لماذا يهاجم الإعلام المصري وجودهم؟ السودانيون يشترون عقارات في مصر بأكثر من 20 مليار دولار والحكومة تدعوهم للمزيد
تاريخ النشر: 21st, May 2024 GMT
كشف تقرير بأن السودانيين اشتروا عقارات في جمهورية مصر بأكثر من 20 مليار دولار خلال السنوات السابقة، ومازالت الحكومة المصرية تنتظر بيع المزيد من العقارات الجديدة عبر معارض تقام خصيصاً لهم.
وقالت شركة “انفستور” المنظمة للمعارض العقارية في جمهورية مصر في تقرير لها قدمته بمناسبة تنظيم معرض خاص لاستهداف السودانيين واليمنيين والعراقيين والليبيين بأن السودانيين هم الفئة الأولى المطلوبة لشراء العقار في جمهورية مصر، وبأن هذا المعرض تحت رعاية مجلس الوزراء المصري مباشرة، وذلك ضمن استراتيجية الدولة في تصدير العقار.
وتفاجأ معظم السودانيين خلال الأيام الماضية بهجوم من بعض وسائل الإعلام المصري وناشطين على شبكات التواصل الاجتماعي، يدعون فيه لإنهاء وجود “ضيوف” مصر من عدة دول ومن بينهم السودان، وتعليلهم بأن ذلك عبء على الدولة، ومشككين في الأرقام التي تعلن عنها مفوضية اللاجئين، متناسين بأن معظم السودانيين الذي حضروا بعد الحرب حضروا وهم يحملون معهم ما يغنيهم شر طلب التسجيل في مفوضية اللاجئين، بل وقاموا بإنعاش الاقتصاد المصري عبر إنشاء المصانع وفتح المحلات التجارية والمستشفيات والمؤسسات التعليمية، وشراء العقارات باهظة الثمن وبالدولار. ومن كانت ظروفه سيئة وهم النسبة الأقل لجأ للتسجيل في المفوضية، ومتناسين بأن ليس كل وافد داخل الدولة يسمى بـ لاجئ، ويحسب في العدد الرسمي، وإلا لكان المصريين المنتشرين في الخليج ودول أخرى صنفوا وحسبوا كلاجئين ولم يتم فعل ذلك من الدول التي يقيمون بها ويعملون فيها.
وقد رد بعض كتاب الأعمدة في صحف مصرية على هذه الحملات بردود إيجابية تذكر بأن عدد الأجانب في مصر والذي يتمثل في 10% لا يعتبر شيئا يذكر مقارنة في دول أخرى مثل بعض الدول الخليجية التي يزيد فيها تعداد الأجانب بنسب تفوق عدد السكان الأصليين بثلاث مرات، ولم يؤثر ذلك على هوية تلك الدول ولم يتضجر أحد من وجودهم في بلاده.
واعتبر كثير من السودانيين مصر هي الجارة التي تأويهم بعد اندلاع الحرب، فبدأوا في التعامل على هذا الأساس، وضخوا أموالهم في الاقتصاد المصري بكل حسن نية، رغم تعقيد الإجراءات الرسمية في كثير من الأمور مثل نقل الملكية العقارية وإجراءات الإقامة وقيود الخروج والعودة، ليجدوا هذا السخط من بعض الإعلام المصري.
وتساءل كثير من السودانيين بأنه إذا كانت الدولة المصرية في أعلى مستوياتها تدعوهم للاستقرار وامتلاك العقارات في المدن الجديدة والقديمة، وتقر بأن لديهم القدرة المالية، فما بال البعض من المصريين يشتكون بأن السودانيين هم سبب معاناتهم الاقتصادية وكأنهم يدفعون من جيوبهم لإطعام وتسكين السودانيين أو دفع رسوم تعليمهم وعلاجهم.
