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية “تقدم”، د. عبد الله حمدوك، ورئيس حركة جيش تحرير السودان الأستاذ عبد الواحد محمد نور، ورئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال القائد عبد العزيز الحلو يشكل اختراقا لصالح جهود وقف الحرب ودعم مشروع التغيير والتحول السياسي.

وهذه الخطوة الهامة يجب أن تتبعها خطوات أخرى للوصول إلى توافق مع كافة قوى التحول الديمقراطي السياسية والمدنية والمهنية الأخرى خارج إطار “تقدم” وعلى رأسها الحزب الشيوعي السوداني وحزب البعث العربي الاشتراكي، وكذلك مواصلة الحوار من أجل الوصول توافق حول كافة القضايا التي لم يتم الاتفاق عليها، مما يضمن وحدة قوى التغيير والتحول المدني الديمقراطي سواء في إطار تحالف واسع أو بالحد الأدنى الاتفاق على استراتيجية سياسية وإطار تنسيقي موحدين.

إن توحيد قوى التغيير الديمقراطي هو قضية استراتيجية في ظل استمرار الحرب المفروضة على السودانيين، وانهيار مؤسسات الدولة، وخطر التقسيم الذي يواجه السودان. وتوحيد قوى التغيير هو الشرط الضروري لوقف الحرب وللمحافظة على وحدة السودان، ومن ثم إعادة وضع البلاد في مسار التحول المدني الذي قطعته الحرب وقبلها انقلاب 25 أكتوبر 2021. وحتى إذا نجحت مساعي وقف الحرب، في ظل انقسام قوى التغيير الديمقراطي، فإن ذلك لن يشكل حلا مستداما، ولن يعدو كونه هدنة مؤقتة وهشة، وذلك لأن وحدة قوى التحول المدني الديمقراطي هي الشرط الضروري للوصول إلى حلول مستدامة عبر مخاطبة الأسباب الجذرية التي انتجت الحرب الدائرة الآن والحروب التي سبقتها، والذي لا يتحقق إلا عبر وضع البلاد مجددا في مسار التحول السياسي المدني والتوافق على أسس دولة المواطنة المتساوية بلا تمييز.

لقد ظللنا – قبل وبعد اندلاع الحرب – نعمل ونطالب دون كلل بضرورة منح الأولوية لوحدة قوى التحول الديمقراطي، وحتى إذا تعذرت وحدة الإطار الجبهوي لقوى التغيير في تحالف واحد، يجب العمل على خلق إطار تنسيقي بينها كحد أدنى. وظلت قناعتنا أنه، وفي ظل الأخطار التي تواجه بلادنا وتواجه مشروع التغيير، وعودة فلول المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية للواجهة، فإن الأفضل والأكرم لقوى التغيير الديمقراطي هو أن تقدم كل التنازلات المطلوبة لبعضها البعض من أجل تحقيق الأهداف المشتركة المشار إليها، بدلا عن تقديم التنازلات للانقلابيين أعداء مشروع التغيير والتحول المدني.

ولكن بالمقابل هناك عناصر داخل تحالف “تقدم” ليس لديها رغبه حقيقية في توسيع جبهة تقدم وفتح الباب لضم كل قوى التغيير الديمقراطي، مثلما أن هناك أطرافا أيضا في قوى التغيير خارج “تقدم” لا رغبة لديها في وحدة قوى التحول الديمقراطي، وإن اختلفت الأسباب. وتوحيد قوى التغيير يتم عبر الجهود المشتركة “للأغلبية” صاحبة الرغبة والمصلحة في الوحدة في الجانبين، واحتواء الممانعين في كل طرف، والوحدة المستدامة لا تتم بالشعارات أو العواطف، وإنما عبر خلق جبهة واسعة لوقف الحرب والحفاظ على وحدة السودان، والتوافق على مشروع ذي مصداقية للبناء الوطني وعقد سياسي واجتماعي واقتصادي جديد أساسه حقوق المواطنة المتساوية بلا تمييز، وحكم القانون، وتصفية تركة التمكين وإعادة هيكلة الدولة السودانية ومؤسساتها المدنية والعسكرية على أسس مهنية مستقلة، واستعادة مسار التحول المدني. وقد اثبت إعلان نيروبي أن توحيد قوى التغيير الديمقراطي ممكن متى ما توفرت الإرادة والجدية لدى الأطراف المعنية.

