قبل التمكين الكامل لحركه الأخوان المسلمين في السودان بعد إنقلابهم العسكري علي الحكومه المدنيه المنتخبة بواسطة الشعب، كان قد حدث تمكين تدريجي مكنهم من القيام بإنقلابهم وذلك بفتح الأبواب مشرعة أمامهم لإختراق مؤسسات الدولة وعلي رأسها الجيش وبنوك مموله من امراء السعودية قام النميري بإعفائها من دفع الضرائب، فأصبحت تدر عليهم أموالا طائلة.
هذا التمكين الجزئي كان سببه الدكتاتور السابق جعفر نميري بعد ما عرف بالمصالحه الوطنية نهاية سبعينات القرن الماضي.
تزامن ذلك مع انتشار الفكر السلفي الوهابي في المجتمع السوداني بسبب التمويل السعودي والخليجي مع تدفق عائدات تصدير النفط.
من المعروف أن الفكر السلفي عموما يستهدف المجتمع بينما تقوم تنظيمات الاخوان المسلمين باستهداف مؤسسات الدولة وتوظيفها لخدمة أهداف التنظيم الأخواني وهو ما حدث بشكل تام وشامل طوال الثلاثة عقود والنصف التي ظلوا يحكموننا خلالها منذ إنقلابهم المشئوم في ١٩٨٩م وحتي الآن .
هيمنة الكيزان علي كل مفاصل الدولة تسبب في القمع والقتل والفساد الذي ضرب كل مناحي الحياة فتدهورت حياة الناس،إضافة إلى الحروب وتشظي البلاد الذي شهدناه إنتهاءا بالحرب اللعينة التي نعايشها الآن. صاحب ذلك تجريف للوعي في فترة حكم الإنقاذ ، خاصه وسط ما عرف بالقوي الحديثة داخل مدن البلاد المختلفة، ليصبح العقل الجمعي أو الرأي العام إن شئت، يغلب عليه الطابع السلفي في التفكير تجاه شئون الحياة والمجتمع، وهو أمر مفهوم في مجتمع شبه أمي مثل السودان إذ يمثل الدين كل نسيجه المعرفي.
ولأن المعرفة السلفية أحاديه ولا تعرف الإختلاف بسبب اليقين الذي يعتري اصحابها وإحساسهم بإمتلاك الحقيقة المطلقة، تمت مصادرة التعددية والرأي الاخر في المجتمع وتم قمعه والتحقير من شأنه ، مع أن التعدديه والتسامح والاختلاف وبسط الحريات العامة والقضاء المستقل تعتبر من أهم أعمدة المجتمع المدني. بمعني آخر يمكن القول أن الدولة الدينية وفق تصورات سلفية تمثل النقيض الكامل للدولة المدنية الحديثة.
وهذه الحقيقة البسيطه والواضحة تبرر السعي من أجل تحقيق الدولة المدنية علي ارض الواقع السوداني، وهي تعد معركتنا الحقيقيه في الوقت الحالي حتي تصطف خلفها قاعدة إجتماعيه وسياسية عريضة من أجل الضغط لوقف الحرب التي ظلت تستنزف البلاد والعباد لأكثر من عام .
في تقديري أن توقيع قيادة " " تقدم " علي إعلان نيروبي مع الحركة الشعبية شمال وحركة تحرير السودان والذي ينص علي " علمانية الدولة " وإشتراط تحقيقها في الدستور الدائم وإلا فإن حق تقرير المصير " أي الإنفصال" يبدو أمرا مبررا ووجيها فيما يتعلق بدارفور وجنوب كردفان ، التوقيع علي هكذا إعلان يعتبر خطأ كبير وقعت فيه قيادة "تقدم" وكأنها تكرر نفس أخطاء الماضي التي سبقت إنفصال جنوب السودان.
في تقديري انه كان من الأفضل أن تحتفظ "تقدم" بعلاقات التواصل والحوار مع السيدين عبد العزيز الحلو وعبد الواحد محمد نور وألا تتجاوز ذلك علي الاطلاق طالما ظلت هذه القيادات تضع شروط تتعلق بأجندتها، لأن ذلك ينعكس سلبا على تأسيس قاعدة إجتماعية وسياسية عريضة بغرض التوافق علي حد أدني معقول من الاهداف السياسيه الممكنة التحقيق والضغط في إتجاه وقف الحرب والإقتتال والسعي لتحقيق الدولة المدنيه التي تستند علي حقوق المواطنة كاملة غير منقوصة، وليس "العلمانيه" وذلك في مستوى الأجيال الحاليه علي الأقل ولا أعتقد أن المستقبل يمكن يخسر شيئا فيما لو اجمعنا علي الدولة المدنية بدلا عن إضافة أعباء علي الحاضر.
طلعت محمد الطيب
talaat1706@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
مولوي من السعودية: مصمّمون على أن نخرج إلى لبنان الذي نريده وتريدونه
شارك وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي في أعمال "الدورة الاولى لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب" الذي استضافته المملكة العربية السعودية بدعوة من الأمانة العامة لجامعة الدول العربية.
