البوابة نيوز:
2024-11-22@12:33:49 GMT

أمل دنقل.. شهيد الغرفة رقم 8

تاريخ النشر: 21st, May 2024 GMT

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق "أنا لم أعرف عملًا لي غير الشعر، لم أصلح في وظيفة، لم أنفع في عمل آخر".عندما أقنعه صديقه عبد الرحمن الأبنودي أن يلتحق في الثانوية بالقسم الأدبي، لم يكن كلاهما يعلم أن أمل دنقل سوف يصير تجربة فريدة في عالم الشعر العربي، لكنه، فقط، انطلق ليبرز الجميع في الشعر، طيلة أعوامه القليلة اللاحقة، ويظل على مكانته أكثر من أربعين عامًا بعد الرحيل.

كان دنقل واحدًا ممن لم يبالوا بخوف من حولهم أو اتفاقهم مع السُلطة وأطلق صيحته التي لا تزال موجودة حتى الآن "لا تُصالح"، صاحب النفس الأبية الذي رفض مُساعته أثناء المرض، وأمسك بقلمه ليكتب أوراقه الأخيرة بينما يلتهمه المرض.

هو محمد أمل فهيم أبو القسام محارب دنقل، المولود عام 1940 بقرية القلعة التابعة لمركز قفط بمحافظة قنا، كان كان ابنًا لواحد من علماء الأزهر، الذي حصل على إجازة العالمية وقت أن حملت زوجته، فأطلق اسم "أمل" على مولوده الأول تيمنًا بالنجاح الذي أدركه في ذلك العام، وكان هو الآخر يُمارس الشعر، ويكتب الشعر العمودي.

ابن قنا

كان الأب يملك مكتبة ضخمة تضم كتب الفقه والشريعة والتفسير وذخائر التراث العربي، التي كانت المصدر الأول لثقافة ابنه؛ حيث جمع من صنوف الكتب الكثير في سائر مجالات المعرفة؛ لذا فقد تفتحت عينا الصغير على أرفف المكتبة المزدحمة بألوان الكتب.

كان الطفل أمل يتأمل في طفولته الأولى أباه وهو يقرأ حينًا ويكتب الشعر حينًا؛ وكان الشيخ صاحب العالمية يحيا في تنقل ما بين قريته وإحدى مدن قنا؛ فهو في فترة الدراسة يقيم بالمدينة التي يقوم بالتدريس فيها، وحين تنتهي الدراسة يعود أدراجه بأسرته المكونة من ولدين وبنت، أكبرهم أمل وأصغرهم أنس؛ إلا أن تواجده لم يطول، حيث مات وأمل لا يزال في العاشرة من عمره، ليُصبح في هذا السن مسؤولًا عن أمه وشقيقيه.

حينما وصل أمل إلى المرحلة الثانوية كان يستعد للالتحاق بالشعبة العلمية تمهيدًا لدراسة تخصص علمي كالهندسة أو الكيمياء، رغم أنه كان ينظم القصائد ويُلقيها في احتفالات المدرسة بالأعياد الوطنية والاجتماعية والدينية، فكان تأثير أصدقائه هو العامل الأكبر الذي أسهم في تحوله إلى الأدب والفن في هذه الفترة.

وقتها، وإلى آخر حياته فيما بعد، كان من أقرب أصدقائه إلى نفسه الراحل عبد الرحمن الأبنودي، الذي تعرف عليه أمل بالمرحلة الثانوية، وظلا أصدقاء حتى فارق أمل الحياة، وسلامة آدم الذي صار هو الآخر أحد المثقفين البارزين فيما بعد، وكان يمت له بصلة قرابة وكان رفيقه الأول في مرحلة الطفولة، وبعد اتفاقهم الدائم على الالتحاق بالقسم العلمي وجدهما قد فاجآه والتحقا بالقسم الأدبي، فسرعان ما لحق بهما.