لقد احتوى إعلان نيروبي قضايا مهمة شملت، من بين قضايا أخرى، التأكيد على وحدة السودان، ووقف الحرب، وتحقيق التحول المدني الديمقراطي، ومدنية الدولة، وإصلاح وإعادة هيكلة القطاع الأمني، وتحقيق العدالة …إلخ، وهي قضايا تكاد تكون محل إجماع بين قوى التغيير الديمقراطي ومضمنة في كل الوثائق الأساسية للفترة الانتقالية كالوثيقة الدستورية واتفاقية السلام 2020. وهذه القضايا التأسيسية ستظل مطروحة للمزيد من الحوار والنقاش حولها بين مختلف القوى السياسية والمدنية إلى أن يتم التوافق على دستور دائم للسودان.
إن قضية مدنية الدولة وحيادها تجاه كل المكونات الدينية والثقافية هي من القضايا التي توافقت حولها قوى التحول الديمقراطي منذ إعلان اسمرا للقضايا المصيرية 1995، ويجب ألا تكون موضوعا للمزايدات السياسية، والمهم في هذا الصدد هو التوافق حول محتوى وجوهر القضية وهو فصل الدين عن الدولة وحياد الأخيرة تجاه المكونات المجتمعية والثقافية المتنوعة، وليس الدخول في خلاف شكلاني حول المصطلحات علمانية/دولة مدنية. وينبغي التذكير هنا بأن التوافق حول مبدأ فصل الدين عن الدولة وتضمينه في الدستور هو الطريق الوحيد للمحافظة على وحدة السودان، واسكات الأصوات المطالبة بحق تقرير المصير.

نؤكد على أن إعلان نيروبي يمثل خطوة مهمة وهو يجد منا كل التأييد والدعم، وندعو جميع الأطراف للعمل على تطويره إلى اتفاق نهائي يشمل كل القضايا غير المتفق عليها بين أطرافه، والاستمرار في عملية توحيد قوى التغيير الديمقراطي لتشمل كل القوى المدنية الأخرى خارج تحالف تقدم لبناء أوسع تحالف للقوى المدنية الديمقراطية.

ناصف بشير الأمين
كاردف – 20 مايو 2024

الوسومإعلان نيروبي الحرب المواطنة ناصف بشير وحدة السودان

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: إعلان نيروبي الحرب المواطنة وحدة السودان

إقرأ أيضاً:

المجتمع الدولي وإدمان الفشل حول السودان

المجتمع الدولي وإدمان الفشل حول السودان

د. الشفيع خضر سعيد

كتبنا من قبل، أنه ولإطفاء نيران الحروب وإخماد بؤر التوتر وبسط السلام في مختلف بقاع العالم، ولأجل حماية حقوق الإنسان وصون كرامته، ولدرء مخاطر الكوارث الطبيعية ونقص الغذاء، ولتمتين التعاون والتنسيق والتكامل بين دول العالم في مجالات التنمية والصحة والتعليم وتطوير العلوم لصالح أمن وسلام وتقدم البشرية، توافقت بلدان العالم على مواثيق دولية وإقليمية يحميها القانون الدولي، وعلى مؤسسات ومنظمات دولية وإقليمية، كمنظمة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية، يفترض أن تعمل على تحقيق المبادئ المضمنة في تلك المواثيق.

