مخيم البريج.. لاجئون يخنقهم الاحتلال
تاريخ النشر: 21st, May 2024 GMT
يقع وسط قطاع غزة بجانب مخيمي المغازي والنصيرات، إلى الجنوب من مدينة غزة، وقد تم إنشاؤه في خمسينيات القرن الماضي، لاستضافة اللاجئين الذين كانوا يعيشون في ثكنات الجيش البريطاني والخيام، والذين قدموا من مدن شرق غزة مثل الفالوجة.
وسمي بهذا الاسم نسبة إلى "خربة البريج" الواقعة ضمن أراضي قبيلة الحناجرة. وتديره وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) وتشرف على عمله.
يعد البريج مخيما صغيرا نسبيا، وقد أنشئ على مساحة قدرها 528 دونما (الدونم يساوي ألف متر مربع)، في حين تبلغ مساحته الحالية 5300 دونم، أي ما يشكل 10% من مساحة المحافظة الوسطى التي تبلغ 56.41 كيلومترا مربعا.
يبعد المخيم عن مدينة غزة 9 كيلومترات من الجنوب، ويقع وسط القطاع بجانب مخيمي المغازي جنوبا والنصيرات غربا، ويحده شمالا وادي غزة، ومن الشرق "الخط الأخضر"، وعبره تمر سكة الحديد الرابطة بين مصر واللد (خط سكة حديد القنطرة-حيفا) إضافة إلى الطريق الدولي المعبد الرابط بين غزة والقاهرة.
السكانيبلغ عدد سكان المخيم حتى منتصف عام 2023، حسب تقديرات جهاز الإحصاء المركزي، 32 ألفا و743 نسمة، تعود أصولهم لقرى المجدل وأسدود ويافا.
يعرف المخيم باكتظاظه السكاني وضيق مساحته ونقص المرافق اللازمة. ولقربه من وادي غزة الذي تصرف فيه بركة مياه صرف صحي، يقول برنامج الأمم المتحدة للبيئة إن ذلك تسبب في الإسهال المائي والدموي، خاصة بين الأطفال، وإن 90% من مياه المخيم غير صالحة للاستهلاك البشري.
محطات تاريخيةكانت منطقة البريج سابقا ثكنات عسكرية للجيش الإنجليزي أيام الانتداب البريطاني على فلسطين، ولا تزال عدة مبان عسكرية تابعة له قائمة في المخيم وتسكنها بعض العائلات.
وأنشأت وكالة أونروا المخيم على أنقاض الثكنات العسكرية البريطانية بعد نكبة 1948، في مساحة قدرت بـ528 دونما، لاستضافة 13 الف لاجئ، تقلصت مساحة المخيم فيما بعد إلى 478 دونما.
وبلغ عدد سكان المخيم عام 1967 حوالي 12 ألفا و786 نسمة. وأنشأت أونروا المباني السكنية في البداية من الطوب والقرميد والصفيح، ومع مرور السنين ازداد عدد السكان فاتسع المخيم، ووصل عدد المباني فيه عام 2007 إلى 2653 بناية.
ومع ازدياد أعداد اللاجئين، أصدر الحاكم المصري بالتعاون مع أونروا قرارا بتعويض مالكي أراضي المنطقة بأراض حكومية خارج المخيم.
عام 1978، تشكلت لجنة محلية في البريج لإدارة شؤون الكهرباء والمياه، وبعدها عام 1987، تحولت هذه اللجنة إلى مجلس قروي، وبعد قدوم السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1996 صدر قرار وزاري بتحويل المجلس إلى مجلس بلدي تابع لوزارة الحكم المحلي.
مجازرتعرض المخيم خلال تاريخه لعدة مجازر على يد الاحتلال الإسرائيلي، منها مجزرة يوم 28 أغسطس/آب 1953 وراح ضحيتها 30 من سكان المخيم، وألقى فيها الاحتلال قنابل من نوافذ منازل اللاجئين وهم نيام، ومن فر منهم واجهه الجنود بالأسلحة الصغيرة والآلية.
وفي مجزرة السادس من ديسمبر/كانون الأول 2002، قُتل 10 فلسطينيين وموظفين في الأونروا، وحينها دخلت دبابات الاحتلال المخيم واعتقلت عددا من الفلسطينيين، وأغارت على منازلهم بالدبابات والمروحيات الحربية الإسرائيلية.
وفي السادس من أكتوبر/تشرين الأول 2007، اقتحم الاحتلال الإسرائيلي الجزء الشرقي من المخيم، مما أدى لاشتباكات مسلحة داخله. ومنذ عام 1948 وحتى 2007، استشهد أكثر من ألف فلسطيني من المخيم، الذي تعرض للقصف بقنابل الفسفور المحرمة دوليا.
ولم يسلم المخيم أيضا من انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي التي استهدفت قطاع غزة بالكامل منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، إذ ارتكبت فيه قوات الاحتلال مجازر أدت لاستشهاد العشرات ودمرت المنازل وأسقطتها فوق رؤوس ساكنيها.
الأعلامينحدر من مخيم البريج عدة أعلام وشخصيات فلسطينية من أبرزها:
إبراهيم المقادمةمقاوم ومناضل فلسطيني، يعد أحد أشهر قادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في فلسطين، ومن أهم أعمدة جهازها العسكري، كان أحد أعضاء المكتب السياسي للحركة وأحد أهم مفكريها.