بالفعل، أثارت الأشعار التي كان يكتبها أمل في مراهقته أحاديث زملائه ومناوشاتهم، بل وأحقادهم الصغيرة أحيانًا، فبين من اتهمه بسرقة شعراء كبار سطا على أعمالهم من مكتبة أبيه، وآخرون قالوا أن الشعر لوالده، عثر عليه في أوراق أبيه ونحله لنفسه.

عندها، تفتق ذهن الفتى عن فكرة مراهقة جريئة أنه أطلق موهبته بهجاء مقذع لمن تسول له نفسه أن يشكك في شعره أو يتهمه، ولم يمض كثير حتى استطاع بموهبته أن يدفع عن نفسه ظنون من حوله، ولما انتهى من الدفاع عن نفسه داخل المدرسة تاقت نفسه لمعرفة من هو أفضل منه في محافظته، فلم يسمع بأحد يقول الشعر في قنا كلها إلا ذهب له وألقى عليه من شعره ما يُثبت تفوقه عليه، وكأنه ينتزع إعجاب الناس منهم أنفسهم.

في القاهرة

عندما أنهى أمل دراسته الثانوية في مدينة قنا، التحق بكلية الآداب في القاهرة، ولكنه تحت ظروف إعالة أسرته انقطع عن متابعة الدراسة منذ العام الأول، واتجه ليعمل موظفًا بمحكمة قنا، ثُم جمارك السويس والإسكندرية، ثم موظفًا بمنظمة التضامن الأفرو آسيوي، لكنه كان دائم الفرار من الوظيفة التي فرضتها عليه ظروفها لينصرف إلى الشعر.

ورغم شعارات ثورة يوليو وانجذاب الكثيرين لها؛ حيث كانت الثورة دافعًا لأبناء الشعب الكادح، ومنهم أمل نفسه، إلا أن ذلك لم يخدعه كآخرين، حيث كان متنبهًا لأخطائها وخطاياها؛ وسجّل رفضها بعين الباحث عن الحرية لا شعارها؛ ففتح نار سخريته عليها، رافضًا الحرية المزعومة التي فتحت أبواب السجون على مصراعيها

وقد اعتاد أمل دنقل الترحال الذي ورثه بشكل ما من حياة والده، ولكن انغماسه في الشعر قوّى ذلك في نفسه، وجعله يتحلل من قيود المكان وقيود الوظيفة،

وفي عام 1969 صدر الديوان الأول لأمل دنقل "البكاء بين يدي زرقاء اليمامة"، الذي تأثر فيه بنكسة يونيو، وبعده بعامين نشر ديوانه الثاني "تعليق على ما حدث"، وفي أعقاب نصر أكتوبر تعّجب الناس من موقفه؛ حيث لم يكتب شعرًا يُمّجد هذا النصر وأصدر ديوانه الثالث "مقتل القمر" دون أن يكتب قصيدة واحدة عن النصر، ووأعقب ذلك بديوان "العهد الآتي".

وفي عام 1976 التقى أمل دقل بالصحفية عبلة الرويني التي كانت تعمل بجريدة الأخبار، ونشأت بينهما علاقة إنسانية قوية تم تتويجها بالزواج بعد عامين، ولأن أمل كان كثير التنقل والترحال، اتخذ مقرًا دائما بمقهى ريش الشهير بوسط القاهرة، وقبلت الرويني أن تعيش معه في غرفة بفندق، وتنتقل مع زوجها من فندق لآخر، ومن غرفة مفروشة لأخرى.

لا تصالح

عندما بدأ الرئيس الراحل أنور السادات في مفاوضات السلام مع إسرائيل خرج دنقل على جمهوره بقصيدة "لا تصالح"، رافضا فيها كل أصناف المساومات، متخذا من الأسطورة رمزًا كُتب عليه صراع الواقع العربي الذي ما برح يكتب فيه حتى واجه بنفس قوية وإرادة عالية صراعه مع المرض.

دخل أمل المستشفى للعلاج، وكان لا يملك مالا للعلاج الباهظ الذي يحتاجه في مرضه؛ فبدأت حملة لمساعدته من قبل الأصدقاء والمعجبين، وكان أولهم يوسف إدريس، الذي طالب الدولة بعلاج أمل على نفقتها، في الوقت الذي طلب أمل التوقف عن حملة المساعدة، وكان لا يريد أن ينشغل أحد بمرضه، وظل يكتب وهو يرقد بالمستشفى على علب الثقاب وهوامش الجرائد، فأنجز ديوانه الأخير "أوراق الغرفة 8".

