منذ أن قدّمت باريس ورقتها المعدلة لخريطة طريق الحل السياسي على الحدود اللبنانية-الاسرائيلية وحصولها على ردّ رسمي لبنان، نقلته فوراً إلى إسرائيل وتنتظر الجواب، بدا واضحاً أن المسار الذي تسلكه الديبلوماسية الفرنسية بدأ يصطف إلى جانب المسار الأميركي، حيث يتفق المساران على أنه لا يمكن إطلاق أيّ مسار تفاوضي قبل وقف النار في غزة، فضلاً عن عدم إمكان الفصل بين الملف الجنوبي والاستحقاق الرئاسي الداخلي، كما عبّر عن ذلك بوضوح لا لبس فيه او تأويل البيان الأخير لسفراء مجموعة الدول الخمس، الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر.


وكتبت سابين عويس في" النهار": ينطلق المسار الديبلوماسي الذي تؤمن به باريس مدخلاً ومرحلة تحضيرية لجهوزية الملف عندما يحين وقت الجلوس على طاولة المفاوضات من نقطتين محوريتين، تسيران بالوتيرة نفسها، إحداهما على خط الجنوب والثانية على الخط الداخلي على نحو يؤمن انتخاب رئيس يتولى قيادة المفاوضات على تطبيق القرار الدولي ١٧٠١، منطلق أي مفاوضات محتملة ومرتقبة مع إسرائيل.

ما يعزز هذا التوجه أن العلاقات الفرنسية الأميركية بدأت تشهد منذ نحو شهرين، تطوّراً إيجابياً: لا تتحرك باريس قبل أن تنسّق مع واشنطن تحركها، ولا تغيب واشنطن نفسها عن الاطلاع على الحركة وإبداء الرأي والموافقة. هكذا حصل مع الورقة الفرنسية الأولى، ثم الورقة المعدلة.
لا ترى مصادر ديبلوماسية أوروبية أن من الأكيد أن الورقة التي دخلت في التفاصيل الدقيقة، ولا تزال طيّ الكتمان، قابلة للتطبيق، بل هي في رأيها بمثابة إعلان نوايا وصولاً إلى مفاوضات حول كل نقطة واردة فيها، يشارك فيها كل الأطراف المعنيين، فلا تقتصر على اللجنة الثلاثية التي تضمّ طرفي الصراع أي إسرائيل ولبنان والأمم المتحدة، بل تتوسع لتصبح خماسية تضم إلى جانب الأفرقاء الثلاثة، كلاً من أميركا وفرنسا. لذلك تستعين الورقة الفرنسية بتجربة تفاهم نيسان ١٩٩٦.

لن يكون التفاوض حول الحدود، كما يقول الأميركيون، بل حول خط الانسحاب. وهناك فرق كبير بينهما على ما تقول المصادر عينها. فالخط الأزرق لم يعد إلى حدود عام ١٩٤٩. وأساساً قالها الأمين العام ل" حزب الله" في شكل واضح في إحدى خطبه "هذه أرضنا، اخرجوا منها". من هنا الرفض القاطع لما يسمّى ترسيم الحدود البرية والتسليم بمبدأ تثبيت تلك الحدود، أي العودة إلى استكمال المفاوضات على ما بقي من النقاط الـ١٣ موضع الخلاف.
لا ترى المصادر أن ثمة تقدماً سريعاً يحصل بل خطوة خطوة، ولكنه في رأيها أفضل من البقاء في حال الجمود والمراوحة. ترى باريس أن ورقتها تسحب من يد إسرائيل ذريعة أنه لم يكن لديها خيار آخر سوى المواجهة العسكرية مع الحزب. لكن في المقابل، لا مهلة محدّدة لتسلم الردّ الإسرائيلي على الورقة، ما يجعل خيار الحرب قائماً في أي وقت. لكن مجرد القبول بمناقشة الورقة، فهذا يشكل عاملاً إيجابياً يمكن البناء عليه.
حتى الآن، يبقى الحراك الديبلوماسي في دائرة المراوحة على جبهة الجنوب كما على جبهة الاستحقاق الرئاسي رغم أن المهلة التي تعمل ضمنها اللجنة الخماسية بدأت تتناقص حتى نهاية أيار الجاري. لكن الواضح أن ملامح التسوية بدأت ترتسم في شكل أوضح: مهلة للانتخابات الرئاسية بعد الانتقال من المواصفات والعموميات إلى آليات الانتخاب، وورقة فرنسية مقبولة أميركياً تسلك المسار التشاوري تمهيداً لإنتاج اتفاق إذا ما أثمرت المشاورات، يفتح الباب أمام إطلاق المفاوضات الرسمية على الخط الأزرق تطبيقاً للـ١٧٠١.
 

