محور الإصدار الجديد للمجلة .. «الثورة الصناعية الخامسة» بمجلة «معلومات الوزراء»
تاريخ النشر: 2nd, August 2023 GMT
أخبار متعلقة
«شباب مصر وتحديات الثورة الصناعية الرابعة».. مبادرة توعوية بتعليم القليوبية
«معلومات الوزراء» يصدر ورقة سياسات بشأن دور الثورة الصناعية الرابعة في دعم الاقتصاد الدائري
«الثورة الصناعية الرابعة.. نظرة للتحضيرات المستقبلية» في ختام فعاليات اليوم الأول لـ «مصر تستطيع بالصناعة»
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء العدد الثالث من مجلته الدورية «آفاق صناعية»، والذى جاء بعنوان «الانتقال إلى الثورة الصناعية الخامسة»، وتضمن العديد من مقالات الرأى لعدد من الخبراء والمتخصصين الذين أوضحوا أهمية تلك الثورة، مع التركيز على آليات تعزيز الانتقال إليها، وتوضيح مفهومها وإيجابياتها، وسلبياتها، ومجالات تطبيقها، والفرق بينها وبين الثورة الصناعية الرابعة، كما استعرض العدد بعض الخبرات الدولية فى مجال التحول إلى الثورة الصناعية الخامسة، على رأسها تجارب الاتحاد الأوروبى واليابان، بالإضافة إلى رصد أبرز المقالات فى الصحف والمجلات الأجنبية عن الثورة الصناعية الخامسة.
تناولت مقالات الرأى الواردة بالعدد الثالث من المجلة العديد من الموضوعات، تناول أحدها التحديات والفرص بإفريقيا للانتقال للثورة الصناعية الخامسة، مشيراً إلى أن القارة الإفريقية تعد من القارات المرشحة وبقوة للدخول إلى عصر هذه الثورة - رغم ما تعانيه من مشكلات متعددة وفى مقدمتها مشكلات الفقر والأمية والبطالة والإرهاب وانتشار الأمراض ورغم قلة مساهمتها فى الثورة الصناعية الرابعة التى اعتمدت بالأساس على الآلة- وذلك لأن إفريقيا قارة فتية واعدة كما يطلق عليها الخبراء والمتخصصون، وكما يراها العالم المتقدم، فهى القارة المسؤولة عن انتعاش العالم اقتصاديًا، ومن أبرز الفرص التى يمكن استغلالها للدخول لتلك الثورة فى إفريقيا «الثروة البشرية الهائلة التى تحظى بها القارة الإفريقية، وهو ما يعد بمثابة فرصة كبيرة وسانحة يفضى استغلالها وتوظيفها الأمثل إلى تحقيق التطلعات الإفريقية المنشودة من خلال الاستثمار فى المورد البشرى»، «والثروات الطبيعية الهائلة التى تتمتع بها القارة والتى تعد بمثابة مستودع استراتيجى للعالم بأسره»، «وتكالب العالم على إفريقيا بوصفها الآن قبلة للاستثمارات الأجنبية مما يتيح للقارة فرصة نقل التكنولوجيا المتقدمة بل وتطويرها وإعادة تقديمها للعالم»، «ووجود تجارب لدول إفريقية نجحت فى تحقيق طفرة وتبوؤ مكانة لا بأس بها على خريطة الدول المتقدمة مما يشير إلى إمكانية دخول دول إفريقية أخرى إلى هذه القائمة»، «ورغبة الأفارقة أنفسهم فى تحقيق مستقبل أفضل لهم ولقارتهم، ذلك المستقبل الذى رسمته ووضعت خطوطه العريضة أجندة الاتحاد الإفريقى 2063 فى شكل طموحات سبعة كبرى وأهداف تنفيذية تنفذ على خمس مراحل مدة كل مرحلة عشر سنوات».
