أحلام مدفونة في حقول الزيتون.. مأساة المهاجرين غير النظاميين بتونس تتعمق
تاريخ النشر: 21st, May 2024 GMT
تونس- يعود مامادو (اسم مستعار) -وهو مهاجر من غينيا– إلى الخيمة المنصوبة وسط حقل زيتون في منطقة جبنيانة جنوب تونس وهو يحمل قارورة من الماء ظفر بها بعد جهد وعناء كبيرين، فالبحث عن الماء والطعام بات أبرز أشكال معاناة المهاجرين غير النظاميين في تونس.
تدب شبه حياة لمهاجرين في حقول الزيتون بمنطقتي العامرة وجبنيانة من محافظة صفاقس (جنوب شرقي) أتوا من دول أفريقية عدة واتخذوا من تونس معبرا إلى الضفة الأخرى من المتوسط.
لكن التشديد الأمني على الحدود البحرية بين تونس وإيطاليا حال دون ذلك، فاضطروا مكرهين إلى البقاء في صفاقس الساحلية، ولا حلول تبدو في الأفق بشأن وضعهم الصعب.
المهاجرون صنعوا خياما من بقايا الأكياس البلاستيكية وسط غابات الزيتون (الجزيرة) ظروف قاسيةجاؤوا من طغيان الجوع والعطش في بلدانهم يحلمون بحياة أفضل في أوروبا ليصطدموا بواقع ليس أقل مرارة من ماضيهم، ويقول المهاجر الإيفواري موسى للجزيرة نت "هربنا من البطالة والفقر لنجد أنفسنا نعيش ظروفا لا إنسانية في هذه الحقول، أتينا بحلم لكننا اليوم بلا هدف محدد، باتت أهدافنا تتلخص في الظفر بالقليل من الماء أو طعام يسد رمقنا".
يعيش المهاجرون في خيام صنعوها بأنفسهم من بقايا الأكياس وبعض الأقمشة لعلها تحميهم من لفح برد قارس شتاء أو حر شمس الجنوب الشديد صيفا.
وتفوح من ثناياها البالية رائحة اليأس والإحباط، فتلك الأجساد المتعبة المتوارية في ظلالها تروي قصصا لا تصدق عن معاناة الفقر والحاجة وعن جهود يائسة للبقاء على قيد الحياة.
بدورها، تفيد المهاجرة السودانية منى (اسم مستعار) للجزيرة نت بأنهم هربوا من جحيم الحرب إلى جحيم البرد والحر والجوع، وباتوا يتمنون الموت عن حياة كهذه، وحتى خيامهم أزاحتها قوات الأمن وبقوا في العراء.
المهاجرون يعانون من نقص المساعدات الغذائية بسبب تضييق السلطات على نشطاء المجتمع المدني (الجزيرة) لا حلوليحاول بعضهم البحث عن فرصة عمل في البناء والزراعة وغيرهما، لكن الأجور زهيدة والعمل شاق وغير متوفر دائما، خاصة بعد موجة من الاحتجاجات التي قام بها سكان المنطقة من أجل المطالبة بترحيل المهاجرين.
ووسط ظروفهم المعيشية الصعبة يتعرض المهاجرون للملاحقات الأمنية المتواصلة ولموجات من العنصرية والتمييز من قبل بعض السكان الذين يرفضون وجودهم في منطقتهم، ويطالبون السلطات بشكل يومي بـ"طردهم".
تعمقت معاناة المهاجرين غير النظاميين في تونس أكثر بعد قرارات الرئيس قيس سعيد القاضية بتجميد أنشطة عدد من الجمعيات الحقوقية والزج بالمشرفين عليها في السجون بـ"تهمة العمل على توطين المهاجرين"، وفق تصريح رئيس مرصد حقوق الإنسان مصطفى عبد الكبير للجزيرة نت.
وبحسب عبد الكبير، فإن الحلول الملموسة لم تعد متوفرة اليوم لتقليص معاناة الذين تم ترحيلهم من المدن نحو غابات الزيتون، وهم يعيشون وضعية إنسانية صعبة جدا إثر تراجع المساعدات "بعد تخوين نشطاء المجتمع المدني من قبل الرئيس واتفاقياته مع إيطاليا حول منعهم من المرور إلى الضفة الأخرى".
مقاربة تشاركيةوأكد الحقوقي مصطفى عبد الكبير على ضرورة وضع خطة وطنية واضحة للتعامل مع ملف الهجرة واللجوء، وتنقيح القوانين المتعلقة بوجود الأجانب على الأراضي التونسية، وضرورة حل الملف بمقاربة تشاركية بين الدولة والمنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني.
وبشأن عدد المهاجرين غير النظاميين في تونس، يقول رئيس جمعية الأرض للجميع (حقوقية مستقلة) عماد السلطاني للجزيرة نت إنه فاق الـ20 ألفا حسب وزارة الداخلية التونسية "لكن لا يمكن حصر العدد بدقة حتى الآن".