وقالت الشركة المصرية المنظمة للعقارات بأن السودانيين يفضلون شراء العقارات في مدن 6 أكتوبر والشيخ زايد والتجمعات، وبأنها تستهدف بجانب السودانيين الجنسيات من اليمن وليبيا والعراق، واعتبرت بأن السوريين انتهوا من مرحلة شراء العقارات في مصر وبدأوا الآن مرحلة الاستقرار النهائي عبر الاستثمارات الكبرى في المصانع والشركات، وتأمل بأن يواصل السودانيين في ذات المسار، خاصة وأن الدولة المصرية تشجع ذلك، عبر رعاية مجلس الوزراء لمعرضهم خلال مايو 2024، والذي تغطي إعلاناته وسائل الإعلام.
فلما الهجوم على السودانيين إذن؟ ولمصلحة من يقوم بذلك بعض الكتاب في صحف مصرية وناشطين على شبكات التواصل؟ في كل المجتمعات يوجد الصالح والطالح، ولا يعمم ذلك، فلماذا يريد البعض تشويه العلاقة بين الشعبين السوداني والمصري؟
تقرير: منى محمود – “النيلين”
إنضم لقناة النيلين على واتساب
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: بأن السودانیین
إقرأ أيضاً:
لغز الـ 2.3 مليار دولار المفقودة: كيف يمول الذهب حرب السودان
تقرير: sudan peace tracker
التغيير: ترجمة غير رسمية
بعد عامين من اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، أصبحت ثروة البلاد بمثابة بؤرة صراع عنيف بين الفصائل المتحاربة والجهات الفاعلة الخارجية، مما يعكس السباق الدولي على مواردها الثمينة، مع ظهور الذهب كمصدر أساسي لتمويل الحرب.
وفي ظل الديناميكيات الجيوسياسية المتغيرة، أصبح السودان هدفًا استراتيجيًا للدول والشركات المتعددة الجنسيات التي تسعى إلى الاستيلاء على ثرواته، مما أدى إلى تأجيج الحرب المدمرة التي أسفرت عن واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العصر الحديث
خريطة الذهبالسودان هو أحد أكبر الدول المنتجة للذهب في أفريقيا، حيث توجد رواسب الذهب في 14 ولاية من أصل 18 ولاية. يتركز تعدين الذهب في ولايات نهر النيل والشمال، الممتدة من وادي حلفا إلى عطبرة، وكذلك في الولايات الشرقية الثلاث، وأبرزها ولاية البحر الأحمر، حيث توجد رواسب الذهب على طول ساحل البحر الأحمر وعبر تلال البحر الأحمر. كما يتم تعدين الذهب في ولاية النيل الأزرق. بالإضافة إلى ذلك، تنتشر مناجم الذهب على نطاق واسع في كردفان وولايات دارفور الثماني، وهي مناطق صراع وتظل خارج سيطرة الحكومة المتحالفة مع الجيش في بورتسودان. لا يزال مدى التعدين في هذه المناطق غير معروف، ومن غير الواضح ما إذا كان الإنتاج مستمرًا كما كان من قبل وسط الصراع الدائر.
وفقًا لبيانات الحكومة، تقدر احتياطيات الذهب المكتشفة في السودان بنحو 1550 طنًا. ومع ذلك، يشكك العديد من الجيولوجيين في هذا الرقم، بحجة أنه يفتقر إلى الدقة العلمية بسبب غياب منهجية منظمة وحديثة في قطاع التعدين. إن الفوضى والفساد المنتشران يجعلان من الصعب تحديد احتياطيات الذهب المكتشفة ومستويات الإنتاج الفعلية حتى الآن بشكل دقيق.
التعدين التقليديوفقًا لشركة الموارد المعدنية السودانية، وهي الهيئة التنظيمية الحكومية لإنتاج المعادن، فإن 80% من إنتاج الذهب في البلاد يتم استخراجه من قبل عمال المناجم التقليديين، في حين تمثل الشركات النسبة المتبقية البالغة 20%.
يعمل عمال المناجم التقليديون في ظروف بيئية شديدة الخطورة، باستخدام مواد كيميائية سامة مثل الزئبق والسيانيد. وهم يعتمدون على العمالة المأجورة لاستخراج الصخور الحاملة للذهب، والتي يتم طحنها بعد ذلك في المطاحن للحصول على المعدن الثمين. يتم الحصول على هذه الصخور من حفر يتم تحديدها باستخدام أجهزة الكشف عن المعادن التي تكشف عن رواسب الذهب في المنطقة.