كما تناول العدد من خلال أحد المقالات مستقبل الثورة الصناعية الخامسة فى مصر من خلال استعراض مجموعة من الفرص الممكنة لعدد من التطبيقات فى المجالات الرئيسية منها «التعليم والتعلم»، حيث يمكن لمنصات التعليم المعتمدة على الذكاء الاصطناعى والواقع الافتراضى التوسع فى سد فجوة المهارات على جميع المستويات والمراحل التعليمية وبالسرعة المتوافقة مع حركة وسرعة الانتقال إلى تقنيات الثورة الصناعية الخامسة، مشيراً إلى أن مصر شهدت التوجه نحو إنشاء عدد من الجامعات الجديدة المتخصصة والتى تواكب الدخول فى الثورة الصناعية الخامسة مثل جامعة (الملك سلمان الدولية، والجلالة، والعلمين الجديدة، والمنصورة الجديدة)، أما «فى مجالات الصناعة» فثمة فرص ممكنة يمكن أن تقدمها تقنيات الثورة الصناعية الخامسة عبر استخدام الأتمتة المتقدمة والروبوتات المتفاعلة مع البشر فى تحسين الكفاءة والإنتاجية، ومن ثم تقليل التكاليف، وبالتالى زيادة تنافسية القطاع الصناعى المصرى داخليًا وخارجيًا، وفيما يخص «مجالات الزراعة» فيمكن أن تؤثر التقنيات الجديدة فى تحسين غلة الفدان وزيادة إنتاجية الأرض الزراعية وتقليل الفاقد، ومن ثم المساهمة فى مواجهة أزمات الأمن الغذائى، وفى «مجالات الصحة» يذكر هنا استخدام تقنيات الثورة الصناعية الخامسة فى تفعيل وسائل التشخيص ووصف العلاجات عن بعد وتحسين الرعاية الصحية فى المناطق النائية وفى توظيف تقنيات هذه الثورة فى صنع الأعضاء والأطراف الصناعية بشكل أكثر دقة.
وفى «مجالات النقل» يمكن الإشارة إلى إمكانية استخدام تقنيات هذه الثورة فى تفعيل أنظمة النقل الذكية والمساعدة فى اقتصاد الوقت والحفاظ على البيئة وتقليل الانبعاثات الكربونية والازدحامات وغيرها من سلبيات التقنيات التقليدية، وفيما يتعلق بـ «مجالات المدن الذكية» ثمة تطبيقات ممكنة فى استخدام الذكاء الاصطناعى واستخدام إنترنت الأشياء فى مجالات التخطيط الحضرى ومتطلبات جودة الحياة ورفع كفاءة السلامة البيئية ووسائل الاتصال والانتقال، وفى إدارة المخلفات والنفايات بالطرق المتناسبة ونوعية الحياة بالمدن الذكية، أما فى «مجالات التكنولوجيا المالية»، فمصر تحقق خطوات حثيثة فى اتجاه تفعيل التقنيات الحديثة فى مجال العمليات المصرية من خلال تقديم الخدمات المصرفية عبر الإنترنت وخدمات الدفع عن طريق محفظة الهاتف الإلكترونية أو البطاقات المصرفية والعملات الافتراضية، هذا إلى جانب استخدام التكنولوجيا المالية فى عمليات أتمتة التأمين وفى التجارة والتداول ومنع الغش وغيرها واستحداث التطبيقات التى يمكن أن تقدم الخدمات المالية بشكل أسرع وأسهل وأرخص.