وندد السلطاني بالتضييق على الجمعيات والمنظمات الحقوقية في ما يخص مساعدة المهاجرين غير النظاميين في تونس، واعتبره تهربا من قبل السلطات من تحمّل المسؤولية وإيجاد حلول جذرية لهم في ظل معاناتهم المتواصلة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
وسع مائدتك.. مبادرة جديدة لتخيف معاناة أهل غزة
دشنت منظمة العمل من أجل الإنسانية مبادرة "وسع مائدتك: توأمة العائلات في غزة"، وهي برنامج يقوم على التضامن والتعاطف والقيم الخالدة للإنسانية المشتركة.
وقال مؤسس المبادرة عثمان مقبل، إن إن الاحتياجات الإنسانية في غزة صادمة، فـ 80 بالمئة من السكان يعتمدون على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة".
وأضاف، أن انعدام الأمن الغذائي وصل إلى مستويات غير مسبوقة، حيث تجد معظم العائلات صعوبة في توفير أبسط الوجبات لأفرادها. وأما الأنظمة الصحية، والتي كانت هشة قبل اندلاع الحرب، باتت الآن على حافة الانهيار. تحولت المدارس إلى أنقاض، ولم يزل الحصول على الماء النظيف من التحديات اليومية التي يواجهها الكثيرون.
وتعد مبادرة "وسع مائدتك" أكثر من مجرد حبل نجاة، إنه منارة للرجاء، فمقابل تبرع شهري معين، يمكن للعائلات عبر العالم أن تدخل في توأمة مع العائلات في غزة، حيث يوفرون لها الدعم الحيوي الذي يلبي احتياجاتها اليومية كما لا تقتصر هذه التوأمة على المساعدة المالية، بل تتعلق كذلك باستعادة الكرامة، وإعادة بناء الحياة، وتكريس الإحساس بالتضامن العالمي، وفقا لمقبل.
وأشار إلى أن المبادرة تسعى "لبعث هذه الروح الأخوية من جديد. فأنت من خلال التوأمة مع عائلة في غزة تصنع رابطة من التراحم والتضامن تتجاوز الحدود. إنك تقول لعائلة في غزة "إننا نراكم، إننا نسمعكم، وها نحن نقف إلى جانبكم.".
وتابع، "شهدت كفلسطيني بريطاني، وبصفتي المدير التنفيذي لمنظمة العمل من أجل الإنسانية، ما أبداه الشعب الفلسطيني من قدرة فائقة على التحمل. ولكن هذا وحده لا تكفي لإعادة بناء حياة الناس. فنحن تناط بنا مسؤولية جماعية للتحرك ومد الأيادي وفتح القلوب، وجعل العائلات في غزة تعرف أنها ليست لوحدها".
وأردف، من خلال هذا المخطط، ترانا نستخدم أحد الأساليب المتعارف عليها داخل مجتمع الإغاثة والتنمية لدعم العائلات المنكوبة. فالمساعدة بالنقد وبالقسيمة يمكن العائلات من توفير احتياجاتها الخاصة، وقد يشمل ذلك أيضاً إعادة تعمير البيوت، نظراً لأن كثيراً من العائلات في غزة فقدت مساكنها بسبب القصف الجوي العشوائي الذي لم يكن يتوقف.
وأشار إلى أن العائلات في غزة تمر بأسوأ أزمة غذاء تم تدوينها في التاريخ، ومع ذلك، سوف يساعد هذا المخطط في تخفيف أثار هذه النكبة من خلال السماح للعائلات بالحصول على الوجبات المغذية وعلى الماء النظيف".
ويتجاوز هذا المخطط مجرد دعم العائلات الغزية من خلال مبادرة التوأمة، إذ نستطيع من خلال تزويد العائلات بالمساعدة النقدية تمكينها من الإنفاق محلياً، وبذلك يتم إنعاش النشاط التجاري، ويتوجه الاقتصاد نحو التعافي، ويتم مكافحة الفقر الذي فاقمت من شدته الحرب بحسب مؤسس المبادرة.
وأكد أن مبادرة "وسع مائدتك" ليست مجرد برنامج، بل هي حراك ونداء. إنها دعوة موجهة للعائلات والأفراد والمجتمعات حول العالم للعمل من خلال التضامن مع غزة. لطالما تجاهل العالم معاناة الفلسطينيين، أما نحن فلا يجوز لنا ذلك. نحن، معشر الجماهير، لدينا القدرة على إحداث الفرق، وعلى استعادة الأمل، وعلى إعادة اللحمة للحياة المحطمة.
ودعا مقبل، "للانضمام إلينا في هذه الرحلة من التراحم والتضامن. وسعوا مائدتكم لعائلة في غزة وكونوا جزءاً من إرث الرجاء والإنسانية. يمكننا معاً أن نعيد تعمير ليس فقط البيوت، بل وكذلك الروابط التي توحدنا كأسرة عالمية".
لمعرفة المزيد عن مبادرة وسع مائدتك للتوأمة مع عائلة في غزة والاشتراك، يرجى الدخول عبر الرابط التالي:
actionforhumanity.org