محمود عثمان رزق

20 مايو 2024

لقد درج بعض الناشيطين السياسين الذين يزعمون أنهم يتبنون قضايا الهامش وبعض قضايا الإثنيات السودانية على نبش التاريخ لا من أجل معرفة الحقيقة أو إيجاد ما يجمع الناس أو من أجل البحث التاريخي الأكاديمي، ولكن النبش من أجل البحث عن مواقف وقرارات وتصريحات وأفعال يستفدون منها في صراعتهم مع خصومهم السياسيين المعاصرين على نهج التعميم.

وللأسف إنهم في ذلك يخالفون أسس المنطق الإستقرائي الذي يتدرج من العام الى الخاص في نتائجه. فالمنطق الإستقرائي يقوم على ثلاث مقدمات؛ مقدمة كبرى ووسطى وصغرى كما هو معلوم. وعليه، يمكننا أن نقول : "كل سوداني كريم" "ومحمد سوداني" فإذن "محمد كريم". هذا هو المنطق الإستقرائي المقبول في كل المدارس الفلسفية يسير من العام الى الخاص.

أما أصحابنا النباشون فلهم منطق خاص بهم لم ينزل الله به من سلطان، فهم عكس المنطق الإستقرائي يجعلون فيه المقدمة الصغرى هي الطريق للمقدمة الكبرى في عملية تحير العقل والعقلاء. فهم يقولون لك "هشام لص" فإذن "كل أهله وقومه لصوص" !! هكذا بكل بساطة وسذاجة يدان الكل بسبب فرد أو مجموعة قليلة. ولقد أسميت هذا المنطق ب"منطق النباشين" وهو المنطق الوحيد في عالم الإنس والجن الذي يسبح بك عكس التيار مستخدما المقدمة الصغرى ليوصلك بها لمقدمة كبرى وتعميم أعم يجعل الولدان شيبا. يقول لك أحدهم: طالما أن التاريخ أثبت أن عثمان دقنة كان تاجر رقيق فبالتالي كل البجا في زمانه وفي زماننا وفي المستقبل هم تجار رقيق ولا فضيلة له ولا لهم في هذا الكون. بالله عليكم هل هذا علم؟ وهل هذا عقل؟ وهل هذا عدل؟ وهل هذا منطق؟

حقيقة أريد أن أعرف ماذا يريد هؤلاء؟ هل يريدون أن يبنوا سوداناً جديداً على نبش المساوي فقط؟ وهل تاريخنا أو تاريخ خصومنا ليس فيه سوى المساوي؟ أليس من الفضيحة أن يظل يكرر من يحمل الشهادات العاليا ويدعي الثقافة والعلم والفهم والفهلوة والأستاذية مصطلحات عفى عنها الزمن؟ "جلابة" "حلب" "عبيد" "عرب" زرقة" "نوبة" "السودان النيلي" "سلطنة دارفور" "سلطنة الفونج" "الشماليين" "الغرابة"......الخ، والواقع على الأرض قد تغير تغيراً كبيراً وتداخلت الأجناس وتزاوجت وتجاورت وتاجرت ودرست مع بعضها بعضاً، وتغير الوضع القانوني للمجتمع وتطورت الحياة، وهؤلاء ما فتئوا ينبشون ليلاً ونهاراً في هذه الأنابيش ليضعوها حجر عثرة أمام وحدة البلاد والعباد. ويا ليتهم ينبشون حقائق علمية لا يتطرق إليها الشك ولا يأتيها الباطل من أمامها ولا خلفها، ولكنهم ينبشون أخباراً مشكوك فيها، بعضها موضوع، وبعضها قد لويت أعناقها لتخدم غرضاً في نفس يعقوب، وهذا بالطبع لا يظهر إلا في ساحة التدافع العلمي حيث الرأي والرأي الآخر والدليل والدليل الآخر.

أن هؤلاء يجب أن يعلموا أن الكل مع سودانٍ جديد قائم على رؤى جديدة ومفاهيم جديدة تجمع ولا تفرق، وتعفو ولا تنتقم، وتتعاون ولا تتشاكس، وبهذه الطريقة وحدها تبنى الأوطان وتتقدم. أما النبش في التاريخ من أجل العثور على عثرات أفرادٍ أو قادة أو جماعاتٍ قد قضى نحبها لوضعها كعقبات في الطريق ليدان بها ويقصى بها الأبرياء الأحياء فلن تبني وطناً، ولن تجمع شتاتاً، ولن تبقي صداقة ولا أخوة ولا وداً. والخاسر الأول هنا هو النباش نفسه، لأنه هو من علمّ الآخرين النبش، كما علم حامل السلاح المعتدي بالأمس الشعبً كله حمل السلاح لأن قانون الطبيعة يقول: "لكل فعل رد فعل مساوٍ له في القوة ومضاد له في الإتجاه".