كما سلَّط أحد المقالات الضوء على أهم آثار الثورة الصناعية الخامسة على الاقتصاد المصرى، مشيراً إلى أن مصر تتخذ خطوات تجاه إطلاق الجيل الخامس من شبكات الاتصالات، ومن المتوقع أن تسهم فى تحقيق ازدهار الثورة الصناعية الرابعة والخامسة فى البلاد مثل إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعى وغيرهما، وفى هذا السياق أشار المقال إلى تعاون مصر مع شركتى (إريكسون ونوكيا) العالميتين من أجل ترقية الخدمات السحابية وإبراز شبكات الجيل الخامس، فضلًا عن انطلاق القمر الصناعى المصرى «طيبة 1» لتزويد البلاد بخدمة الاتصالات والإنترنت، إذ تطمح مصر لتحسين البنية التحتية لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات باعتباره من أهم القطاعات الحيوية، كما ساهمت جائحة كورونا فى الاتجاه نحو تلك الخطوات سواء على صعيد الاقتصاد الرقمى، وما إلى ذلك وفى التعليم عن بعد، كما يمثل الانتقال للعاصمة الإدارية الجديدة نقلة حضارية وتكنولوجية فى ذلك الإطار، ويعزز ذلك تقنيات إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعى، وهو ما تحرص عليه مصر بشكل كبير وتم استحداث كلية الذكاء الاصطناعى من أجل تعزيز وتقوية البنية التحتية وتسريع خدمات الإنترنت والتحول الرقمى العام لا سيما فى الهيئات والمصالح الحكومية.
وقد تضمنت المقالات أبرز الرؤى حول تعريفات الثورة الصناعية الخامسة، مشيرة إلى أن العديد من الممارسين فى الصناعة قدم تعريفات مختلفة يتضح منها أنها لا تقوم على التكنولوجيا، ولكن على مبادئ مثل «الإنسان هو محورها»، «والإشراف البيئى» «والمنفعة الاجتماعية» «والمرونة»، وتعد الثورة الصناعية الخامسة هى لغة العصر الحالى ومستقبل جميع الأنشطة، وبالتالى لابد من الانخراط فيها وإقرار أنشطتها فى مجال التعليم قبل الجامعى وزيادة كليات الذكاء الاصطناعى فى جميع الجامعات المصرية وإنشاء مصانع للروبوتات وإقرار تدريس مواد خاصة بالثورة الصناعية الخامسة فى كليات الطب لكى تكون مصر مقرًا للسياحة العلاجية فى منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا.
كما تم التطرق إلى توضيح إنترنت الأشياء الذى يعد أهم المحاور الرئيسية فى الثورة الصناعية الخامسة والتى تهدف إلى دمج الآلة مع الذكاء البشرى وتفاعلهما مع بعضهما البعض، ويمكن تلخيص أهمية إنترنت الأشياء فى الاقتصاد القومى فى: «تحسين الإنتاجية وتقليل التكاليف فى الصناعة والزراعة والخدمات، وتحسين جودة الحياة والخدمات العامة مثل النقل والصحة والتعليم، وتوفير فرص العمل الجديدة وتعزيز النمو الاقتصادى وتعزيز التنافسية الدولية، وزيادة كفاءة استخدام الموارد الطبيعية وتحسين البيئة وتوفير الطاقة، وتعزيز الأمن والسلامة وتوفير حلول أمنية متقدمة».
كما أبرز العدد انعكاسات الذكاء الاصطناعى على مستقبل الوظائف فى ضوء الثورة الصناعية الخامسة، ويعد تعلم كيفية التعرف على الفجوات فى مهارات القوى العاملة البشرية لدى المؤسسات من أكثر المشكلات إلحاحًا والتى يتعين التغلب عليها، خاصة فى ظل التطورات الهائلة للذكاء الاصطناعى، وما تشهده من تهديدات سيبرانية تفرض كل لحظة تحديات، تستوجب وضع تقديرات استباقية لمواجهتها، مما يقتضى على الجهات المعنية مراجعة استراتيجيتها الوطنية للذكاء الاصطناعى بصورة مستمرة، للدفع قدمًا بتحسين جمع البيانات الحكومية وتنسيقها وزيادة الوصول الرقمى من أجل السماح للقطاع الخاص للتخطيط بشكل أفضل ووضع ضريبة تساعد الشركات التكنولوجية الناشئة على البحث والتطوير ودفع الأفراد على التفكير فى المهارات المطلوبة من المهارات التقنية الصلبة كهندسة التعليم الآلى وربط نظام الإعانات الخاص بالبطالة التى تقدمها الدول فى إطار الحماية الاجتماعية بشرط صقل المهارات المهنية.