صحيح أن منظمة الأمم المتحدة تحتاج إلى إصلاحات جوهرية في إطار نظام عالمي جديد يحد من هيمنة القطبية ويحقق التكافؤية بين الدول، صغيرها وكبيرها، وعلى ذات المنوال ربما تحتاج المنظمات الإقليمية، وهذه مناقشة هامة ولكنها ليست موضوع هذا المقال. ونكتب اليوم، ما دامت حرب السودان دخلت عامها الثالث، ولاتزال مشتعلة تحرق وتدمر في البلد، وتهدد بنسف الأمن والإستقرار إقليميا ودوليا، خاصة في ظل ما يدور في محيطنا الجيوسياسي، وما دامت النخب السودانية، المدنية والعسكرية، لاتزال في قبضة الخلافات والتشرذم والعجز عن تقديم رؤية موحدة لوقف الحرب والانتقال إلى مربع السلام والتحول الديمقراطي، فإن المجتمع الدولي والإقليمي، محكوما بتلك المواثيق وبالقانون الدولي، كان لابد أن يواصل تدخله ومساهماته لوقف هذه الحرب اللعينة، والتي ابتدرها مباشرة بعد اندلاع الحرب بانتظام منبر جدة للتفاوض بين طرفي القتال في مايو/إيار 2023، وفي نفس الشهر خصص الاتحاد الأفريقي اجتماعا حول السودان خرج بخارطة طريق من ستة عناصر لوقف الحرب. ثم توالت بعد ذلك تحركات المجتمع الدولي، من إجتماعات ولقاءات هنا وهناك، كما حددت معظم الدول الأوروبية والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، مبعوثين مختصين بالتعامل مع حرب السودان، وعُقد مؤتمر باريس الدولي بعد مرور عام على الحرب، ومؤخرا عُقد مؤتمر لندن الدولي بعد مرور عامين، وكل الخوف أن يعقد مؤتمر دولي آخر في عاصمة أوروبية أخرى، بعد مرور ثلاثة أعوام على الحرب وهي لاتزال مشتعلة!

ومع تأكيدنا على قناعتنا التامة بأن قضية شعب السودان لا يمكن أن تحل من خارجه أو بالإنابة عنه،

افتقار تحرك المجتمع الدولي والإقليمي إلى استراتيجية قوية وشاملة، كان في إمكانها أن تعزز كتلة مدنية موحدة وقوية، مما قد يمنع إجراءات أحادية الجانب من قبل المتحاربين إلا أننا لا يمكن أن نرفض مساهمات المجتمع الدولي والإقليمي، أو نقلل من شأنها، بل نراها حتمية وموضوعية وضرورية. ولكن حتميتها وموضوعيتها وضرورتها هذه لا تستطيع أن تحجب عنا النتائج الضعيفة لهذه المساهمات والتي لم تتخط حاجز عبارات الشجب والإدانة حتى بتنا قاب قوسين أو أدنى من دمغها بإدمان الفشل. انظر إلى اجتماع لندن الدولي الذي عقد في الخامس عشر من هذا الشهر بمشاركة وزراء خارجية وممثلين لكل الدول الكبرى والدول المعنية بحرب السودان بالإضافة إلى الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، والاتحاد الأوروبي، وجامعة الدول العربية، ومنظمة الإيقاد، واللجنة الدولية للصليب الأحمر. فالمؤتمر فشل حتى في إصدار بيان ختامي، ولو تكرار لعبارات الشجب والإدانة، وذلك بسبب تضارب الرؤى بين المشاركين حول تفاصيل الأزمة في بلدنا. وأنظر إلى خطاب الاتحاد الأفريقي في المؤتمر والذي تضمن عبارات: لا حسم عسكري وعلى طرفي النزاع التوجه الى المفاوضات، ولن نقف مكتوفي الأيدي، ولا يمكن التسامح مع التداعيات الكارثية للحرب، ولن نسمح بتقسيم السودان، ودعوة كل الأطراف الخارجيه للتوقف عن التدخل في الشأن الداخلي للسودان، وكلها عبارات تكرر الجهر بها كثيرا منذ أن ضمنت في خارطة الطريق التي تبناها الاتحاد في مايو/إيار 2023. أما وسمنا للمجتمع الدولي والإقليمي بإدمان الفشل في التعاطي مع كارثة الحرب في السودان، فليس تحاملا أو تجنيا عليه في ظل اكتفائه، ولمدة عامين منذ اندلاع الحرب، بالخطب ورسم الخطط على الورق وعدم ترجمة ذلك إلى إجراءات عملية قوية لمنع تدفق الأسلحة والذخائر وأجهزة التجسس المتطورة إلى البلاد، ولحماية المدنيين، ولتكثيف المساعدات الإنسانية درءا للمجاعة والأوبئة.