فقد أثبتت التجربة أن خطاب الكراهية يولّد مثله، وحمل السلاح يولّد حمل سلاح مثله، والجفاء يولّد الجفاء، والعنصرية تولّد عنصرية مثلها، والجهوية والقبلية تولد مثلها، وكذلك نبش مساوي التاريخ سيولد مثله، وكل ذلك سيفش الغبينة ولكنه حتماً لن يبني وطناً والمثل يقول: "من فش غبينتو هدم مدينتو" فارحمونا من هذه العفانات النتنة يرحمكم الله، وقوموا لبناء وطن جديد على أسس جديدة وروح جديدة ودستور جديد وليفخر كل إنسان بنفسه وأهله ووطنه وأمته، وأعلموا أن أرض السودان واسعة تسع أضعاف أضعاف شعبها الحالي وتقول هل من مزيد، ولكنّ أخلاق الرجال تضيق.

morizig@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: من أجل

إقرأ أيضاً:

جيمي كارتر يصبح أول رئيس أمريكي في التاريخ يصل الى 100 عام

أكتوبر 1, 2024آخر تحديث: أكتوبر 1, 2024

المستقلة/- بلغ جيمي كارتر يوم الثلاثاء المائة من عمره، وهي المرة الأولى التي يصل فيها رئيس أمريكي الى هذا العمر. للسلام ومدافع عن الديمقراطية.

بعد أن عاش آخر 19 شهرًا في رعاية المسنين في منزله في بلينز، واصل الديمقراطي والرئيس التاسع والثلاثون من جورجيا تحدي التوقعات.

وخدم كارتر فترة رئاسية واحدة من عام 1977 إلى عام 1981 ثم عمل لأكثر من أربعة عقود في قيادة مركز كارتر، الذي أسسه هو وزوجته روزالين في عام 1982 “لإحلال السلام ومحاربة المرض وبناء الأمل”.

وقال جيسون كارتر، حفيد الرئيس السابق ورئيس مجلس إدارة مركز كارتر، في مقابلة: “لا يحظى الجميع بـ 100 عام على هذه الأرض، وعندما يفعل ذلك شخص ما، وعندما يستخدم هذا الوقت للقيام بالكثير من الخير للعديد من الناس، فإن الأمر يستحق الاحتفال”.

وقال: “لقد كانت الأشهر القليلة الماضية، 19 شهرًا، بعد أن كان في دار رعاية المسنين، فرصة لعائلتنا للتفكير،”

واضاف: “ثم لبقية البلاد والعالم للتفكير فيه حقًا. لقد كان وقتًا مُرضيًا حقًا.”

ولد جيمس إيرل كارتر جونيور في الأول من أكتوبر عام 1924 في بلينز، حيث عاش أكثر من 80 عامًا من عمره البالغ 100 عام. ومن المتوقع أن يحتفل بعيد ميلاده في نفس المنزل المكون من طابق واحد الذي بناه هو وروزالين في أوائل الستينيات – قبل انتخابه الأول لمجلس شيوخ ولاية جورجيا. توفيت السيدة الأولى السابقة، التي ولدت أيضًا في بلينز، في نوفمبر الماضي عن عمر يناهز 96 عامًا.

أشاد الرئيس جو بايدن، الذي كان أول سيناتور في مجلس الشيوخ يؤيد حملة كارتر عام 1976، بصديقه القديم لـ “إيمانه الراسخ بقوة الخير البشري”.

وقال الرئيس البالغ من العمر 81 عاما لكارتر في مقطع فيديو تكريمي تم تصويره أمام صورة كارتر الرئاسية في البيت الأبيض: “لقد كنت دائما قوة أخلاقية لأمتنا والعالم وصديق محبوب لجيل ولي ولعائلتنا”.