محور الإصدار الجديد للمجلة .. «الثورة الصناعية الخامسة» بمجلة «معلومات الوزراء»
وتناول الخبراء والمحللون فى العدد انعكاسات الثورة الصناعية الخامسة على «اقتصاد المناخ»، حيث تتشكل الملامح التكنولوجية والرقمية للثورة الصناعية الخامسة من تقنية «البلوك تشين» والطباعة ثلاثية الأبعاد والروبوتات الداعمة للتصنيع والتوظيف وتحسين الخدمات والذكاء الاصطناعى المستند إلى تحليل البيانات فى إطار من التعاون بين الإنسان والآلة وغير ذلك، ووفقًا لتقرير صادر عن الاتحاد الدولى للاتصالات يمكن لتلك التقنيات الرقمية أن تسهم فى تقليل انبعاثات الكربون فى العالم بنحو 17% حيث يساعد الذكاء الاصطناعى فى جعل شبكات النقل الكهربائية أكثر كفاءة كما يمكن أن تسهل تقنية «البلوك تشين» تتبع انبعاثات الكربون للشركات، ويتسنى تعزيز استخدام الأقمار الصناعية مراقبة التغيرات البيئية الناجمة عن بعض الأنشطة غير المستدامة مثل قطع الأشجار وإلقاء النفايات فى غير الأماكن المخصصة لها وغيرها.
محور الإصدار الجديد للمجلة .. «الثورة الصناعية الخامسة» بمجلة «معلومات الوزراء»
واستعرض مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار من خلال باحثيه مجموعة من أهم العروض البحثية لبعض القضايا والموضوعات ذات الصلة بالثورة الصناعية الخامسة منها عرض بعنوان «هل يستفيد المجتمع المدنى العالمى من الثورة الصناعية الخامسة؟»، والذى أوضح أن التعليم العالى له دور حاسم فى عملية تعزيز رأس المال الاجتماعى البشرى، ونتيجة لذلك يجب اعتباره القناة لتكوين المجتمع العالمى وإشراك المجتمع المدنى وقد قدمت الثورة الصناعية الخامسة عددًا من الفرص المرتبطة بتطوير العلاقة بين البشر والتكنولوجيا لتحقيق المنفعة المشتركة وتجنب المخاطر التى تطرحها التطورات التكنولوجية المتسارعة، بالإضافة إلى استعراض مجموعة أخرى من العروض والتى تمثلت فى «الثورة الصناعية الخامسة والتعاون بين الإنسان والآلة فى تجارة التجزئة والخدمات»، «الثورة الصناعية الخامسة: تقارب الذكاء الاصطناعى والذكاء البشرى»، «هل دفعت جائحة فيروس كورونا العالم إلى الثورة الصناعية الخامسة فى قطاع الصحة العالمى؟»، «نحو الثورة الصناعية الخامسة.. مراجعة الأدبيات وإطار لتحسين العمليات استنادًا إلى تحليلات البيانات الضخمة والمعطيات»، «المحركات الرئيسية للثورة الصناعية الخامسة»، «هل تستكمل الثورة الصناعية الخامسة إنجازات الثورة الصناعية الرابعة».
مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء مجلة آفاق صناعية الثورة الصناعية الرابعةالمصدر: المصري اليوم
كلمات دلالية: زي النهاردة شكاوى المواطنين الثورة الصناعية الرابعة زي النهاردة الذکاء الاصطناعى معلومات الوزراء یمکن أن من خلال إلى أن
إقرأ أيضاً:
معلومات الوزراء يستعرض تدفقات الاستثمار العالمي الرئيسة لعامي 2023 و2024
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلاً جديداً حول "الاستثمار العالمي"، تناول من خلاله تدفقات الاستثمار العالمي الرئيسة التي لوحظت خلال عامي 2023 و2024، مع تحديد أبرز القطاعات والمناطق الجاذبة للاستثمار.