وفارقت روح أمل دنقل جسده في الحادي والعشرين من مايو عام 1983 وقد ناهز الثالثة والأربعين من عمره.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: امل أمل دنقل الشعر الشعر العربي لا ت صالح أمل دنقل

إقرأ أيضاً:

هل يكون ترامب وزير خارجية نفسه؟

أشار أستاذ التاريخ الحديث في جامعة إيست أنغليا، ديفيد ميلنه، إلى ما سماها فكرة غريبة تدور حول أن اختيارات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب للمسؤولين عن صياغة السياسة الخارجية، تكشف شيئاً عن نهجه المحتمل في التعامل مع الشؤون الدولية.

ليس من المبالغة تخيل استخدام خط هجوم ترامب على بولتون ضد روبيو



يطمئن أفراد المؤسسة إلى أن المرشحين الصقور، مثل السناتور ماركو روبيو إلى منصب وزير الخارجية، والنائب مايك والتز إلى منصب مستشار للأمن القومي، سوف ينصحونه في نهاية المطاف بالشيء الصحيح، عندما يتعلق الأمر بمواجهة روسيا والصين.
ويشعر أنصار مقاربة الانضباط وأنصار ماغا واليساريون بالراحة، لأن النائبين السابقين تولسي غابارد، مرشحة ترامب لمنصب مدير الاستخبارات الوطنية، ومات غيتز، مرشح لمنصب المدعي العام، (سحب ترشيحه ليلة أمس) سيشكلان سياسة ترشيد تقنع الرئيس بسحب الموارد من مناطق لا مصالح أمريكية فيها على المحك. خيط واحد حزين

وكتب ميلنه في مجلة "فورين بوليسي" أنه إذا كان القارئ يشعر وكأنه سبق أن شاهد هذه الصورة في السابق فشعوره مبني على أساس صلب. في سنة 2016 وما بعدها، كان النوع نفسه من المقالات الفكرية منتشراً في كل مكان، حيث عكس كتاب الرأي قلقهم وآمالهم وأحلامهم في استقراء المعنى من موجات التعيينات والطرد التي قام بها ترامب. كان مايك فلين وريكس تيلرسون وجيمس ماتيس وهربرت ماكماستر بمثابة "أوراق شاي" جماعية قُرِئت للكشف عن مستقبل السياسة الخارجية الأمريكية. كلهم عملوا بناء على فرضية أن ترامب كان قابلاً لأخذ النصيحة. حالياً يجب أن يكون ثمة معرفة أفضل.

 

Trump selects Sen. Marco Rubio to serve as secretary of state in historic appointment: report https://t.co/AJ3rTnGpEb pic.twitter.com/2lyNRX8kl6

— New York Post (@nypost) November 12, 2024


لم يكن هناك تأثير استشاري كبير على رئاسة ترامب الأخيرة، ومن غير المرجح أن تكون ولايته الثانية مختلفة. في بعض الأحيان، تداخلت غرائزه مع نصائح مستشاريه - مثل تيلرسون حول تحسين العلاقات مع المملكة العربية السعودية أو مع مستشار الأمن القومي جون بولتون بشأن الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني الذي تفاوضت عليه إدارة أوباما. لكن هذه اللحظات من الوحدة كانت عابرة. إذا كان هناك خيط واحد مشترك حزين ينسج عبر مذكرات من عيّنهم ترامب في ولايته الأولى، فهو الإحباط من المعاملة المزدرية من قبل رئيس لم يصغِ ببساطة.