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

“ثلوثية الأديب الحميد” تستضيف الأديب والشاعر أحمد عسيري

أبها-مرعي عسيري
قدم الشاعر والأديب أحمد بن عبدالله عسيري ضيف ثلوثية الأديب محمد بن عبدالله الحميد في ورقته (دور المثل الشعبي في صناعة القيم) للمثل الشعبي تعريفًا ووجودًا واستعمالاً وأنواعًا، مشيرًا إلى الأثر الكبير للمثل الشعبي من جهة الصياغة والأسلوب، وما يحتويه من استعارات وتشبيهات وكنايات.
وأشار إلى أن أصول الأمثال الشعبية فصيحة، وحكايتها على اللحن أوقع في السماع والأثر، وفي تأثيره حين صدوره من القائل والمقول فيه.
وركز في ورقته على الأثر السلبي للمثل في ترسيخ التصرفات والعادات المختلفة، عارضًا نماذج لذلك، مركزًا على صورة المرأة في الأمثال الشعبية وأثر الموروث الاجتماعي في صياغة هذه الأمثال، وتحميله كثيرًا من المساوئ الاجتماعية والفردية، وربطها بالمرأة.
وحظيت الورقة بعدد من المداخلات المثرية للموضوع من الحاضرين، التي ركزت على الثناء على الورقة وصاحبها وما تضمنته من ثراء، مؤكدين أن المثل، وهو جملة سائرة، يُفهم بسياق الحدث سلبًا وإيجابًا، وقد لا يُراد بها في الإجمال الانتقاص، وقد يكون المراد منها أحيانًا السخرية. كما أن الأمثال تصور أحيانًا الواقع الاجتماعي، وهناك فرق بين المثل المحكي في تشبيه شيء حاضر بشيء غائب وبين الجملة السائرة التي تصير مثلاً سائرًا، وأن المثل السائر موروث مجتمع صنعه فرد أو جماعة لموقف أو حدث أو تجربة.
وفي ختام الجلسة الثلوثية كرم أبناء الأديب محمد الحميد المحاضر الأستاذ أحمد عسيري.

مقالات مشابهة

  • 5 سنوات مبشّرات
  • ردا على تصريحات ترامب..كندا: لن ننحني.. بنما: لا تفاوض.. جرينلاند: لسنا للبيع
  • عقب مباراة أبو قير.. جلسة منتظرة بين جروس ولجنة الكرة بالزمالك
  • ورقة بحثية تستعرض تجربة الإمارات في تفعيل العمل عن بعد
  • “ثلوثية الأديب الحميد” تستضيف الأديب والشاعر أحمد عسيري
  • إعلام عبري: استمرار مفاوضات الدوحة لإبرام صفقة تبادل محتملة بين إسرائيل وحماس
  • اسعار الدولار تنخفض 500 دينار عراقي.. الورقة بـ152 ألفاً
  • إسرائيل تحذر سكان 73 بلدة من العودة إلى جنوب لبنان
  • هوكشتاين: انسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان سيتواصل حتى الخط الأزرق
  • مسجد باريس يُدين حملة التشهير التي استهدفته قناة cnews الفرنسية