وأوضح أن تدفقات الاستثمار تُعد محرك رئيس للنمو الاقتصادي العالمي؛ فعندما تضخ الشركات استثماراتها وكذلك الأفراد في مشروعات جديدة أو توسيع مشروعات قائمة، فإن ذلك يؤدي إلى توفير فرص عمل إضافية، وزيادة الإنتاج، وتعزيز التطور التكنولوجي، وتعزيز التجارة، وتنويع الاقتصاد.
اتصالًا، فإنه على مدى العقود القليلة الماضية، شهدت تدفقات الاستثمار العالمي تحولاتٍ كبرى مدفوعة بعدة عوامل، مثل التوترات الجيوسياسية وعواقب جائحة "كوفيد-19"، والضغوط التضخمية، والابتكار التكنولوجي، بما لتلك العوامل من تأثير مباشر على قرارات الاستثمار. وإن فهم اتجاه وحجم هذه الاستثمارات عبر مختلف القطاعات الاقتصادية يوفر رؤًى قيمة حول اتجاهات السوق وتفضيلات المستثمرين والمشهد الاقتصادي العالمي.
أشار التحليل إلى أن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي قُدِّرت في عام 2023، بنحو 1.37 تريليون دولار، وهو ما يمثل زيادة طفيفة بنسبة 3% مقارنة بعام 2022، وقد تحدى هذا النمو المتواضع مخاوف الركود السابقة وكان مدعومًا بتعافي الأسواق المالية الذي تلا جائحة "كوفيد-19".
ومع ذلك، تفاوتت الزيادة في تدفقات الاستثمار الأجنبي بين اقتصادات أوروبا، وكان معظمه مدفوعًا بالتغيرات في عدد قليل منها، ومن ثم فقد قفز صافي الاستثمار الأجنبي المباشر في الاتحاد الأوروبي من (-150) مليار دولار في عام 2022، إلى (+141) مليار دولار، بسبب التدفقات الكبيرة في كل من لوكسمبورج وهولندا، وذلك فيما انخفضت تدفقات الاستثمار المباشر الأجنبي إلى البلدان النامية عام 2023، بنسبة 9%، لتصل إلى 841 مليار دولار، مع انخفاض أو ركود التدفقات في معظم المناطق.
من جهة أخرى، شهد النصف الأول من عام 2024، زيادة محدودة بنسبة 1% في الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي، ومع ذلك، كان الإعلان عن مشروعات استثمارية جديدة أقل بكثير، وواصل تمويل المشروعات الدولية-والذي ينصب في الغالب في قطاعات البنية التحتية- تراجعه؛ حيث انخفض كل من عدد وقيمة الصفقات بنسبة 30%.
أوضح التحليل أنه بشكل عام، انخفضت تدفقات الاستثمار العالمي إلى أوروبا بنسبة 4%، خلال النصف الأول من عام 2024، مدفوعةً بانخفاض التدفقات إلى إيطاليا وبولندا والسويد، فيما زاد الاستثمار المباشر الأجنبي في أمريكا الشمالية بنسبة 9%، مدفوعًا إلى حد كبير بارتفاع التدفقات إلى الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة (7%).
من جهة أخرى، أشار التحليل إلى زيادة التدفقات الاستثمارية إلى الاقتصادات النامية خلال النصف الأول من عام 2024، بنسبة 5%، وخاصة في إفريقيا، بفضل الصفقة الضخمة لتمويل تطوير مشروع رأس الحكمة في مصر، والتي بلغت قيمتها 35 مليار دولار، وباستثناء هذا المشروع، فإن التدفقات إلى البلدان النامية ستكون أقل بنسبة 2%، مقارنة بعام 2023، وهو ما يؤكد استمرار الانخفاض الملحوظ لهذه التدفقات.