"غبي كالصخرة" استمر تيلرسون 13 شهراً بصفته وزيراً للخارجية قبل أن يطرده ترامب في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي. اصطدم الاثنان بشأن كوريا الشمالية وروسيا والصين وإيران واتفاقية باريس للمناخ. بعد طرده، نشر ترامب على أكس المعروف آنذاك باسم تويتر، أن تيلرسون "لم يكن لديه القدرة العقلية اللازمة. كان غبياً كالصخرة ولم أستطع التخلص منه بالسرعة الكافية. كان كسولاً للغاية". يُزعم أن تيليرسون وصف ترامب بأنه "أحمق لعين". وكانت هذه واحدة من علاقات العمل الأكثر إنتاجية لترامب. لا مسامحة

لم يستطع ترامب أن يغفر لماكماستر افتراضه بأن روسيا تدخلت في انتخابات 2016. ووصف ماكماستر اجتماعات المكتب البيضوي بأنها "تمارين في التملق التنافسي"، في كتاب نُشر في وقت سابق من هذه السنة.

 

Trump selects Sen. Marco Rubio to serve as secretary of state in historic appointment: report https://t.co/AJ3rTnGpEb pic.twitter.com/2lyNRX8kl6

— New York Post (@nypost) November 12, 2024


"لم يكن ترامب يتبع أي استراتيجية دولية كبرى، أو حتى مساراً متناسقاً"، كما كتب بولتون في كتابه الصادر سنة 2020. "كان تفكيره أشبه بأرخبيل من النقاط التي تترك لبقيتنا مهمة تمييز - أو إنشاء - السياسة". رد ترامب بوصف بولتون في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي بأنه "أحمق ممل ساخط أراد فقط الذهاب إلى الحرب. لم يكن لديه أدنى فكرة (عن أي شيء)، وتم نبذه، والتخلص منه بسعادة. يا له من غبي!".

لا مبالغة حسب الكاتب، ليس من المبالغة تخيل استخدام خط هجوم ترامب على بولتون ضد روبيو بعد طرد مرير له. يعتنق روبيو فكرة مادلين أولبرايت بأن الولايات المتحدة "أمة لا غنى عنها" وكان تدخلياً ثابتاً منذ وصوله إلى السياسة الوطنية. انتقد ترامب هذه الغرائز المتشددة عندما سحق "ماركو الصغير" في حملته سنة 2016. إنهما يتفقان على نهج أكثر مواجهة لبكين، ولكن من حيث الجوهر والمزاج، علاقتهما متوافقة تماماً مع علاقة ترامب وماكماستر. وينتمي والتز إلى فئة مماثلة.

الخيار النهائي بصرف النظر عن الأشخاص، إن خيار ترامب النهائي لمناصب مستشار الأمن القومي ووزير الدفاع ووزير الخارجية سيكون هو نفسه. لن يكون هناك أي شخص مؤثر من خلف الستارة أو دين أتشيسون أو هنري كيسنجر يوجهونه ويكبحون أسوأ غرائزه. كل ما حدث خلال فترة ولايته الأولى يشير إلى أن هذا سيكون هو الحال.

مقالات مشابهة

  • من هو الصحابي الذي جبر الله خاطره من فوق سبع سماوات؟.. تعرف عليه
  • هل يكون ترامب وزير خارجية نفسه؟
  • عمرو سعد:" دخلت معهد السينما وسقطت وكان عندي ثقة في نفسي"
  • من الذي يعذب يوم القيامة الروح أم النفس.. الإفتاء تجيب
  • رضا عبدالعال: ناصر منسي أفضل من أسامة فيصل وكان يستحق الانضمام للمنتخب
  • خميس : وضع المنتخب غير مقبول وكان يجب التصحيح منذ البداية .. فيديو
  • عبد العال: ناصر منسي أفضل من أسامة فيصل وكان يستحق الانضمام للمنتخب
  • تامر عبدالحميد: عواد "شال" الزمالك وشوبير مستقبل مصر.. وكان يجب الاعتماد على اللاعبين أصحاب المهارات الفردية
  • تامر عبد الحميد: عواد "شال" الزمالك وشوبير مستقبل مصر.. وكان يجب الاعتماد على اللاعبين أصحاب المهارات الفردية
  • علي جمعة: قارون أعظم مثال ضربه الله للمعاندين في القرآن الكريم وكان مصيره الخسف