خارج الرواق الشمالي، وضع بايدن عرض من الحروف الكبيرة التي تعلن “عيد ميلاد سعيد للرئيس كارتر” والرقم 100. طلب ​​كارتر من بايدن أن يرثي له في جنازته الرسمية عندما يحين الوقت.

استضاف مركز كارتر في 17 سبتمبر حفل موسيقي في أتلانتا للاحتفال بالرئيس السابق مع مجموعة من الأنواع والفنانين، بما في ذلك بعض الذين شاركوا في حملته عام 1976. جمع الحدث أكثر من 1.2 مليون دولار لبرامج المركز وسيتم بثه مساء الثلاثاء على هيئة البث العام في جورجيا.

في سانت بول بولاية مينيسوتا، يكرم متطوعو منظمة هابيتات للإنسانية كارتر بجهد مدته خمسة أيام لبناء 30 منزلاً. أصبح آل كارتر سفراء بارزين للمنظمة الدولية بعد مغادرة البيت الأبيض واستضافوا مشاريع بناء سنوية حتى سن التسعينيات. نجا كارتر من تشخيص إصابته بالسرطان وعلاجه في أوائل التسعينيات من عمره، ثم نجا من عدة سقوطات واستبدال مفصل الورك في منتصف التسعينيات من عمره قبل أن يعلن في سن 98 عامًا أنه سيدخل رعاية المسنين.

خطط سكان في بلينز لإقامة حفل موسيقي آخر مساء الثلاثاء.

كانت آخر مرة شوهد فيها جيمي كارتر علنًا منذ ما يقرب من عام خلال حضوره جنازة زوجته.

قال جيسون كارتر إن احتفالات عيد الميلاد المائة لم تكن شيئًا توقعته الأسرة بعد وفاة جدته. تم تجهيز سرير المستشفى للرئيس السابق في نفس الغرفة حتى يتمكن من رؤية زوجته التي عاش معها 77 عامًا والتحدث معها في أيامها وساعاتها الأخيرة.

قال جيسون كاتر: “بصراحة لم نعتقد أنه سيستمر لفترة أطول. لكنها رحلة إيمانية بالنسبة له، وقد سلم نفسه حقًا لما يشعر أنه خطة الله. إنه يعلم أنه ليس المسؤول. لكن في الأشهر القليلة الماضية، على وجه الخصوص، أصبح أكثر انخراطًا في الأحداث العالمية، وأكثر انخراطًا في السياسة، وأكثر انخراطًا عاطفيًا، معنا جميعًا”.

قال جيسون كارتر إن الرئيس السابق حريص على الإدلاء بصوته في انتخابات الرئاسة لعام 2024 – لنائبة الرئيس كامالا هاريس، الديمقراطية التي ستصبح أول امرأة وثاني شخص أسود وأول شخص من أصل جنوب آسيوي يصل إلى المكتب البيضاوي.

قال كارتر الأصغر: “لقد كان، مثل الكثير منا، مسرورًا للغاية بالاختيار الشجاع لصديقه جو بايدن لتسليم الشعلة. كما تعلم، لقد راقب جدي ومركز كارتر أكثر من 100 انتخابات في 40 دولة أخرى، أليس كذلك؟ لذا، فهو يعرف مدى ندرة تخلي شخص ما عن السلطة في أي سياق وهو رئيس في السلطة”.

وتابع جيسون كارتر: “عندما بدأنا نسأله عن عيد ميلاده المائة، قال إنه متحمس للتصويت لكامالا هاريس”.

 

مقالات مشابهة

  • «مقاومة شندي» تنفي رفضها دفن منسوبي الحركات المسلحة وتدين إثارة الفتنة والعنصرية
  • جيمي كارتر يصبح أول رئيس أمريكي في التاريخ يصل الى 100 عام
  • بيغولا تودّع من ثمن النهائي وتشانغ تكتب التاريخ
  • تركيا.. العثور على أقدم كحل في التاريخ
  • على ضوء التاريخ: نصر الله بين الجدل والإرث المقاوم
  • الحرب ليست الحل - واشنطن: حزب الله سيحاول التعافي ونحن نراقب
  • هذا ما فعله الجيش الجمعة والسبت لدرء الفتنة
  • النبش في الماضي لا يُصلح الحاضر
  • هل لا يزال حزب الله قادراً على التعافي؟
  • بحضور السيسي.. بدء حفل تخرج دفعة جديدة من طلبة أكاديمية الشرطة بالسلام الوطني