وألقى مولوي كلمة في الجلسة الافتتاحية قال فيها:
"جئتُ أؤكّدُ إعلان لبنان إلتزامه بالشرعية الدولية والشرعية العربية وشرعيته اللّبنانية وبالأمن والقانون، سبيلاً وحيداً لتكريسِ قوّته وبناءِ دولته وتحقيقِ نموه.
جئتُ أوكّدُ أن لبنان قوي بكم، قوي بمحبةِ ودعمِ أشقائه العرب.
نحن أبناء لبنان، سنَبني لبنان بالوحدةِ الوطنية وتضافر الجهود، ونتشاركُ جميعاً بإيجابية، يداً واحدة، بعيداً عن المؤشرات السلبية، بعيداً عن "الممانعةِ" وعن "المعارضة"، وهما شعاران لم يؤديا بلبنان إلى أيّ نتيجة، وأمعنا فيه تراجعاً على كلّ المستويات.
نحن مصمّمون على أن نخرجَ إلى لبنان الذي نريده وتريدونه، نفخر به وتفخرون به، فيكونَ حصناً لأبنائه وقوةً وسنداً لكم، سنداً للعرب يأخذ مكانته بينهم، يمنعُ عنهم الأذى والجريمة والمخدرات ولا يكون مأوىً أو منبراً لأيّ تجمّعٍ أو إجتماعٍ يضرُّ بهم أو يتناولُ إستقرارهم بما لا يرضي الله ولا يرضيهم، ويحمي مجتمعه ومجتمعاتهم والمجتمع العربي الواحد، أمناً وأماناً وتقدّماً".
وأضاف: "نجتمعُ في الدورة الأولى لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب، في ظلّ عصرٍ رقميٍ غدا يعتمد على التقنيات الحديثة في الحكومةِ والحوكمةِ والمؤسسات.
نجتمع وقد أصبح الأمن السيبراني ضرورةً لتأمين أمن الدولةِ والأفرادِ وأمن الخدمات.
فتزايدت التحدّيات المتعلّقة بالمعلومات والبيانات. وقد قابلها توسّل الجريمةِ للعلم، فكانت الهجماتُ السيبرانية التي تستهدف الأنظمة والشبكات المعلوماتية في القطاعات الحيوية بدافع التجسّس والإرهاب الإلكتروني، وهو ما يهدّدُ الأمن القومي لدُوَلِنا، وأمن أفرادنا ومجتمعاتنا، وأمن العالم.
ولطالما قُلنا أن مكافحةَ الجريمةِ لا تكون إلاّ بالعلم، ولا يكون الأمن إلاّ بالعلمِ وبالإستثمارِ فيه.
ها نحن نجتمع لنتدارسَ ونتّخذ الخطوات في تعزيز حماية الأنظمةِ الإلكترونية والشبكات من التهديدات السيبرانية التي تهدّد أمن الدولة وعمل المؤسسات. ويكون مجلس وزراء الأمن السيبراني العرب فرصةً حقيقيةً لتعزيز التعاون العربي وتوحيد المساعي وشدّ عرى أمننا العربي المشترك، فنطلِقَ المبادرات لدعمِ الجهودِ العربية والوطنية ونواكبُ تطوّر التقنيات ونتبادل الخبرات ونرفع مستوى الجهوزية لتقييم المخاطرِ ومعالجة الثغرات على كافة المستويات القانونية والتقنية والبشرية والمادية".
وقال مولوي: "لقد أولَت الدولة اللّبنانية موضوع الأمن السيبراني إهتماماً بالغاً. فأقرّ لبنان قانون المعاملات الإلكترونية والبيانات ذات الطابع الشخصي رقم 81/2018. كما أطلقت الحكومة الإستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني في العام 2019. وأكّد البيان الوزاري للحكومة على ضرورة تعزيز الإجراءات اللاّزمة لحماية الفضاء السيبراني اللّبناني والبنى التحتية المعلوماتية وحماية البيانات. ونحن نتطلّع عبر إنشاء الهيئة الوطنية إلى تعزيز الأمن السيبراني في مرافق الدولة وإتّخاذ إجراءات الأمان الأساسية وتركيب وسائل الحماية في قطاعات الدولة والإلتزام بمعايير الأمن الرقمي العالمية".
وختم: "لقد قامت وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية التابعة لها بإجراء الإستقصاءات والتحقيقات الفنية في العديد من التهديدات والهجمات السيبرانية، وتوصّلت إلى تحديد مصدرها وإتّخاذ الإجراءات المناسبة بشأنها، بالإضافة إلى تنظيم حملات التوعية وبذل جهودٍ مستمرّة لتدريب الكوادر البشرية وتعزيز التعاون مع المنظمات الدولية المتخصّصة.
وقد ساهم ذلك في تحفيز القطاعات الحيوية وحماية البنى التحتية المعلوماتية والوقاية من المخاطر السيبرانية وتحقيق الأمان".