وسط الشكوك المحيطة بدقة البيانات الصادرة عن الهيئة التنظيمية الحكومية، تشير تقديرات مختلفة إلى أن حوالي مليوني سوداني يشاركون في التعدين الحرفي (التقليدي). وقد يكون إنتاج الذهب الفعلي أعلى من ذلك، خاصة في غياب الشركات الدولية المتخصصة. ويرجع هذا في المقام الأول إلى سيطرة الجيش على القطاع وجهوده لاحتكار الذهب، إلى جانب الفساد المستشري. وقد أدت هذه العوامل إلى جعل الإطار القانوني غير جذاب للشركات الدولية التي تتطلع إلى دخول هذه السوق الواسعة، الأمر الذي تفاقم بسبب عدم الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي.
ومع ذلك، لا تزال بعض الشركات غير السودانية تعمل في هذا القطاع، وغالباً ما ترتبط بشكل مباشر أو غير مباشر بشخصيات عسكرية مؤثرة. وتظل شركات التعدين من ثلاث دول نشطة: التحالف للتعدين وكوش للاستكشاف والإنتاج، وهما شركتان روسيتان؛ ومجموعة مناجم للتعدين المغربية؛ وشركة أورشاب لتعدين الذهب الأردنية. وتعمل كل هذه الشركات في مناطق خاضعة للسيطرة العسكرية، وخاصة بين ولايتي شمال السودان والبحر الأحمر.
سر عائدات الذهبفي الرابع والعشرين من فبراير/شباط من هذا العام، كشفت شركة الموارد المعدنية السودانية أن إنتاج السودان من الذهب ارتفع إلى 65 طناً في عام 2024، مقارنة بـ 34.5 طناً في عام 2022، العام الذي سبق الحرب، بزيادة هائلة بلغت 88.4%. وذكرت الشركة أن الإيرادات بلغت 1.6 مليار دولار، مقارنة بـ 2.02 مليار دولار في عام 2022، مسجلة انخفاضاً بنسبة 26.3%.
جاء الإعلان بمثابة صدمة لمن راجع بيانات الشركة وإيراداتها.
وقالت مصادر تعمل في قطاع التعدين ببورتسودان، طلبت عدم ذكر اسمها، إن ما كشفته الشركة يكشف عن حجم الفساد والتدهور الذي طال كل مناحي الحياة منذ الحرب.
أبدى خبراء ومراقبون استغرابهم من أن 65 طناً من الذهب في 2024 حققت إيرادات بقيمة 1.6 مليار دولار، بينما حققت 34.5 طناً في 2022 إيرادات بقيمة 2.02 مليار دولار، خاصة وأن أسعار الذهب ارتفعت بنسبة 30% مقارنة بعام 2022.
وأوضح مالك إحدى شركات التعدين أنه بناءً على متوسط أسعار الذهب في 2024، فإن قيمة 65 طناً من الذهب يجب أن تبلغ نحو 3.9 مليار دولار.
وبين الـ1.6 مليار دولار التي أعلنتها شركة الثروة المعدنية والـ3.9 مليار دولار التي تمثل القيمة الحقيقية لكمية الذهب المعلنة حسب أسعار السوق العالمية، يبقى السؤال: أين ذهبت كل هذه الأموال؟
2.3 مليار دولار مفقودةولم تقدم الشركة تفسيراً لهذا اللغز أو توضح التناقض الصارخ في بياناتها، بل اكتفت بتكرار تصريحات تهنئ نفسها على سياساتها التي أدت على ما يبدو إلى زيادة الإنتاج. وقال مدير عام الشركة محمد طاهر عمر في تصريحات صحفية إن زيادة الإنتاج جاءت نتيجة لقرار الحكومة بخفض الرسوم المفروضة على التعدين التقليدي من 28% إلى 20% وعلى الشركات إلى 18%.