تناول التحليل ما أشار إليه تقرير تدفقات الاستثمار العالمي الصادر عن "مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية" (UNCTAD) في 2024، من أن اتجاهات الاستثمار في قطاع الصناعة أظهرت انخفاضًا في تدفقات الاستثمار في مجالي البنية التحتية والاقتصاد الرقمي؛ حيث واصل الاستثمار في الاقتصاد الرقمي تباطؤه بعد انتهاء الطفرة التي شهدها خلال جائحة "كوفيد-19" وحتى عام 2022.
وأوضح مركز المعلومات في تحليله أن الاستثمار قد اقترن بنمو قوي في مجالات الصناعة التحويلية والتعدينية المهمة التي تعتمد على سلاسل القيمة العالمية المكثفة؛ حيث شهدت تلك الصناعات ومن بينها صناعات السيارات والإلكترونيات والآلات، نموًّا كبيرًا في قيمة تدفقات الاستثمار العالمي خلال النصف الأول من عام 2024، مدفوعًا إلى حد كبير بمضاعفة الاستثمار في صناعة أشباه الموصلات، مما يدل على تأثير الضغوط الناشئة عن إعادة هيكلة سلاسل التوريد.
هذا، وقد شهد النصف الأول من عام 2024، تراجع إنشاء المشروعات الجديدة وصفقات تمويل المشروعات الدولية في قطاع البنية التحتية بنسبة 15% من حيث العدد، وبنسبة 20% من حيث القيمة، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى انخفاض الاستثمار في الطاقة المتجددة، وذلك فيما شهد قطاع الصناعات التي تعتمد على سلاسل القيمة العالمية انخفاضًا في عدد المشروعات بنسبة بلغت 7%، فيما ارتفعت قيمة الاستثمارات بنسبة وصلت إلى 35%، أما قطاع صناعة أشباه الموصلات وحده فقد ارتفع عدد المشروعات به بنحو 8%، في وقت ارتفعت قيمة المشروعات بنسبة 300%.
وأشار التحليل إلى أن العديد من العوامل الاقتصادية والسياسية قد أسهمت في تشكيل أنماط الاستثمار على مدى الأعوام الماضية، ومن أبرز هذه العوامل:
-التضخم وأسعار الفائدة: حيث كان لارتفاع التضخم وأسعار الفائدة، وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، تأثير واضح في الاستثمار العالمي، ومن ثم فإن البنوك المركزية- خاصة بنك الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي وبنك اليابان، تؤدي دورًا حاسمًا في تحديد تدفقات الاستثمار العالمي؛ حيث تؤثر قرارات أسعار الفائدة وتعديلات السياسة النقدية والسيطرة على التضخم بشكل كبير في سلوك المستثمرين، وقد تعمل أسعار الفائدة المرتفعة على تثبيط الاستثمار في قطاعات مثل العقارات والسلع الاستهلاكية، ولكنها قد تحفز الطلب على السندات والأدوات المالية المستقرة.
- التوترات الجيوسياسية: مثل الأزمة الروسية الأوكرانية والعلاقات التجارية المتوترة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، والتي أثرت على قرارات الاستثمار؛ حيث استفاد بعض القطاعات مثل الصناعات التحويلية والتعدينية، كما استفاد بعض الدول من تلك التوترات بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، والتي تعد أحد العوامل الدافعة لإعادة توطين الصناعات.