لا أعتقد أن المجتمع الدولي والإقليمي نضب معين طاقته وتدابيره العملية لوقف الاقتتال في السودان. ولكن هناك كوابح عديدة تمنع تفجير هذه الطاقة وتفعيل هذه التدابير العملية، منها تضارب المصالح الذي يدفع الدول الكبرى، قائدة المجتمع الدولي والإقليمي، لإغماض أعينها عن مصدر تدفق الأسلحة ووقود الحرب إلى السودان، ومنها فقر المنهج الذي ظل يتبعه المجتمع الدولي والإقليمي تجاه قضية الحرب، والذي كان محدودًا وضيقًا ومفرطًا في تجنب المخاطر، وغالبًا ما كان خاضعا لنزوات المتحاربين الذين أيضا لاحظوا فقر المنهج هذا وتحايلوا لاحتوائه، ومنها افتقار تحرك المجتمع الدولي والإقليمي إلى استراتيجية قوية وشاملة، كان في إمكانها أن تعزز كتلة مدنية موحدة وقوية، مما قد يمنع إجراءات أحادية الجانب من قبل المتحاربين تضر بوحدة السودان المستقبلية، وذلك حسب ما نشرناه في مقالنا السابق على لسان أحد الخبراء الدوليين، والذي أشار إلى غياب التنسيق الاستراتيجي بين المنظمة الأممية والمؤسسات الإقليمية، باعتبارها تمثل منصات رئيسية لوساطة شفافة مصممة خصيصًا للسياق السوداني، كما أشار منتقدا غياب المشاركة الفعالة للمدنيين السودانيين في هذه الاستراتيجية، رافضا أن يكون هذا الإشراك عشوائيًا أو غير كامل، بل يجب أن يكون جزءًا لا يتجزأ من استراتيجية المجتمع الدولي والإقليمي الشاملة، وركنا أساسيا في أنشطته الأساسية، بما في ذلك تعيين فريق مخصص للتعامل مع السياسيين وقيادات المجتمع المدني.

أخيرا، وبدل أن تحتوي أجندة حراك المجتمع الدولي على عموميات، أو مناشدات وإدانات مكررة بدون أي ردود فعل إيجابية تجاهها، أو مجرد عناوين لما يجب أن يفعل دون توفير تدابير وآليات للشروع العملي في التنفيذ، أن تركز الأجندة على كيفية التنفيذ العملي لثلاث قضايا أساسية: وقف إطلاق النار بدءا بمنع تدفق الأسلحة، تكثيف وتوصيل المساعدات الإنسانية ومنع استغلالها من أي طرف، وحماية المدنيين.

* القدس العربي

مقالات مشابهة

  • أستاذ علاقات دولية: تضارب مصالح الغرب وراء عرقلة انتهاء الأزمة في السودان
  • انطلاق البرنامج التدريبي "محاربة تمويل الإرهاب" في نيروبي
  • حقيقة الحرب في السودان
  • السودان الجديد يتخلق و لكن؛ برؤية من؟
  • كيف نعيد توجيه أدوات الإعلام الجديد بعد ثلاث سنوات من حرب عبثية للمساهمة في وقفها واستعادة المسار المدني الديمقراطي؟
  • د. فرانسيس دينق سياسي مُنحاز وليس مُراقب أو مُحلّل!
  • المجتمع الدولي وإدمان الفشل حول السودان
  • ذمار..لقاء قبلي موسع لمواجهة العدو وتأييد خيارات القيادة
  • ‏الدفاع المدني اللبناني: 4 قتلى و4 جرحى إثر انفجار جسم من مخلفات الحرب داخل آلية للجيش جنوب البلاد
  • البعض يتحدث عن وقف الحرب في السودان وكأنه يريد أن يقول (..)