أسس إبراهيم المقادمة خلال سنوات اعتقاله في سجن النقب الإسرائيلي "جامعة يوسف"، ووضع فيها مقررات دراسية وبرامج تربوية للأسرى داخل السجون، استشهد في الثامن من مارس/آذار 2003، في استهداف طائرات الاحتلال الحربية سيارته بمدينة غزة.
محمد الدرةولد محمد جمال الدرة يوم 22 نوفمبر/تشرين الثاني 1988 بمخيم البريج، وعاش في كنف أسرة تعود أصولها إلى مدينة الرملة التي احتُلت وطرد أهلها منها عام 1948.
استشهد محمد الدرة يوم 30 سبتمبر/أيلول 2000 بين ذراعي والده، ونقلت لقطة استشهاده كاميرا الصحفي شارل أندرلان من قناة "فرانس 2″، وأصبح الدرة أيقونة في انتفاضة الأقصى.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
قراءة في تحذير قائد الثورة.. رسالة تهز الاحتلال الإسرائيلي
في خطوة جريئة تضاف لسجل المواقف الصادقة وجه قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي تحذيرا قويا للاحتلال الإسرائيلي مؤكدا أن العمليات البحرية ضد السفن المتجهة إلى إسرائيل ستستأنف إذا لم تفتح المعابر في قطاع غزة خلال المهلة المحددة، هذا التحذير يمثل رسالة استراتيجية تعكس تحولا جوهريا في موقف اليمن على الساحة الإقليمية والدولية.
اليمن الذي لطالما دعم القضية الفلسطينية سياسيا أصبح اليوم لاعبا رئيسيا في معادلة الصراع لا سيما في السياق العسكري، استهداف السفن المرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر ليس رد فعل على العدوان الإسرائيلي فقط بل جزء من استراتيجية تهدف إلى ممارسة ضغط حقيقي على الاحتلال، هذه العمليات البحرية تعد خطوة مهمة لشل حركة التجارة العالمية وإحداث تأثيرات اقتصادية ملموسة على الكيان الإسرائيلي.
اليمن بقيادة السيد عبدالملك الحوثي أثبت أنه قادر على تغيير معادلات القوة في المنطقة وفرض نفسه كلاعب رئيسي في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، هذا التصعيد يضع الاحتلال في موقف حرج ويعكس تحولا في استراتيجية اليمن من تأييد سياسي إلى فعل عسكري مؤثر قادر على التأثير في موازين القوى الإقليمية والدولية.
لم يعد الموقف اليمني مقتصرا على الدعم المعنوي أو الرمزي لفلسطين بل أصبح اليمن قوة فاعلة في قلب المواجهة، اليوم يثبت اليمن أن القوة العسكرية ليست حكرا على الدول الكبرى بل يمكن لأي قوة مستقلة استخدام أدوات أخرى مثل الهجمات البحرية لتشكيل الضغط المطلوب على الأعداء.
هذه العمليات جزء من استراتيجية تهدف إلى إعادة تشكيل المعادلات الإقليمية لمصلحة اليمن وفلسطين وتعكس قدرة اليمن على فرض واقع جديد بعيدا عن المؤتمرات والقمم العربية والدولية التي غالبا ما تأتي مخيبة للآمال وخالية من النتائج الحاسمة.
الاحتلال الإسرائيلي تلقى تحذير السيد عبدالملك الحوثي بقلق بالغ ووسائل الإعلام العبرية بدأت تتحدث عن خطر يمني غير مسبوق يهدد أمن التجارة البحرية الإسرائيلية، ويصف اليمن بأنه قوة إقليمية صاعدة قادرة على فرض تحديات غير مسبوقة على إسرائيل، حيث حذرت صحيفة هآرتس من أن العمليات البحرية اليمنية قد تؤدي إلى شل التجارة الإسرائيلية ورفع تكاليف الاستيراد بشكل كارثي على الاقتصاد الإسرائيلي.
الولايات المتحدة التي دائما ما تسارع إلى إعلان دعمها المطلق لإسرائيل لن تستطع إخفاء قلقها من توسع نفوذ اليمن في البحر الأحمر، خصوصا والكثير من وسائل إعلامها مثل واشنطن بوست تحدثت سابقا أن القوة البحرية اليمنية أصبحت تهديدا استراتيجيا لا يمكن تجاهله،
اليمن اثبت انه قادر على فرض معادلات جديدة، وتجلى ذلك في مخاوف الدول الأوروبية واصدار بعض شركات النقل البحري الكبرى تحذيرات لعملائها بشأن خطورة المرور عبر البحر الأحمر دون إجراءات تأمين إضافية وهو ما يعكس التأثير المباشر للموقف اليمني على الاقتصاد العالمي.
ما يميز التحرك اليمني أنه يتجاوز التصريحات والشعارات، حيث بات يمتلك أدوات ضغط فعلية قادرة على إحداث تغيير في موازين القوى ليس فقط على المستوى العسكري، بل أيضا على المستوى الاقتصادي والسياسي، وهذا ما جعل القوى الغربية تتعامل مع التحذيرات اليمنية بجدية كبيرة إدراكا منها أن اليمن لم يعد مجرد طرف هامشي بل قوة لا يمكن تجاوزها.
اليوم يقف اليمن في مقدمة المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي ليس كمجرد داعم للقضية الفلسطينية بل كطرف فاعل وقادر على التأثير في سير الأحداث، وهذا ما يؤكد أن زمن السيطرة المطلقة للاحتلال وحلفائه قد انتهى، وأن اليمن قادر على فرض معادلات جديدة في المنطقة تعيد رسم موازين القوى لصالح الشعوب المقاومة.