وثيقةأفادت مصادر حكومية موثوقة من بورتسودان أن الفارق بين الإيرادات التي أعلنتها شركة التعدين والإيرادات الفعلية للذهب ذهب إلى الجيش. ويشمل ذلك الرسوم التي يدفعها عمال المناجم والشركات التقليدية كإتاوات للحكومة التي تمتلك الأرض وتستحق 28٪ من الإنتاج. بالإضافة إلى ذلك، يشارك الجيش في تجارة الذهب من خلال التعدين المباشر، وامتلاك عدد من المناجم، فضلاً عن شراء الذهب من عمال المناجم. وهذا يفسر المبلغ المفقود بين الإيرادات المعلنة والقيمة الحقيقية للذهب.
كشف مصدر عسكري مقرب أن الجيش وقع عقودًا لشراء أسلحة وطائرات بدون طيار وطائرات مقاتلة، بما في ذلك طائرات J-10C من الصين وطائرات Su-57 من روسيا. وأوضح المصدر أن قيمة هذه الصفقات تساوي تقريبًا المبلغ المفقود وأنه تم الاتفاق على الدفع بالذهب.
ويتوافق تصريح المصدر العسكري مع تعليق منسوب إلى مدير عام شركة الموارد المعدنية السودانية، نُشر على موقع الجزيرة، حيث قال: “لقد ساهمت الشركة في دعم المجهود الحربي، كما عززت دورها في التنمية الاقتصادية”.
الفساد والتهريبتحدثنا إلى عمال مناجم وتجار ذهب ومراقبين، واتفق الجميع على أن أرقام الإنتاج التي أعلنتها شركة التعدين تمثل أقل من 25 إلى 30% من إجمالي الإنتاج. ويتم تهريب جزء كبير من الإنتاج إلى خارج البلاد.
لكن عادل إبراهيم، الجيولوجي المحترم والموثوق الذي عمل في عدة شركات دولية خارج السودان قبل أن يعود بعد الثورة ويعين وزيراً للطاقة في الحكومة المدنية الانتقالية برئاسة عبد الله حمدوك، شاركنا وجهة نظره. وهو أيضاً خبير في قطاع التعدين، أخبرنا أنه يعتقد أن الذهب المهرب يشكل 60٪ من إجمالي الإنتاج.
أفاد مالك إحدى شركات الذهب، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن القيمة الفعلية لإنتاج الذهب تقدر بما بين 4.5 و5 مليارات دولار سنويًا، مع تحويل 3 إلى 3.5 مليار دولار إلى التهريب والفساد وجيوب الجيش.
خلال جولة أخيرة في ولاية الشمال لدعم المجهود الحربي:
https://sudanpeacetracker.com/wp-content/uploads/2025/03/Gold-report-SPT-2.mp4كشف وزير المالية الحالي جبريل إبراهيم أنه زار دولة مجاورة (في إشارة إلى مصر) وعلم أنها حصلت على 48 طنًا من الذهب السوداني عن طريق التهريب.
وهذا يثير سؤالا حاسما: إذا كان التهريب إلى مصر وحدها يشكل 48 طنا من الذهب سنويا، فكم من الذهب يتم تهريبه إلى دول أخرى عبر مطار بورتسودان والمطارات العسكرية الأخرى؟ وكم من الذهب تستخرجه الشركات الروسية من السودان، خاصة وأن السودان لم يعد لديه مصفاة للذهب للقياس بعد تدمير مصفاة الخرطوم بسبب الحرب؟ ويظل الذهب أحد أهم مصادر تمويل الحرب في السودان، حيث يتم بيعه لشراء الأسلحة وتمويل العمليات العسكرية، مما يؤدي إلى إطالة أمد الصراع وتعميق معاناة المدنيين. وطالما يتم استخدام هذا المورد القيم لتأجيج العنف بدلاً من تعزيز الاستقرار والتنمية، فإن احتمالات إنهاء الحرب ستظل بعيدة، وستظل البلاد أسيرة دائرة الفساد والدمار.
الوسومالتعدين التقليدي التهريب الحرب الذهب السودان الشركة السودانية للموارد المعدنية الفساد