أوضح التحليل أنه وفقًا لـ"مؤشر ثقة الاستثمار المباشر الأجنبي لعام 2024"، الذي أعده مجلس سياسة الأعمال العالمية التابع لشركة الاستشارات الإدارية "كيرني" (Kearney)، يتدفق جزء من الاستثمارات العالمية إلى دول مجاورة للصين منخفضة التكلفة بما في ذلك فيتنام، وإندونيسيا، وماليزيا، وكمبوديا، حيث يكتسب اتجاه توطين الصناعات القريبة زخمًا في جنوب شرق آسيا ودول أخرى يسهل الوصول منها إلى أكبر الأسواق المتقدمة.
وعلى سبيل المثال، نقلت شركة "سامسونج" الكورية الجنوبية تصنيعها الصيني إلى "فيتنام"، وبدأت شركة "آبل" في القيام بنفس الشيء، وحولت شركة "وول مارت" بعض إنتاجها من الصين إلى المكسيك. ومع وجود القليل من الدلائل على حل الصراعات الجيوسياسية المستمرة في العديد من أنحاء العالم، وجدت شركة "كيرني" أن نحو 85% من المستثمرين يتفقون على أن زيادة التوترات الجيوسياسية ستؤثر في قراراتهم الاستثمارية؛ حيث أكد 36% أن التأثير سيكون "واضحًا"، مما يدفعهم إلى الاستثمار في المناطق القريبة أو الدول الصديقة لمواجهة تلك التحديات.
- العوامل البيئية والاجتماعية والحوكمة: دفع التركيز المتزايد على مبادئ الاستدامة والحوكمة البيئية والاجتماعية المستثمرين إلى تخصيص رأس المال للقطاعات التي تتوافق مع هذه القيم، وخاصة الطاقة المتجددة والزراعة المستدامة والتمويل الأخضر، وتشير التوقعات إلى أن البلدان النامية والأسواق الناشئة ستصبح وجهات أكثر جاذبية للاستثمار الأجنبي المباشر بسبب إمكانات النمو وفرص الاستثمار والمزايا الديموغرافية التي تتمتع بها هذه البلدان، وخاصة في مجال الطاقة المتجددة، التي تتطلب استثمارات أجنبية ضخمة لاستغلالها.
كذلك تناول التحليل ما أشارت إليه التوقعات من أن اتجاهات تدفقات الاستثمار العالمي تميل للاعتماد على مبدأ "الاستثمار في الأصدقاء" من خلال تعزيز التوافق الجيوسياسي، ومن ثم يتطلع صناع السياسات إلى تعزيز علاقات الصداقة لضمان أن تكون سلاسل التوريد أقل عرضة للتوترات الجيوسياسية على الأقل في الأمدين القصير والمتوسط.
من جهة أخرى، ما تزال العديد من البلدان النامية مهمشة، وتكافح لجذب الاستثمار الأجنبي والمشاركة في شبكات الإنتاج العالمية، فعلى سبيل المثال، ارتفعت قيمة المشروعات في قطاع السيارات خلال النصف الأول من عام 2024، بنسبة 21%، خاصة في الاقتصادات المتقدمة، بينما انخفضت الاستثمارات في السيارات في المناطق النامية بنسبة 40%.
أشار التحليل في ختامه إلى أن تعزيز تدفقات الاستثمار العالمي خاصة بالنسبة للقطاعات الاقتصادية والبلدان المهمشة، يتطلب مزيدًا من تيسير إجراءات الاستثمار والحوافز لجذب التدفقات، خاصة وأن الدول المتقدمة تتجه حاليًا لتبني تدابير أقل ملاءمة للمستثمرين، وتفرض العديد من إجراءات التدقيق في الاستثمارات الأجنبية الواردة إليها.
في السياق نفسه، فإن من أبرز الآليات التي يمكن أن تزيد من جذب الاستثمارات البحث عن فرص مواتية وبيئات مرنة مناسبة من خلال توسيع التحالفات الاقتصادية لمنح الاقتصاد مزيدًا من الاستقرار، خاصة وأن المستثمرين يتوجهون نحو الاقتصادات التي تتمتع بكفاءة تنظيمية أكبر وتمتلك سهولة في نقل رأس المال.